عقبات وتحديات تواجه العاملات في قطاع الموسيقى في الشرق الأوسط وشمال افريقيا
عقبات وتحديات تواجه العاملات في قطاع الموسيقى في الشرق الأوسط وشمال افريقيا

قبل 36 سنة، توّج "صوت" الشابة سيلفي شديد بالميدالية الذهبية في برنامج المواهب "استديو الفن"، حينها اعتقدت ابنة الـ 17 سنة أن أبواب النجاح فتحت لها، وأن المنتجين سيتهافتون للتعاقد معها، إلا أنها صدمت بأن الواقع كان بعيداً جداً عن توقعاتها.

سرعان ما أدركت شديد، حسب قولها، أن النجومية في قطاع صناعة الموسيقى لا علاقة لها بجمال الصوت، بل تمنح لمن يتمتّعن بمعايير جسدية محددة ويقبلن تقديم التنازلات، ويُجِدن الإغراء والإغواء.

تعود شديد بذاكرتها سنوات طويلة إلى الوراء، حين كانت تتوجه مع أفراد عائلتها من منزلها في بلدة إدة البترون إلى ستوديو البرنامج، وكيف كانت ترسم مستقبلها الذهبي بمخيلتها خلال اجتيازها مسافة الطريق، وتقول "يوم إعلان فوزي شعرت بأن الكوكب أصغر من أن يتسع طموحاتي، وأن أضواء الشهرة ستلازمني ما حييت، لكن للأسف كانت أحلاما بريئة في عالم موحش".

أولى الصدمات التي تلقتها شديد كانت عدم تطبيق بنود العقد مع مخرج برنامج "استديو الفن"، الراحل سيمون الأسمر، كما تقول، والذي ينص علىِ إنتاجه الأغاني لها مقابل تقاسم إيرادات حفلاتها مناصفة على مدى 15 سنة.

وتشدد "لم ينتج لي أغنية واحدة، لذلك لم يلاحقنِ قانونياً حين قررت البحث عن شركة إنتاج جديدة بعد خمس سنوات من إبعاد الأضواء عني".

قابلت شديد عدداً من المنتجين الذين كانوا يبدون اهتماماً كبيراً بالتعامل معها، "لكن فرضهم معايير معينة على مظهر الفنانة وأخلاقها حال دون حصولي على الفرصة التي أستحقها، فقبل توقيع العقد كان المنتج ينسحب، وكما نعلم فإن قطاع صناعة الموسيقى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مهيّمن عليه من قبل الذكور، لذلك لم أجد أمامي سوى تحمّل كل ما له علاقة بفني".  

طريق "ملغوم"

خلال رحلة صعودهن سلم النجومية، تواجه العاملات في قطاع الموسيقى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لاسيما العاملات منهن في مجال الغناء والعزف، عقبات وتحديات جمّة، لا تتعلق فقط باحترافهن الفن، بل بالتمييز والابتزاز والتنمّر والتحرّشات اللفظية والجسدية وغيرها، مما يعيق تقدمهن ويهدد أحلامهن.

وكما شديد تواجه الفنانة آية حيدر ما بات يعرف بـ "السرير مقابل النجومية"، فرغم فارق السنوات الذي ابتدأت به كلتا الفنانتين مشوارهما الفني، إلا أن الابتزاز والمساومات وطلب تقديم التنازلات لجذب الأضواء لا تزال كما هي، لا بل ربما كما تقول حيدر "زادت حدتها".

حيدر التي حملت أحلامها قبل سنوات قليلة، وانتقلت من مدينة طرابلس اللبنانية إلى العاصمة بيروت لإكمال دراستها وبدء أولى خطواتها في مشوارها الفني كمغنية، لم تتوقع أنه طريقها محفوف بـ "القذارة" وستواجه خلاله تحديات عديدة من التنمر إلى التحرش الجنسي ومحاولات استغلالها.

