الأردن-سياحة
أثرت الحرب بين إسرائيل وحماس على جميع القطاعات المرتبطة بالسياحة والسفر (تعبيرية)

كبحت الحرب الجديدة بين إسرائيل وحماس، الآمال في تعافي قطاع السياحة في المنطقة، بعد التراجع الرهيب الذي عرفه خلال فترة جائحة فيروس كورونا المستجد.

وقال تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إن الحرب الجديدة بين إسرائيل وغزة، التي هددت أمن واستقرار المنطقة بأكملها، أثرت على قطاع السياحة في دول عديدة رائدة في المجال، لا سيما مصر والأردن.

وترى الصحيفة أن تراجع عدد السياح "يشكل تهديدا كبيرا لاقتصادات مصر والأردن ودول أخرى تعتمد بشكل كبير على السياحة، وقد أدى بسرعة إلى عكس الوتيرة المرتفعة التي عرفتها تلك الوجهات العام الماضي.

وأثرت الحرب على جميع القطاعات المرتبطة بالسياحة والسفر، حيث قلصت شركات السفر الدولية رحلاتها أو أجّلتها. 

وأعادت خطوط الرحلات البحرية نشر السفن، بينما خفضت شركات الطيران خدماتها بشكل كبير في المنطقة. 

وشعر العديد من المسافرين، الذين استجابوا لتحذيرات حكوماتهم ومخاوفها، بالقلق بشأن زيارة المنطقة، ما أدى إلى حملة واسعة من إلغاء الرحلات.

ويخشى منظمو الرحلات السياحية المحليون من أن يكون تأثير "حرب طويلة الأمد في المنطقة" أكثر ضررا بمستقبل القطاع.

وفي حين تستمر الهدنة بين حماس وإسرائيل ليومها السابع لا تزال هناك خشية من استئناف الحرب التي بدأت بهجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، قبل أن تبدأ إسرائيل في قصف للقطاع دام نحو 49 يوما.

وجهات سياحية فارغة

قال خالد إبراهيم، المستشار في شركة "أميسول ترافيل مصر" للصحيفة "نأمل جميعا ألا تتصاعد هذه الحرب وتحطم الآمال التي كان العرب والإسرائيليون على حد سواء يتمسكون بها". 

وقال إن "أميسول ترافيل" لم تتلق سوى 40 إلى 50 بالمائة من حجوزاتها النموذجية للأشهر بين فبراير وسبتمبر 2024.

من جانبه، يعتقد حسين عبد الله، المدير العام لشركة "لبنان للسياحة والسفر"، أن "لبنان كله آمن بنسبة 100 بالمائة"، لكنه قال إنه لم يتلق حجزا واحدا منذ بدء الحرب، مما أنهى "عامًا جيدًا للغاية" قبل الأوان. 

وأضاف أن المواقع السياحية مثل مغارة جعيتا ومعابد بعلبك المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، والتي تستقبل عادة آلاف الزوار يوميا، أصبحت فارغة الآن.

وقال أوليفييه بونتي، نائب رئيس شركة "فوروورد كيز"، وهي شركة لتحليل البيانات تتعقب حجوزات السفر الجوية العالمية "إن الطلب في معظم دول الشرق الأوسط يتدهور". 

وفي الأسابيع الثلاثة التي تلت 7 أكتوبر، انخفضت حجوزات الطيران إلى الشرق الأوسط بنسبة 26 بالمائة مقارنة بالحجوزات في نفس الفترة من عام 2019. 

وانخفضت التذاكر القادمة إلى إسرائيل إلى أقل من سالب 100 بالمائة، مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2019، حيث تجاوزت عمليات الإلغاء عدد التذاكر الجديدة الصادرة.

وقال بونتي إن الصراع بين إسرائيل وحماس "أضعف ثقة المستهلك في السفر إلى أماكن أخرى". 

