الاتحاد الأوروبي يضع قواعد جديدة لمواجهة تدفق المهاجرين
الاتحاد الأوروبي يضع قواعد جديدة لمواجهة تدفق المهاجرين

يتعرض الآلاف من المهاجرين الذين لجأوا إلى تونس لأنواع من "الاضطهاد" حيث تزداد "العنصرية" ضدهم، في وقت يتعثر عليهم السفر إلى أوروبا في ظل الإجراءات المتشددة وظروف أخرى، بحسب تقرير لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية.

إبراهيم (18 عاما) الذي غادر وعائلته ساحل العاج، كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفا في أوروبا، فاستقر في صفاقس التونسية، مثل الآلاف من سكان جنوب الصحراء الكبرى الآخرين.

بعد قرابة عامين من وصوله إلى المدينة الساحلية التي يبلغ عدد سكانها 330 ألف نسمة، يقضي الشاب أيامه يتجول بلا هدف بين مسكنه المتهدم و "مولان روج"، وهو مقهى نادر في المدينة حيث لا يزال الأفارقة السود موضع ترحيب.

منذ أن شددت قوات خفر السواحل الليبية ضوابطها على الحدود، وخاصة بفضل عشرات الملايين من اليورو التي خصصها الاتحاد الأوروبي، أصبحت منطقة صفاقس مركزا للمغادرين إلى أوروبا، ومعظمهم من مواطني إفريقيا جنوب الصحراء، بحسب التقرير.

ووفقا لما نقلته الصحيفة نفسها عن الباحث كاميل لو كوز فإن "سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي تهدف إلى منع وصول الوافدين إلى القارة قدر الإمكان، وإهمال قضايا حقوق الإنسان والتنمية والتعاون الاقتصادي".

وأشارت الصحيفة في تقرير بعنوان "قمع المهاجرين في تونس: الاتحاد الأوروبي يظل صامتا بشأن العنف"، إلى أن المشكلة تتفاقم بسبب "نواقص سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي واستراتيجيته في الاستعانة بمصادر خارجية لإدارة المهاجرين".

ورفض الاتحاد الأوروبي التعليق على طلبات موقع "الحرة" بشأن وجود "صمت أوروبي متعمد" حول معاملة تونس للمهاجرين.

فيما يرى الخبير في العلاقات الدولية، مصطفى طوسة، في حديث لموقع "الحرة"، أن "توقيع الاتحاد الأوروبي لاتفاقات مع تونس والمغرب والجزائر ومصر يأتي ضمن سياسة الاتحاد لحماية حدود الدول الأعضاء".

ووقع الاتحاد الأوروبي وتونس، يوليو الماضي، اتفاق "شراكة استراتيجية" يتضمن تضييق الخناق على مهربي البشر، وتشديد الرقابة على الحدود.

وتعهدت أوروبا أيضا بتقديم مساعدات قيمتها مليار يورو (1.1 مليار دولار) لدعم الاقتصاد التونسي المنهك وإنقاذ مالية الدولة.

وأضاف طوسة أن "هناك مقاربة تقول إنه قبل دراسة الدول الأوروبية لملف المهاجرين والمرشحين لحيازة اللجوء السياسي والإنساني، يجب وقف قوارب الهجرة غير الشرعية من بلدان العبور".

واعتبر أن أوروبا "تحاول بلورة اتفاقيات اقتصادية أمنية وسياسية مع الدول التي تعتبر بوابة عبور للمهاجرين وذلك لمحاربة الهجرة السرية ووقف قنوات الاتجار بالبشر".

وتابع أن "أوروبا تراهن على هذه الدول في حل أزمة المهاجرين لأنها غير قادرة على استيعاب أعداد جديدة تهدد أمنها الاقتصادي والاجتماعي".

ودافعت رئيسة "المفوضية الأوروبية" أورسولا فون دير لاين، في مؤتمر روما، عن الاتفاق مع تونس معتبرة أنه "يمكن أن يكون نموذجا لدول أخرى، وذلك في الوقت الذي يكافح فيه التكتل الأوروبي لوقف التدفق غير المصرح به للمهاجرين عبر البحر المتوسط.

وأضافت أن على الاتحاد الأوروبي أن يقدم مخرجا قانونيا لاستقبال المهاجرين بدلا من المخاطرة بحياتهم في معابر بحرية محفوفة بالمخاطر.

