مطالبات عديدة بتعويض الناجين الأيزيديين الذين تعرضوا لجرائم وحشية ارتكبها داعش
مطالبات عديدة بتعويض الناجين الأيزيديين الذين تعرضوا لجرائم وحشية ارتكبها داعش

يسلط اعتبار بريطانيا ما حدث للأيزيديين في العراق على أيدي مقاتلي تنظيم "داعش" جريمة "إبادة جماعية"، الضوء على الجهود التي بذلت بشأن هذا الملف منذ اجتياح التنظيم لأراض واسعة في العراق وسوريا في عام 2014 وارتكابه أعمالا وحشية بحق السكان المحليين.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية، الثلاثاء: "أقرت المملكة المتحدة رسميا، اليوم، بأن "داعش" ارتكبت ممارسات إبادة جماعية بحق الأيزيديين في عام 2014".

واشارت إلى أن الإعلان يأتي قبل فعاليات تحيي ذكرى مرور تسع سنوات على ارتكاب التنظيم "الفظائع" في حق الأقلية الأيزيدية الناطقة باللغة الكردية في العراق.

وبعد أن تلاشى خطر التنظيم إلى حد كبير منذ هزيمته، إلا أن النقاشات حول كيفية التعامل مع مرتكبي هذه الجرائم وكيفية تحقيق العدالة للضحايا لاتزال مستمرة.

وتعرض الأيزيديون لمذابح وزيجات قسرية والسبي خلال حكم "داعش" لمحافظة سنجار شمالي العراق، موطن الأيزيديين التقليدي، ولايزال أكثر من 2700 امرأة وطفل في عداد المفقودين ومصيرهم مجهول.

وما يبرز أهمية الاعتراف البريطاني هو أنها اعترفت بأربع حالات سابقة فقط، وهي محرقة اليهود، والقتل الجماعي في رواندا عام 1994، ومذبحة عام 1995 في مدينة سريبرينيتشا البوسنية، والإبادة الجماعية في كمبوديا خلال السبعينيات تحت حكم الخمير الحمر.

وسبقت دول مثل اكندا وهولندا والعديد من البرلمانات والبرلمان الأوروبي والهيئات التابعة للأمم المتحدة البرلمان الأوروبي بريطانيا في الاعتراف بأن هجوم "داعش" على الأيزيديين يعد إبادة جماعية.

وتقول فوربس إنه لطالما كان موقف بريطانيا هو أن الإبادة الجماعية يجب أن تقررها محاكم وليس الحكومات أو الهيئات الأخرى.

وفي الإعلان الأخير، عزت حكومة المملكة المتحدة اعترافها إلى الحكم الصادر عن محكمة العدل الفيدرالية الألمانية في وقت سابق من هذا العام، والذي قضى بإدانة مقاتل سابق في "داعش" بارتكاب أعمال إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في العراق.

وقال وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، طارق أحمد، في بيان بشأن الإعلان الأخير: "لقد حققنا اليوم اعترافا تاريخيا بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الأيزيدي. هذا التصميم لا يؤدي إلا إلى تعزيز التزامنا بضمان حصولهم على التعويض المستحق لهم وتمكينهم من الوصول إلى عدالة مجدية". 

وأعلن أن المملكة المتحدة "ستواصل لعب دور قيادي في القضاء على "داعش"، بما في ذلك من خلال إعادة بناء المجتمعات المتضررة من إرهابها وقيادة الجهود العالمية ضد دعايتها السامة".

وتعرف "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" الإبادة الجماعية بأنها جريمة ترتكب "بنية تدمير جماعة وطنية أو إثنية أو عرقية أو دينية كليا أو جزئيا".

وقد كان اعتماد الاتفاقية مليء بالرمزية ويظهر التزام المجتمع الدولي بمنع الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها حينما لا يمكن منع وقوع تلك الجريمة، وفق الأمم المتحدة..

ويقول خبير القانون الدولي، مجدي الشبعاني، في تصريحات لموقع "الحرة" إن مرتكبي الإبادة الجماعية سواء كانوا أفرادا أو دولا يعتبروا مجرمين ولا يوجد أي تهاون معهم في القانون الدولي.

إويلينا أوشاب، محامية حقوق الإنسان، اعتبرت في مقال على فوربس، أن هذا الإعلان "مهم لأنه يقر بطبيعة الألم والمعاناة التي تعرض لها المجتمع الأيزيدي".  

ورحب مراد إسماعيل، المؤسس المشارك في "أكاديمية سنجار"، بالإعلان قائلا إنه في صميم "عملية العدالة ومساعدة الضحايا على الشفاء من الجروح العميقة لهذه الإبادة الجماعية".

ويشير إلى رمزيته في المجتمع البريطاني لأن هناك أكثر من 900 مواطن بريطاني انضموا إلى "داعش" في سوريا والعراق وشاركوا في ارتكاب الفظائع، وعلى هذا النحو، فإن الإعلان يبرز أهمية إظهار حقيقة ما حدث هناك.

وتقول أوشاب إنه "الآن بعد أن تم التعرف على الفظائع على حقيقتها، من الأهمية بمكان استكشاف ما يجب القيام به لضمان العدالة والمساءلة، بما في ذلك التحقيق مع الجناة ومقاضاتهم لتورطهم في الإبادة الجماعية".

ولفتت إلى توصيات بيتر أومتزيغت، عضو البرلمان الهولندي والمدافع عن العدالة والمساءلة، بإنشاء محكمة دولية لجرائم مقاتلي "داعش" لضمان الشفافية والوضوح.

وفي عام 2016، وجدت لجنة تابعة للأمم المتحدة أن "داعش" ارتكب أعمال إبادة جماعية ضد الأيزيديين في سوريا، مثل الانتهاكات الوحشية للرجال والنساء والأطفال.

