People swim in the Shatt al-Arab waterway on a hot day in Basra, Iraq, Thursday, June 8, 2023. (AP Photo/ Nabil al-Jurani)
شبان يسبحون في مجرى شط العرب المائي في يوم حار بالبصرة- العراق.

يشهد العالم "موجة حارة" أثرت على غالبية الدول بما فيها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيما يشير خبراء تحدثوا لموقع "الحرة" إلى قرب انحسارها، لكنهم يتوقعون أنماطا من "التغيرات المناخية" التي قد يشهدها العالم في المستقبل القريب.

هل تنتهي الموجة الحارة قريبا؟

الجمعة، وصلت درجة الحرارة بالعاصمة السعودية الرياض إلى 46 درجة مئوية، ومن المتوقع أن تنخفض بمعدل درجة واحدة، لتسجل 45 درجة، السبت، وفق "المركز الوطني للأرصاد".

وفي العراق من المتوقع أن تصل درجات الحرارة العظمى، السبت، في بغداد وبابل والأنبار والمثنى 48 وكربلاء والنجف وميسان والناصرية 49 مئوية، وفقا لوكالة الأنباء العراقية"واع".

بينما من المتوقع أن تصل درجة الحرارة بالبصرة إلى 50 درجة مئوية، حسبما نقلت "واع" عن هيئة الأنواء الجوية في العراق.

وفي مصر من المتوقع أن تنخفض درجات الحرارة، السبت، بقيم تتراوح بين درجتين إلى ثلاث درجات، لتصل إلى 36 درجة بالعاصمة القاهرة، وفقا لـ"الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية".

أما في لبنان، تتراوح معدلات درجات الحرارة في العاصمة اللبنانية بيروت بين 24 و 32 درجة مئوية خلال شهر يوليو، وفقا لـ"الوكالة الوطنية للإعلام".

وفي تصريحات لموقع "الحرة"، يشير خبير الأرصاد الجوية، وحيد سعودي، إلى أن درجات الحرارة قد ارتفعت خلال الفترة الماضية لتتجاوز معدلاتها الطبيعية بـ"قيم ملحوظة".

وما زاد من الشعور بارتفاع درجات الحرارة هو "زيادة نسبة الرطوبة خلال شهري يوليو وأغسطس"، وفقا لتوضيحه.

ويؤكد أن ارتفاع نسب الرطوبة هي "الفيصل الحقيقي والمقياس الرئيسي"، لشعور الناس بالاحترار وارتفاع درجات الحرارة خلال الفترة الماضية.

وأثرت تلك الموجات الحارة على بعض الدول من قبل وفي عام 2007 سجلت درجات الحرارة في اليونان وإيطاليا ٤٧ درجة مئوية، ووصلت نسب الرطوبة وقتها إلى 100 بالمئة، وفق خبير الأرصاد الجوية.

ودائما ما تشتد درجات الحرارة خلال شهري يوليو وأغسطس باعتبارهما "الأكثر سخونة" خلال فصل الصيف، وحدثت الموجات الحارة من قبل لكنها كانت "أضعف نسبيا" مما يشهده العالم في الوقت الحالي، حسب سعودي.

ويوضح خبير الأرصاد الجوية أن "الطقس الحار الرطب" سيمتد حتى منتصف أغسطس على الأقل. 

ومن جانبه لا يتوقع المستشار بمركز طقس العرب، جمال موسى، انحسار الموجة الحارة التي يشهدها الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قريبا.

ويتحدث لموقع "الحرة" عن "تذبذبات وتغييرات في درجات الحرارة" ضمن الموجة الحارة، ما يعني "انخفاض درجة الحرارة في بعض المناطق لأيام قبل أن تعاود الارتفاع مرة أخرى بعد ذلك".

وسوف تستمر حالة "التذبذبات والتغيرات" حتى شهر أغسطس، وسوف تنخفض درجات الحرارة ما بعد الخامس من الشهر، قبل أن تعاود الارتفاع مرة أخرى في العاشر من نفس الشهر، حسبما يوضح.

وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قد تمتد الموجة الحارة حتى نهاية شهر سبتمبر، خاصة في العراق والكويت وبعض المناطق في السعودية، حسب ترجيحات المستشار بمركز طقس العرب.