تعرّفت الشابة العشرينية على رجل طاعن في السنّ، عرّفها عن نفسه باعتباره مسؤولاً عن توظيف المغنيين والراقصين والعازفين في ملهى ليلي، طلبت منه منحها فرصة لإثبات نفسها، فأطلعها أن عليها اجتياز اختبار الأداء الصوتي أولاً، ولكي تزداد فرص نجاحها في تخطيه، عليها مرافقته إلى استوديو لإجراء تمارين مكثّفة.

خشيت آية من نواياه، لاسيما أنها لا تعرف بيروت جيداً ولا تملك سيارة، مما يعني اضطرارها لمرافقته في مركبته، لذلك رفضت عرضه، لكنّه لم يستسلم، واستمر كما تقول لموقع "الحرة" بإرسال الرسائل لها عارضاً عليها عدة مرات المجيء إلى ملاه ليلية حيث يتواجد لرؤيتها والغناء له.

 وتقول "حينها كنت قاصراً، لم أتجاوز 17 عاماً، وبمحض الصدفة، تعرّفت على فتاة تعمل في ذات الملهى الذي يعمل فيه هذا الرجل، أخبرتها عما حصل معي، فحذّرتني منه كاشفة حقيقته كونه مجرد عازف موسيقي اعتدى على العديد من الفتيات بحجة توظيفهن".

وتضيف "بعدها سنحت لي عدة فرص عمل إلا أنها مشروطة بموافقتي على القيام بعلاقات جنسية مع أربابها، وهذا الحال لا يتعلق بي وحدي، بل كل صديقاتي العاملات في هذا المجال تعرضن إلى ذات الأمر على الأقل لمرة واحدة".

تحديات من الشرق إلى الغرب

تواجه الفنانات التحديات في مختلف مراحل حياتهن المهنية، بدءا من الأشخاص ذوي النفوذ في المجال الفني إلى زملاء العمل وغيرهم، ليس في شرق العالم فقط، بل في غربه كذلك.

 ففي بريطانيا أضاءت لجنة المرأة والمساواة البرلمانية على انتشار العداء تجاه النساء والاعتداءات الجنسية في قطاع الموسيقى، منتقدة في تقرير ما وصفته بـ "النادي الذكوري" المسيطر على هذا المجال، داعية إلى اتخاذ خطوات تشريعية عاجلة لحمايتهن.

وكشف التحقيق الذي أجرته اللجنة عن "ثقافة الصمت" السائدة لدى العاملات في المجال الفني، حيث يخشى العديد من ضحايا التحرش والاعتداءات الجنسية الإبلاغ عن مثل هذه الحوادث، كما أشار التقرير إلى أن النساء اللواتي يمارسن مهنة في مجال الموسيقى يواجهن فرصاً محدودة مقارنة بالرجال، ونقصاً في الدعم، واستمرار عدم المساواة في الأجر.

وفيما يتعلق بالمشهد الموسيقي العربي فقد كشفت سنة 2023، بحسب منصة البث الموسيقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "أنغامي"، عن "اتجاهات موسيقية فريدة، من ناحية الفنانين الـ Top (النخبة)، حيث تصدّر كل من عمرو دياب وأحمد سعد وتامر حسني الساحة الفنية الإقليمية"، وغابت الفنانات عن المراكز الخمسة الأولى.

وكذلك وفقاً لأرقام "سبوتيفاي"، فإن الفنانين الخمسة العرب الأكثر استماعاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال 2023 هم، بالترتيب: عصام صاصا، يليه ويجز، وعمرو دياب، وأحمد سعد، وفريق "كايروكي".

أما إجمالي الوقت الذي قضاه المستخدمون في سماع الموسيقى في عام 2023، فقد بلغ بحسب "أنغامي"، 23.15 مليار دقيقة، وتصدّر البوب المصري قائمة الأنواع الموسيقية، حيث حصل على أكثر من 2.2 مليار استماع، بينما استمرّ الإندي العربي باكتساب شعبية متزايدة مع إجمالي 448 مليون استماع على أنغام.

وسجلت سبوتيفاي زيادة نسبتها 224% في الاستهلاك الموسيقي المحلي في مصر، في حين نما بث موسيقى الكيبوب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 45% على أساس سنوي عام 2023.