ووفقًا لتحليل "فوروورد كيز"، تراجعت حجوزات الطيران إلى جميع مناطق العالم، حيث انخفضت بنسبة 5% في الأسابيع التي تلت الحرب مباشرة، مقارنة بالأسابيع المقابلة من عام 2019.

وجاءت الحرب في وقت كانت فيه السياحة في الشرق الأوسط تشهد ارتفاعا قويا منذ انتهاء وباء كورونا. 

وفي الفترة من يناير إلى يوليو من هذا العام، كان عدد الزوار الوافدين إلى الشرق الأوسط أعلى بنسبة 20% من نفس الفترة من عام 2019، مما جعلها المنطقة الوحيدة في العالم التي تجاوزت مستويات ما قبل الوباء، وفقًا لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.

وقبل أسبوع واحد فقط من الحرب، قال أحمد عيسى، كبير مسؤولي السياحة في مصر، لوكالة أسوشيتد برس إن هناك "طلبًا غير مسبوق على السفر إلى مصر"، حيث زارها حوالي 10 ملايين شخص في النصف الأول من هذا العام. 

وكانت الحكومة المصرية، التي تأمل في تسجيل رقم قياسي يبلغ 15 مليون زائر في عام 2023، تسعى إلى زيادة عدد غرف الفنادق ومقاعد الطائرات المتاحة، في إطار الجهود الرامية إلى تشجيع زيادة الاستثمار الخاص في السياحة.

يذكر أن الحكومتان الأميركية والكندية، على سبيل المثال، لا تشجعان السفر إلى إسرائيل ومصر ولبنان. 

وكانت وزارة الخارجية الأميركية المواطنين الأميركيين، أوصت مواطنيها بمغادرة لبنان بينما لا تزال الرحلات الجوية متاحة. 

أما بالنسبة للأردن، تنصح كل من الولايات المتحدة وكندا الزوار بتوخي المزيد من الحذر.

في غضون ذلك، تراجعت الرحلات الجوية إلى إسرائيل بأكثر من النصف، مع ما يزيد قليلاً عن ألفي رحلة جوية مقررة هذا الشهر مقارنة بحوالي 5000 رحلة خلال نوفمبر 2022، وفقًا لبيانات من شركة "سيريوم" لتحليلات الطيران. 

ولم تستأنف شركات الطيران الأميركية الكبرى، التي علقت رحلاتها المنتظمة إلى المطار الرئيسي في إسرائيل بعد وقت قصير من بدء الحرب.

ولبنان ومصر والأردن، التي هي من الدول الأقرب جغرافيا إلى الصراع، تعتمد بشكل كبير على السياحة. 

ويساهم القطاع بما يتراوح بين 12 و26 في المائة من إجمالي الأرباح من الخارج لهذه الدول الثلاث، وفقا لتقرير حديث صادر عن مؤسسة S&P Global Ratings، وهي مؤسسة دولية للتصنيف الائتماني.

ووفقا للتقرير الذي نُشر في 6 نوفمبر، فإن "هذه البلدان، المجاورة المباشرة لإسرائيل وغزة، أكثر عرضة لتباطؤ السياحة، نظراً للمخاوف بشأن المخاطر الأمنية المرتطبة بالصراع".

وجاء في التقرير أن "الأزمة في غزة أو التصعيد الخطير في الضفة الغربية يمكن أن يؤدي إلى موجة جديدة من اللاجئين التي من شأنها أن تثقل كاهل الاقتصادات في المنطقة".

صورة إرشيفية لعائلة سورية نزحت إلى العراق واستقرت في مخيم للاجئين
صورة إرشيفية لعائلة سورية نزحت إلى العراق واستقرت في مخيم للاجئين

زكريا محمد، مثل العديد من السوريين، فر من بلده بحثا عن الأمان. ورغم التوقعات الكبيرة التي كان يحلم بها في العراق، إلا أن الواقع الصعب فاقم من معاناته وأدى إلى تحطم آماله.

ورغم سقوط نظام بشار الأسد، فإن الوضع الراهن في سوريا، خاصة في شمال شرق البلاد، لا يزال غير مستقر. والعودة ليست آمنة في نظر البعض.

ويعيش السوريون الآن بين المطرقة والسندان، بحسب محمد الذي قال: "إما العودة إلى وطن غير مستقر سياسيا واقتصاديا وأمنيا، أو البقاء في بيئة لا تضمن لنا حقوقا أساسية أو استقرارا قانونيا".

محمد (42 عامًا) هو طالب لجوء سوري وناشط، من مواليد مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا. 

دفعت الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية محمد كغيره إلى البحث عن ملاذ آمن، ليترك في عام 2013 مدينته ويهرب مع عائلته إلى إقليم كردستان العراق.

لم يكن يعتقد يومًا أنه سيغادر مدينته التي تحمل ذكريات طفولته، ولكن الظروف القاسية أجبرته على ذلك من أجل ضمان سلامة عائلته وحمايتها من المخاطر المتزايدة.

واليوم يعيش محمد وغيره السؤال الأصعب: هل نعود بعد أن سقط الأسد؟

 يقول محمد إن الاقتصاد السوري منهار، "ولا توجد فرص عمل ولا خدمات أساسية مثل الكهرباء، الغاز، والوقود، فضلًا عن غياب التعليم والبنية التحتية".

هذه العوامل تجعل العودة خيارا محفوفا بالمخاطر، أما البقاء في شمال لعراق، فيعني حياة ليست سهلة، ويضطر اللاجئ إلى العمل بأقصى طاقته لتأمين قوت يومه "من دون أي امتيازات قانونية أو حقوق تجعلنا نشعر بالأمان".

وتزايدت المخاوف بشأن تقارير تتحدث عن ضغوط أو ترتيبات "خلف الكواليس" لإجبار اللاجئين على العودة إلى سوريا بعد سقوط الأسد.

 وفي ظل عدم استقرار الوضع هناك، يشعر محمد أن السوريون قد يجبرون على خيار لا يلبي الحد الأدنى من معايير الأمان والكرامة.

هذه الأسباب كانت السبب في ازدياد المطالبات مؤخرا من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بإعادة فتح ملفات اللاجئين السوريين في إقليم كردستان العراق، ومنحهم صفة "لاجئ" بدلًا من "طالب لجوء".

هذه الخطوة، يقول زكريا محمد، ستفتح لهم آفاقًا جديدة نحو الاستقرار والحصول على حقوقهم بما في ذلك فرص إعادة التوطين.

ومن بين المناشدات الأخرى، تسهيل إجراءات الإقامة وتجديدها، وزيادة أعداد ملفات إعادة التوطين، وإنشاء برامج تدعم اللاجئين في التعليم والعمل والرعاية الصحية.

الأهم من هذا كله، بحسب محمد، "وجود ضمانات أن تكون أي خطة لإعادة اللاجئين طوعية، مع توفير الضمانات الأمنية والمعيشية في بلدهم الأصلي" وفق قوله.

سوريات في القاهرة - أرشيفية (رويترز)
"في مواجهة المجهول".. السوريون في مصر بعد سقوط الأسد
تشعر سلام بأنها حبيسة داخل العاصمة المصرية القاهرة، إذ تخشى طوال الوقت المرور على أي من الأكمنة الأمنية على الطرق منذ إتمام دراستها في مصر التي كانت قد حصلت بموجبها على الإقامة في البلاد منذ قدومها من سوريا، لكنها يحدوها الأمل من تبني مصر قانونا جديدا بشأن اللجوء.

أكثر من 300 ألف سوري يعيش معظمهم في المخيمات

محمد شريف رئيس منظمة "هيتما" السورية للتنمية الثقافية والاجتماعية، مقرها في مدينة أربيل شمال العراق، يقول إن هناك نحو 300 ألف سوري لجأوا الى العراق منذ عام 2011 معظمهم في إقليم كردستان.

قسم كبير من هؤلاء يعيشون في مخيمات خصصت لهم في أربيل، حيث هناك 4 مخيمات، ومخيمين في دهوك ومخيم آخر في السليمانية، والآخرون تمكنوا من الحصول على سكن والعيش داخل المدينة.

يقول شريف للحرة إن وضع السوريين في البداية كان جيدا مقارنة بأقرانهم الآخرين في دول الجوار، لكن الظروف التي مر بها العراق من الحرب ضد داعش عام 2014 وجائحة كورونا وقلة فرص العمل بسبب الأزمة الاقتصاية في الإقليم، "كلها أمور أثرت سلبا على حياتنا".

وضع اللاجئين سواء كانوا في المخيمات أو في المدينة هو واحد، فلا توجد مساعدات تقدم للاجئين في المخيمات، عدا السكن المجاني، والآخرون الذين يعيشون في المدن ترهقهم أجور السكن.

ويضيف شريف، أن "غياب فرص العمل هو أبرز تحدي يواجه السوريين ويسبب مشاكل اقتصادية فاقمت من ظروفهم الإنسانية".

ضبابية المشهد تزيد من مخاوف العودة

استبشر السوريون خيرا بسقوط نظام بشار الأسد لكن المشهد في بلدهم ما زال ضبابيا ومستقبلهم ما زال مجهولا.

المصير المجهول، بحسب شريف هو أبرز مخاوف اللاجئين، إذ يقول إن البلد انتقل من نظام دكتاتوري إلى آخر "شبه دكتاتوري أو أكثر دكتاوتورية" من النظام السابق.

الجميع يرغب في العودة حال استقر البلد ووضحت ملامح الدولة، لكن المصير المجهول والدمار الواسع أمور تجعل من الصعب للاجئ السوري أن يعود حاليا، ويضيف شريف "نحن لا نرغب في البقاء في دول النزوح والمهجر ومستعدون للعودة لكن شريطة أن تتوفر ظروف العيش الطبيعية"

بعد سقوط نظام الأسد، شهدت حدود العراق الشمالية عودة سوريين إلى بلدهم، لكن بحسب محمد شريف، فأن هذه العودة "محدودة وحالات فردية تقتصر على بعض الشباب".

بلا وثائق.. ومخاوف من ترحيل قسري

في يونيو 2024، وثقت منظمة مراقبة هيومن رايتس ووتش" قيام السلطتين الاتحادية في بغداد، وإقليم كردستان في أربيل باعتقال وترحيل اللاجئين السوريين بشكل تعسفي إلى بلادهم.

وقالت المنظمة آنذاك إنها وثقت حالات ترحيل سوريين على الرغم من أن لديهم إقامة قانونية أو أنهم مسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وقالت إن سوريين تم اعتقالهم خلال مداهمات على أماكن عملهم أو في الشوارع، وحتى في مكاتب الإقامة أثناء محاولتهم تجديد تصاريحهم.

ومعظم السوريين في العراق هم طالبوا لجوء وليسوا لاجئين رسميين.

ويقول محمد شريف إن هؤلاء لا يحملون أي وثائق سورية، فقط هوية تصدرها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين توفر الحماية لهم، فضلا عن الإقامة السنوية التي تسمح لهم البقاء في إقليم كردستان.

ولا يملك طالبوا اللجوء أي حقوق أو توفر لهم أي امتيازات، ويضيف شريف أن طالب اللجوء محروم من حق الهجرة أو إعادة التوطين في بلد ثالث.

 وطالب اللجوء برأيه، "لا يملك أي حقوق سوى الإقامة في الإقليم والحصول على الحماية ولا يسمح له حتى السفر إلى مناطق أخرى داخل العراق بحثا عن لقمة العيش وتحسين وضعه المادي".

مشكلة عودة السوريين، يقول شريف، مربوطة أيضا بعدم امتلاك العديد منهم أي وثائق سورية بعد أن تضطروا الى ترك كل شيء خلفهم، مشيرا إلى أن جميع الأطفال الذين ولدوا في العراق أو نشأوا هناك هم أيضا "من دون هويات".

