أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، السبت، رفضه السيادة الفلسطينية على قطاع غزة، وذلك بعد أيام أثار فيها تساؤلات بشأن موقفه من إقامة دولة فلسطينية، في حين شددت الأمم المتحدة على أهمية حل الدولتين لإحلال السلام والأمن بالمنطقة والعالم بأسره.
وعبر نتانياهو عن رفضه منح الفلسطينيين السيادة على قطاع غزة لضمان ألا يشكل الأخير "بعد الآن تهديدا لإسرائيل" فيما احتدم القتال في غزة في اليوم السادس بعد المئة من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
وقال مكتب نتانياهو في بيان السبت: "في محادثته مع الرئيس الأميركي جو بايدن، أكد رئيس الوزراء نتانياهو مجددا سياسته المتمثلة في أنه بعد تدمير حماس، يجب على إسرائيل أن تحتفظ بالسيطرة الأمنية على غزة لضمان ألا تشكل غزة بعد الآن تهديدا لإسرائيل، وهو شرط يتعارض مع مطلب السيادة الفلسطينية".
לא אתפשר על שליטה ביטחונית ישראלית מלאה על כל השטח ממערב לירדן - וזה מנוגד למדינה פלסטינית.
— Benjamin Netanyahu - בנימין נתניהו (@netanyahu) January 20, 2024
وكان نتانياهو أكد، الخميس، رفضه إقامة دولة فلسطينية في أي سيناريو لما بعد الحرب في غزة، ما أثار تساؤلات بما حصل، ليعود ويوضح للرئيس الأميركي، جو بايدن، ما قصده، في اتصال هاتفي بينهما، بحسب ما ذكرته شبكة "سي إن إن".
وذكر نتانياهو، في مؤتمر صحفي، أنه أبلغ واشنطن بمعارضته لأي دولة فلسطينية لا تضمن أمن إسرائيل، وقال "يجب أن يكون لإسرائيل سيطرة أمنية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن. وهذا شرط ضروري".
وأعاد تكرار تصريحاته في تغريدة، السبت، عبر إكس قال فيها: "لن أتنازل عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على المنطقة الواقعة غرب الأردن".
من جهته، قال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، السبت، إنه "يوجد إجماع واسع في إسرائيل ضد الدولة الفلسطينية وتقسيم البلاد"، وفق ما نقله مراسل الحرة.
وأشار سموتريتش إلى أنه "على أصدقاء إسرائيل أن يفهموا أن الدفع باتجاه إقامة دولة فلسطينية هو دفع باتجاه المذبحة المقبلة، ولخطر وجودي على دولة إسرائيل".
وأضاف أنه "يتعين على البيت الأبيض أن يتحرر من المفاهيم التي أدت إلى الكارثة الوطنية في إسرائيل".
وأبدى بايدن بعد مكالمته مع نتانياهو، الجمعة، تمسكه بحل الدولتين موضحا "هناك عدد من الأنواع لحلول الدولتين. ثمة عدد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.. ليس لديها جيوش".
وكثف الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في قطاع غزة السبت، حيث قتل حوالي 25 ألف شخص منذ بداية الحرب حسبما أفادت آخر حصيلة صادرة عن وزارة الصحة التابعة لحماس، في الوقت الذي تصاعدت التوترات في سوريا مع مقتل خمسة مستشارين في الحرس الثوري الإيراني في ضربة نسبها الحرس إلى إسرائيل.
غوتيريش يدعو للاعتراف بحق بناء الشعب الفلسطيني في بناء دولته
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، السبت، خلال قمة حركة عدم الانحياز في أوغندا أن "الجميع يجب أن يعترف بحق الشعب الفلسطيني في بناء دولته" وأن أي "إنكار" لهذا الحق "غير مقبول".
وقال غوتيريش إن "رفض قبول حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك إنكار حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة، أمر غير مقبول"، مضيفا "هذا من شأنه أن يطيل إلى أجل غير مسمى أمد نزاع أصبح تهديدا كبيرا للسلم والأمن العالميين، ما يؤدي إلى تفاقم الاستقطاب وتشجيع المتطرفين في جميع أنحاء العالم".
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على "وجوب اعتراف الجميع بحق الشعب الفلسطيني في بناء دولته".
واستنكرت منظمة الصحة العالمية "ظروف الحياة غير الإنسانية" في القطاع الساحلي الصغير الذي يفتقر سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة إلى أساسيات العيش.
وكرر غوتيريش دعوته إلى "وقف إنساني فوري لإطلاق النار" في غزة.
في بيانها الختامي، دانت حركة عدم الانحياز "بشدة العدوان العسكري الإسرائيلي غير القانوني على قطاع غزة"، داعية إلى "وقف إنساني دائم لإطلاق النار".
كما دعت الدول إلى "استقلال وسيادة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية لتحقيق حل الدولتين".
تأسست حركة عدم الانحياز عام 1961 لإعلاء صوت الدول الساعية للنأي بنفسها آنذاك من الصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.
تشريد أكثر من 80% من السكان
في قطاع غزة، أفاد مراسل وكالة فرانس برس عن قصف مدفعي وغارات جوية إسرائيلية مكثفة خصوصا في مدينة خان يونس التي باتت الساحة الجديدة للقتال البري والغارات الجوية، بعدما تركزت المرحلة الأولى من الحرب في شمال القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته، مدعومة بإسناد جوي وبحري، تقوم بتدمير "البنية التحتية" للفصائل الفلسطينية في جميع أنحاء القطاع، كما استهدفت منصات إطلاق صواريخ في خان يونس.
يأتي ذلك فيما أفادت حركة حماس عن معارك عنيفة في شمال القطاع المحاصر والمدمر. وبحسب الحركة، فقد قتل 165 شخصا في الساعات الـ24 الأخيرة، فيما أصيب 62388 شخصا بجروح منذ بداية الحرب.
