أرقام جديدة مقلقة أعلنت عنها الشرطة الأميركية بشأن ارتفاع نسبة جرائم الكراهية ضد اليهود والعرب والمسلمين في مدينتي نيويورك ولوس أنجلوس منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر.
تظهر بيانات أكبر مدينتين في الولايات المتحدة أن الصراع في الشرق الأوسط يتزامن مع تصاعد أعمال العنف ضد الأميركيين اليهود والأميركيين العرب والمسلمين.
وارتفع عدد الجرائم المرتبطة بما يعرف بـ"معاداة السامية في مدينة نيويورك، من 16 في سبتمبر إلى 69 في أكتوبر، بزيادة أكثر من 330 في المئة، وفقا لمراجعة بيانات شرطة نيويورك التي أجراها مركز "دراسة الكراهية والتطرف" في جامعة ولاية كاليفورنيا، سان فرانسيسكو.
وفي لوس أنجلوس، بلغ عدد جرائم الكراهية ضد العرب والمسلمين، في الفترة من 6 إلى 26 أكتوبر، ثمانية، مقارنة بواحدة خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وقال المركز إن عدد جرائم الكراهية المعادية للسامية ارتفع بنسبة 175 في المئة خلال نفس الفترة.
بالتزامن، أعلنت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي، وضع استراتيجية وطنية لـ "مكافحة الإسلاموفوبيا"، بحسب ما نشرته على حسابها في منصة "أكس".
Taking on hate is a national priority.
— Vice President Kamala Harris (@VP46Archive) November 1, 2023
Today, @POTUS and I are announcing the country's first National Strategy to Counter Islamophobia.
This action is the latest step forward in our work to combat a surge of hate in America. pic.twitter.com/pxZAn7RymY
واعتبرت هاريس أن "مواجهة الكراهية هي أولوية وطنية "، مضيفة: "أعلن عن أول استراتيجية وطنية في البلاد لمكافحة الإسلاموفوبيا، يعد هذا الإجراء أحدث خطوة للأمام في عملنا لمكافحة موجة الكراهية في أميركا".
وإطلاق هذه الاستراتيجية كان متوقعا منذ أشهر، بعد أن أصدر البيت الأبيض استراتيجية وطنية لـ "مكافحة معاداة السامية" في مايو الماضي.
ومن المتوقع أن يستغرق وضع الاستراتيجية الرسمية عدة أشهر لإضفاء الطابع الرسمي عليها، بعد عملية مماثلة لخطة مكافحة معاداة السامية، والتي تشمل مختلف الوكالات الحكومية.
"وقت مقلق"
"امرأة ترتدي الحجاب تخاف من استخدام المواصلات العامة في بريطانيا، وعائلات مسلمة تتعرض لمضايقات وهي تغادر المسجد. إن الارتفاع الأخير في كراهية الإسلام أمر مدمر"، قال، كير سترامر، رئيس حزب العمال البريطاني، الثلاثاء.
سترامر قال في كلمة مصورة نشرها، في الأول من نوفمبر، الذي يعد شهر التوعية بالإسلاموفوبيا في بريطانيا، إن هذا الشهر يأتي في وقت "مقلق للغاية بالنسبة للمجتمعات المسلمة في البلاد".
This Islamophobia Awareness Month comes at a deeply troubling time for Britain's Muslim communities. The recent surge in Islamophobia is devastating.
— Keir Starmer (@Keir_Starmer) November 1, 2023
My Labour government will tackle religious discrimination.
A government for everyone, one that unites, not divides. pic.twitter.com/3Obo8FhEK7
ونشر الحساب الرسمي لشهر التوعية بالإسلاموفوبيا مقطع فيديو يعرض فيه مظاهر العداء للإسلام في بريطانيا، ويدعو لحوار وتقارب يحارب هذه الظاهرة المقلقة.
