خطا أنابيب "نورد ستريم" تعرضا لتفجيرات في سبتمبر 2022 - صورة أرشيفية
خطا أنابيب "نورد ستريم" تعرضا لتفجيرات في سبتمبر 2022 (صورة أرشيفية)

ذكرت وكالة "بلومبيرغ" أن حلف شمال الأطلسي يسعى لتطوير تقنيات تسمح بالكشف الفوري عن الأنشطة المشبوهة بالقرب من البنية التحتية الحيوية تحت الماء، وذلك عقب حادثة انفجارات خط أنابيب نورد ستريم.

وتقوم 14 دولة من الحلف، إلى جانب السويد، باختبار  غواصات مسيرة وأجهزة استشعار باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث تستمر التدريبات لمدة 12 يوما قبالة سواحل البرتغال.

وتأتي هذه التدريبات التي تنتهي، الجمعة، في الوقت الذي تواصل روسيا رسم خريطة للكابلات وخطوط الأنابيب كأهداف مستقبلية محتملة، وفقًا لحلف الناتو.

والهدف من تلك الاختبارات والتدريبات هو اكتشاف "السلوك الخبيث" بشأن البنية التحتية تحت الماء فور حدوثه، ومشاركة تلك المعلومات مع الحكومات والمشغلين من القطاع الخاص.

ولم يوجه حلف شمال الأطلسي حتى الآن اتهامات رسمية لأي طرف في تفجيرات خط أنابيب نورد ستريم، مما يسلط الضوء على التحدي الذي تواجهه كل من حكومات  دول الحلف والشركات الخاصة في تحديد مصدر مثل هذه الهجمات.

"إشارة ردع" قوية

وقال رئيس خلية الناتو لحماية البنية التحتية تحت سطح البحر، اللفتنانت جنرال هانز فيرنر ويرمان، إن كشف التهديدات في الوقت المناسب "يرسل إشارة ردع إلى العدو، سواء كان روسيا أو أي شخص آخر".

وقال للصحفيين الذين زاروا التدريبات في مدينة ترويا جنوب العاصمة البرتغالية، لشبونة، إنه إذا أمكن الكشف عن نشاط سيئ فإن ذلك يسمح للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وعددها 31 دولة بدراسة ردود دبلوماسية أو عسكرية بناء على "أساس متين من المعلومات".

ونفت روسيا الاتهامات المبكرة التي وجهتها بعض الدول الغربية بأنها مسؤولة عن انفجارات أنانيب نورد ستريم في بحر البلطيق.

لكن الحوادث التي وقعت في الأشهر الأخيرة والتي يبدو أنها  ناجمة عن نشاط سفن تجسس روسية تعمل بالقرب من الأنظمة الحليفة زادت من القلق، خاصة في ضوء قدرات موسكو المتقدمة تحت البحر.

ولا تزال تلك  القوات سليمة إلى حد كبير مقارنة بأوضاع االقوات البرية للكرملين التي تعثرت في غزوها لأوكرانيا.

وحذر حلف شمال الأطلسي في مايو من خطر كبير يتمثل في احتمال قيام موسكو باستهداف البنية التحتية في أوروبا وأميركا الشمالية.

خطر يهدد "10 تريليون دولار" يوميا

وقال ويرمان إن موسكو تستخدم مجموعة من سفنها الحربية البحرية والسفن العلمية بالإضافة إلى سفن الصيد التجارية وسفن الحاويات والناقلات لتتبع الأنظمة البحرية المهمة لحلفاء الناتو.

ويقول حلف شمالي الأطلسي إن كابلات البيانات البحرية تحمل معاملات مالية تبلغ قيمتها حوالي 10 تريليون دولار يوميًا وحوالي 95 بالمئة من حركة الإنترنت العالمية.

كما يتم استخراج ثلثي النفط والغاز في العالم إما من البحر أو نقله عن طريق البحر، حيث يبلغ طول بعض أنظمة النقل (الأنابيب) آلاف الكيلومترات والواقعة تحت عمق مئات الأمتار تحت سطح البحر، مما يجعل عملية المراقبة معقدة.

وفي إحدى تدريبات حلف شمال الأطلسي، سعى الحلفاء إلى إيقاف جهة فاعلة معادية تحاول تعطيل شبكات البيانات وإحداث الفوضى في الأسواق المالية باستخدام سفينة تجارية ترعاها الدولة لجعل اكتشاف نشاطها أكثر صعوبة.

واكتشفت أجهزة استشعار الألياف الضوئية التجارية الموجودة على كابلات البنية التحتية أن سفينة العدو الوهمية كانت تحاول نشر مركبة بدون طيار تحت الماء، وبالتالي جرى نقل هذه المعلومات إلى سلسلة القيادة والسيطرة التابعة لحلف شمال الأطلسي.

أكد الأطباء أن نافالني تسمم بمادة كميائية تسمي نوفيتشوك
برلين: قضية تسميم الروسي نافالني قد تؤثر على مشروع نورد ستريم 2
أعلن المتحدث باسم المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، الاثنين أن الأخيرة لا تستبعد أن تكون هناك تداعيات على مشروع أنابيب غاز "نورد ستريم 2"، في حال فشلت روسيا في إجراء تحقيق شامل بشأن تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني.

وبعد تأكيد التهديد، أرسل الناتو مجموعة من المركبات بدون طيار سواء جوية أو سطحية أو تعمل تحت الماء لاعتراض ومرافقة السفينة المشبوهة.

وستلعب التكنولوجيا دورًا متزايد الأهمية لمنع هذا النشاط في الحياة الواقعية، إذ أوضح ويرمان أنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لمتابعة تحركات السفن والأجسام الأخرى إذا كانت تعبر في مجال البنية التحتية الحيوية عدة مرات.

مركز بحري جديد

وفي المستقبل، قد تتمكن كابلات الألياف الضوئية نفسها من اكتشاف محاولات التخريب من مسافات قريبة منها.

ولتسليط الضوء على الأهمية المتزايدة للأمن تحت سطح البحر، اتفق حلفاء الناتو في يوليو على إنشاء "مركز بحري جديد للبنية التحتية الحيوية تحت سطح البحر" تابع لقيادتهم البحرية في منطقة نورثوود في لندن.

واتفقوا أيضًا على إنشاء شبكة لتحسين تبادل المعلومات بين حلف شمال الأطلسي وحلفائه والقطاع الخاص، للعمل بسرعة على معالجة المعلومات الاستخبارية كالتي تلتقطها أجهزة الاستشعار أو أنظمة الذكاء الاصطناعي.

وقال ويرمان إنه بعد انفجارات أنابيب، نورد ستريم، كان معظم مشغلي خطوط الأنابيب "متوترين للغاية"، وقاموا بإجراء عمليات مسح واسعة النطاق لأصولهم، ومراقبة حوالي 9 آلاف كيلومتر من خطوط الأنابيب.

ونبه ويرمان إلى أن ذلك قد كلفهم أموالا طائلة، مضيفا: "إنهم لا يريدون القيام بهذا الأمر مرة أخرى".

وتابع: "نريد أن يكون لدينا أسرع عمليات تبادل للمعلومات بين الجهات الفاعلة قدر الإمكان، لأنه إذا أردنا اكتشاف السلوك المشبوه في الوقت المناسب، فعلينا أن نتصرف بسرعة كبيرة".

من داخل مركز أبحاث في كاليفورنيا يركز على الأجسام المضادة البشرية لعلاج السرطان والالتهابات
من داخل مركز أبحاث في كاليفورنيا يركز على الأجسام المضادة البشرية لعلاج السرطان والالتهابات

أعلنت المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة عن خفض التمويل "غير المباشر" المخصص للأبحاث الطبية، الأمر الذي سيؤدي إلى تقليل الإنفاق السنوي بمقدار 4 مليارات دولار.

وأوضحت المعاهد أن هذا القرار يهدف إلى توجيه المزيد من الموارد للبحث العلمي المباشر، مع تقليل النفقات الإدارية لضمان استخدام التمويل بشكل أكثر فاعلية.

في المقابل، واجه القرار انتقادات شديدة من الحزب الديمقراطي، حيث وصفه بعض المشرعين بأنه "كارثي" على الأبحاث الطبية التي يعتمد عليها ملايين المرضى. 

وأشاروا إلى أن الأطفال المرضى قد لا يحصلون على العلاجات التي يحتاجونها، وأن التجارب السريرية قد تتوقف فجأة، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.

وفي مقابلة مع برنامج "الحرة الليلة"، قال الباحث في مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان في نيويورك، حكيم جاب الله، إن "هذه الخطوة تشبه محاولات سابقة خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى، لكنها هذه المرة تمر دون مقاومة كبيرة".

وأوضح أن "الأموال المقطوعة تُستخدم لإدارة المختبرات وصيانتها وتغطية التكاليف التشغيلية مثل الكهرباء والمياه ودفع رواتب الموظفين".

وأضاف جاب الله أن "القرار لن يؤثر على المستشفيات، لأن تمويلها منفصل عن تمويل الأبحاث، لكنه سيؤدي إلى مشكلات كبيرة للمؤسسات البحثية، خصوصا تلك التي تواجه صعوبات في شراء المعدات وإجراء التجارب".

كما حذر من أن استمرار خفض التمويل قد يدفع الباحثين إلى البحث عن فرص خارج الولايات المتحدة، مما قد يضر بمكانتها العلمية على المستوى العالمي.

وأشار جاب الله إلى أن "الأبحاث الطبية تستغرق من 15 إلى 20 عاما للوصول إلى مرحلة العلاج، مما يعني أن التأثير لن يكون فوريا، لكنه قد يؤدي إلى خسارة الولايات المتحدة موقعها الريادي في هذا المجال".

كما أوضح أن "الباحثين الشباب والمؤسسات الصغيرة سيكونون الأكثر تضررا من القرار، إذ ستتقلص فرصهم في الحصول على التمويل اللازم لمواصلة أبحاثهم، بينما قد تتمكن الجامعات الكبرى مثل هارفارد من تجاوز الأزمة بفضل دعمها المالي القوي".

ولاقى القرار تأييدا من الداعمين لخفض الإنفاق الحكومي، حيث وصفته وكالة تحسين الكفاءة الحكومية، التي يرأسها الملياردير إيلون ماسك، بأنه خطوة إيجابية نحو ترشيد الإنفاق العام.

في المقابل، حذر خبراء وباحثون من أن القرار قد يعرّض الأبحاث الطبية الحيوية للخطر، خاصة تلك التي تعتمد على التمويل الفيدرالي لتغطية التكاليف الأساسية مثل البنية التحتية والمعدات والموظفين.

ودعا بعضهم إلى إعادة النظر في القرار قبل أن تتفاقم تأثيراته السلبية على تقدم الأبحاث الطبية.