"فخ إبليسي"

مواقف عديدة واجهتها فنانات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منها ما ظهر إلى العلن فيما يبقى الكثير خلف الكواليس لا يعلم عنه إلا المقربين من الضحية وربما حتى الفنانة وحدها، ومن الأمثلة على ذلك ما كشفته الفنانة باسمة بعد إعلان اعتزالها في العام 2020.

باسمة شرحت ما تعرضت له في مسيرتها الفنية من تحرش وعنف واستغلال جسدي، مشددة على أن "الفن في المجتمع العربي فخ إبليسي صورته تبهر النظر لكن جوفه قذر"، لافتة إلى أن "فناناً لبنانياً كان مهووساً بها جنسياً وأراد طلاقها".

وأكدت أنه "على الفنانة تقديم تنازلات، فإما الفراش وإما لا نجاح"، مضيفة "لا يوجد من يجمع المال من صوته فقط".

كما كشفت الفنانة السورية أصالة نصري، في عام 2016، خلال استضافتها في برنامج "مصارحة حرة"، على قناة النهار المصرية، أنها ترفض مساعدة شقيقتها ريم دخول عالم الغناء لأنها رأت أشياء في المجال لا ترغب في تعرضها لها، وأنها تخاف عليها من دخول مجال أصبح فيه أشخاص يشوهونه.

كذلك سبق أن اعتبرت المغنية المغربية خولة بنزيان، في تصريح صحفي، أن تعرض الفنانات للتحرش الجنسي أمر مألوف، وقالت "لا تختلف تجربتي في هذا الميدان عن تجارب بقية الفنانات، وسبق لي أن عشت تجربة قاسية مع رئيس أحد المهرجانات السينمائية عندما دعاني لمرافقته إلى مدينة طنجة بغية حضور فعاليات مهرجانها الوطني لأتفاجأ عند وصولنا بتسجيله مبيتي في ذات الغرفة التي حجزها في أحد الفنادق، وهو ما دفعني لمغادرة المكان فوراً رغم أن الوقت كان متأخراً".

كما أثار الفنان اللبناني فارس اسكندر الجدل خلال حديثه لبرنامج "شو القصة" عام 2022، حيث أشار إلى وجود أمور كثيرة لا يعرفها إلا من هم في الوسط الفني، مشدداً على أن الشرف في هذا الوسط يشترى ببعض المال فلا توجد عفة وكل شيء مباح تحت اسم "الفنان"، ومؤكداً أن "كل الفنانات ودون استثناء قدمن التنازلات حتى وصلن إلى ما هن عليه الآن".

ورفض مصطلح "الطعن بشرف الفنانة" قائلاً "أي شرف هذا.. لا يمكن الدخول في الوسط الفني وادعاء الشرف والعفة، فهذا غير ممكن".

وأوضح أن الفنانات اللواتي رفضن تقديم التنازلات أبعدن عن الوسط الفني نهائياً والأمثلة على ذلك كثيرة، مضيفاً أن "تشبيه الإنسان لأمه وأخته بالفنان هو ذم لهما" وشدد على أن تصريحه واقعي و"دون لف ولا دوران".

مقاومة قوية.. وانتصار محدود

رغم وعورة طريق الفن، إلا أن شديد رفضت الاستسلام، وتقول "كنت ناشطة كثيراً حينها، فقد أنتجت الأغاني، وظهرت في برامج تلفزيونية وإذاعية متعددة، وحرصت على إحياء الحفلات في الأماكن المخصصة للعائلات، وكنت أفرح بتقدير الحضور لموهبتي، وكان شقيقي رفيق دربي في رحلتي حيث كان يذهب معي إلى الحفلات وينتظرني حتى انتهي".

اتكلت شديد على موهبتها الاستثنائية وقدرتها على غناء مختلف الألوان الموسيقية، سافرت إلى بلاد الاغتراب، وشاركت في حفلات وزارة السياحة، ونظمت حفلاتها الخاصة، ولا زالت تفرض نفسها كما تقول في الحفلات وتنتج أغنياتها، وهي فخورة بنفسها وبما حققته، وإن كانت تستحق حسبما ترى اهتمام وسائل الإعلام بمسيرتها وأن تكون في أعلى درجات سلم المجد.