November is Islamophobia Awareness Month! 🧡
— Islamophobia Awareness Month (@IslamophobiaAM) October 31, 2023
Become a supporter of IAM today by visiting https://t.co/bBjwFOUr9p
Get involved in the campaign! Together, let's put an end to Islamophobia 📖#MuslimStories #IAM2023 pic.twitter.com/Pabvia8IXR
ما هي الإسلاموفوبيا؟
التعريف الدولي لمصطلح إسلاموفوبيا هو "الخوف والتحيز والكراهية تجاه المسلمين، والذي يدفع إلى الاستفزاز والعداء والتعصب عن طريق التهديد والمضايقة والإساءة والتحريض والترهيب للمسلمين وغير المسلمين".
يشير المصطلح إلى أن التهديد والمضايقة قد تتم عبر الإنترنت أو في المجال العام، ويرتبط بدافع من العداء المؤسسي والآيديولوجي والسياسي والديني، كما أنه يصل إلى حد العنصرية البنيوية والثقافية، ويستهدف رموزا وعلامات تخص المسلمين.
ويحدد مصطلح الإسلاموفوبيا كراهية الإسلام على أنها شكل من أشكال العنصرية، إذ يُنظر إلى الدين والتقاليد والثقافة الإسلامية على أنها "تهديد" للقيم الغربية.
ويقول خبراء إن الإسلاموفوبيا تخلق فهما مشوَّها للإسلام والمسلمين، وتجمع بين العداء الديني والعنصري.
ولا يوجد تعريف موحد أو متفق عليه لمصطلح الإسلاموفوبيا. وبشكل أكثر تحديدا، لا يوجد تعريف قانوني يصف العداء الموجه ضد المسلمين.
يوم لمكافحة الإسلاموفوبيا؟
اعتمدت الأمم المتحدة قرارا حدد يوم 15 مارس يوما دوليا لمكافحة الإسلاموفوبيا، رغم أن بعض الخبراء لا يفضلون استخدام هذا المصطلح كتعبير عن جرائم الكراهية ضد المسلمين.
ويرى خبراء أن الأفضل استخدام مصطلح "الكراهية ضد المسلمين"، كي لا يؤدي مصطلح "الإسلاموفوبيا" إلى إدانة جميع أشكال الانتقادات الموجهة للإسلام، وبالتالي يمكن أن يؤدي إلى خنق حرية التعبير.
لكن الرأي الآخر، يحاجج بأن القانون الدولي لحقوق الإنسان يحمي الأفراد، وليس الأديان. وقد تؤثر كراهية الإسلام أيضا على غير المسلمين، بناء على التصورات الجنسية أو الخلفية العرقية أو الإثنية. وبالتالي فإن المصطلح الأمثل هو الإسلاموفوبيا.
متى تفاقمت ظاهرة الإسلاموفوبيا؟
بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، وغيرها من الأعمال الإرهابية المروعة التي نفذها أفراد باسم الإسلام، تصاعدت المواقف السلبية تجاه المسلمين، وارتفعت وتيرة الخوف لدى المسلمين من تعرضهم لاعتداءات وأعمال تصب في إطار التمييز العنصري.
وفي الوقت ذاته، فإن التمثيل السلبي واسع النطاق للإسلام، والقوالب النمطية الضارة التي تصور المسلمين ومعتقداتهم وثقافتهم كتهديد، أدى إلى إدامة وإقرار وتطبيع التمييز والعداء والعنف تجاه الأفراد والمجتمعات المسلمة.
وفي دول يشكلون فيها أقلية، واجه مسلمون التمييز في الوصول إلى السلع والخدمات، وفي العثور على عمل، وفي التعليم.
وفي بعض الدول يُحرم مسلمون من الجنسية أو وضع الهجرة القانوني بسبب تصورات كراهية الأجانب بأن المسلمين يمثلون تهديدا للأمن القومي والإرهاب. ويتم استهداف النساء المسلمات في جرائم الكراهية المرتبطة بالإسلاموفوبيا.