أما خبير التغيرات المناخية، السيد صبري، فيؤكد أن "الموجة الحارة" قد تمتد لأسابيع وربما أشهر، بسبب "تغير المناخ".

وربما يكون "القادم أسوأ" في ظل التغيرات المناخية "غير المسبوقة" التي يشهدها العالم، والتي تسببت في " الارتفاع الكبير بدرجات الحرارة"، حسب حديثه لموقع "الحرة".

ويشير إلى أن الموجة الحارة قد تستمر إلى شهر سبتمبر في بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. 

وضع مؤقت أم دائم؟

رجح علماء أن يكون يوليو الحالي أكثر الشهور المسجلة سخونة على الإطلاق، في وقت حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن الأرض باتت الآن في "عصر الغليان العالمي".

وتشير التقديرات إلى أن يوليو 2023 سيكون أعلى من متوسط ما قبل عصر الصناعة بحوالي 1.5 درجة مئوية. 

وأكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر يوليو كانت "الأكثر سخونة على الإطلاق".

وتشير السجلات المناخية الأولية والتي تم جمعها من أشياء مثل لب الجليد وحلقات الأشجار إلى أن الأرض لم تكن بهذه الحرارة منذ 120 ألف عام، وفقا لوكالة "رويترز".

ومن المتوقع أن يكون متوسط درجة الحرارة العالمية لهذا الشهر أعلى بمقدار 0.2 درجة مئوية على الأقل من يوليو 2019، وهو أعلى معدل حرارة سابقا في سجل الرصد البالغ 174 عاما، وفقا لبيانات الاتحاد الأوروبي.

وأثرت درجات الحرارة الشديدة على مساحات شاسعة من الكوكب، واشتعلت حرائق الغابات الكندية بوتيرة غير مسبوقة. 

وتعرضت فرنسا وإسبانيا وألمانيا وبولندا لموجة حارة كبيرة، حيث وصلت درجة الحرارة إلى منتصف الأربعينيات في جزيرة صقلية الإيطالية التي اشتعلت الحرائق في جزء منها.

ولذلك يرى جمال موسى أن العالم يقترب من "مرحلة اللا عودة" فيما يخص ارتفاع درجات الحرارة، وستصبح أنماط الطقس "المتطرفة" وموجات الحر المرتفعة، هي النمط الطبيعي الذي يعيشه العالم.

وستصبح "الظواهر الجوية المتطرفة هي القاعدة وليست الاستثناء"، ما سيؤثر على جميع مناحي الحياة، حسب تحذيرات المستشار بمركز طقس العرب.

ويتفق معه  السيد صبري، الذي يؤكد أن "الطقس الحار وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة الأيام الحارة خلال العام" سيكون الوضع الطبيعي خلال السنوات القادمة.

وستمتد فترة فصل الصيف، وتنقص مدة فصل الشتاء، لتزداد الأيام الحارة وتقل الليالي الباردة، ليصبح ذلك واقع يتكرر كل عام، وفقا لخبير التغيرات المناخية.

الملابس الصينية السريعة

توفر شركات الموضة الصينية منتجات شبيهة بأحدث منتجات دور الأزياء العالمية، بأسعار زهيدة مغرية. لكن السؤال: هل يمكن تحمل تكاليفها؟

يقول إينار تنجين، الخبير في الشأن الصيني، إن شركات الأزياء الصينية تلاحق آخر صيحات الموضة، وتقدم منتجا يشبه ما يراه الناس في عروض الأزياء في نيويورك أو ميلان، على سبيل المثال، وبسعر متاح على نطاق واسع، رغم أن المنتج ليس بنفس الجودة.

لكن الجودة، هنا، لا تتعلق بمتانة المنتج أو تميزه حِرفيا، فحسب.

السموم

تعتمد كبريات علامات الأزياء الصينية، بشكل كبير، على الألياف الصناعية ـ البوليستر والنايلون والاكليريك ـ وموادة مستخلصة من البتروكيمياويات.

تشكل المواد الداخلة في صناعة تلك الأقمشة ـ وفق دراسة لمؤسسة "Plastic Soup" ـ خطرا كبيرة على صحة المستهلك.