يذكر أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعد إحدى أكثر المناطق تنوعًا ثقافياً في العالم، وقد لاقى قطاع الموسيقى المزدهر في المنطقة اهتماماً، بحسب تقرير لموقع "فوكس" نشره العام الماضي.

وشهدت المنطقة بحسب التقرير نمواً "استثنائياً" في إيرادات الموسيقى المسجلة بنحو 35% في عام 2021، لتصبح أسرع المناطق نمواً في العالم في ذلك الوقت، وقد شكل البث نحو 95.3% من إيرادات المنطقة، بحسب الاتحاد الدولي لصناعة التسجيلات الصوتية (IFPI).

ونقل التقرير عن (Research Nester) توقع وصول قيمة سوق الموسيقى في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، التي تتلقى دعماً من دول مثل السعودية، إلى 670 مليون دولار في عام 2027.

ويتم اكتشاف 66% من الفنانين الجدد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خارج بلدانهم الأصلية، بحسب تقرير (Fan Study) الصادر عن سبوتيفاي العام الماضي.

قطارا النجومية

تعاني المرأة في الدول العربية بحسب حيدر "من ظاهرة تسليعها، خاصة في ظلّ المجتمعات الذكورية السّامة، ويزداد هذا الضغط في الملاهي الليلية، حيث يُستغلّ جسدها وتحصر وظيفتها في إثارة الرغبات الجنسية للرجال، فالأهمية الكبرى تعطى للجمال لاسيما في ظل وجود التقنيات التي تعمل على تحسين الصوت، لذلك تهمّش كل من لا تمتلك جسداً مثيراً لجذب الزبائن، فيما تجبر المثيرات على الاختيار بين التنازل عن مبادئهن أو التخلي عن أحلامهن".

كما لا يزال المجتمع العربي ينظر إلى قدرات المرأة بشيء من الشكّ والريبة، تقول حيدر "مما يصعّب عليها إثبات نفسها في المجال الفني، الذي تتطلب عملية الوصول إلى مرتبة متقدمة فيه أموالاً ونفوذاً بالإضافة إلى التنازلات الأخلاقية".

لكن الناقد الفني محمد حجازي يؤكد وجود قطارين للوصول إلى الشهرة "إما بالموهبة والكاريزما، وهي الطريقة التي تتبعها فنانات قليلات يتميزن بموهبة فذة وحضور قوي حيث يفرضن من خلال ذلك احترامهن، أو من خلال التنازلات وهي الطريقة التي تتبعتها الكثيرات ممن يتسلقن سلم النجومية، لكن هذه الشهرة تكون عادةً قصيرة الأمد لأنها ليست مبنية على أسس سليمة".

ويشير حجازي في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "عالم الفن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يشهد حضوراً نسائياً قويّاً، فهن مميزات عند شركات الإنتاج، كون مردودهن المادي أكبر من مردود الفنانين، مع العلم أن شركات الإنتاج تفضل الفنانات اللواتي يُقدمن تنازلات، وإبعاد من لا يرضين بذلك عن الأضواء".

ويضيء حجازي على التحولات الجذرية في عالم الفن "حيث باتت الموهبة ثانوية بينما يهيمن الجسد على واجهة المشهد".

على سبيل المثال كما يقول "أسلوب الإعلان عن حفلات الفنانات، حيث يعتمدن بشكل كبير على عرض أجسادهن وملابسهن لجذب الجمهور، في حين كانت المطربات في السابق يقفن خلف الميكروفون للإعلان عن حفلاتهن".

استسهال جنسي

كما حجازي يؤكد الناقد الفني أندريه داغر، أن "الفنانة هي العنوان لنفسها فهي التي تُظهِر أنها تريد تقديم تنازلات للوصول بسرعة إلى النجومية من عدمه".

