منظر جوي يظهر مدينة هرجيسا بمنطقة "أرض الصومال"- صورة أرشيفية.
منظر جوي يظهر مدينة هرجيسا بمنطقة "أرض الصومال"- صورة أرشيفية.

وصفها البعض بـ"خطاب مصر الأقوى" تجاه إثيوبيا، بينما يرى فيها آخرون "مجرد استهلاك إعلامي"، حالة من الجدل تبعت تصريحات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حول رفض القاهرة "الاتفاق بين أديس أبابا وأرض الصومال" بشأن استئجار أراض مطلة على البحر الأحمر.

وتأتي هذه التصريحات لتطرح تساؤلات عن الدوافع التي تقف ورائها، وإمكانية تفاقم الأزمة بين الجانبين، خاصة أن التوتر المصري الإثيوبي ليس جديدا، ويرجع إلى خلافات بشأن سد النهضة الذي بنته أديس أبابا على مجرى النيل.

تحذير مصري ورد إثيوبي

الأحد، حذر السيسي من "المساس بسيادة الصومال أو وحدة أراضيها"، عقب مباحثات أجراها مع نظيره الصومالي، حسن شيخ محمود، في القاهرة.

وقال السيسي في مؤتمر صحفي: "مصر لن تسمح لأحد بتهديدها (الصومال) أو المساس بأمنها... محدش (لا أحد) يجرب مصر ويحاول يهدد أشقاءها خاصة لو طلبوا منها التدخل".

وتابع: "رسالتي لإثيوبيا... محاولة القفز على أرض من الأراضي لمحاولة السيطرة عليها.. لن يوافق أحد على ذلك".

ومن جانبها، رفضت أديس أبابا، الأحد، الانتقادات المصرية للاتفاق، وقال رضوان حسين، مستشار الأمن القومي لإثيوبيا، إن المذكرة الموقعة مع إقليم أرض الصومال صفقة تجارية وليس ضما أو فرضا للسيادة على أراضي أي دولة.

وأضاف: "بعض الجهات الفاعلة التي لم تقدم الكثير من الدعم للصومال خلال فترة حاجته الماسة، تحاول تقديم نفسها كأصدقاء حقيقيين للصومال، ولكن من الواضح أن ما يدفعهم ليس الود تجاه الصومال، بل العداء تجاه إثيوبيا".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير المحلل السياسي الإثيوبي، عبد الشكور عبد الصمد حسن، إلى أن "مذكرة التفاهم الموقعة بين بلاده وأرض الصومال سوف تستكمل لاحقا لتتحول إلى اتفاقية تهدف لعثور إثيوبيا على منفذ بحري بصيغة الإيجار".

ولا تمثل الاتفاقية "امتلاك أو اقتطاع من أراضي الصومال، كما يروج الإعلام الصومالي ونظيره المصري، بغرض خلف الفتن"، بحسب المحلل السياسي الإثيوبي.

لكن على جانب آخر، يؤكد المحلل السياسي الصومالي، عمر فارح، أن "مذكرة التفاهم باطلة وتمس سيادة بلاده باعتبار (أرض الصومال) إقليم محلي وجزء لا يتجزأ من جمهورية الصومال الفيدرالية".

ولو أرادت إثيوبيا "عقد اتفاقية" كان عليها اتخاذ "المسارات الدبلوماسية" والتواصل مع الحكومة الصومالية الفيدرالية، لكنها التفت على ذلك وذهبت لـ"أرض الصومال المحلية"، وبالتالي فالاتفاقية "ملغاة"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويتفق معه المحلل السياسي المصري، فادي عيد، الذي يرى أن "الاتفاقية ليست تجارية لكن لها أهداف وأغراض عسكرية، موجهة في المقام الأول تجاه مصر".

وتسعى إثيوبيا للحصول على منفذ على البحر الأحمر، وتحاول منذ سنوات بناء "سلاح بحري وقوات بحرية"، ولم تكتفي بتهديد الأمن المائي المصري من خلال "سد النهضة"، لكنها بمثابة "شوكة بظهر مصر في أفريقيا"، حسبما يقول عيد لموقع "الحرة".

ويشار إلى أن اتفاقية أرض الصومال وإثيوبيا بشأن استئجار ميناء بربرة ليست القضية الأولى التي توتر العلاقة مع مصر، حيث أدى بناء أديس أبابا لسد النهضة إلى جعل العلاقة مع القاهرة متوترة باعتبار أنه مبني عند منبع نهر النيل الاستراتيجي لمصر.

ماذا  وراء تصريحات السيسي؟

وفي مطلع يناير الحالي، وقعت "أرض الصومال" "مذكرة تفاهم" تمنح بموجبها إثيوبيا حق استخدام واجهة بحرية بطول 20 كيلومترا من أراضيها لمدة 50 عاما، عبر اتفاقية "إيجار".

