صعدت الصين حملة الضغط على الشركات الأجنبية العاملة في البلاد من خلال الاعتقالات والمداهمات والزيارات المفاجئة التي تتناقض مع دعوة بكين للمستثمرين الأجانب، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال".
وخلال الأسابيع الأخيرة، استجوبت السلطات الصينية موظفين بمكتب شركة "باين" للاستشارات في شنغهاي بعد زيارة مفاجئة، فيما احتجزت موظفا في شركة الأدوية اليابانية "أستيلاس".
كما أطلقت الصين مراجعة للأمن السيبراني لشركة "ميكرون تكنولوجي" المتخصصة في صناعة الرقائق الإلكترونية، فيما داهمت مكتبا تابعا لشركة المحاماة الأميركية "مينتز" في بكين.
ويقول مديرو الأعمال الذين تشاوروا مع السلطات الصينية إن الدافع لهذه التحركات الجديدة هي الرغبة في التحكم بشكل أكثر إحكاما في السرد حول الحوكمة والتنمية في الصين، والحد من المعلومات التي تجمعها الشركات الأجنبية مثل المراجعين والاستشاريين الإداريين وشركات المحاماة التي يمكن أن تؤثر في كيفية نظر العالم الخارجي إلى البلاد.
وأثارت الحملة الصينية قلق مجتمع الأعمال الغربي، الذي يعتمد على المعلومات الموثوقة والخدمات المهنية لتقييم المخاطر في الصين.
وقال ليستر روس، المحامي المقيم في بكين ورئيس لجنة السياسات في غرفة التجارة الأميركية بالصين، "يحتاج مجتمع الأعمال بالضرورة إلى المعلومات".
وأضاف: "لذلك هناك خطر يتمثل في عدم تمكن الأشخاص نيابة عن شركاتهم من جمع معلومات كافية خوفا من وصفهم بأنهم وكلاء تجسس".
ووسعت الحكومة الصينية قانون التجسس لمواجهة التهديدات الأجنبية المحتملة، بما في ذلك السماح بفحص الأمتعة والأجهزة الإلكترونية لمن يشتبه في قيامهم بالتجسس، مما زاد بشكل كبير من المخاطر على الشركات الغربية العاملة في البلاد.
لم ترد السفارة الصينية في واشنطن على الفور على طلب صحيفة "وول ستريت جورنال" بالتعليق.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، كان الزعيم الصيني، شي جينبينغ، الذي لم يثق بالقوى الرأسمالية منذ فترة طويلة، منخرط في حملة لكبح جماح القطاع الخاص في الصين.
وبينما تستعد الصين لمنافسة أكبر مع الولايات المتحدة – أكبر اقتصاد في العالم - تحول الحكومة الآن تركيزها لجعل الشركات الأميركية والأجنبية الأخرى تتماشى مع الأمر.
خلال الجلسة التشريعية السنوية للبلاد في مارس، ألقى شي باللوم على ما أسماه حملة بقيادة واشنطن لقمع الصين في تحديات التنمية الأخيرة التي تواجهها البلاد.
وبحسب تقرير "وول ستريت جورنال"، فإن الدافع وراء الحملة الجديدة على الشركات الأجنبية هو الاقتناع العميق داخل القيادة الصينية بأن رأس المال الأجنبي على الرغم من أهميته للصعود الاقتصادي للصين، لا يمكن الوثوق به بشكل كامل، كما يقول أشخاص مطلعون على تفكير الحكومة.
واكتسب هذا الرأي زخما خلال العام الماضي، لا سيما منذ أن أصدرت الولايات المتحدة في أكتوبر حظرا على بيع تكنولوجيا صناعة الرقائق المتطورة إلى الصين، حيث يعتقد المسؤولون الصينيون أن بعض الشركات مثل "ميكرون" كانت وراء الإجراء الأميركي.
ويفكر رأس المال الأجنبي من خلال هذا الإجراء بالابتعاد عن الصين كوجهة استثمارية بسبب هذه القيود التي طالت بعض الشركات الأجنبية.
وأظهر استطلاع أجرته غرفة التجارة الأميركية هذا الشهر أن حوالي 27 بالمئة من المشاركين فيه يغيرون أولوياتهم إلى دول أخرى غير الصين عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية.
وتأتي هذه النسبة مقارنة مع 6 بالمئة فقط في استطلاع مماثل أجري أواخر العام الماضي.