ما يقرب من 70 في المئة من ملابس علامات الأزياء التجارية الصينية، ومعظم المفروشات والستائر والسجاد مصنوعة البوليستر والنايلون والأكريليك، وبمجرد استنشاقها، وفق الدراسة، يمكن للألياف الاصطناعية أن تخترق أنسجة الرئة وتسبب التهابا مزمنا. 

وتربط تقارير علمية بين المواد الصناعية المستخدمة في صنع الأقمشة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والربو والسكري. 

ويمكن لجزيئات تلك المواد أن تصل، إذ نستنشقها، إلى الكبد والقلب والكلى والمخ، وحتى إلى الأجنة في الأرحام.

في خريف 2021، كشفت تحقيقات صحفية، في كندا، وجود مواد ضارة في الملابس التي يقتنيها الكنديون عبر مواقع التسوق الصينية. 

في سترة أطفال تم شراؤها من موقع Shein الصيني، اثبتت الاختبارات وجود ما يقارب 20 ضعفا من كمية الرصاص المسموح بها قانونية لأسباب صحية. 

وبحسب موقع وزارة الصحة الكندية، يتسبب الرصاص بأضرار في الدماغ والقلب والكلى والجهاز التناسلي. 

الرضّع والأطفال والحوامل هم الحلقة الأضعف والأكثر عرضة للخطر. 

رغم أن الرصاص عنصر طبيعي يمكن  العثور عليه في البيئة المحيطة، تتجاوز نسبته في الملابس الصينية، وفق نتائج الدراسة، مستويات التلوث البيئي، أو الكميات الصغيرة التي تتعرض لها الملابس عن غير قصد أثناء عمليات التصنيع. 

إثر التحقيقات الكندية، أعلنت شركة Shein سحب قطع ملابس، وأكد المتحدث باسم الشركة "الامتثال لمعايير السلامة"، الا أن الاتهامات تصاعدت لتطال كبريات منصات التسوق الصينية، مثل TEMU وAli Express. 

وأكدت نتائج فحوص مختبرية، أجريت في كوريا الجنوبية وفرنسا، ارتفاع نسب المواد السامة في منتجات الموضة السريعة الصينية. 

يقول نيكولاس لوريس، الخبير في شؤون الطاقة والسياسات البيئية إن مواد سامة تُستخدم في جميع أنواع الصناعات تقريبا، لكن ضمن معايير محددة تحمي العمال والمستهلكين، وتحافظ على البيئة. 

"مشكلة النموذج الصيني هي أنهم يتجاهلون كل هذه المعايير، وهنا يكمن الخطر الحقيقي". 

إغراء الأسعار

التقارير عهن سموم المواد البيتروكيمياوية لم تحُل دون تهافت الزبائن ـ حول العالم ـ على الصناعات الصينية. 

الأسعار مغرية.

لهذا، تسبق الصين دول العالم في إنتاج الأنسجة وتصديرها.

في عام 2022، شكلت صادرات الصين من المنسوجات 43 في المئة من الصادرات العالمية. وفي عام 2023، أنتجت الصين 19.36 مليار قطعة ملابس. وبلغ حجم صادرات الصين عام 2024 أكثر من 301 مليار دولار.

وساهمت شركات الموضة السريعة الصينية على نحو كبير في تحقيق هذا التفوق. وبحسب أرقام منظمة التجارة العالمية، تشحن شركتا TEMU وShein مجتمعتين، حوالي 9000 طن من البضائع إلى دول حول العالم يوميا، أي ما يساوي حمولة 88 طائرة بوينغ عملاقة. 

تقول هدى حلبي، وهي حرفية متخصصة في الخياطة، إن البضاعة الصينية اليوم تغزو العالم، لكن غالبيتها غير صالحة للخياطة. "لا تملك الناس المال لشراء النوعية الجيدة للأقمشة ولذلك تشتري الأرخص وسرعان ما يقومون برميه".

وفرة نفايات

ما يظنه المستهلك توفيرا، يدفعه أضعافا، تقول حلبي، في سباق محموم للحاق بصيحات الموضة السريعة. وتضيف دارين شاهين، إعلامية، خبيرة موضة لبنانية، أن الدخول في لعبة الترند والموضة يجعلنا ندفع بضع دولارات على بعض الألبسة لنقوم بالنهاية برميها إلى النفايات. 