وتشير دراسات إلى أن عدد جرائم الكراهية المرتبطة بالإسلاموفوبيا يتزايد بشكل متكرر في أعقاب الأحداث الخارجة عن سيطرة معظم المسلمين، بما في ذلك الهجمات الإرهابية والذكرى السنوية لتلك الهجمات.
وتوضح هذه الأحداث كيف يمكن لكراهية الإسلام أن تنسب المسؤولية إلى جميع المسلمين عن تصرفات قلة متطرفة، أو تتغذى على الخطاب التحريضي.
ما ملامح ظاهرة الإسلاموفوبيا؟
تستخدم المشاعر المعادية للإسلام أفكارا تجرّد المسلمين من إنسانيتهم وثقافاتهم ومعتقداتهم وعاداتهم وممارساتهم غير المتجانسة، وتنكر الطبيعة الديناميكية للإسلام.
وتكون هذه المشاعر إما على المستوى الفردي أو على المستوى المؤسساتي، ويمكن أن تتخذ أشكالا عديدة وخطيرة.
وقد تؤدي ظاهرة الإسلاموفوبيا إلى اعتداءات جسدية ضد من يُنظر إليهم على أنهم مسلمون أو إتلاف وتدنيس المساجد والمراكز الإسلامية.
كما أن بعض المسلمين يواجهون مشكلة التنميط في مجال إنفاذ القانون، والتمييز في التوظيف، والحرمان من الخدمة.
ويمكن أن تتخذ الأعمال المعادية للإسلام أيضا شكل تشريعات وتدابير سياسية معادية للإسلام.
يمكن أن يشمل الخطاب المعادي للإسلام، الذي يعبر عنه أفراد ومؤسسات سياسية وإعلامية، التحرش اللفظي والترهيب وخطاب الكراهية.
من يعزز ظاهرة الإسلاموفوبيا؟
تشير منظمات إلى مصادر أساسية تعزز ظاهرة الإسلاموفوبيا في المجتمعات الغربية أهمها ما يلي:
الإعلام: وذلك من خلال المبالغة في التغطية الإعلامية السلبية المتعلقة بالمسلمين والإسلام، مما يؤدي إلى شعور مبالغ فيه بالتهديد، وبالتالي الخوف والكراهية.
الخطاب السياسي: إذ يلعب سياسيون على عواطف الناس ويستغلون خوفهم للتحريض على الإسلاموفوبيا عندما يخدم ذلك مصالحهم السياسية الخاصة.
المتطرفون العنيفون: على الرغم من أن الجماعات العنيفة مثل "داعش" تستهدف وتقتل عددا أكبر من المسلمين أكثر من أي جماعة أخرى، إلا أن هذه الجماعات تستمر في تلوين التصورات الأميركية والغربية عن الإسلام والمسلمين.
معاداة السامية
وعلى الجانب الآخر، يقول مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كريستوفر راي، إن معاداة السامية وصلت إلى "مستويات تاريخية" في الولايات المتحدة.
وقال راي، خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ، الثلاثاء، إن "هذا تهديد يصل بطريقة ما إلى مستويات تاريخية".
وأضاف أن ما يحدث يرجع جزئيا إلى أن "المجتمع اليهودي مستهدف من قبل الإرهابيين من مختلف الأطياف، بما في ذلك المتطرفون العنيفون المحليون والمنظمات الإرهابية الأجنبية".
FBI Director Christopher Wray warned Congress Tuesday that the risk of a terrorist attack on the U.S. has risen “to a whole other level” not seen since the emergence of ISIS, and that antisemitism is reaching “historic levels.” pic.twitter.com/fvtVKvHWKk
— CBS Evening News (@CBSEveningNews) October 31, 2023
وعن السكان اليهود الأميركيين، يكشف راي عن إحصاءات "تشير إلى أنه بالنسبة لمجموعة تمثل حوالي 2.4 في المئة فقط من الجمهور الأميركي، فإنها تمثل ما يقرب من 60 في المئة من جميع جرائم الكراهية على أساس ديني".
