"انتقدت تعامل الشرطة مع مظاهرات غزة".. من هي وزيرة الداخلية البريطانية المقالة؟
الحرة - واشنطن
13 نوفمبر 2023
Share on Facebook
Share on Twitter
Share on WhatsApp
بات اسم وزيرة الداخلية البريطانية المقالة، سويلا برافرمان (43 عاما)، حديث الساعة في الأوساط السياسية في بريطانيا، بعد أن أطاح رئيس الوزراء، ريشي سوناك، الوزيرة اليمينية المثيرة للجدل، التي بات من المتوقع أن تنافس رئيسها بعد خروجها رسميا من الحكومة.
وبينما لم تعلق السياسية المحافظة البارزة بشكل مفصل عن ملابسات إقالتها، أكدت صحف بريطانية، من بينها الغارديان، أن القرار اتخذ بعد أن كتبت مقالا، من دون الحصول على تصريح، انتقدت من خلاله تعامل الشرطة (بتساهل) مع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في العاصمة لندن، خلال الأسابيع الأخيرة، واتهام معارضين لها بمفاقمة التوتر خلال تلك الاحتجاجات والاحتجاجات المضادة التي شهدتها بريطانيا.
وجاءت إقالة الوزيرة مع إدخال سوناك تعديلات وزارية في أعلى المناصب قبل الانتخابات المرتقبة، العام المقبل، شملت اختيار رئيس الحكومة السابق، ديفيد كاميرون، ليترأس وزارة الخارجية.
برافرمان، من جانبها، اكتفت بالقول بعد إقالتها "كان عملي وزيرة للداخلية أكبر امتياز أحصل عليه في حياتي.. سأقول المزيد في الوقت المناسب".
ولم تكن المرة الأولى التي تخرج فيها هذه الوزيرة من الحكومة، فقد اضطرت إلى الاستقالة من منصب وزيرة الداخلية في حكومة، ليز تراس، في أكتوبر من العام الماضي (لأنها انتهكت قواعد الأمان، بعد أن أرسلت معلومات سرية إلى عضو في البرلمان من عنوان بريد إلكتروني خاص)، ثم أعاد رئيس الوزراء الجديد، ريشي سوناك، تعيينها في المنصب، وفق الغارديان.
ولدت برافرمان في هارو، شمال غرب لندن، في أبريل 1980 لأبوين من أصل هندي. الأب كريستي فرنانديز، وهو كيني مسيحي والأم أوما فرنانديز من موريشيوس، وقد هاجرا إلى المملكة المتحدة في ستينيات القرن الماضي، حيث التقيا في لندن، وهناك، عمل الأب في مصنع وعملت الأم ممرضة.
برافرمان ابنة مهاجرين
وسميت على اسم "سو إلين إيوينغ"، الشخصية النسائية الرائدة في الدراما التلفزيونية الأميركية في الثمانينيات، التي عرفت بحياتها الشخصية المضطربة وإدمان الكحول، ثم اختصر معلموها اسمها بسويلا.
وتزوجت من رجل الأعمال الجنوب أفريقي، رايل برافرمان، في عام 2019. ويقول جون هايز، أحد أقدم حلفاء برافرمان في السياسة، إن زوجها "عزز" النزعة المحافظة لديها، وفق هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
وتقول "بي بي سي" إن رحلة الهجرة لوالديها، وعملهما الجاد، أثر على مسيرتها التعليمية والمهنية، إذ درست القانون في جامعة كامبريدج، وترأست رابطة المحافظين في الجامعة وهو منصب شغله أعضاءكبار في حزب المحافظين.
بعد كامبريدج، درست لمدة عامين في باريس، وحصلت هناك على شهادة الدراسات العليا في القانون الأوروبي والفرنسي في جامعة بانثيون سوربون، ثم عملت بالمحاماة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
حاولت أكثر من مرة الترشح للانتخابات عن حزب المحافظين ولم تفلح، إلى أن تم ترشيحها في الدائرة التي تصوت تقليديا للمحافظين في فيرهام بمقاطعة هامبشاير.
وسرعان ما صنعت اسما لنفسها بسبب آرائها الجدلية بشأن الاتحاد الأوروبي والهجرة، وتميزت بمواقفها المؤيدة لخروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية، وترأست مجموعة أبحاث أوروبية مناهضة للاتحاد.