وتتابع حلبي أن "الأزياء التي تعتمد على الكلاسيكية، الأزياء البطيئة، هي قطع ممكن شراؤها من ماركات عالمية، وهي غالبا تكون أسعارها مكلفة أكثر، ولكن بطبيعة الحال تكون أنواع القماش من مواد صديقة للبيئة، مثل القطن العضوي، ويكون عمر هذه القطعة أطول، ويمكن أن نرتديها أكثر من ثلاثين مرة من دون رميها".

"إنتاج ضخم + ملابس قصيرة العمر = ملايين الأطنان من نفايات الملابس سنويا على مستوى العالم؛" معادلة بسيطة، وفق ما يؤكده لـ"الحرة" سامي ديماسي، مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا.

 يتم التخلص من 92 مليون طن من نفايات المنسوجات سنويا، يقول ديماسي، "أي ما يعادل شاحنة قمامة مليئة بالملابس كل ثانية".

ويشير تقرير لموقع Firstpost الإخباري أن الصين هي المصنِّع والمستهلك الأكبر للملابس في العالم، وهي أيضا المساهم الأعلى في نفايات المنسوجات. ينتهي المطاف سنويا بحوالي 26 مليون طن من الملابس في مكبات النفايات ـ معظمها منسوج من مواد صناعية غير قابلة لإعادة التدوير.

عدم قابلية الألياف الصناعية على التحلل عضويا، وصعوبة إعادة تدويرها، جعلا من المكبات والمحارق، المستقر النهائي لنفايات الملابس.

تؤكد تقارير دولية أن كميات قليلة من هذه النفايات تم التخلص منها بطرق آمنة. ويقول ديماسي لـ"الحرة" إن 8 في المئة فقط من ألياف المنسوجات في عام 2023 صُنعت من مواد أعيد تدويرها، وأقل من واحد بالمئة من إجمالي سوق الألياف مصدره منسوجات أعيد تدويرها، "وهذا يبيّن أن هناك كثيرا من المنسوجات التي لا يعاد تدويرها، ترمى في النفايات، أو تحرق أو ترمى في المياه".

ألوان الأنهار

إلقاء نفايات الملابس في المسطحات المائية ليس سوى مصدر من مصادر  التلوث في الصين. فمصانع الأزياء تتخلص من ملايين الأطنان من المياه الملوثة في المجاري المائية. 

ومن المفارقات الشائعة ـ المقلقة ـ في الصين، أنه يمكن التنبؤ بألوان موضة الموسم من خلال متابعة مياه الأنهار. ويؤكد تقرير لمجلة "فوردهام" للقانون الدولي أن (70%) من البحيرات والأنهار (و90%) من المياه الجوفية في الصين ملوثة، ما يهدد الحياة البرية وإمكانية وصول المواطنين إلى مياه نظيفة. 

وتقدّر مجموعة البنك الدولي أن ما بين (17% و 20%) من التلوث الصناعي للمياه في الصين ناتج عن عمليات صباغة ومعالجة المنسوجات. 

علاوة على ذلك، تحتوي المياه في الصين على 72 مادة كيميائية سامة مصدرها صباغة المنسوجات؛ 30 مادة منها لا يمكن إزالتها من المياه.

ألوان الهواء

يقول مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا، سامي ديماسي، لـ"الحرة" إن سلسلة قيمة المنسوجات، كل عام، تشير إلى أنها مسؤولة عن نحو 8 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري. 

لا تقتصر المسألة على الأضرار البيئة اليوم، يقول ديماسي؛ الأضرار ستمتد لعقود قادمة. "والأجيال الشابة التي ترى في الموضة السريعة فرصة لشراء منتجات رخيصة جدا، يفرحون بها أمام أصدقائهم، لا يدركون التكلفة الاقتصادية والبيئية لتلك الصناعة". 

رغم كل هذه الآثار البيئية، تبقى العروض المغرية والأسعار التي تصعب مقاومتها، أحد الأسباب وراء لجوء المستهلكين إلى مواقع التسوق الصينية.

فهم يستطيعون تحمل تكاليفها، لكن ـ مرة أخرى ـ يبقى السؤال قائما: هل يستطيعون بالفعل؟