وأشارت، فون دير لاين، إلى الشراكات التي عقدها الاتحاد الأوروبي مع مصر والمغرب في مجال الهيدروجين، قائلة "تتمتع منطقة البحر المتوسط بموارد طبيعية هائلة مثل الشمس والرياح والمناظر الطبيعية الوفيرة. لديكم الإمكانات والطموح لأن تكونوا قوى عالمية للطاقة في عالم يكون خاليا من الانبعاثات (الغازية المضرة)".

لكن "هيومن رايتس ووتش"، اعتبرت أن "عقد الصفقة يتعارض تماما مع المقاربة الحقوقية للهجرة واللجوء. فهي تظهر أن أوروبا لم تتعلم الدرس من تواطؤها في الانتهاكات الفظيعة ضد المهاجرين في ليبيا. نية تكرار الصفقة مع بلدان أخرى من المنطقة، خصوصا مصر والمغرب، يؤكد الأمر أكثر".

وفي يوليو الماضي، وبعدما شهدت صفاقس أعمال عنف بين سكان محليين ومهاجرين، فقد معظمهم وظائفهم وطردوا من منازلهم.

وكذلك، عمدت السلطات إلى تحميل مئات المهاجرين في حافلات، ونقلهم إلى مناطق صحراوية نائية قرب الجزائر وليبيا.

وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، أن الشرطة التونسية "طردت" ما لا يقل عن 1200 مهاجر أفريقي، وتركتهم عند الحدود مع ليبيا من الشرق والجزائر من الغرب.

وإبراهيم، الذي كان يعيش من العمل في مجال الحرف والبناء منذ وصوله إلى المدينة في نوفمبر 2021، طُرد قبل خمسة أشهر.

وقال: "لتجنب المشاكل مع الجيران، قررت مغادرة شقتي، وأصبحت الحياة صعبة للغاية ".

ويعيش إبراهيم وزوجته وطفليه الصغار الآن في مبنى متهدم في نهاية زقاق مظلم وضيق، حيث لجأ مئة من مواطني جنوب الصحراء الكبرى، حيث يقضي البعض أيامهم على السلالم، في انتظار إيجاد طريقة للخروج من هذا الوضع الذي لا يطاق بشكل متزايد.

ويوضح إبراهيم أنه حاول العبور في مايو المقبل ودفع أكثر من 1000 يورو للمهربين لكنه تعمد عدم الصعود إلى القارب المتجه لأوروبا لأن كان على متنه 45 رجلا وهو يتسع لـ 35 شخصا، مشددا على أنه "لا يخاف الموت لأنه يريد بناء حياة جديدة".

بدوره، يشدد خبير السكان ودراسات الهجرة، أيمن زهري، في تصريحات لموقع "الحرة" أن "الاتفاق مع تونس مشبوه ويخل بالتزامات الاتحاد الأوروبي الدولية ويمثل ضغطا على الحكومة التونسية التي سوف تعمل جاهدة لمنع انطلاق المهاجرين من أراضيها للاتحاد الأوروبي".

وأضاف: "لا أرى أن هذا سيحل المشكلة لا بل سيزيد الضغط على تونس وبمثابة إيقاف هؤلاء الأشخاص وتعطيل مسيرتهم إلى وجهتهم النهائية نوع من اختطافهم والاحتفاظ بهم كي لا يذهبوا للشاطئ الآخر".

وتمسك بأن "هذه الاستراتيجية لا تعفيها من المسؤولية الإنسانية تجاه هؤلاء الأشخاص لأن حقوق الإنسان حق عالمي يمكن لأي دولة أن تعترض على انتهاك حقوق الانسان في دولة أخرى"، مشيرا إلى أن "الاتفاق برمته وما يترتب عليه من انتهاكات لحقوق الانسان هو مسؤولية تونسية أوروبية مشتركة".

وتابع: "عقد مثل هذا الاتفاق لا يعفي أوروبا من مسؤوليتها تجاه العالقين في تونس، علما أن تيارات الهجرة لا يمكن إيقافها بهذا الشكل من الإجراءات التعسفية".

