الجنرال الروسي سيرغي سوروفيكين يزور مسجدا بالجزائر
كثُرت التكهنات حول مصير سيرغي سوروفيكين الذي عرف بـ"جنرال يوم القيامة" | Source: Social Media

أفادت صحيفة كوميرسانت الروسية، الجمعة، نقلا عن مصدر مقرب من الجنرال سيرغي سوروفيكين، الذي اختفى عن الأنظار خلال الفترة الأخيرة، أنه موجود في الجزائر ضمن وفد من وزارة الدفاع الروسية فيما بدا أنها عودة إلى مزاولة مهامه الرسمية بعد دخوله دائرة الشكوك فيما يتعلق بتمرد مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة في يونيو .

ونشرت الصحيفة صورا لسوروفيكين وهو يرتدي بذلة لونها كاكي دون رتبة عسكرية وقالت إن الصور ملتقطة في الجزائر. والجزائر من كبار مشتري الأسلحة الروسية.  

وذكرت تقارير غير مؤكدة هذا الشهر أن سوروفيكين عين رئيسا للجنة الدفاع الجوي التابعة لرابطة الدول المستقلة التي تجمع روسيا وثماني دول سوفيتية سابقة أخرى.

وقال محللون في معهد دراسة الحرب إن هذا سيكون "متسقا مع الأنماط السابقة التي تطبقها القيادة العسكرية الروسية إذ تنقل القادة الذين لحقهم عار أو تعتبرهم غير أكفاء إلى مواقع هامشية بعيدة عن أوكرانيا دون تسريحهم بالكامل من الجيش الروسي".

وسوروفيكين، أحد أبرز قادة الهجوم الروسي على أوكرانيا، وقد ظهر في صور نشرها مسجد بالجزائر، كان زاره قبل ثلاثة أيام.

وفي صور نشرها مسجد ابن باديس بوهران (غرب الجزائر) الثلاثاء، أمكن مشاهدة سوروفيكين في زي بني فاتح بدون أي شارات عسكرية وبجانبه ضباط روس بالبزة العسكرية مع إمام المسجد الشيخ أبو عبد الله زبار.

وأرفقت الصور بتعليق "زيارة وفد روسي رفيع المستوى إلى الجامع الرئيسي القطب، عبد الحميد بن باديس، وكان في استقبالهم  مدير الشؤون الدينية والأوقاف وإمام الجامع الرئيسي".

وكثُرت التكهنات حول مصير سيرغي سوروفيكين الذي عرف بـ"جنرال يوم القيامة"، منذ اختفائه بعد التمرّد المسلّح لمجموعة فاغنر على القيادة العسكرية في موسكو في يونيو.

زيارة وفد روسي رفيع المستوى إلى الجامع الرئيسي القطب عبد الحميد بن باديس وكان في استقبالهم السيد مدير الشؤون الدينية والأوقاف والسيد إمام الجامع الرئيسي حيث زاروا مرافق المسجد وأبدوا إعجابهم.

Posted by ‎الجامع الرئيسي القطب عبد الحميد بن باديس‎ on Tuesday, September 12, 2023

وبحسب وسائل إعلام روسية، فإن الجنرال سوروفيكين أُعفي من منصبه كقائد للقوات الجوية والفضائية في أغسطس، بعد شهرين من تمرد مجموعة فاغنر التي جمعته بها صلات وثيقة لكنه لم يدعمها.

خلال تمرد مجموعة فاغنر الذي استمر 24 ساعة وهز السلطة الروسية، دعا سوروفيكين المتمردين إلى "التوقف" والعودة إلى ثكناتهم "قبل فوات الأوان".

لكن الجنرال كان مع ذلك يعتبر مقربا من قائد فاغنر، يفغيني بريغوجين، الذي قتل في حادث تحطم طائرة في أغسطس.

ويعد سوروفيكين من القادة العسكريين الأساسيين في التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا. كما تولى مهاما في العديد من الحروب التي خاضتها موسكو، بدءا بالاجتياح السوفياتي لأفغانستان والحرب الثانية في الشيشان، مرورا بالتدخل العسكري في سوريا عام 2015.