ما هي معاداة السامية؟
ظهر مصطلح معاداة السامية فقط في القرن التاسع عشر، ولكن كراهية ومعاداة اليهود تعود إلى العصور القديمة ولها أسباب متنوعة.
ومعاداة السامية تعني التحيز أو الكراهية لليهود، وتعد الهولوكوست، وهي الاضطهاد والقتل الذي تعرض له اليهود الأوروبيون على يد ألمانيا النازية والمتعاونين معها في الفترة من عام 1933 إلى عام 1945، المثال الأكثر تطرفا في التاريخ لمعاداة السامية.
في عام 1879، ابتكر الصحفي الألماني، فيلهلم مار، مصطلح معاداة السامية، للإشارة إلى كراهية اليهود، وكذلك كراهية مختلف الاتجاهات السياسية الليبرالية والعالمية والدولية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر المرتبطة غالبا باليهود.
ومع ذلك، فإن الكراهية المحددة لليهود سبقت العصر الحديث وصياغة مصطلح معاداة السامية.
من بين المظاهر الأكثر شيوعا لمعاداة السامية عبر التاريخ كانت المذابح، وأعمال العنف التي شُنت ضد اليهود، والتي كثيرا ما شجعتها سلطات حكومية.
غالبا ما يتم التحريض على المذابح بسبب "فرية الدم"، وهي شائعات كاذبة مفادها أن اليهود استخدموا دماء الأطفال المسيحيين لأغراض طقوسية.
وفي العصر الحديث، أضاف المعادون للسامية بعدا سياسيا لآيديولوجية الكراهية الخاصة بهم.
وفي الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، تشكلت أحزاب سياسية معادية للسامية في ألمانيا وفرنسا والنمسا.
إن ظهور حركة "voelkisch" (فولكيش) أو (الحركة الشعبية) المعادية للأجانب في القرن التاسع عشر، والتي تألفت من فلاسفة وعلماء وفنانين ألمان كانوا ينظرون إلى الروح اليهودية باعتبارها غريبة عن العالم الألماني، شكل فكرة عن اليهودي باعتباره "غير ألماني"، وقدم منظرو الأنثروبولوجيا العنصرية دعما علميا زائفا لهذه الفكرة.
المنظور الأميركي لمعاداة السامية
استخدمت وزارة الخارجية الأميركية تعريفا عمليا، إلى جانب أمثلة، لمعاداة السامية، منذ عام 2010.
وفي عام 2016، تبنت الدول الأعضاء الـ 31 في التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة (IHRA)، والذي تعد الولايات المتحدة عضوا فيه، تعريفا عمليا لمعاداة السامية. وفي 26 مايو من العام ذاته، قررت الجلسة العامة في بوخارست اعتماد التعريف العملي التالي غير الملزم قانونا لمعاداة السامية:
"معاداة السامية هي تصور معين لليهود، والذي يمكن التعبير عنه على أنه كراهية لليهود. إن المظاهر الخطابية والمادية لمعاداة السامية موجهة نحو الأفراد اليهود أو غير اليهود و/أو ممتلكاتهم، وتجاه مؤسسات المجتمع اليهودي والمرافق الدينية".
وتعتبر الأعمال المعادية للسامية جريمة عندما يحددها القانون (على سبيل المثال، إنكار المحرقة أو توزيع مواد معادية للسامية في بعض البلدان).
وتعتبر الأعمال الإجرامية معادية للسامية عندما يتم اختيار أهداف الهجمات، سواء كانوا أشخاصا أو ممتلكات، مثل المباني والمدارس ودور العبادة والمقابر، لأنهم يهود أو يُعتقد أنهم يهود أو مرتبطون باليهود.
ويتجسد التمييز المعادي للسامية بحرمان اليهود من الفرص أو الخدمات المتاحة للآخرين، وهو أمر غير قانوني في العديد من الدول.