هذا ويواصل مهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء الوصول بالمئات يوميا إلى ليبيا سيرا حتى الإنهاك الشديد، بعدما نقلتهم السلطات التونسية إلى الحدود في وسط الصحراء، وفق شهاداتهم وشهادات حرس حدود ليبيين جمعتها وكالة فرانس برس.

وفي الأسبوعين الأخيرين، يقول حرس الحدود الليبيون، إنهم أنقذوا مئات المهاجرين الذين نقلتهم السلطات التونسية، على ما يؤكدون، إلى الحدود عند مستوى بلدة العسة، على بعد 150 كيلومترا جنوب غرب طرابلس.

وفي أعقاب اشتباكات أودت بحياة مواطن تونسي في الثالث من يوليو، طرد مئات المهاجرين الأفارقة من صفاقس، وسط تونس الشرقي، التي تشكل نقطة الانطلاق الرئيسية للهجرة غير النظامية إلى أوروبا.

وتفيد منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية أن الشرطة التونسية "طردت" ما لا يقل عن 1200 مهاجر أفريقي، وتركتهم عند الحدود مع ليبيا من الشرق والجزائر من الغرب.

من جهتها، أعربت الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، عن "قلقها البالغ إزاء سلامة مئات المهاجرين"، بعد نقلهم إلى مناطق نائية في البلد الواقع في شمال أفريقيا.

وجاء في بيان مشترك للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة وللمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن "بين أولئك الذين تقطعت بهم السبل نساء (بعضهن حوامل) وأطفال".

في المقابل، تتمسك تونس بمخاوف ما صفته بالتوطين، إذ قال وزير الداخلية التونسي، كمال الفقي، يوليو الماضي، إن تونس "لا تقبل أن تكون دولة عبور أو توطين للمهاجرين أو قبولهم في مخيمات"، داعيا المنظمات الدولية والجمعيات الناشطة في مجال الهجرة وحقوق الإنسان إلى "توفير المساعدات اللازمة لهم، بالتشاور والتعاون مع السلطات الأمنية".

وأضاف المسؤول التونسي في حديثه بالبرلمان، أن حكومة بلاده عملت على "توفير كل الظروف الصحية والمعيشية للمهاجرين غير النظاميين المتواجدين ببلادنا، لكن دون التورط في قبولهم في مخيمات الذي يعني الوقوع في فخ الاستيطان".

وأشار إلى أن السلطات التونسية "لن تتوان في مساعدة كل من يرغب في العودة الطوعية إلى بلاده بالطرق القانونية وفي إطار احترام حقوق الإنسان"، مشددا على أن "من حق الدولة التونسية حماية حدودها والحفاظ على خصوصيات المجتمع التونسي عبر تطبيق القوانين السارية على الجميع، خاصة أن توافد الافارقة من دول جنوب الصحراء أدى إلى تحولات كبيرة في سلوك التونسيين".

ومنذ بداية عام 2023، قفز عدد المغادرين إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، الواقعة على بعد 150 كيلومترا فقط من الساحل التونسي، بنسبة 300 بالمئة، وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، علما أن الطريف محفوف بالمخاطر حيث انتشلت السلطات التونسية نحو 900 جثة مهاجرين، منذ يناير الماضي، وفقد الآلاف.

ويواجه الأفارقة السود في تونس تمييزا وعنفا متزايدا منذ تصريحات الرئيس، قيس سعيد، في فبراير، بأن المهاجرين من جنوب الصحراء جزء من مؤامرة لتغيير هوية البلاد والتركيبة السكانية.

وقال إن "جحافل المهاجرين غير الشرعيين تجلب لتونس، العنف والجريمة والممارسات غير المقبولة". 

وأشعل الخطاب الذي ألقاه أمام مجلس الأمن توترات في جميع أنحاء المنطقة والبلاد، ولكن بشكل خاص بين التونسيين والمهاجرين في مدينة صفاقس الساحلية وغيرها من المدن الساحلية الشرقية.

وحلت تونس محل ليبيا كنقطة انطلاق رئيسية للأشخاص الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا، وفقا للأمم المتحدة.

ماهر الأسد (أرشيف)
ماهر الأسد (أرشيف)

في لحظة من التوتر والمعلومات المتضاربة، اجتاحت، الليلة الماضية، شائعات في منصات التواصل بشأن انسحاب القوات العسكرية السورية الجديدة من محافظات ومدن الساحل، لتخلق حالة من الذعر والفوضى في العديد من مناطق البلاد.

الشائعات، التي تضمنت أيضًا ادعاءات بعودة ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع بشار الأسد، إلى الساحل السوري انتشرت كالنار في الهشيم، لكن سرعان ما نفت الإدارة السورية الجديدة هذه الأنباء.

وبدأت القصة عندما نشر شاب سوري يُدعى نور ح. منشورًا على وسائل التواصل الاجتماعي قال فيه إن هناك تحركًا للطيران الروسي وعودة لماهر الأسد إلى الساحل السوري. 

وبعد ثلاث دقائق فقط، عاد نور ليقول إنه كان يمزح. لكن تلك الدقائق الثلاث كانت كافية لتحويل مزحة إلى أزمة.

مع انتشار المنشور، بدأت حسابات أخرى تضيف مزيدًا من التفاصيل، ما أدى إلى خلق حالة من الارتباك.

 

وقالت منصة "تأكد"، التي أصبحت مصدرًا موثوقًا في التحقق من الأخبار في سوريا، إن المعلومات التي نشرها نور كانت مجرد شائعة لا أساس لها من الصحة.

ومن الذين ساهموا في نشر تلك الأخبار، وتعرض للانتقادات شديدة، عمر رحمون، العضو فيما كان يعرف سابق بلجان "المصالحة السورية" التي كانت تابعة للنظام السابق.

نفي رسمي

وردًا على هذه الشائعات، صرّح المقدم مصطفى كنيفاتي، مدير الأمن في محافظة اللاذقية، لوكالة الأنباء الرسمية، قائلاً: "تناقلت بعض وسائل التواصل معلومات كاذبة حول انسحاب قوات الأمن العام من عدة مواقع في محافظة اللاذقية، وقد استغل هذه المعلومات بعض العناصر الخارجين عن القانون لتنفيذ أعمال إجرامية باستهداف مواقع تابعة لوزارة الداخلية".

وأضاف كنيفاتي أن" المحاولات الإجرامية" فشلت، متحدثا عن عن تحييد ثلاثة من المهاجمين، ومؤكدًا استمرار العمليات لملاحقة الفارين.

من جهته، نفى القائد العسكري في وزارة الدفاع، ساجد الله الديك، الأخبار المتداولة عن انسحاب القوات من مدينة جبلة.

وقال في تصريحات إعلامية: "ننفي الأخبار المتداولة عن انسحاب إدارة العمليات العسكرية من مدينة جبلة، ونؤكد تواجد عناصر إدارة العمليات وإدارة الأمن العام في نقاطهم وثكناتهم العسكرية".

وأكد الديك أن "هذه الإشاعات تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية عند الشعب وسلب فرحة النصر"، داعيًا المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الشائعات.

ورغم النفي القاطع لعودة ماهر الأسد إلى الساحل السوري، تستمر التكهنات حول مصيره ومكان وجوده. 

موقع "الحرة" كان قد نشر تقريرًا يشير إلى أن ماهر الأسد كان مسؤولًا عن العديد من العمليات العسكرية في السنوات الأخيرة من حكم شقيقه بشار الأسد، قبل أن يتوارى عن الأنظار بعد سقوط النظام. 

من هو ماهر الأسد؟

هو الشقيق الأصغر للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، كان يُعتبر أحد أبرز أعمدة النظام السابق، حيث قاد "الفرقة الرابعة مدرعات" وتولى مهام أمنية وعسكرية حساسة. 

ومع سقوط النظام في ديسمبر 2024، أفادت تقارير بوصول ماهر الأسد إلى روسيا، حيث يُعتقد أنه لجأ إليها بعد انهيار حكم عائلته.

وفي ديسمبر 2024، عُثر على جثة اللواء علي محمود، مدير مكتب ماهر الأسد، مقتولًا في ظروف غامضة داخل مكتبه بريف دمشق، مما أثار تساؤلات بشأن ملابسات الحادث.

بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك تقارير عن تورط ماهر الأسد في تجارة المخدرات، حيث وصفته وزارة الخزانة الأميركية بأنه "منتج رئيسي للمخدرات ومسهل" لتجارة الكبتاغون، وفرضت عليه عقوبات نتيجة لذلك.