وستستأجر أديس أبابا بموجب الاتفاق 20 كيلومترا من الأراضي الساحلية حول ميناء بربرة المطل على خليج عدن لمدة 50 عاما لأغراض "عسكرية وتجارية"، حسب وكالة "رويترز".

ويقع الميناء الرئيسي الحالي الذي تستخدمه إثيوبيا لصادراتها البحرية في دولة جيبوتي المجاورة.

ويخدم هذا الاتفاق مصلحة ثاني أكبر دول أفريقيا من حيث عدد السكان، وخصوصا أن إثيوبيا خسرت منفذها البحري إثر استقلال إريتريا عام 1993.

ونص الاتفاق على السماح لأديس أبابا باستئجار ميناء على البحر الأحمر، ولكن لم توضع بعد اللمسات النهائية عليه، وتمثل الاتفاقية دعما لإثيوبيا "الحبيسة" لكنه أثار غضب الصومال، وتعد تصريحات السيسي "الأقوى حتى الآن بخصوص الأزمة".

ويشير فارح إلى وجود "علاقات تاريخية ممتدة بين مصر والصومال، فضلا عن عضوية بلاده والقاهرة بالاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية".

وجاءت تصريحات السيسي تأكيدا لـ"العلاقات المتينة مع الصومال"، وكدليل على "تفوق الدبلوماسية الصومالية بشأن الأزمة مع إثيوبيا"، وفق المحلل السياسي الصومالي.

ومن جانبه، يرى حسن أن "تصريحات السيسي جاءت بغرض الاستهلاك الإعلامي الموجه للداخل المصري، في ظل مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية تعاني منها مصر".

وأراد السيسي "إشغال الرأي العام المصري عن القضايا الداخلية، كرسالة داخلية أكثر من كونها معنية بالقضية الصومالية"، وفق المحلل السياسي الإثيوبي.

لكن عيد ينفي هذا الطرح، ويؤكد أن "تحركات إثيوبيا فيما يخص ملف سد النهضة وكذلك الاتفاقية مع (أرض الصومال) تهدد الأمن القومي المصري بشكل مباشر".

هل يحدث تصعيد عسكري؟

تشير تصريحات السيسي إلى احتمال انجرار القاهرة إلى نزاع أثار فصلا جديدا من التوتر في منطقة القرن الأفريقي المضطربة، وتوترت العلاقات بين مصر وإثيوبيا منذ سنوات بسبب سد النهضة.

وتتمتع "أرض الصومال"، بموقع استراتيجي على الضفة الجنوبية لخليج عدن، أحد طرق التجارة الأكثر نشاطا في العالم، عند مدخل مضيق باب المندب المؤدي إلى البحر الأحمر وقناة السويس.

ويؤكد عيد أن السيسي قالها صراحة بأن مصر "لن تتردد في التدخل"، وأرسل "تهديدا مباشرا" للجانب الإثيوبي بعدم التواجد على "أرض الصومال"، وإلا سيكون التصعيد المقبل هو "الدخول في حرب مباشرة".

ويرى المحلل السياسي المصري أن "تحركات إثيوبيا تهدد وتمس الأمن القومي لمصر وكذلك منطقة القرن الأفريقي"، وهو ما تعيه القيادة المصرية جيدا، على حد قوله.

وقد تتسع الأزمة بين مصر وإثيوبيا وتشتعل النيران بمنطقة القرن الأفريقي، لكن الكرة الآن في "الملعب الإثيوبي ويتوقف الأمر على تحركات أديس أبابا المقبلة"، حسب عيد.

والقاهرة لها "حضور قوي" بجنوب السودان وكينيا وأوغندا والصومال، ودول "جارة لإثيوبيا"، وبالتالي فهي "لن تتردد في التدخل العسكري" إذا اقتضى الأمر، وفق المحلل السياسي المصري.

أما حسن فيشير إلى أن مصر "تضغط منذ سنوات على إثيوبيا عبر المنابر الإعلامية والمحافل الدولية لحشد الرأي".

ولم تنجح مصر باستخدام تلك الأدوات في "التوصل لاتفاق مع إثيوبيا حول سد النهضة"، وبالتالي "لن تستطيع الضغط على أديس أبابا هذه المرة أيضا"، حسبما يقول المحلل السياسي الإثيوبي.

ويتطرق المصدر ذاته لحديث السيسي حول اتفاقية الدفاع العربي المشترك، ويقول "هذا مشروع انتهى وقته ولم نرى له أي فعل على أرض الواقع".

ويتساءل مستنكرا: "هل سيتم الدفاع العربي المشترك في مواجهة إثيوبيا فقط؟!".

ومن جانبه، يشدد فارح على أن بلاده "غير معنية بالدخول في مواجهات عسكرية أو حروب، والصومال ليس مستعدا للتدخل العسكري، ويرتب بيته الداخلي، ويحارب تنظيمات (إرهابية)، ويفضل اتخاذ المسارات الدبلوماسية للدفاع عن نفسه".