حصلت على منصب وزاري مصغر في حكومة تيريزا ماي، ثم استقالت من منصبها اعتراضا على اتفاق "بريكست" الذي توصلت إليه ماي مع المفوضية الأوروبية، ووصفته بـ"الخيانة".
عينها بوريس جونسون وزيرة للعدل، ودخلت التاريخ في عام 2021 كأول وزيرة في الحكومة تأخذ إجازة أمومة، بعد إقرار قانون جديد.
وبرز اسمها بعد استقالة جونسون من منصبه، إذ كانت أول من أعلن ترشحها لخلافته في صيف 2022، ونافست ليز تراس، التي حاول فريقها إقناعها بالتنازل عن الترشح مقابل إعطائها حقيبة الداخلية في الحكومة الجديدة، لكنها أصرت على الاستمرار في المنافسة، وخسرت.
ومع ذلك ضمتها تراس إلى حكومتها وزيرة للداخلية لكنها خرجت من الحكومة في غضون بضعة أسابيع بعد اعترافها بمشاركة وثائق سرية.
وتحت قياد سوناك، كلفت بمهمة محاربة قوارب الهجرة غير الشرعية، لكن سرعان ما تصدرت تعليقاتها بشأن القضايا العامة العناوين الرئيسية.
وقالت الغارديان إن "تعليقات برافرمان كانت بمثابة شوكة في خاصرة سوناك، الذي نأى بنفسه مرارا وتكرارا عن لهجتها بشأن الهجرة والمشردين"، بعد أن أثارت غضب عديديين بوصفها قوارب الهجرة بأنها "غزو".
وقالت بعد مدة قصيرة من تعيينها إن إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا هو "حلم" و"هوس" بالنسبة إليها.
ووصف التشرد بأنه "اختيار نمط الحياة"، وطرحت فكرة منع الجمعيات الخيرية من تقديم الخيام للمشردين، قائلة إنه "يحتلها أشخاص، كثيرون منهم من الخارج، ويعيشون في الشوارع كخيار أسلوب حياة".
وفي سبتمبر الماضي، قالت إن الخوف من التمييز بسبب كون الشخص مثليا أو امرأة، لا ينبغي أن يكون كافيا للتأهل للحصول على الحماية الدولية للاجئين.
وقد صفت المظاهرات التي تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة بأنها "مسيرات كراهية".
وتشير الغارديان إلى تناقضات في مسيرتها، فهي رغم أنها درست القانون في باريس، عادت لتصيح مؤيدة قوية لخروج بريطانيا من الاتحاد، ورغم أنها ابنة أبوين مهاجرين، "فإنها تتوق إلى ترحيل المهاجرين، وهي شخصية غير محبوبة لعديدين في البرلمان، إلا أن زملاءها يقولون إنها لطيفة ومهذبة في السر".
وتقول فرانس برس إن موقفها "بات غير مقبول أكثر" بعدما كتبت مقالها الأخير المثير للجدل من دون موافقة سوناك، وفيه اتهمت الشرطة بالانحياز إلى القضايا اليسارية.
وحمَّل البعض مقالها مسؤولية إثارة التوتر قبيل احتجاجات نهاية الأسبوع التي خرجت للدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وتزامنت مع إحياء ذكرى "يوم الهدنة" وهو ما أثار دعوات لإقالتها.
وأفاد معارضون بأن تصريحاتها شجعت المحتجين اليمينيين المتشددين على تنظيم تظاهرات مضادة على هامش المسيرة الرئيسية، السبت الماضي، مما أدى إلى تنفيذ عشرات عمليات التوقيف.
وأطلق "داونينغ ستريت" تحقيقا بشأن كيفية نشر المقال من دون موافقته، وهو ما يقتضيه القانون الوزاري.
ويمثل رحيلها الآن نهاية فترة مضطربة في الحكومة، ولكن من غير المرجح أن ينهي طموحاتها القيادية، فرغم خروجها من الحكومة، تتوقع رويترز أن يتركز اهتمامها على الاستعداد لسباق محتمل في المستقبل على زعامة الحزب، إذا خسر المحافظون، حسبما تشير استطلاعات الرأي، الانتخابات المتوقع إجراؤها، العام المقبل.
برافرمان أثارت الجدل بسبب مواقفها من القضايا
وتقدم حزب العمال باستمرار بنحو 20 نقطة في استطلاعات الرأي، وفشل سوناك في تقليص هذه الفجوة.