لكن على عكس حجازي، يشدد داغر في حديث لموقع "الحرة" على أن "العدد الأكبر من الفنانات محترمات لا غبار على مسيرتهن الفنية فقد صعدن سلم النجومية درجة درجة، لكن القلة من الفنانات اللواتي ليس لديهن موهبة لا يجدن أمامهن سوى تقديم التنازلات للوصول إلى هدفهن".

ويضيف داغر "في الغالب، إدارة شركات الإنتاج الفني بيد الذكور، ولكن الأهم من ذلك أن يكون الإنسان المناسب في المكان المناسب لكي ينجح العمل"، لكن حجازي يؤكد أنه "رغم أن غالبية شركات الإنتاج يديرها ذكور إلا أن لكل منهم عدة مساعدات هن من يتخذن القرارات".

والتحرش غير محصور في عالم الفن" يقول داغر "لكن يتم استسهال عالم الليل من باب الاعتقاد أن الفنانات يردن الوصول إلى الشهرة بشكل أسرع".

ويزخر عالم الفن بحسب ما يؤكد داغر "بالإغراءات المادية الكبيرة التي تعرض على النساء والرجال على حد سواء، نتحدث عن قضايا جنسية يتعرض لها الجانبان، ومن يريد يمكنه القبول أو الرفض، وإن كان ذلك سيؤثر على مشوارها أو مشواره الفني، حيث إن رفض التنازلات سيطيل من طريق الوصول إلى الشهرة أو قد يدفع البعض إلى النزول من القطار قبل الوصول إلى محطة النجاح الكبرى".

أما حجازي فيشدد على أن "الجمال ليس تهمة، بل هبة ربانية، لكن يجب على المرأة أن تُحسن استغلاله مع موهبتها لكي تصبح فنانة ناجحة".

موروثات ثقافية

يتوافق رأي عازفة الطبل، كرستينا عيد، مع الناقدين الفنيين لناحية أن "الشخصية القوية تشكّل حاجزاً ضد أي سلوكيات مسيئة. فمن خلال قوة شخصيتي تمكّنت من فرضت احترامي حامية نفسي من التعرض للتحرش، على عكس من يعرضن أجسادهن وليس إبداعهن".

عيد التي تُكمل مسيرتها في مجال قرع الطبل للسنة الـ 11، حيث كانت البداية باحترافها ألعاب الخفة منذ نعومة أظافرها وذلك تيمناً بوالدها الدكتور "ميكي" مشكّلة ولا تزال حالة فريدة في العالم العربي، تشير في حديث لموقع "الحرة" إلى أنها تعرّضت لانتقادات في بداية مشوارها الفني بسبب طبيعة الآلة الموسيقية التي قررت احترافها، أما عائلتها فشجعتها وهي تُقدّر دعمها لها وفخر أولادها الثلاثة بإنجازاتها.

كذلك تؤكد المغنية والمذيعة المصرية سلمى حمدين في حديث لموقع "الحرة" عدم تعرضها للتحرش أو الابتزاز المالي لعدم اعتمادها على منتج، فهي ضمن فريق غنائي تأسس أثناء دراستها الجامعية، كما أنها تتحمل مسؤولية جميع ما يتعلق بأعمالها الخاصة.

وعن قلة انخراط النساء في مجالات أخرى غير الغناء في قطاع صناعة الموسيقى، كالعزف، يجيب حجازي "يُعزى ذلك إلى عدم وجود شهرة في هذه المجالات، في حين أن الفنانة تحب البهرجة والفنتازيا".

أما داغر فيعزو ذلك إلى "الموروث الثقافي، كون عزف الموسيقى عمل ليلي، ففي السابق كان هناك محظورات كثيرة على النساء، لكن الآن نشهد تطعيم الفرق الموسيقية بنساء"، مشدداً على أن "الفرق الأوركسترا الكبرى التي تعزف على أضخم المسارح تضم عدداً كبيراً من النساء اللواتي يعزفن باحترافية عالية، منهن عازفة القانون إيمان الحمصي وهي من أشهر العازفات على هذه الآلة في لبنان".