لكن المحلل السياسي الصومالي يؤكد أيضا، أن لدى الصومال عدة خيارات مختلفة أبرزها الدبلوماسي واحترام القوانين الدولية واللجوء لجامعة الدول العربية التي لديها "صوت قوي لحسم الأزمة مع إثيوبيا".

وأعلنت منطقة "أرض الصومال" استقلالها عن الصومال عام 1991 لكنها لم تحظ باعتراف دولي.

وفي مذكرة التفاهم، قالت إثيوبيا إنها ستبحث أمر الاعتراف باستقلال "أرض الصومال" مقابل السماح لها بالاستفادة من ميناء بربرة.

وتعارض الحكومة بشدة مطلب استقلال "أرض الصومال"، وهي منطقة مستقرة نسبيا يبلغ عدد سكانها 4.5 ملايين نسمة ولديها عملتها الخاصة وتصدر جوازات سفر خاصة بها، لكن عدم الاعتراف الدولي يبقيها في حالة من العزلة.

ودعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومصر وتركيا إلى احترام سيادة الصومال.

مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، يعكف على دفع صفقة للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة. 

ومن المتوقع أن يعقد المسؤول الأميركي، اجتماعات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون درمير، بغية حث الأطراف المختلفة على اتخاذ الخطوات اللازمة لتأمين إطلاق سراح المختطفين وتحقيق وقف شامل لإطلاق النار في غزة، في ظل تعقيدات المفاوضات الجارية حتى الآن. 

ووفقا لمصادر مطلعة، عقد سوليفان، الثلاثاء، اجتماعا مع عائلات المختطفين الأميركيين، وأكد لهم أنه يعمل مع فريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب، لتحقيق تقدم سريع في هذا الملف.

وتأتي تحركات سوليفان في وقت تسعى فيه الإدارة الأميركية جاهدة لتحقيق اختراق دبلوماسي في الشرق الأوسط قبيل مغادرة الرئيس بايدن لمنصبه.

وفي سياق متصل، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، لنظيره الأميركي، لويد أوستن، الأربعاء إن ثمة "فرصة حاليا" للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المتبقين ممن تم احتجازهم فيأكتوبر 2023.

وقال كاتس لأوستن خلال مكالمة هاتفية "ثمة فرصة حاليا للتوصل إلى اتفاق جديد". وأضاف وفق بيان صادر عن مكتبه "نأمل في إطلاق سراح جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون".

وتوسطت الولايات المتحدة، إلى جانب مصر وقطر، من دون جدوى للتوصل إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن بين إسرائيل وحركة حماس منذ أكثر من عام.

واحتجزت الفصائل الفلسطينية 251 رهينة خلال هجوم 7 أكتوبر 2023 ما زال منهم 96 في غزة، بينهم 34 أكد الجيش الإسرائيلي أنهم قضوا في الأسر.

وفي الأيام الأخيرة، صدرت إشارات إلى احتمال إحياء المفاوضات وتحقيق اختراق. فقد صرح مصدر مقرب من حماس لوكالة فرانس برس الاثنين أن الحركة أبلغت رئيس المخابرات المصرية عن "جهود لجمع معلومات عن الأسرى الإسرائيليين، خصوصا الأحياء".

وأوضح أن حماس "تعدّ قائمة بأسماء الأسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة، ومن بينهم عدد من الأسرى المزدوجي الجنسية الإسرائيلية والأميركية".

وقال "في حال وافقت إسرائيل على الاقتراح المصري (بشأن تبادل الأسرى)، أعتقد أن صفقة التبادل ستصبح جاهزة للتنفيذ".

وقالت الدوحة من جانبها، السبت، إن انتخاب دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة أحدث "زخما" جديدا للمفاوضات.

وفي الوقت نفسه، قال مصدر مقرب من وفد حماس إن تركيا، وكذلك مصر وقطر، تبذل جهودا حثيثة لوقف الحرب، وأنه يمكن أن تبدأ جولة جديدة من المحادثات قريبا.

وألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أيضا إلى تقدم محتمل، قائلا لأسر الرهائن إن النجاحات العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله وحماس من شأنها أن تسهل المفاوضات لإطلاق سراحهم.

ودعا متظاهرون ومن بينهم أهالي الرهائن باستمرار إلى التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراحهم واتهموا نتانياهو بإطالة أمد الحرب لأغراض سياسية.

وأسفر هجوم حماس عن مقتل 1208 أشخاص معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاء لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية.

وأسفرت الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل في غزة ردا على هجوم حماس عن مقتل 44805 أشخاص على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، وفقا لأرقام وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

وما زال سبعة أفراد يحملون الجنسية الأميركية في غزة، وقد تأكد مقتل أربعة منهم. وفي الأسبوع الماضي، أبلغ الجيش الإسرائيلي عائلة الجندي الأميركي الإسرائيلي، أومر نيوترا، أنه قُتل يوم الهجوم وأن جثته في غزة.

ومساء الأربعاء، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم".

وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس.