سوريا ستعود لممارسة نشاطاتها في الجامعة اعتبارا من الاثنين
سوريا ستعود لممارسة نشاطاتها في الجامعة اعتبارا من الاثنين

صوتت جامعة الدول العربية، الأحد، على إعادة عضوية سوريا بعد إبعادها لأكثر من عقد من السنوات عقب اندلاع الثورة في البلاد، والإجراءات الدامية التي قام بها نظام الرئيس بشار الأسد لقمع المتظاهرين.

وفيما اعتبر طرد سوريا من الجامعة في نوفمبر عام 2011 إدانة رئيسية لحكومة قصفت المحتجين وغيرهم بالغاز وعذبتهم في صراع تحول إلى حرب أهلية طويلة، فإن عودة دمشق إلى الجامعة تعتبر انتصارا دبلوماسيا لدمشق، التي حصلت حكومتها على إعادة اعتراف عربية رغم أن حكومتها متهمة بقتل عشرات آلاف الأشخاص والتسبب في هجرة عشرات ملايين السوريين.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن عودة دمشق تعني أيضا أن الجميع اعترف بانتصارها في الحرب الدامية المستمرة منذ 12 عاما.

مع هذا قد يكون وجود الأسد بين الزعماء العرب، ومن بينهم حلفاء واشنطن الموثوقون، غير مريح للإدارة الأميركية التي دأبت منذ سنوات على وصف الأسد بالمجرم والقاتل.

جامعة الدول العربية علقت عضوية سوريا لديها، في نوفمبر عام 2011 (أرشيفية)

يقول زميل معهد هدسون، المحلل السياسي الأميركي ريتشارد وايتز إن عودة سوريا إلى الجامعة يمكن أن تفهم على أنها جزء من "النمط السائد حاليا في المنطقة، حيث يبدو تأثير الولايات المتحدة أضعف".

وانتقدت الولايات المتحدة، الأحد، قرار عودة سوريا لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية، قائلة إن دمشق لا تستحق هذه الخطوة، كما شككت في رغبة الرئيس السوري بشار الأسد في حل الأزمة الناجمة عن الحرب الأهلية في بلاده.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة تعتقد، مع ذلك، بأن الشركاء العرب يعتزمون استخدام التواصل المباشر مع الأسد للضغط من أجل حل الأزمة السورية التي طال أمدها وأن واشنطن تتفق مع حلفائها على "الأهداف النهائية" لهذا القرار.

لكن وايتز يقول لموقع "الحرة" إنه مع ما يجري حاليا في المنطقة، من عودة العلاقات بين إيران والسعودية، وتقوية عدد من حلفاء الولايات المتحدة لعلاقاتها مع الصين، فإن واشنطن تبدو أقل انخراطا في الشرق الأوسط عما كانت عليه في السابق.

ويستدرك وايتز بالقول إن "عودة دمشق إلى الجامعة العربية ليست سوى اعتراف بالواقع على الأرض"، مضيفا أن سوريا لا تمثل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة، أو على الأقل ليست تهديدا كبيرا لهذه المصالح "خاصة وأن الجيش السوري مرهق من عقد من القتال" والخزنة السورية شبه خالية.

وتقول نيويورك تايمز إن إعادة احتضان سوريا يمكن أن تطلق مليارات الدولارات في مشاريع إعادة الإعمار وغيرها من الاستثمارات لاقتصادها المترنح، مما يزيد من دعم الأسد.

جنود من قوات النظام السوري في حلب. أرشيف

لماذا أعيدت سوريا إلى الجامعة؟

ونقلت نيويورك تايمز عن ليلى كيكي، المديرة التنفيذية لحملة سوريا، وهي منظمة غير ربحية تدعم منظمات المجتمع المدني السورية، قولها "اليوم، وضعت الدول العربية أجنداتها السياسية الواقعية والدبلوماسية الساخرة فوق الإنسانية الأساسية".

وأضافت "باختيارها استعادة عضوية النظام السوري في جامعة الدول العربية، تكون الدول الأعضاء قد خانت بقسوة عشرات آلاف من ضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها النظام، ومنحت الأسد الضوء الأخضر لمواصلة ارتكاب جرائم مروعة مع الإفلات من العقاب".

وقبل يومين من اجتماع جامعة الدول العربية، كرر وزير الخارجية أنتوني بلينكن قوله أن الولايات المتحدة تواصل معارضة التطبيع مع سوريا.

وقال إن الانتقال السياسي السلمي الذي سيحل محل الأسد في نهاية المطاف من خلال الانتخابات كان "الحل الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء الصراع".