أين النقابات.. ودور القوانين؟

رغم إعلان فنانات لبنانيات عدة عن تعرضهن للتحرش، إلا أن نقيب الفنانين المحترفين في لبنان، جهاد الأطرش، يؤكد على عدم تلقي النقابة أي شكوى تتعلق بذلك أو بالتمييز في المجال الفني طوال فترة وجوده فيها، سواء كعضو في مجلس إدارتها أو كرئيس لها على مدى أربع سنوات.

ويشير الأطرش في حديث لموقع "الحرة" إلى أن حالات التحرش في المجال الفني نادرة للغاية، وأن نجمات الغناء يتمتعن بحضور وشخصية قوية، مؤكداً على أن ما ينطبق على الفنانات ينطبق أيضاً على الفنانين الذكور.

لكن "إذا كانت لجنة المرأة والمساواة البرلمانية البريطانية، تحث على إقرار قانون لحماية الفنانات من التحرش"، فكيف الحال كما تقول المحامية في منظمة كفى، فاطمة الحاج "في الدول العربية التي تفتقر أغلب المجالات الفنية فيها إلى نقابات تدافع عن حقوق الفنانات، وحتى في الدول التي توجد فيها نقابات، فإنها غالباً ما تكون غير فعالة".

كما تفتقر الدول العربية بحسب ما تقوله الحاج لموقع "الحرة" إلى "قوانين خاصة بحماية الفنانات، والقانون اللبناني المتعلق بالتحرش على سبيل المثال مبهماً ولا يتضمن إجراءات حماية للمجني عليهن، لذلك هنّ عرضة للاستغلال باستمرار".

كذلك يرى داغر أن "القانون هو الرادع الأساسي ضد التجاوزات"، لكن على عكس الحاج يعتبر أن النقابات في لبنان تعمل ضمن المجال المسموح لها به، "ولا بد من تفعيل دورها ومنحها مساحة أكبر للتصرف، في حين تُعد النقابة في مصر نموذجاً فعالاً في هذا المجال، فإذا اتخذت قراراً بسحب بطاقة فنان ما، فإنه لا يمكنه كسره وإحياء الحفلات وإن كان من فناني الصف الأول".

كما تؤكد حمدين التي تمارس الغناء كهواية بحسب قولها على "ضرورة توفير حماية شاملة للمرأة من التحرش والمضايقات والابتزاز، ولا بد من أن يضمن القانون الخاص بالفنانات حريتهن في اختيار كلمات أغنياتهن للتعبير عن مشاعرهن وأفكارهن، وكذلك حرية اختيار الملابس التي سيرتدينها في حفلاتهن".

أما حجازي فيعتبر أن "قانون الحماية لن يقدم أو يؤخر، كون قرار تقديم تنازلات من عدمه يعود للفنانة نفسها"، وهو ما تشدد عليه حيدر لكن من وجهة نظرها أن "المنظومة السياسية في لبنان التي يقع على عاتقها تنفيذ القوانين وحماية النساء غائبة، من هنا على من يردن العمل في هذا المجال تحمل هذه المسؤولية من خلال التوعية بظاهرة التحرش وفضح المتحرّشين، والتكاتف فيما بينهن ودعم بعضهن البعض، كما أن على المجتمع بأكمله تغيير النظرة الذكورية للمرأة، وتقدير إبداعها وليس جسدها".

وتتوافق عيد مع رأي حجازي وحيدر، حيث تؤمن كما تقول "بقدرة المرأة على حماية نفسها من دون الحاجة إلى قوانين خاصة"، مؤكدة على أن "المرأة هي القانون في زماننا الحالي والفرص المتاحة لها في المجال الفني تفوق تلك المتاحة للرجل، كما أن أجرها أعلى"، وتشدد على أهمية دعم النساء لبعضهن البعض لتحقيق النجاح.

دعوات لتوسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لجميع أنحاء السودان. أرشيفية
يعد القرار تجديد فني للتدابير التي تم تجديدها سابقًا بموجب القرار 2676 في مارس 2023.

اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع، الأربعاء، مشروع قرار يمدد نظام العقوبات على السودان، بما في ذلك العقوبات المستهدفة مثل تجميد الأصول وحظر السفر وحظر الأسلحة، حتى 12 سبتمبر 2025.

