مسيرة مؤيدة لحزب البديل من أجل ألمانيا في برلين (أرشيف)
مسيرة نسائية نظمها حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للمهاجرين في برلين (أرشيف)

 شهدت مدينة غورليتز التي تعد من أهم المقاصد السياحية شرقي ألماينا، أكبر تظاهرات ضد المهاجرين، والتي لم تعرف البلاد مثيلا لها منذ أعوام، وذلك بعد أن نجح أكبر أحزاب اليمين المتطرف في "تخويف سكانها" من "ديستوبيا" المهاجرين.

وبحسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" اللندنية، فإن تلك البقعة باتت في نظر حزب "البديل لأجل ألمانيا" المتطرف، "ديستوبيا" (بمعنى المدينة الفاسدة) بسبب "عنف المهاجرين".

واندلعت شرارة تلك التظاهرات عقب شجار وقعت فصوله داخل ملهى ليلي، ونجم عنه إصابة 8 أشخاص، وعقبها جرى توجيه اللوم إلى مهاجرين أجانب في حدوث أعمال العنف.

وقال سيباستيان ويبل، ضابط الشرطة السابق، والعضو في حزب البديل، الذي كان متواجدا في الملهى، خلال شهادته أمام مجلس مدينة غورليتز: "لم يكن لدينا مثل هذه الظواهر من قبل.. ومن الواضح أن المعتدين كانوا أجانب".

وبحسب مراقبين، فقد غذّت حادثة الملهى رواية ظلّ حزب البديل يروج لها منذ سنوات، مفادها أن "ارتفاع معدلات الهجرة يهدد أسلوب الحياة الألماني، ويجعل البلاد أقل أمانًا".

وعلقت الأكاديمية اليسارية، جانا لوبيك، على ما واقعة الملهى بالقول: "كانوا سعداء للغاية بتلك الحادثة (حزب البديل من أجل ألمانيا)، الذي استخدم اسم الملهى ( L2) لرسم ديستوبيا لم أشهدها من قبل في غورليتز".

ويشكل الحزب المتطرف أكبر مجموعة في مجلس المدينة، بل أن أحد أعضائه وهو الشرطي السابق، ويبل، كان قاب قوسين أو أدنى من أن يصبح عمدتها عام 2019.

"خارج المعاقل الشرقية"

لكن شعبية حزب "البديل من أجل ألمانيا" (الذي صنفت الاستخبارات الداخلية الألمانية أقساماً منه متطرفة، والذي من المقرر أن يحاكم أحد قادته لاستخدامه شعارات نازية محظورة)  تنتشر حاليا خارج معاقله في شرق البلاد.

فعلى المستوى الوطني، تبلغ نسبة التصويت له حوالي 22 في المائة، متفوقا على الأحزاب الثلاثة في ائتلاف المستشار، أولاف شولتز، (الديمقراطيون الاشتراكيون، وحزب الخضر، والديمقراطيون الأحرار الليبراليون).

ويرى خبراء أن ارتفاع شعبية الحزب، قد جعلت العديد من السياسيين في اليمين المعتدل منجرفين إلى نقاش بشأن أمور الهجرة والأعراق في البلاد، لدرجة أن زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، فريدريك ميرز، الذي ينتمي إلى يمين الوسط، أثار مؤخراً ضجة عندما وصف حزبه بأنه بديل مقبول لـ"البديل لأجل ألمانيا".

ويشعر الكثيرون بالقلق مما قد تعنيه قوة "حزب البديل" بالنسبة لثلاثة انتخابات حاسمة العام المقبل، لاسيما في ولايات ساكسونيا وبراندنبورغ وتورينغيا الشرقية، حيث تشير بعض استطلاعات الرأي إلى أن الحزب قد يفوز هناك.

وفي حال تحقق ذلك السيناريو، فقد تواجه بعض الولايات الألمانية صعوبة في تشكيل ائتلافات حكومية.

ويستشهد المراقبون بعدد لا يحصى من العوامل التي أدت إلى صعود حزب البديل في الآونة الأخيرة، إذ يلعب الاستياء من التضخم وارتفاع أسعار الطاقة دورا مهما في ذلك الأمر.

ويرى منظمو استطلاعات الرأي أن مفتاح نجاح حزب البديل لأجل ألمانيا هو قضية الهجرة.

السلطات الألمانية ترحل المهاجرين الذين رحبت بهم في 2015
اللاجئون في ألمانيا.. اتهامات بالعنصرية ومحاولات "فاشلة" للترحيل
منذ 5 سنوات، تصدرت صور المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مع اللاجئين على الحدود، جميع الصحف والمواقع العالمية، وأعلنت أنها ترحب باللاجئين، واستقبلت أكثر من مليون لاجئ بين عامي 2015 -2016، وقالت "يمكننا القيام بذلك".