طالب اللجوء لا تحميه القوانين المحلية ولا يستطيع المطالبة الدفاع عن حقوقه في حال تعرض إلى أي انتهاك من قبل رب العمل مثل قطع الراتب من دون سبب. 

ويضيف محمد شريف أن القوانين الدولية تمنع إعادة اللاجئين قسرا إلى مناطقهم الأصلية حتى بعد زوال السبب (سقوط نظام الأسد في هذه الحالة).

لافتة مكتوب عليها "المغادرة إلى سوريا" عند معبر المصنع الحدودي مع لبنان (رويترز)
ماذا عن "الأسماء الكبيرة"؟.. جدل بعد تسليم لبنان العشرات لسلطات سوريا الجديدة
عشرات السوريين عمد لبنان لتسليمهم إلى لسلطات الجديدة في دمشق، بينهم ضباط في جيش نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.. خطوة جاءت في الوقت الذي لا تزال عمليات البحث مستمرة عن "الأسماء الكبيرة" التي فرّت من سوريا مع سقوط النظام، والتي أشارت تقارير إلى أن هروبها تم عبر الأراضي اللبنانية، وسط دعوات لمحاسبتها.

سقوط الأسد .. زال المانع ويعود الممنوع

الخبير القانوني علي التميمي قال من جهته لـ "الحرة" إن اتفاقية جنيف 1951، وبروتوكولها لعام 1967، نظمت منح اللجوء الإنساني والسياسي، وإن العراق طرف في اتفاقية اللجوء الدولية لعام 1961 ووقع عليها عام 1975.

يضيف التميمي، أن بعض الدول سيما تلك التي تستقبل أعدادا كبيرة من اللاجئين إلى قاعدة "بزوال المانع .. يعود الممنوع" لإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية بعد زوال سبب اللجوء، سواء كان اضطهادا أو حربا أو قمعا أو خوفا أو عدم استقرار أمني.

أيضا بعض الدول تلجأ إلى إعادة اللاجئين لأسباب أخرى منها ان هذا الوجود يثقل الكاهل، حسب تعبيره.

ويرى التميمي أن حالات العودة التي جرت في بعض الدول حاليا لم تكن قسرية، وأنه مع غياب مقومات العيش الكريم وغياب الأمن والاستقرار في سوريا.

ومن الصعب، بحسب التميمي، أن يجبر السوريون على العودة، مشيرا إلى أن الدستور العراقي مثلا يمنع تسليم اللاجئ السياسي أو الإنساني إلى بلده الأصلي.

لكن القصة تختلف مع طالب اللجوء، إذ يقول التميمي إن هذا الشخص حسب القوانين المحلية هو "مقيم" وتسري عليه قانون الإقامة.

ويضيف أن السلطات المحلية تملك صلاحية تجديد الإقامة من عدمه، بحسب "تقديرات السلطات ووضع البلد المضيف".

وتجديد الإقامة للسوريين يعتمد على تقدير السلطات العراقية للأوضاع في سوريا ومدى استقرار البلد سياسيا واقتصاديا وأمنيا.

ويقول التميمي، إن عدم امتلاك السوريين لوثائق رسمية من بلدهم "سيعقد موضوع تجديد الإقامة وقد يستخدم عذرا لترحيلهم".

وتقول المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إن طالب اللجوء هو شخص يتقدم (أو يستعد للتقدم) بطلب للحصول على صفة اللجوء في بلد آخر طلباً للحماية الدولية، لكنه لم يتم بعد البت بشكل نهائي بشأن الحاجة للحماية لهؤلاء الأشخاص.

 وفي حين أنه لن يتم الاعتراف بكل طالب للجوء على أنه لاجئ في نهاية المطاف، إلا أنه لا يجوز إعادة طالب اللجوء إلى بلده الأصلي في انتظار صدور قرار نهائي.