ويعد القرار تجديدا فنيا للتدابير التي تم تجديدها سابقًا بموجب القرار 2676 في مارس 2023.

وفي حديثه بعد التصويت، أكد الممثل الأميركي، روبرت أ. وود، على أهمية تجديد العقوبات. وقال إن "تجديد تدابير العقوبات من شأنه أن يقيد حركة الأسلحة إلى دارفور ويعاقب الأفراد والكيانات المساهمة في الأنشطة المزعزعة للاستقرار في السودان أو المتواطئة فيها".

وقال ممثل السودان، الحارث إدريس الحارث محمد: "هناك أدلة دامغة على أن هذه الحرب التي نمر بها نتيجة لدعم الإمارات للميليشيات التي ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور".

وفي إشارة إلى تصريحات الممثل السوداني، قال ممثل الإمارات، محمد أبو شهاب، إن الاتهامات "لا أساس لها من الصحة"، مضيفًا أن "ادعاءاته كاذبة تمامًا وهي محاولة ساخرة لصرف الانتباه عن إخفاقات القوات المسلحة السودانية".

وتابع أبو شهاب أيضًا أن الأطراف المتحاربة في السودان تتحمل المسؤولية الوحيدة عن الكارثة المستمرة.

وفي ٢٧ أغسطس، ذكرت لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي أنها تدرس فرض عقوبات على اثنين من قيادات قوات الدعم السريع السودانية لتهديدهما السلام والأمن والاستقرار في البلاد عبر وسائل تتضمن العنف وانتهاكات حقوق الإنسان.

وفي حال أجيزت العقوبات، ستكون هذه أول عقوبات تفرضها الأمم المتحدة بسبب الحرب الحالية في السودان التي اندلعت في منتصف أبريل  من العام الماضي بسبب صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قبل تحول مزمع للحكم المدني.

وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة اقترحت رسميا فرض حظر دولي على السفر وتجميد الأصول على رئيس عمليات قوات الدعم السريع اللواء الركن عثمان محمد حامد محمد وقائد قوات الدعم السريع، قطاع ولاية غرب دارفور، عبد الرحمن جمعة بارك الله.

وتقر لجنة العقوبات على السودان التي تتألف من 15 عضوا في مجلس الأمن قرارتها بالإجماع. وإن لم يبد أي من الأعضاء اعتراضا على الاقتراح، فسيتم إقرار فرض العقوبات على الرجلين. وبوسع الأعضاء أيضا طلب مزيد من الوقت لدراسة الاقتراح، أو وقفه، أو ببساطة عرقلته.

وأدت الحرب في السودان إلى موجات من العنف العرقي ألقي باللوم فيها إلى حد كبير على قوات الدعم السريع. وتنفي تلك القوات إلحاق الأذى بالمدنيين وتنسب هذا النشاط إلى جهات مارقة.

وتقول الولايات المتحدة إن الأطراف المتحاربة ارتكبت جرائم حرب، وإن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت أيضا جرائم ضد الإنسانية وتورطت في تطهير عرقي.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وإن المجاعة تلوح في الأفق، كما نزح نحو 10 ملايين شخص. وانتقل أكثر من 2.2 مليون شخص من هؤلاء إلى بلدان أخرى.

وأنشأ مجلس الأمن نظام العقوبات الذي يستهدف السودان عام 2005 في محاولة للمساعدة في إنهاء الصراع في دارفور. وتضم قائمة العقوبات ثلاثة أشخاص أضيفوا عام 2006. كما فرض المجلس حظرا على الأسلحة على دارفور في عام 2004.

وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قالت الأمم المتحدة أن نحو 300 ألف شخص قتلوا في دارفور نتيجة مساعدة ميليشيات الجنجويد التي تشكلت منها قوات الدعم السريع لاحقا للجيش في سحق تمرد قادته جماعات غير عربية في الأساس. 

وتلاحق المحكمة الجنائية الدولية زعماء سودانيين سابقين لاتهامهم بالإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.