وفي هذا الصدد، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماينز، كاي أرزهايمر: "لدينا تدفق هائل من المهاجرين إلى أوروبا في الوقت الحالي، بنفس القدر الذي كان عليه الأمر خلال أزمة اللاجئين في عامي 2015 و2016".

وأضاف: "هذه هي القضية الكبرى لحزب البديل من أجل ألمانيا".

من جانبه، أوضح كارستن، وهو من مواطني غورليتز، أن موقف الحزب اليميني بشأن اللاجئين "نال استحسان الكثيرين في المدينة".

وزاد: "الحكومة لا تستمع إلى الناس بشأن هذا الأمر، إنهم يتجاهلوننا تمامًا.. حزب البديل من أجل ألمانيا هو الخيار الواقعي الوحيد".

وسجلت السلطات في ألمانيا هذا العام أكثر من 204 آلاف طلب لجوء حتى نهاية أغسطس، بزيادة قدرها 77 بالمئة عن العام الماضي، وذلك بالإضافة إلى 1.1 مليون لاجئ أوكراني وجدوا ملاذاً لهم في البلاد منذ أن شنت روسيا غزوها الشامل قبل 19 شهراً.

وتكافح البلديات المحلية لاستيعاب القادمين الجدد، إذ قال الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، الأسبوع الماضي: "البلاد وصلت إلى أقصى حدودها". 

وقد أثار حزب البديل في غورليتز، التي تقع على الحدود مع بولندا، ضجة كبيرة بسبب الهجرة غير النظامية، إذ قال الشرطي السابق، سيباستيان ويبل: "لا توجد قضية أخرى تقلق الناس بنفس القدر".

وفي وقت سابق من هذا الشهر، دعا الحزب إلى اجتماع طارئ لمجلس مدينة غورليتز، مشيراً إلى أن قدرة المدينة على استيعاب المزيد من اللاجئين "استنفدت"، وأن أي مخصصات إضافية من شأنها أن "تهدد النظام والأمن".

وفي إشارة إلى القتال في المهلى الليلي، ادعى ويبل أن "تدفق المهاجرين يجعل مدينته أكثر خطورة".

"تكيتكات الخوف"

في المقابل، قال منتقدون لحزب البديل، إنه "استغل حادثة الملهى لأغراض سياسية". وفي هذا المنحى قال عمدة البلدة، أوكتافيان أورسو، إنهم "بالغوا في تضخيم الواعقة".

وأوضح أنه "جرى اعتقال 10 شبان بعد الشجار،  حيث بقي اثنان منهما رهن الاحتجاز وهما من اللاجئين السوريين".

ودعا أورسو الذي ينتمي إلى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، إلى عدم التعميم على أساس بعض الحوادث، موضحا أن "فكرة تزايد الجريمة وتدهور الوضع الأمني بسبب اللاجئين لا تؤكدها إحصاءات الشرطة". 

ومع ذلك، استخدم حزب البديل حادثة ملهى "L2" للإشارة إلى أن غورليتز كانت "تعاني من انهيار في القانون والنظام".

وقالت المستشارة في حزب الخضر، جانا كراوس: "إنهم يحاولون تقويض الثقة في أجهزة الدولة، وبذلك يضعفونها".

وفي نفس السياق قال مايك ألتمان، وهو أحد أعضاء مجلس المدينة، إن مجموعة البديل من أجل ألمانيا مجرد "متشائمين يثيرون الذعر.. ولقد اندهشت من طريقتهم التي أهانوا بها مدينتنا".

ورفض ألتمان تصوير غورليتز كمعقل لحزب البديل، قائلا إن ذلك "تشويه يمكن أن يخيف العمال الأجانب المهرة الذين تحتاجهم المدينة بشدة".

وتابع: "نعم، لديهم قاعدة انتخابية أساسية تبلغ 30 في المائة.. ولكن هذا يعني أيضا أن ثلثي الناس هنا لا يصوتون لحزب البديل لأجل ألمانيا".

لكن لوكاس ريتزشيل، الروائي الذي يعيش في غورليتز، قال إن "تكتيكات التخويف" التي يتبعها حزب البديل قد أصبحت "تحدد الخطاب" في المدينة.

وأثار ريتزشيل غضب بعض المتطرفين عندما دعا إلى حظر حزب البديل لأجل ألمانيا، إذ كتب مقالة قال فيها إن الديمقراطية يجب أن تدافع عن نفسها ضد "الجهات التي تخطط لتصفيتها".

وبعد فترة وجيزة وجد الروائي رسائل تهديد في صندوق بريده كانها فيها عبارات من قبيل "نحن نعرف أين تقطن".

ولتوضيح النفوذ المتزايد لحزب البديل من أجل ألمانيا، استشهد ريتزشيل بمثال المهرجان الصيفي الذي أقيم في أغسطس في الحي القديم من المدينة.

