العلاقات الأميركية الصينية متوترة بسبب ملفات عدة
العلاقات الأميركية الصينية متوترة بسبب ملفات عدة

أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن البريد الإلكتروني لاثنين من كبار المسؤولين بوزارة الخارجية الأميركية تعرض لاختراق من قبل قراصنة مرتبطين بالصين.

ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين، لم تكشف عن هويتهم، قولهم إن السفير الأميركي لدى الصين، نيوكلاس بيرنز، ومساعد وزير الخارجية لشؤون شرق آسيا، دانييل كريتنبرينك، تعرضا للاختراق في الهجوم المزعوم.

وقالت مصادر الصحيفة إن الهجوم استهدف مئات الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني الحكومية للدبلوماسيين الأميركيين الاثنين. 

بيرنز وكريتنبرينك، هما ثاني وثالث مسئولين كبار في إدارة بايدن يتم التعرف عليهم في التقارير الإخبارية على أن بريدهما الإلكتروني تعرضا للاختراق.

وقال مسؤولون أميركيون إن حساب البريد الإلكتروني لوزيرة التجارة، جينا ريموندو، تعرض للاختراق أيضا، بحسب الصحيفة.

وقال مصدر مطلع على الأمر أن حساب البريد الإلكتروني لوزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، لم يتم اختراقه بشكل مباشر في عملية التجسس الصينية.

كما لم يتم اختراق حسابات دائرته من كبار المستشارين، بحسب الصحيفة. 

وبدلا من ذلك، بدا أن القراصنة يركزون على عدد صغير من كبار المسؤولين الذين يعملون في إدارة العلاقة بين الولايات المتحدة والصين.

ويأتي ذلك بعد أن توالت زيارات المسؤولين الأميركيين للصين خلال الأشهر الأخيرة لتحسين العلاقات الدبلوماسية، من وزير بلينكن الذي كان يرافقه كريتنبرينك في لقائه مع الرئيس الصيني، شي جينبينغ، في يونيو إلى وزيرة الخزانة، جانيت يلين، أوائل يوليو، ثم مبعوث بايدن للمناخ، جون كيري، هذا الأسبوع.

ويستمر التوتر بين واشنطن وبكين في ملفات عدة، لا سيما في ما يتعلق بجزيرة تايوان الديمقراطية التي تتمتع بحكم ذاتي وتعتبرها بكين جزءا من أراضيها، أو المطالبات الإقليمية الصينية في بحر الصين.

وتعليقا على هذه التقارير، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إنه "لأسباب أمنية، لن نشارك معلومات إضافية حول طبيعة ونطاق حادث الأمن السيبراني هذا في الوقت الحالي". 

وأضاف أن "وزارة الخارجية تراقب باستمرار وتستجيب للنشاط الذي يثير القلق على شبكاتنا. تحقيقنا مستمر، ولا يمكننا تقديم مزيد من التفاصيل خلال الوقت الحالي".

وامتنع مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض عن التعليق.

وردا على سؤال حول الاختراق في منتدى "آسبن" الأمني، الخميس، قال رئيس شركة مايكروسوفت الأميركية، براد سميث، إن هذا الهجوم الإلكتروني يعكس "التطور المتزايد" من المتسللين، وأنه مصمم "لاستخراج المعلومات من أنظمة البريد الإلكتروني غير المصنفة".

وقال مدير الأمن السيبراني في وكالة الأمن القومي، روب جويس، الذي كان يتحدث بجوار سميث، إن الاختراق يمثل "تهديدا تقليديا إلى حد ما" تواجهه الحكومة الأميركية دائما.

وقال جويس: "إن الصين تقوم بالتجسس، هذا ما تفعله الدول القومية، نحن بحاجة للدفاع ضده، نحتاج إلى صده مرة أخرى، لكن هذا شيء يحدث".

ولم تلق الولايات المتحدة باللوم رسميا على الصين جراء هذا الاختراق، لكن كبار مسؤولي إدارة بايدن قالوا إنه ليس لديهم سبب للشك في تقييم مايكروسوفت بربط الهجوم بمجموعة قرصنة صينية. 

ونفت الصين هذه المزاعم واتهمت الولايات المتحدة بالضلوع في تجسس ضخم عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم.

العراق وسوريا

لا تزال العلاقة الرسمية بين العراق وسوريا موضع حذر منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي. ويبدو الملف السوري محاطا بالإرباك، خصوصا على الجانب العراقي، ويدل على هذا الإرباك التعاطي الإعلامي مع أي تواصل رسمي بين البلدين، وكأن الطرفين في علاقة "محرّمة"، يحاول الإعلام الرسمي العراقي دائما مداراتها وإخفائها عن العيون ووسائل الإعلام.

حدث ذلك حينما زار حميد الشطري، رئيس جهاز الاستخبارات العراقية، سوريا في نهاية العام الماضي والتقى الشرع، ولم يُعلن عن الخبر في وسائل الإعلام العراقية الرسمية، ولم يكشف عن اللقاء إلا بعد ان تناولته وسائل الإعلام السورية. 