ووصف حزب العمال سوناك بأنه "ضعيف" منذ نشر مقال برافرمان الأربعاء الماضي.
من "هوس الحجاب" إلى اعتبار العنف وسيلة أساسية للحفاظ على السلطة، يواجه الإيرانيون أساليب قمع عدة منذ سنوات طوال، دفعت المنظمات الدولية والحقوقية مرارا إلى دق ناقوس الخطر.
وقبل أشهر، وتحديدا في أبريل 2024، أمر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في حملات القمع التي نفّذها النظام الإيراني خلال الاحتجاجات التي شهدتها البلاد منذ عامين.
ووفق تقرير صدر في عن المجلس، أُعدم في 2023 ما لا يقل عن 834 شخصا بزيادة قدرها 43 في المئة عن العام السابق الذي شهد إعدام 582.
وبحسب التقرير أيضا، فإن التحقيق مع أغلب هذه الحالات انتهك المواثيق الدولية، إذ لم يُسمح لمن نفذت فيهم أحكام الإعدام الاتصال بمحامٍ، كما تعرضوا للتعذيب خلال فترة احتجازهم.
انطلاقا من ذلك، يظهر أنه أمام هذه اللجنة مهمة شاقة ليس فقط بسبب رفض النظام الإيراني التعاون معها، بل بسبب جسامة المهمة واتساع عدد ضحايا بعدما وصلوا إلى عشرات الآلاف من الإيرانيين الذين جرى التنكيل بهم خلال السنوات الماضية على أيدي رجال الشرطة والقضاء. فما أبرز هذه الانتهاكات؟ وما هي القوانين التي تُشرعن القيام بها؟ وكيف يُمكن للإيرانيين الخلاص من هذه الأوضاع؟
سلاح الإعدام
"النظام الإيراني يعتبر العنف وسيلة أساسية للحفاظ على الدولة، فهو لا يلتزم بالقوانين التي تحترم حقوق الإنسان في الدول الديمقراطية، وإنما تتمتع أجهزة الأمن بصلاحية استخدام العنف غير المحدود لقمع أي احتجاجات شعبية"، هكذا بدأ المُحلل السياسي رضا برشي زاده حديثه لموقع "الحرة" متحدثا عن الموضوع.
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشأن الإيراني، آريك لوب، لموقع "الحرة" أن النظام الإيراني عادةً ما يرى الاحتجاجات الشعبية "تهديدًا وجوديًا" لأنه "نجح في الإطاحة بالشاه والوصول إلى السُلطة عبر هذه الوسيلة".
واعتبر أن مثل هذه الاحتجاجات تكشف عن "أزمة شرعية" تواجهها طهران، ولا تستطيع التعامل معها إلا عبر المزيد من القمع.
لوب: النظام الإيراني عادةً ما يرى الاحتجاجات الشعبية "تهديدًا وجوديًا"
وتُعاقب القوانين الإيرانية بالإعدام على أكثر من 80 جريمة، منها جرائم تعريفها فضفاض وغامض مثل "المحاربة" (حمل السلاح لبث الخوف في الأماكن العامة) و"الإفساد في الأرض" و"البغي" (التمرد المسلح).
الباحث المتخصص في قضايا الشرق الأوسط المستشار السابق لوزارة الخارجية الأميركية، وليام بيمين، قال في حديثه لموقع "الحرة" إن القضاء الإيراني يتسم في كثيرٍ من الأحيان بالحماسة المفرطة، وكثيرًا ما يتخذ القضاة قرارات متطرفة لا يوجد الكثير من الإجراءات لاستئنافها، الأمر الذي يوقع النظام الحاكم في الكثير من المواقف المحرجة على الصعيد الدولي والتي لا يُمكن النجاة منها بسهولة.
وخلال عام 2023 وحده، أُعدم قرابة 39 شخصا بسبب هذه التهم، وطالت هذه الإعدامات 8 محتجين شاركوا في التظاهرات التي عمّت البلاد في سبتمبر 2022. أما النساء فأعدمت منهن في ذلك العام 16 امرأة من أصل 24 أُعدمن حول العالم. وفي العالم التالي زاد هذا العدد إلى 22 امرأة على الأقل.
وبسبب هذه الأرقام المقلقة، أصبحت طهران "دولة رائدة في إعدام النساء على مستوى العالم"، حسبما ورد في تقرير مرصد حقوق الإنسان في إيران.