وبحسب الأمم المتحدة، يستضيف العراق أكثر من 327000 لاجئ وطالب لجوء، 90% منهم من السوريين ويعيشون في إقليم كردستان العراق.

يعيش أكثر من 70% من اللاجئين في المناطق الحضرية، بينما يقيم 30% في تسعة مخيمات للاجئين في إقليم كردستان. ويشكل الأطفال تحت سن 18 عامًا 41% من اللاجئين.

وبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بلغ العدد الاجمالي للسوريين اللاجئين في العراق حتى نهاية العام الماضي أكثر من 303500 شخص.

لا حقوق ولا امتيازات

معظم السوريين الذين يقيمون في شمال العراق هم طالبوا لجوء ولكن ليسوا لاجئين .. والفرق كبير بينهما!

فطالب اللجوء، هو شخص غادر بلده بسبب الاضطهاد أو الحرب أو العنف، وتقدم بطلب للحماية الدولية في بلد آخر. وطلبه قيد الدراسة، ولم يُمنح بعد صفة “لاجئ”.

خلال هذه الفترة، قد يواجه هذا الشخص قيودًا قانونية واجتماعية كبيرة، وقد يُحرم من حقوق مثل العمل، والتعليم، أو التنقل بحرية.

أما اللاجئون السوريون في العراق، بحسب زكريا محمد، فقد تم الاعتراف بهم رسميًا من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ويتمتعون بحقوق قانونية، منها العمل والتعليم والرعاية الصحية، وحتى إعادة التوطين في بلد ثالث بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951.

يقول محمد "منذ وصولنا عام 2013، نحن مسجلون كطالبي لجوء ولم نحصل بعد على صفة لاجئ، وهذا يحرمنا من العديد من الحقوق، مثل إعادة التوطين أو الوصول إلى استقرار قانوني يضمن لنا حياة كريمة".

عشرات الآلاف من السوريين وبسبب هذه الصفة القانونية، لا يتمتعون بأي امتيازات حقيقية. 

ويذكر محمد أن هناك مضايقات تعيق حصول طالبي اللجوء على فرص العمل، وحتى التنقل والسفر إلى محافظات عراقية أخرى يتطلب ضمانات وشروطًا معقدة.

بيروقراطية وعراقيل تجديد الإقامة

الإجراءات البيروقراطية المعقدة المتعلقة بتجديد الإقامات السنوية تشكل عبئا آخر على اللاجئين. 

ويقول اللاجئ زكريا محمد إن معاملات إعادة التوطين الخاصة بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين "محدودة جدًا مقارنة بعدد اللاجئين الموجودين في الإقليم" وإن هذا الموضوع يجعل قائمة الانتظار طويلة ويزيد من حالة عدم اليقين بشأن مستقبلهم.

وتحدث محمد عن وقوع حالات عدم تجديد للإقامة، وترحيل البعض بسبب انتهاء صلاحية إقاماتهم أو لعدم قدرتهم على تحمل التكاليف المالية.

وأضاف أنه في الأشهر الأخيرة، تم منع بعض السوريين من الحصول على تأشيرات جديدة، وأن نظام الإقامات أصبح أكثر صعوبة.

ويذكر محمد "حُددت مدة الإقامة بـ6 أشهر بدلًا من سنة، مع شروط تتطلب كفالات وضمانات اجتماعية، مما زاد من الأعباء المالية ومنع البعض من التجديد".

ورغم استضافة إقليم كردستان العراق لعدد كبير من اللاجئين السوريين منذ سنوات، لكن محمد يذكر أن وضعهم الإنساني صعب للغاية وحقوقهم "مهضومة على عدة مستويات".

من هذه المشاكل، يضيف محمد، نقص تمويل ودعم برامج تعليم الأطفال اللاجئين، والرعاية الصحية محدودة ومكلفة، والقيود القانونية التي تعيق حصولهم على فرص العمل.