واندلعت الحرب التي دمرت قطاع غزة وشردت أكثر من 80 في المئة من سكانه، إثر شن حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر أسفر عن مقتل 1200 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية.
كذلك، احتجز خلال الهجوم نحو 250 شخصا رهائن ونقلوا إلى غزة، وأطلِق سراح زهاء 100 منهم خلال هدنة في نهاية نوفمبر. ووفق إسرائيل، لا يزال 132 منهم في غزّة، ويُعتقد أنّ 27 منهم لقوا حتفهم.
السبت، ألقى الجيش الإسرائيلي على مدينة رفح التي يتجمع فيها عشرات آلاف النازحين بمناشير تظهر صور الرهائن وتدعو السكان إلى مشاركة أي معلومات قد يملكونها عنهم.
وردا على هجوم حماس، تعهّدت إسرائيل القضاء على الحركة التي تحكم غزة منذ 2007. ووفق وزارة الصحة التابعة لحماس، قتل حتى الآن في الغارات الإسرائيلية 24927 شخصا، غالبيتهم من النساء والأطفال.
"في جحيم"
وأعربت منظمة الصحة العالمية عن أسفها لـ"ظروف الحياة غير الإنسانية" في القطاع الساحلي الصغير الذي يفتقر سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة إلى كل شيء، بما في ذلك الاتصالات.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا" إن 375 ألف شخص مهددون بـ"سوء تغذية حاد" في قطاع غزة.
ونزح ما لا يقل عن 1.7 مليون شخص بسبب الحرب في غزة، بحسب أرقام جديدة صادرة عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أعلنت الجمعة أن نحو 20 ألف طفل ولدوا "في جحيم" الحرب منذ 7 أكتوبر في "ظروف لا يمكن تصورها، بينما عبرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة عن قلقها بشأن عدد "النساء والأطفال" القتلى، محذرة من صدمة "على مدى أجيال".
في الضفة الغربية المحتلة، شيع فلسطينيون السبت الفتى توفيق عبدالجبار (17 عاما) الذي يحمل أيضا الجنسية الأميركية وقتل بنيران إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة حيث تصاعد العنف منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس.
من جهته قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي الجمعة إنه "في وقت سابق تلقينا تقارير تفيد بأن شرطيا خارج الخدمة ومدنيا فتحا النار باتجاه فلسطيني يشتبه في إقدامه على رشق حجارة في المزرعة الشرقية. وكان جندي إسرائيلي موجودا في المكان"، مشيرا إلى أن تحقيقا قد فتح في هذه الواقعة.
"الزمان والمكان المناسبان"
ومع دخول الحرب شهرها الرابع، تبرز الخشية من اتساع نطاقها وسط تبادل يومي لإطلاق النار على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وزيادة هجمات الحوثيين ضد سفن تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن وتكثيف الضربات الأميركيّة ضدّ مواقع لهم في اليمن.
وقتل خمسة مستشارين في الحرس الثوري الإيراني السبت في ضربة إسرائيلية دمرت مبنى بكامله في العاصمة السورية فيما توعدت طهران بالرد "في الزمان والمكان المناسبين".
وأسفرت الضربة عن مقتل عشرة أشخاص، بينهم الإيرانيون، وفق ما أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقد استهدفت حي المزة في غرب دمشق حيث تقع عدة مقرات أمنية وعسكرية سورية، وأخرى لقيادات فلسطينية وسفارات ومنظمات أممية.
ودان الناطق باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في بيان بشدة الهجمات التي وصفها بـ "محاولة يائسة لنشر عدم الاستقرار وانعدام الأمن في المنطقة".
ورفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي طلب فرانس برس التعليق على الضربة.
في العراق، أعلنت القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" أن مسلحين مدعومين من إيران أطلقوا، السبت، صواريخ على قاعدة الأسد الجوية غرب العراق.
وأوضحت "سنتكوم" في بيان على "إكس" أن أنظمة الدفاع الجوي للقاعدة اعترضت معظم الصواريخ الباليستية التي أطلقها المسلحون، بينما اصطدمت صواريخ أخرى بالقاعدة.
وبحسب القيادة "بينما ولا تزال تقييمات الأضرار جارية. يخضع عدد من الموظفين الأميركيين لتقييم الإصابات، وأصيب جندي عراقي واحد على الأقل".
وتأتي الهجمات التي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها حتى الآن، في سياق توتر إقليمي تغذيه تداعيات الحرب في قطاع غزة.
وأعلنت الولايات المتحدة السبت أنها شنت ضربات جديدة على أهداف تابعة للمتمردين الحوثيين في اليمن مستهدفة صاروخا مضادا للسفن كان "جاهزا للإطلاق".
منذ نوفمبر، يشن المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران والذين يسيطرون على أنحاء واسعة من اليمن هجمات على سفن يعتبرون أنها على صلة بإسرائيل، واضعين ذلك في إطار دعم الفلسطينيين في قطاع غزة.
ودفعت هجمات الحوثيين الولايات المتحدة في ديسمبر إلى تشكيل تحالف بحري دولي يسير دوريات في البحر الأحمر لحماية حركة الملاحة من هجمات الحوثيين.
ووجه التحالف ضربات استهدفت الحوثيين في اليمن للمرة الأولى في 12 يناير، طالت رادارات وبنية تحتية لصواريخ ومسيرات.
ومذاك، نفذت الولايات المتحدة سلسلة ضربات أخرى استهدفت خصوصا منصات إطلاق صواريخ. وتمثل الضربات التي شنتها واشنطن السبت السلسلة الخامسة من الضربات الأميركية على الحوثيين في الأسابيع الأخيرة.