إيران من أكثر الأنظمة سلطوية في العالم حسب مؤشر الديمقراطية
كما أصبحت إيران واحدة من أبرز الدول التي تشهد فيها أوضاع النساء ترديا، إذ احتلت الرتبة 143 من بين 146 دولة في المؤشر العالمي لتقييم الفجوة بين الجنسين.
ويرى زادة أن المرأة تنشط في المعارضة وتعتبرها طهران عنصرًا أساسيًا للتغيير، فذلك "يكرهها" النظام، فيما لا يعطي مساحات إلا لـ"النساء الخاضعات".
سياسيون في خط النار
حتى اليوم، لا يزال يعيش قادة "الحركة الخضراء"، مهدي كروبي ومير حسين موسوي وزوجته زهرا رهنورد، رهن إقامة جبرية فُرضت عليهم منذ بداية 2011 بسبب دورهم في قيادة أعمال الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية 2009 التي أدت لفوز الرئيس السابق أحمدي نجاد.
وإلى ذلك، فرضت السلطات القضائية "حظرًا إعلاميًا" على الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، مُنعت بموجبه الصحافة من تغطية تصريحاته ومن نشر اسمه وصورته.
وفي يوليو الماضي، أُعدم الناشط الكردي كامران شيخة، بعد حبسه 15 عامًا داخل سجن أو رميه بتهمة "الإفساد في الأرض".
"الهوس بالقمع" في إيران لم يتوقف على المعارضين، وإنما امتدَّ إلى النشطاء الحقوقيين مثلما جرى للناشطة الحقوقية نرجس محمدي التي قادت الكثير من المظاهرات للمُطالبة بحرية النساء في إيران.
فاعتقلتها السلطات لأكثر من مرة، وهي حاليا تقبع في السجن، قبل أن يعلن الأربعاء عن الإفراج عنها لثلاثة أسابيع لأسباب طبية.
وكانت هيئة الإذاعة البريطانية أدرجت محمدي ضمن قائمة أكثر 100 امرأة "إلهامًا وتأثيرًا في العالم"، وفي أكتوبر 2023 اختُيرت لنيل جائزة نوبل للسلام.
"مثلما الحال في جميع الدول الاستبدادية، فإن النظام الحاكم ينظر لمنظمات المجتمع المدني باعتبارها تهديد سياسي إن لم يكن وجودي"، يقول لوب.
ومنذ أيام، حُكم على الحقوقية عاطفة رنكريز بالسجن 7 سنوات بسبب استعمال تطبيق "تيلغرام" الذي يحظر استخدامه في طهران.
وبحسب تقرير منظمة "هنغاو" الحقوقية عن حالة حقوق الإنسان في إيران، فإنه خلال عام 2023 فقط جرى اعتقال ما يزيد عن 2400 مواطن وإعدام 823 سجينًا.
"طهران تستشعر الخطر من أي نشاط منظم لا يخضع لسيطرته وتعتبرها تهديدًا مباشرًا لها سواء أكانت منظمات مجتمع مدني أو نوادي للكتب أو نقابات للعمال فيعمل على قمعها بشكلٍ دوري"، يقول زاده.
ووفق بحث "ملاحظات إيران: المجتمع المدني تحت الهجوم"، فإنه في ظل عدم وجود تشريع مُحدد يضبط أوضاع منظمات المجتمع المدني في إيران فإنها تعمل وفقًا لقرار داخلي أصدره مجلس الوزراء في 2016، بموجبه يجب أن تقدّم إلى الحكومة بيانًا بممتلكاتها وإقرار بأهدافها الرئيسية ومواردها المالية، على أن يتابع عملها فريق يضم ممثلين من وزارة الداخلية والخارجية والمخابرات ومجلس المدينة التي تعمل بها.
وبحسب البحث، فإنه منذ التسعينيات فشلت عدة محاولات لإصدار تشريع بشأن المنظمات الحكومية، وفي سبتمبر 2023 نشر مركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيراني مشروع قانون لا يزال قيد البحث فرض العديد من الضوابط "الخانقة" لمنظمات المجتمع المدن وفرض أجهزة الأمن الداخلية والحرس الثوري وصاية كبيرة عليها.
وخلال حديثه لموقع "الحرة"، اعتبر بيمين أن طهران عادةً ما تبرّر هذه التصرفات بـ"عبارات ثورية" فهُم لا يستهدفون الحفاظ على السُلطة الشخصية لأيٍّ من المسؤولين، وإنما بدلاً من ذلك يتّهمون النشطاء دائمًا بأنهم "يحاولون تقويض الثورة ويتخابرون مع القوى الأجنبية من أجل تغيير النظام".
مطاردة النخبة
مثّل مقتل الفتاة مهسا أميني نقطة اشتعال احتجاجات واسعة في إيران بدأت منذ سبتمبر 2022، على أثر تصدّي رجال الأمن لعشرات الآلاف من المحتجين بلغت أعداد المعتقلين منهم أرقامًا غير مسبوقة، وصلت إلى 14 ألف إيراني بحسب تقديرات دولية.
وطالت قبضة الاعتقال كثيرًا من فئات المجتمع مثل الفنانين منهم مغني الراب توماج صالحي، الذي اعتُقل في أكتوبر 2022 بسبب مشاركته في التظاهرات وتأييده لها في أغانيه فقبض عليه وأدين بتهمة "الإفساد في الأرض والدعاية ضد النظام" وحُكم عليه بالإعدام ثم ألغي الحُكم لاحقًا.
فنانون آخرون مرّوا بنفس السيناريو مثل الممثلة ترانه عليدوستي التي جرى احتجازها لعدة أيام بتهمة "نشر محتوى تحريضي"، الأمر نفسه تكرّر مع الممثلتين عنغامه قاضياني وكتايون رياحي والمغنيين مهدي يراحي وسامان سيدي.
موجة القمع تلك لم ترحم الجامعات التي شهدت طرد ما لا يقل عن 29 أستاذَا جامعيًا بسبب انتقاداتهم لسياسات الحكومة، فيما واجه 161 طالبًا على الأقل إجراءات تأديبية على وقع مشاركتهم في هذه المظاهرات مثلما جرى مع ضياء نبوي وهاستي أميري، اللذين حُكم عليهما بالسجن لمدة عام بتهمة "الدعاية ضد الدولة".
بجانب ذلك، لُوحق 55 محامياً وقّعوا على بيانٍ يُعربون فيه عن استعدادهم لتقديم المساعدة القانونية لأسرة أميني، على رأسهم محمد صالح نيكبخت محامي الأسرة، الذي مثل أمام محكمة ثورية في طهران بتهمة "الدعاية ضد الدولة"، بحسب ما أعلنته شبكة حقوق الإنسان في كردستان.
وبحسب بحث "ملاحظات إيران: المجتمع المدني تحت الهجوم"، فإن المحامين الإيرانيين يعانون من عدم استقلال نقابة المحامين وعدم قُدرتهم على القيام بمهامهم بشكلٍ حر ومستقل، الأمر الذي يضعهم أيضًا في مرمى بطش أجهزة الأمن ليس مع موجة الاحتجاجات الأخيرة وحسب، وإنما شهدت السنوات الأخيرة عشرات الحالات التي تعرّض فيها محامون للسجن بسبب أداء عملهم مثل محمد سيف زاده ومحمد علي دادخواه وعبدالفتاح سلطاني ومحمد نجفي ونسرين ستوده وأميرسالا داوودي وآخرين.
وفي إطار تحدّي طهران لموجة "احتجاجات مهسا أميني"، أقرّ البرلمان الإيراني مشروعًا جديدًا يحمل اسم "حماية الأسرة من خلال تعزيز ثقافة الحجاب والعفة"، غلّظت مواده العقوبات المفروضة على غير المحجبات عبر فرض المزيد من الغرامات عليهن ولسجن كل مَن يعارض هذه اللوائح، بجانب ذلك تقرر فرض قيود على فرص العمل والتعليم في حالة انتهاك الحجاب.
بيمين: النظام الإيراني أصيب بـ"هوس الحجاب"حتى أن التلفزيون الإيراني بات يعرض صور النساء وهن مرتديات الحجاب حتى في مشاهد يمثلن فيها داخل منازلهن
بحسب زاده، فإن النظام الإيراني يعتبر أن الحجاب الإلزامي ركيزة لـ"سياساته الإسلامية"، كما أنه يعتبر أن تخليه عن التمسك بتطبيقه سيؤدي إلى تفكك الجمهورية الإسلامية لذا فإنه حريص على التمسك بفرض الحجاب الإلزامي مهما كان الثمن.