استمرار الحرب يزيد من عدد الأطفال الأيتام في أوكرانيا
يقتل الجنود الروس المدنيين الأوكرانيين ويستهدفون الأطفال والنساء بعمليات التعذيب والاغتصاب بوحشية

سلطت تحليل نشرته مجلة "ذا ناشيونال إنرتست" الضوء على الطريقة "الوحشية" التي تُعامل بها روسيا المدنيين في حربها على أوكرانيا من اغتصاب وتعذيب وقتل المدنيين غير المقاتلين، موضحة أنها تتبع "رؤية سوفييتية شمولية" للحرب "تتجاهل التمييز بين الجنود والمدنيين".

ويقوم، إيفان أريغوين، استاذ استراتيجيات وسياسات الحرب والأمن السيبراني في معهد واتسون للشؤون الدولية والعامة بجامعة براون، بتحليل الأسباب الكامنة وراء "وحشية" الروس في أوكرانيا واستهدافهم المدنيين.

ويرى أريغوين، وهو عضو مؤسس في مركز قدرات الأمن السيبراني العالمي في كلية مارتن بجامعة أكسفورد، أنه لفهم استمرار استهداف غير المقاتلين في الثقافة العسكرية الروسية، رغم أنه أمر غير قانوني ويضر بسمعة روسيا على المسرح العالمي، يجب العودة إلي الأيدولوجية أو العقيدة العسكرية السوفييتية.

الغزو الروسي لأوكرانيا لا يزال يمثل تهديدا للسكان المدنيين (أرشيف)

ويقول إنه منذ تأسيس الدولة الروسية حتى عام 1917، أي خلال فترة حكم قياصرة روسيا بأكملها، لم يكن الجيش الروسي أكثر أو أقل وحشية تجاه غير المقاتلين من جيوش أي دولة أو إمبراطورية أخرى.

لكن الأمور تغيرت بعد الثورة الروسية والحرب الأهلية المروعة، بحسب أريغوين، الذي أشار إلى أن روسيا بدأت تتبع أيديولوجية تقوم على تجريد المعارضين من إنسانيتهم، بمعنى أن "أعداؤنا ليسوا في الواقع أشخاصا. لا يمكن المساومة معهم، ولن يعترفوا هم أنفسهم بأي حدود لاستخدامهم للعنف ضدنا".

ووفقا لما كتبه أريغوين، فإن هذه الأيديولوجية مبررة ذاتيا، باعتبارها الطريق إلى "الجنة الأرضية، التي يُنفى فيها الفقر والحرب؟".

ويرى أريغوين أن هذه الأيدولوجية هي ما تجعل الجيش الروسي اليوم يتجاهل عمليا حصانة غير المقاتلين ويستهدف بشكل منهجي ومتعمد المرافق الطبية في مناطق العمليات، وهو انتهاك خطير لاتفاقيات جنيف لعام 1948 و1949، التي لا تزال روسيا من الدول الموقعة عليها.

روسيا تواصل استهداف المدنيين في أوكرانيا

الوحشية في سوريا

وفي سوريا بعد عام 2015، لم تميز القوات المسلحة السورية والروسية بين المدنيين والمتمردين في مناطق العمليات، بالإضافة إلى الاستهداف المتعمد للعاملين في المجال الطبي والمرافق الطبية، والاستخدام المستمر للتجويع كسلاح، والهجمات المنهجية والمتعمدة على البنية التحتية المدنية أثناء العمليات القتالية.

تظاهرة ضد الهجمات الروسية الجوية، والنظام السوري البرية، على مدينة حلب عام 2016

ويقول أريغوين في تحليله إنه حتى عام 1941، كانت التجربة العسكرية التكوينية لروسيا تتمثل في حربها الأهلية (1917-1923)، التي أظهرت، إلى درجة رهيبة، هذه الإيديولوجية وتأثيرها على المدنيين.

وكانت هذه الأيدولوجية عنصرا أساسيا في الممارسة السوفيتية عندما تقدمت قواتهم المسلحة نحو برلين خلال الحرب العالمية الثانية، حيث أن أي جندي سوفييتي يرفض تنفيذ هجوم انتحاري أو يحاول التراجع، حتى لأسباب عسكرية سليمة، كان يتم إعدامه على يد قوات خاصة مخصصة لهذا الغرض.

كما اغتصب الجنود السوفييت المنتصرون فتيات لا تتجاوز أعمارهن تسع سنوات ونساء يبلغن من العمر سبعين عاما أثناء احتلالهم لبرلين.

جانب من الدمار الذي تسبب فيه القصف الروسي لمدينة حلب (أرشيف)

وحشية تجاه أطفال أوكرانيا

وكانت وزارة الخارجية الأوكرانية قد أعلنت مقتل أكثر من 500 طفل في أوكرانيا بهجمات روسية، منذ بداية الغزو في 24 فبراير عام 2022.

وقالت الوزارة في منشور على أكس، في الثاني من سبتمبر، "منذ بداية الغزو واسع النطاق، قتلت روسيا ما لا يقل عن 503 أطفال. وكان من المفترض أن يتوجه بعضهم إلى المدرسة اليوم".

اغتصاب وجرائم موثقة

وكان أعضاء لجنة تحقيق مفوضة من الأمم المتحدة، كشفوا الأسبوع الماضي، في أحدث النتائج التي توصلوا إليها من ميدان الحرب في أوكرانيا، إن المحتلين الروس "عذبوا أوكرانيين بوحشية" لدرجة أن بعض الضحايا لقوا حتفهم، كما أجبروا أسرا على الاستماع بينما يغتصبون النساء في الجوار.

وقال إريك موس رئيس لجنة التحقيق بشأن أوكرانيا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، إن فريقه "جمع المزيد من الأدلة التي تشير إلى أن استخدام القوات المسلحة الروسية للتعذيب في المناطق الخاضعة لسيطرتها كان واسع النطاق ومنهجيا".

وأضاف "كان التعذيب يمارس في بعض الحالات بوحشية شديدة، لدرجة أنه أدى إلى وفاة الضحية".

ومضى يقول "ارتكب الجنود الروس جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي بحق نساء تراوحت أعمارهن بين 19 و83 عاما" في مناطق احتلوها بإقليم خيرسون.

وأضاف موس أنه في كثير من الأحيان، كان يتم احتجاز أفراد الأسرة وإجبارهم على سماع الانتهاكات في الجوار.

وتنفي روسيا ارتكاب أي أعمال وحشية أو استهداف المدنيين في أوكرانيا. وقال موس إن محاولات اللجنة للتواصل مع روسيا لم يتم الرد عليها. وأتيحت لموسكو فرصة للرد على هذه الاتهامات في جلسة المجلس لكن لم يحضرها أي ممثل عن روسيا.

وردا على سؤال في مؤتمر صحفي بوقت لاحق بشأن عدد حالات التعذيب التي أدت إلى الوفاة، قال عضو اللجنة بابلو دي جريف إن من المستحيل معرفة ذلك بسبب القيود على دخول المناطق لكنه "عدد مرتفع إلى حد كبير.. والحالات من مناطق مختلفة في أنحاء البلاد، قريبة وبعيدة عن خطوط القتال".

وزارت اللجنة في أغسطس، وسبتمبر مناطق كانت تحت سيطرة القوات الروسية في خيرسون وزابوريجيا حيث وجدت أن التعذيب كان يتم بشكل رئيسي في مراكز احتجاز أدارتها السلطات الروسية وبالأساس ضد من يُتهمون بنقل معلومات إلى أوكرانيا.

يستهدف الروس البنى التحتية والأحياء الكسنية في المدن الأوكرانية

وسبق للجنة أن قالت إن الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا، ومنها التعذيب، قد تشكل جرائم ضد الإنسانية.

وقال موس إن اللجنة رصدت أيضا "حالات قليلة" من الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الأوكرانية، موضحا أنها تتعلق بوقائع هجمات عشوائية وسوء معاملة بحق محتجزين روس.

وقالت كييف في وقت سابق إنها تتحقق من جميع المعلومات المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب، وستحقق في أي انتهاكات وتتخذ الإجراءات القانونية المناسبة.

وكلف مجلس حقوق الإنسان اللجنة، في مارس 2022، بالتحقيق فيما وقع من انتهاكات في أوكرانيا منذ بدء الحرب، وقد زارتها عدة مرات وأجرت مئات المقابلات.

وفي بعض الحالات تُستخدم الأدلة التي يتم جمعها خلال التحقيقات التي تجريها الأمم المتحدة في محاكمات محلية ودولية، بما في ذلك قضايا جرائم الحرب.