ومثل هذا الأمر حدث قبل أيام في لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني برعاية قطرية في الدوحة، واُخفي الخبر عن الإعلام ليومين قبل ان تظهر صور الرجلين في حضور أمير قطر.

ردّة الفعل في الشارع العراقي على اللقاء تفسّر إخفاء الخبر قبل الإفصاح عنه. فقد انقسم العراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي حول المسألة، وهاجم كثيرون السوداني على قبوله الجلوس مع من يعتبرونه "متورطاً في الدم العراقي"، و"مطلوبا للقضاء العراقي".

الباحث القانوني العراقي علي التميمي يشرح الإطار القانوني الدولي المتعلق برؤساء الجمهوريات، في حال صحّت الأخبار عن أحكام قضائية ضد الشرع في العراق.

ويرى التميمي أن رؤساء الدول يتمتعون بـ"حصانة مطلقة تجاه القوانين الجنائية للدول الأخرى". ويشرح لموقع "الحرة" أن هذه الحصانة "ليست شخصية للرؤساء، بل هي امتياز للدول التي يمثلونها"، وهي تمنع إلقاء القبض عليهم عند دخولهم أراضي الدول الأخرى". 

ويشير التميمي إلى أن هناك استثناء واحداً لهذه القواعد، يكون في حال "كان الرئيس مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية وكانت الدولة المضيفة موقعة على اتفاقية روما ١٩٩٨ الخاصة بهذه المحكمة"، هنا، يتابع التميمي، تكون الدولة "ملزمة بتسليم هذا الرئيس الى المحكمة وفقاً لنظام روما الأساسي".

لكن هل حقا أحمد الشرع مطلوب للقضاء العراقي؟

ويشير الباحث العراقي عقيل عباس إلى "عدم وجود أي ملف قضائي ضد الشرع في المحاكم العراقية". 

ويستغرب كيف أن العراق الرسمي "لم يصدر بعد أي بيان رسمي يشرح ملابسات قضية الشرع وما يحكى عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، والجهات الرسمية لديها السجلات والحقائق، لكنها تركت الأمر للفصائل المسلحة وجمهورها وللتهويل والتجييش وصناعة بعبع (وحش مخيف) طائفي جديد، وكأن العراق لم يعان ما عاناه من الطائفية والتحريض الطائفي".

وكانت انتشرت وثيقة على وسائل التواصل الاجتماعي، تداولها عراقيون، عبارة عن مذكرة قبض بحق أحمد الشرع. وقد سارع مجلس القضاء الأعلى في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية في 26 من فبراير الماضي، إلى نفي صحة الوثيقة ووصفها بأنها "مزورة وغير صحيحة".

عباس مقتنع أن الغضب الشعبي من لقاء السوداني والشرع "وراءه أسباب سياسية مبرمجة، وليس تلقائياً، وجرى تحشيد الجمهور الشيعي لأسباب كثيرة، تصب كلها في مصالح إيران، غير السعيدة بسقوط بشار الأسد وحلول الشرع مكانه".

وبحسب عباس، منذ سقوط الأسد، "بدأت حملة في العراق لصناعة "بعبع" من الجولاني (أحمد الشرع)". يشرح: "يريد هؤلاء أن يقولوا ان تنظيم القاعدة يحكم سوريا، وهذا غير صحيح".

ويقول عباس لموقع "الحرة"، إن لدى الناس اسباباً موضوعية كثيرة للقلق من الشرع، خصوصاً خلفيته الجهادية المتطرفة ووضعه على لوائح الإرهاب، والشرع يقول إنه تجاوز هذا الأمر، "لكننا نحتاج ان ننتظر ونرى"، بحسب تعبيره.

ما قام به السوداني "خطوة ذكية وحكيمة سياسياً وتشير إلى اختلاف جدي بينه وبين بقية الفرقاء الشيعة في الإطار التنسيقي"، يقول عباس.

ويضيف: "هناك اعتبارات براغماتية واقعية تحكم سلوك السوداني، فهو كرئيس وزراء عليه أن يتعاطى مع سوريا كجار لا يجب استعداءه".

ويضيء الباحث القانوني علي التميمي على صلاحيات رئيس الحكومة في الدستور العراقي، فهو "ممثل الشعب داخلياً وخارجياً في السياسة العامة وإدارة شؤون البلاد بالطول والعرض"، وفق تعبيره، ورئيس الوزراء في العراق هو "بمثابة رئيس الجمهورية في الدول التي تأخذ بالنظام الرئاسي".

أما من الجانب السياسي، فإن السوداني، برأي عباس، "يخشى -وعن حق- ان تختطف حكومته المقبلة أو رئاسته للوزراء باسم حرب وهمية تديرها إيران والفصائل المسلحة وتشنّ في داخل سوريا تحت عنوان التحرير الذي نادى به المرشد الإيراني علي خامنئي قائلا إن شباب سوريا سيحررون بلدهم". وهذا يعني، بحسب عباس، ابتعاد السوداني عن التأثير الإيراني، و"أنا أتصور أن إيران غير سعيدة بهذا"، كما يقول.