في حديثه لموقع "الحرة"، اعتبر بيمين أن النظام الإيراني أصيب بـ"هوس الحجاب" حتى أن التلفزيون الإيراني بات يعرض صور النساء وهن مرتديات الحجاب حتى في مشاهد يمثلن فيها داخل منازلهن مع أزواجهن وهو ما لا تفعله أي دولة إسلامية أخرى بما فيها السعودية.
من جانبه، اعتبر لوب أن مثل هذه القضية تثير قلق المحافظين أكثر من الإصلاحيين معتبرًا هذا التباين علامة على أن النظام الإيراني ليس متجانسًا بشأن هذه النقطة.
وأضاف بيمين بُعدًا اجتماعيًا لـ"أزمة الحجاب"، قائلاً إن الجميع يعلم أن تنفيذ تعليمات الحجاب لا تسري على الجميع؛ فالنساء من الطبقة الثرية في شمال طهران يرتدين غطاء رأس فضفاضًا يُظهر كل شعرهن تقريبًا أو يسمحن لشعورهن بالانسدال من أسفل الحجاب فوق ظهورهن، لذا فإن مهاجمة رجال شرطة لمرأة "عادية" بالشارع بسبب حجابها يكون "تمييز مستهدف" وهو أمر يثير الإيرانيون وعادةً ما يدفعهم لتدبير احتجاجات عالية الصوت.
من يُنقذ الإيرانيين؟
بحسب لوب، فإنه في بعض الأحيان أصدرت الأمم المتحدة قرارات تنتقد سجل إيران في حقوق الإنسان كما أخضعتها لعقوبات لنفس السبب.
وخلال قمع الاحتجاجات، عادة ما تستغل طهران مزاعم دعم دول غربية للمعارضين، للتأكيد على أن الحراك جزء من مؤامرة أجنبية للإطاحة بالنظام.
إيران ضمن أسوأ بلدان العالم في حرية الصحافة
وهو الأمر ذاته الذي أكد عليه بيمين حين قال إن "طهران عادًة ما تنجح في استخدام فزاعة التدخل الأجنبي للإطاحة بالحكومة وتقويض الثورة"، وهو أمر يثير حفيظة الإيرانيين بسبب "تاريخهم الطويل" مع مثل هذه التجارب.
"الدول الغربية لا تستطيع أن تفعل الكثير من أجل تحسين الأوضاع في إيران بشكلٍ مباشر"، هكذا تحدث بيمين عن ضآلة حجم الدور الذي يُمكن أن يلعبه المجتمع الدولي لدعم الإيرانيين.
من جانبه، أوضح زاده أن المعارضة الإيرانية غير منظمة وتتألف من جماعات متباينة ولا يتبنون نفس النهج السياسي، بل إنهم يختلفون حتى في الدور الذي يُمكن يلعبه الغرب في المسألة الإيرانية.
في مثل هذه الأحوال، فإن قُدرات المنظمات الدولية على ممارسة أي سُلطة على الشؤون الداخلية لأي دولة هو أمر "محدود للغاية"، لذا فإن أي تغيير سيحدث في إيران يجب أن يكون محليًا بالكامل وغير مرتبط بأي قوة أجنبية حتى يتسنى له النجاة وهذه مهمة شاقة للغاية.
هذا الطرح، خالفه زاده بعدما أكد أن الأمم المتحدة تستطيع أن تلعب دورًا أكبر في مقاضاة النظام الإيراني وجرائمه ضد الإنسانية، ضاربًا المثل بالمحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع السابق يواف غالانت بدعوى "ارتكاب جرائم حرب خلال الحرب في غزة".
وأضاف "أتساءل لماذا لم تقم المحكمة الجنائية الدولية بنفس الدور ضد السلطات الإيرانية في ضوء الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها ضد شعبها؟".
هذا السؤال حاول لوب الإجابة عنه في ختام حديثه لموقع "الحرة"، حين أكد أنه رغم تعدد المؤسسات الدولية المفترض بها محاسبة إيران على انتهاكاتها مثل مجلس الأمن ومنظمة العفو الدولية ومحكمة العدل الدولية وغيرها، فإنها تفتر إلى "آلية إنفاذ" تتيح لها التدخل في مثل هذه الأمور بسبب تعارضها مع مبدأ السيادة الوطنية،، بجانب ذلك فإن طهران في هذه المحافل تتلقى دعمًا كبيرًا من حلفائها التي عادةً ما تكون دول استبدادية أخرى لا تحترم حقوق الإنسان هي أيضًا.