فقبل أيام قليلة من المهرجان، انتشرت وثيقة مزورة، زُعم أنها من شرطة الحدود الألمانية، تشير إلى "خطر أمني متزايد" غير محدد، وهو أمر استغله حزب البديل لإثارة الذعر عبر منصات التواصل الاجتماعي والدعوة إلى إلغاء المهرجان.

قال ريتزشيل: "اضطر رئيس البلدية إلى إصدار بيان يؤكد فيه للمواطنين أنهم سيكونون آمنين".

ولكن النسبة له، أظهر ذلك مدى نجاح الأحزاب اليمينية في الدفع بروايات "غير واقعية"، مضيفا بتشاؤم: "يبدو أن الحقائق لم تعد مهمة بعد الآن".

إصابات خطيرة بالمئات بعد تفجير أجهزة اتصال لحزب الله اللبناني
التقجيرات نجم عنها مقتل 9 وإصابة المئات

تعهّدت جماعة حزب الله، صباح الأربعاء بـ"مواصلة" عملياتها العسكرية ضد إسرائيل، وذلك غداة هجمات استهدفت أجهزة "البيجر" التي يحملها عناصرها في مناطق مختلفة بلبنان، فيما أشارت تقارير إلى "حالة تأهب" بالمؤسسات الأمنية الإسرائيلية.

وأضافت الجماعة في بيان، أن وحداتها "ستواصل اليوم كما في كل الأيام الماضية عملياتها" التي تقول إنها "لإسناد غزة"، معتبرة أن "هذا المسار متواصل ومنفصل عن الحساب العسير الذي يجب أن ينتظره العدو"، في إشارة إلى إسرائيل.

وكان حزب الله قد اتهم إسرائيل بالوقوف وراء واقعة انفجارات "البيجر"، التي أسفرت عن مقتل 9 أشخاص وإصابة أكثر من 2800 آخرين. فيما لم تدل الأخيرة بأي تعليق على ما جرى.

من جانبها، ذكرت قناة "كان 11" العبرية، أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعتقد أن ميليشيات حزب الله "تتأهب للرد" على "هجمات البيجر" التي وقعت الثلاثاء.

وأوضح تقرير القناة أنه في الساعات التي تلت انفجار أجهزة "البيجر"، "جرى استدعاء رؤساء الأجهزة الأمنية وكبار الضباط في الجيش الإسرائيلي، إلى محادثات عملياتية في مقر القيادة في (كيريا) بتل أبيب، بمشاركة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت".

وتم رفع حالة التأهب في إسرائيل حتى وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ بدء حرب السابع من أكتوبر في قطاع غزة، وعقب مقتل القيادي العسكري البارز في حزب الله، فؤاد شكر، قبل نحو شهرين، حسب "هيئة البث الإسرائيلية".

وأجرى رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هاليفي مساء الثللاثاء، بمشاركة هيئة الأركان العامة، تقييماً للوضع، مع التركيز على "الاستعداد الهجومي والدفاعي في جميع الميادين".

People gather outside the American University hospital after the arrival of several men who were wounded by exploded handheld…
تفجير أجهزة 'البيجر' في لبنان.. ما الأهداف الخفية وراء العملية؟
أثارت التفجيرات المدمرة التي استهدفت أجهزة اتصال "البيجر" التابعة لعناصر حزب الله، مما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة أكثر من 2800 آخرين تساؤلات عميقة حول نوايا إسرائيل الحقيقية وما إذا كان هذا الخرق الأمني هو جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى إشعال المنطقة.

وأوضح متحدث باسم الجيش الإسرائيلي لهيئة البث، أنه "لا يوجد في هذه المرحلة تغيير في توجيهات قيادة الجبهة الداخلية"، لافتا إلى أنه يتم "الاستمرار في الحفاظ على اليقظة"، وأن "الجيش سيبلغ عن أي تغيير في هذه التعليمات على الفور".

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، قد نقلت عن مسؤولين أميركيين مطلعين قولهم، إن إسرائيل "نفذت عمليتها" ضد حزب الله بـ "إخفاء مواد متفجرة داخل دفعة جديدة من أجهزة اتصال تايوانية الصنع تم استيرادها إلى لبنان".

من جانبه، قال المحلل الأمني إيليا مانييه، في تصريحات لوكالة فرانس برس، إن هذه العملية تعتبر "خللا أمنيا كبيرا" في إجراءات الحزب، فقد تم استهداف الأجهزة عبر إدخال متفجرات متناهية الصغر داخلها، وتفجيرها بوسائل تقنية متقدمة.

وأضاف أن الهجوم تم الإعداد له على مدى شهور، وربما سنوات، مما يعكس تعقيد العملية ودقتها.

يشار إلى أن آخر حرب جرت بين إسرائيل وحزب الله كانت في يوليو 2006، وأسفرت عن مقتل 1200 شخص في لبنان معظمهم مدنيون، و160 إسرائيليا غالبيتهم عسكريون.