بعد مرور 20 يوما على اعتقال السلطات الروسية، الصحفية التي تحمل الجنسيتين الروسية والأميركية، آلسو كورماشيفا، بتهمة "عدم تسجيلها كعميلة لجهة أجنبية"، شدد زوجها بافيل بوتورين، على أنها "سجينة سياسية" داعياً الولايات المتحدة إلى تصنيفها على أنها "معتقلة ظلماً".
"لا يوجد شيء نريده أكثر من إعادة آلسو. أطفالي بحاجة إليها، وأنا بحاجة إلى زوجتي"، قال بوتورين في أول تصريحات علنية له منذ أن احتجزت قوات الأمن الروسية زوجته التي تعمل لدى "إذاعة أوروبا الحرة" في 18 أكتوبر.
"نحن نربي أطفالنا كأشخاص أحرار. من الصعب للغاية على طفل أميركي يتم تربيته بروح الحرية الشخصية وحرية التعبير وحرية الكلام أن يستوعب أن والدته قد ألقي بها في زنزانة سجن باردة بسبب شيء قالته على الهواء أو نشرته كصحفية"، وفق ما ذكره بوتورين في مقابلته مع "إذاعة أوروبا الحرة"، وهي إذاعة خاصة، ممولة من الكونغرس الأميركي.
حتى الآن لم تتمكن آلسو من الاتصال بعائلتها، ولم تسمح السلطات الروسية للقنصل بمقابلتها، ما يشكّل كما اعتبر زوجها "انتهاكا لحقوقها"، في قضية عقوبتها القصوى السجن خمس سنوات.
وقال بوتورين من العاصمة التشيكية، براغ: "نحن بالفعل ممتنون جدا للدعم الذي نتلقاه، لكن ما نحتاجه هو أن يتم تصنيف آلسو كشخص معتقل ظلما، هذا تصنيف مهم جدا من قبل حكومة الولايات المتحدة ومن وزارة الخارجية".
يذكر أنه، في منتصف مايو، غادرت آلسو براغ إلى موطنها تتارستان، إحدى جمهوريات روسيا، لظروف عائلية طارئة، فتم احتجازها مؤقتاً أثناء انتظار رحلة العودة، في 2 يونيو، في مطار قازان، وتمت مصادرة جواز سفرها وهاتفها.
ووصفه بوتورين، الذي يعمل مثل زوجته في مكاتب الإذاعة في براغ، اتهام الصحفية بـ "القضية السخيفة".
وبعد خمسة أشهر من الانتظار لإصدار قرار، تم تغريم آلسو 10 آلاف روبل (103 دولارات) لعدم تسجيل جواز سفرها الأميركي لدى السلطات الروسية.
أثناء انتظار إعادة جوازات سفرها، تم اعتقال آلسو مرة أخرى، في 18 أكتوبر، لتوجه إليها هذه المرة تهمة "عدم التسجيل كعميل أجنبي"، وهو تصنيف قانوني استخدمته روسيا، منذ عام 2012، لتوصيف ومعاقبة منتقدي سياسات الحكومة. كما تم استخدامه بشكل متزايد لإغلاق منظمات المجتمع المدني والمجموعات الإعلامية في روسيا منذ إطلاق الكرملين غزوه الشامل على أوكرانيا.
وقال بوتورين: "هذا الأمر كانت تفعله وزارة الخارجية الروسية مع العديد من زملائنا في إذاعة أوروبا الحرة، لكن لم نكن نعلم على الإطلاق أن على الأفراد الإبلاغ عن أنفسهم. هم يسنون القوانين بسرعة، ولم أعتقد حتى أن هناك آلية مطبقة للإبلاغ عن نفسك كعميل أجنبي. لذا فإن هذه الاتهامات غير مقبولة بالنسبة لي".
ورقة مساومة
أثار اعتقال آلسو، ثاني إعلامية أميركية تحتجزها موسكو هذا العام، موجة من الانتقادات من جماعات حقوق الإنسان والسياسيين، حيث شددوا على أن هذه الخطوة تشير إلى مستوى جديد من الرقابة في زمن الحرب.
واتهمت روسيا باحتجاز أميركيين لاستخدامهم كورقة مساومة لمبادلة سجناء روس في الولايات المتحدة، حيث تم القبض، في مارس، على مراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، بتهمة التجسس، وهي التهمة التي ينفيها هو والصحيفة بشدة.
ورفض الرئيس بالوكالة لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غيدمين، التهم الموجهة إلى آلسو، قائلا إنها تتعرض للاضطهاد بسبب عملها المهني.
ودعت منظمة العفو الدولية ومكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولجنة حماية الصحفيين ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي إلى الإفراج الفوري عنها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مات ميلر: "يبدو أن هذه حالة أخرى من مضايقة الحكومة الروسية للمواطنين الأميركيين".
ويسمح قانون "العميل الأجنبي" للسلطات بتصنيف المنظمات غير الربحية على أنها "عملاء أجانب" إذا كانت تتلقى تمويلا من الخارج وتشارك في أنشطة سياسية، وتقول إذاعة أوروبا الحرة، إن القانون يرقى إلى مستوى الرقابة السياسية التي تهدف إلى منع الصحفيين من أداء واجباتهم المهنية، وأنها تتحدى تحركات السلطات في المحاكم الروسية وفي المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وأدرجت وزارة العدل الروسية أكثر من 30 موظفا في إذاعة أوروبا الحرة على أنهم "عملاء أجانب" بصفة شخصية.
وفي مارس، أعلنت محكمة في موسكو "إفلاس" عمليات إذاعة أوروبا الحرة، في روسيا، بعد رفض الشركة دفع غرامات متعددة بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من مليار روبل (14 مليون دولار) لعدم امتثالها للقانون.