وإدراكا منهم أنهم لا يستطيعون منع الحلفاء العرب من استعادة العلاقات، وفقا لنيويورك تايمز، فقد  حث المسؤولون الأميركيون على محاولة انتزاع ثمن من الأسد في المقابل، سواء كان ذلك ضمان العودة الآمنة للاجئين السوريين، أو اتخاذ إجراءات صارمة ضد تجارة الكبتاغون أو الحد من الوجود العسكري الإيراني في سوريا.

وقال الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي، الأحد، إن الجامعة شكلت لجنة لمناقشة مثل هذه الشروط.

ووفقا لزميل معهد دول الخليج العربي في واشنطن، حسين أبيش، فإنه "لم يكن هناك أي شيء يمكن أن تفعله الولايات المتحدة لمنع حلفائها وشركائها العرب من إعادة الانخراط مع سوريا الذين يمتلكون مصالح في دمشق".

ويضيف إيبيش لموقع "الحرة" أنه "بالنسبة للدول الأصغر مثل قطر والكويت، لا يهم كثيرا ما يحدث في سوريا ولكن بالنسبة لدول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والعديد من الدول الأخرى، هناك العديد من المصالح الحالية في سوريا، والتي تشمل ملفات إيران وتركيا ولبنان وحزب الله واللاجئين والمخدرات وجميع أنواع الاعتبارات الأخرى التي لها عواقب إقليمية وحتى محلية على تلك الدول".

والأحد، قالت قطر إن "موقفها من التطبيع مع النظام السوري لن يتغير"، مضيفة أن قرارها بالتطبيع يرتبط بالتقدم السياسي في تحقيق تطلعات الشعب السوري".

ويقول إبيش لموقع "الحرة" إن الخيار كان أمام تلك الدول هو "إما متابعة مصالحهم من خلال إعادة الانخراط باستخدام الوسائل الدبلوماسية والتجارية والسياسية وغيرها، أو أن يكون لديهم نوع من الوجود العسكري المباشر أو غير المباشر في البلاد".

وأضاف "بمجرد سقوط الجزء الشرقي من حلب الذي يسيطر عليه المتمردون في أيدي الحكومة السورية قبل سنوات عديدة، كانت إعادة دمج نظام الأسد في جامعة الدول العربية أمرا لا مفر منه تقريبا".

ولهذا، يقول إبيش إنه لا يعتقد أن هذا سيكون له أي تأثير كبير على علاقات الولايات المتحدة مع أي من الدول العربية التي تعيد الانخراط مع سوريا الآن، مضيفا "لا يوجد سبب يدعو إلى ذلك. ليس من المنطقي أن تحاول واشنطن معاقبة تلك الدول أو الحكم عليها بقسوة لفعلها ذلك، على الرغم من أنه بغيض، فإنه من الواضح أنه في مصلحة تلك الدول".

وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن الظروف التي أدت إلى تعليق عضوية سوريا لم تتغير.

وتضيف "إنه إذا كان هناك أي شيء، فقد ازدادت إراقة الدماء خلال الحرب الأهلية التي استهلكت البلاد على مدى السنوات الـ 12 الماضية، تاركة الأسد في السلطة في الداخل، ولكن منبوذا في كل مكان آخر تقريبا".

ولقي مئات آلاف من السوريين حتفهم منذ اندلاع القتال، وفر أكثر من 14 مليون شخص من ديارهم إلى أجزاء أخرى من سوريا أو دول مجاورة أو خارجها، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.

مبنى الكرملين في العاصمة الروسية موسكو- صورة تعبيرية.
الكرملين يسعى لزيادة شعبية بوتين قبل الانتخابات المقررة في مارس القادم

تخطط روسيا لزيادة الإنفاق الحكومي خلال السنة المالية المقبلة بأكثر من 25 في المئة مقارنة بالسنة الحالية، وذلك وسط توقعات بأن الكرملين سيجمع الأموال بشكل أكبر لدعم غزو قوات الكرملين لأوكرانيا، وفقا لتقرير صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

وتدرج مسودة الميزانية البالغة 36.6 تريليون روبل (383 مليار دولار)، التي قدمها رئيس الوزراء، ميخائيل ميشوستين "تعزيز الإمكانات الدفاعية للبلاد" كأولوية رئيسية إلى جانب دعم "دمج المناطق الجديدة" التي جرى ضمها جزئيا من أوكرانيا العام الماضي.

وتسلط الخطط الضوء أيضًا على "الدعم الاجتماعي للفئات الأكثر ضعفًا"، وهي علامة على أن الكرملين يعتزم زيادة الإنفاق على معاشات التقاعد والرعاية الاجتماعية قبل الانتخابات الرئاسية في مارس المقبل.

وبحسب خبراء فهذا يعني أن، فلاديمير بوتين، الذي يتولى مقاليد السلطة في روسيا، رئيسا أو رئيسا للوزراء منذ 24 عامًا، يسعى للفوز في تلك الانتخابات ليمتد حكمه حتى سنة 2030 على الأقل.