وفي سبتمبر 2017، تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2379 لتشكيل فريق تحقيق لجمع الأدلة على فظائع تنظيم "داعش" في العراق.

ويوضح الشبعاني أنه في الهيكل القانوني الدولي، يوجد مستشار خاص معني بمراقبة مثل هذه الجرائم، التي قال إنها لا تسقط بالتقادم وبالتالي لا يفلت الجناة من العقاب.

ويرى أن تصنيف بريطانيا مجموعة من المجموعات بأنها ارتكبت الإبادة الجماعية بحق مجموعة أخرى قد يدفع العديد من الدول للنظر بجدية تجاه سلوك "داعش" إزاء هذه المجموعة العرقية، ومواءمة تشريعاها لتجريم الإبادة الجماعية.

ويوضح أنه إذا تزايدت الأصوات الدولية المؤيدة لهذا التصنيف، ربما تكون هناك مطالبة دولية بتشكيل محكمة خاصة أو المطابة بتعويضات لو كان هناك كيان أو دولة وراءها.

ويوضح أنه لا يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تتبنى الحكم فيها لأنه معنية بمحاكمة الدول، لكن وفق ما هو ما متعرف به يمكن إنشاء محاكم خاصة ذات طابع جنائي، وهذه المحاكم يمكن أن تصدر أحكاما بالسجن مدى الحياة.

ولا يستبعد بعد الإعلان أن نرى حالات تحقيق مع متهمين في بريطانيا، وتقييد حريتهم، وربما تتبنى دول أخرى هذه القرار السياسي الصادر منها ويتحول الأمر إلى قرار أممي بتشكيل محكمة.

وهذه الدول تستطيع اتخاذ إجراءات قضائية في مؤسسات دولية مثل مجلس الأمن أو المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة المتسببين فيها.

وتنص المادة 6 من نظام روما لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها لاهاي بهولندا، على النظر في جرائم الإبادة الجماعية. ويشير هذا النظام إلى أنها يمكن أن "تحقق وتحاكم، حيثما يقتضي الأمر، الأفراد المتهمين بارتكاب أخطر الجرائم... مثل الإبادة الجماعية".

وتضيف المحكمة في ميثاقها "أنها تشارك في معركة عالمية لإنهاء الإفلات من العقاب، ومن خلال العدالة الجنائية الدولية تهدف المحكمة إلى محاسبة المسؤولين عن جرائمهم والمساعدة في منع حدوث هذه الجرائم مرة أخرى".

وكان مجلس الأمن قد أحال، عام 2005، الوضع في دارفور، إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة توقيف بحق الرئيس السابق، عمر البشير، بتهم بينها ارتكاب إبادة جماعية. 

الآلاف من النساء مكتظات في الملاجئ من دون مياه نظيفة. أرشيفية
الآلاف من النساء مكتظات في الملاجئ من دون مياه نظيفة. أرشيفية

وصفت مسؤولة أممية عائدة من زيارة للسودان، الجمعة، معاناة نساء وفتيات نزحن هربا من الحرب، منددة بتجريدهن "من كل ضرورياتهن الأساسية" ومواجهتهن نقصا حادا في الأغذية والمياه والأمان.

وقالت المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية، ليلى بكر: "نعلم جميعا أن الحرب بشعة، لكن هذا واحد من أبشع الأوضاع التي شهدتها في مسيرتي المهنية".

وأضافت "تخيلوا الآلاف من النساء مكتظات في ملجأ حيث ليس لديهن مياه نظيفة، ولا نظافة، ولا طعام كاف لوجبتهن التالية، ولا رعاية طبية لهؤلاء النساء النازحات".

والحرب مندلعة في السودان منذ أكثر من 16 شهرا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وقد أوقعت عشرات آلاف القتلى وأدت، وفق الأمم المتحدة، إلى واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم.

ونزح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان أو لجؤوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك، بحسب أرقام الأمم المتحدة.

وقالت بكر "إن النزاع يضرب بقوة قلب السودان"، منددة بنقص في تمويل جهود الدعم الإنساني.

من الأردن، أطلعت بكر الصحفيين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك عبر الفيديو على ما شهدته خلال زيارتها إلى السودان.

وروت المسؤولة الأممية مجريات لقائها امرأة تبلغ 20 عاما في مركز إيواء مكتظ في بورتسودان.

وأضافت بكر "كانت خجولة، طلبت منها أن تجلس بجانبي"، وأضافت "روت لي ما حدث وهي تهمس في أذني بلطف شديد، أنها تعرضت للاغتصاب".

وتابعت بكر بصوت متهدج إن الشابة النازحة زينب "تعرضت للاغتصاب أثناء فرارها من منزلها في الخرطوم، حيث فقدت كل شيء. كانت هي المعيلة الوحيدة لأسرتها، وهذه امرأة تبلغ من العمر 20 عاما وكان ينبغي أن تكون في أوج نشاطها وحياتها"، وفق الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة بالعربية.

وأضافت بكر "لقد عانت (زينب) 15 شهرا من الصمت والألم حتى أتت إلى ذلك المركز. وهناك تمكنت من الحصول على المشورة النفسية الاجتماعية".

ودعت بكر إلى تعزيز جهود الدعم، لافتة إلى أنها شاهدت "حاضنات أطفال تغص" بالرضع، أحيانا برضيعين أو ثلاثة معا، وغرف عمليات تفتقر لأبسط وسائل مكافحة العدوى ومخزون محدود للأدوية.

وقالت إنها من خلال لقاءاتها مع النساء في السودان وما استمعت إليه منهن مباشرة "فإن ما يرغبن فيه أكثر من أي شيء آخر، أكثر من الماء، وأكثر من الطعام، هو الحماية الفورية من الحرب المستعرة".