"الأضخم في تاريخ روسيا الحديث"

ورغم أن المسؤولين لم يذكروا حجم الميزانية التي ستخصص للإنفاق العسكري، وهو أمر سري، فإن الزيادة أظهرت أنه "لم يكن هناك مثل هذا الإنفاق الدفاعي الضخم في تاريخ روسيا الحديث بأكمله"، وفقًا للمسؤولة السابقة في البنك الروسي المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو.

وأوضحت بروكوبينكو، وهي زميل غير مقيم في مركز "كارنيغي روسيا أوراسيا": "هذا يدل على أن الكرملين حدد أولوياته، والأولوية الرئيسية هي الحرب، يليها الإنفاق الاجتماعي والأمن الداخلي".

وأضافت: "بوتين يراهن على حرب طويلة، لقد أصبحت الحرب حاسمة بالنسبة للنظام والاقتصاد".

وكانت وكالة بلومبيرغ ذكرت، الجمعة، أن روسيا تخطط لرفع الإنفاق الدفاعي إلى ما يقرب من 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بزيادة من 3.9 في المئة هذا العام و2.7 في المئة عن عام 2021، وهو العام الذي سبق أمر بوتين بالغزو في فبراير 2022.

ولم ترد وزارة المالية الروسية على طلبات للتعليق من قبل بعض وسائل الإعلام الأجنبية.

وفي عرض تشريع الميزانية، أكد العديد من المسؤولين الحكوميين على الإنفاق الإضافي الذي يمكن أن يعزى إلى خطط بوتين للإنفاق الاجتماعي، التي كان بعضها مرتبطاً بالحرب.

وعلى سبيل المثال، ستدعم الميزانية مؤسسة للمشاركين في "العملية العسكرية الخاصة" الروسية وأسرهم، فضلاً عن تغطية المدفوعات السرية للجنود المصابين وأقارب القتلى في المعركة.

"مستقبل قاتم"

وتعكس الميزانية أيضًا المستقبل الاقتصادي القاتم الذي تواجهه روسيا بعد أن عزلتها العقوبات الغربية عن الأسواق العالمية، وحدت من قدرتها على بيع صادرات الطاقة في الخارج.

ورغم أن بوتين زعم هذا الأسبوع أن بلاده تغلبت على العقوبات الغربية بعد خروجها من الركود في العام الماضي، فإن توقعات حكومته المنخفضة للروبل الضعيف والأوصاف الغامضة لكيفية جمع الأموال للزيادات الضخمة في الإنفاق تضع مستقبلاً قاتماً للاقتصاد الروسي.

وقالت وزارة الاقتصاد الروسية إنها تعتمد في خططها على سعر الروبل الذي يحوم بين 90 و92 مقابل الدولار في الفترة من 2024 إلى 2026، على عكس متوسط ما قبل الحرب الذي زاد قليلاً عن 70 روبية.

ويتوقع مشروع الميزانية أن تسجل روسيا عجزًا قدره 1.6 تريليون روبل عام 2024، في حين أقر مجلس الوزراء بأنه لا يتوقع فائضًا خلال السنوات المقبلة، متنبئاً بحدوث عجز في الموازنة العامة حتى عام 2026.

ويتوقع المشروع أيضًا  وصول إيرادات الميزانية إلى 35 تريليون روبل، بزيادة تقارب 15 في المائة عن الميزانية الحالية، التي تمت الموافقة عليها العام الماضي.

وقال ميشوستين: "لقد حاولنا إبقاء العجز منخفضًا قدر الإمكان وتوقعنا أنه سيتم تغطيته في الغالب من خلال الاقتراض".

وادعى رئيس الوزراء الروسي أن عائدات البلاد من النفط والغاز، التي مثلت في السنوات الأخيرة ما يصل إلى نصف الميزانية بأكملها، ستصل إلى ثلث إجمالي العام المقبل.

لكن مسؤولين سابقين في البنك المركزي الروسي شككوا في كيفية قيام روسيا بتمويل الإنفاق الحكومي مع استمرار العقوبات الغربية في التأثير على صادرات الطاقة.

وفي هذا الصدد قالت المسؤولة السابقة بالبنك المركزي الروس، كبيرة الاقتصاديين في مؤسسة رينيسانس كابيتال، صوفيا دونيتس: "ارتفاع النفقات الحكومية الذي يقترحه مشروع القانون ليس المفاجأة الحقيقية.. بل الزيادة المماثلة تقريبًا في الإيرادات هي التي تلفت الأنظار".

وأضافت: "من الصعب تفسير هذا الارتفاع، فقط مقارنة بما جرى الكشف عنه بالفعل".