منظمات أممية وإغاثية حذرت من شبح المجاعة في القطاع المحاصر
منظمات أممية وإغاثية حذرت من شبح المجاعة في القطاع المحاصر

يقول العاملون في المجال الإنساني والمسؤولون الحكوميون الذين يعملون على إيصال المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في غزة، إن "نمطا واضحا" قد ظهر من "العرقلة" الإسرائيلية، حيث تسيطر الأمراض والمجاعة على أجزاء من القطاع المحاصر، وفق ما كشفه تحقيق أجرته شبكة "سي إن إن". 

وسلطت الشبكة الأميركية الضوء على المعايير "التعسفية والمتناقضة" التي فرضتها الوكالة الإسرائيلية المشرفة على إيصال المساعدات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، لغزة، وفقا لأكثر من 24 مسؤولا إنسانيا وحكوميا قابلتهم "سي إن إن".

كما قامت الشبكة بمراجعة الوثائق التي جمعها المشاركون الرئيسيون في العمليات الإنسانية والتي تحدد المواد التي يرفضها الإسرائيليون بشكل متكرر. وتشمل هذه الأجهزة أجهزة وآلات التخدير وأسطوانات الأوكسجين وأجهزة التنفس الصناعي وأنظمة تنقية المياه.

وتشمل المواد الأخرى "التي انتهى بها الأمر في مأزق بيروقراطي" التمور وأكياس النوم وأدوية علاج السرطان وأقراص تنقية المياه ومستلزمات الأمومة، وفق تعبير الشبكة.

وازداد التركيز على الدور الإسرائيلي فيما توزيع المساعدات، الخميس، عندما قالت السلطات في القطاع المحاصر إن قوات إسرائيلية أطلقت النار على فلسطينيين خلال تقديم مساعدات إنسانية مشيرة إلى مقتل أكثر من 100 شخص، في حين نفى الجيش الإسرائيلي تلك الاتهامات مشيرا إلى أن قواته أطلقت "طلقات تحذيرية" لتفريق حشد من الناس. 

وقال مسؤول إسرائيلي لرويترز، الخميس، إنه كان هناك حادثان منفصلان وقعا في شارع الرشيد أثناء مرور قافلة الشاحنات من جنوب غزة إلى شمالها على طول الطريق الساحلي الرئيسي.

ولعدة أشهر، اصطفت طوابير الشاحنات المتجهة إلى القطاع على طول الطريق السريع المؤدي من مدينة العريش المصرية، وهي مركز لوجستي رئيسي للمساعدات، إلى معبر رفح مع غزة، وتظهر صورة التقطتها الأقمار الصناعية 21 فبراير، طابورا من الشاحنات يمتد لمسافة تتجاوز ستة كلم من المعبر.

وعبر الحدود، يقترب القصف الإسرائيلي من نحو مليوني شخص محاصرين بين مدينة رفح جنوب قطاع غزة والحدود المصرية. وإلى الشمال، توفي ستة أطفال على الأقل في المستشفيات في الأيام الأخيرة بسبب الجفاف وسوء التغذية، وفقا لوزارة الصحة في غزة.

"فوضى مهندسة بشكل مثالي" 

طلبت معظم مصادر "سي إن إن" عدم الكشف عن هويتها خوفا من الملاحقة ورفع إسرائيل شروطها على المساعدات المحدودة أصلا. 

وذكرت عدة مصادر أن جزءا كبيرا من المساعدات التي أشرفوا على تسليمها للجانب الإسرائيلي تم رفضها أو احتجازها لفترة طويلة من أجل التصديق على إخلائها من قبل "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" التابعة للسلطات الإسرائيلية والتي تدير تدفق المساعدات القادمة من مصر. 

وقال أحد المصادر من المشرفين على التبرعات من أربع منظمات إغاثة مختلفة على أحد طرق العبور للشبكة: "إنها فوضى مهندسة بشكل مثالي". وقال المصدر إن أكثر من 15 ألف طن من إمدادات الإغاثة تنتظر موافقة إسرائيل على دخول غزة. أكثر من نصفها يتكون من مواد غذائية.

وقال مسؤول إنساني كبير آخر لـ "سي إن إن": "إنها غامضة بشكل متعمد، ومبهمة بشكل متعمد .. يمكنك الحصول على تصريح من 'وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق' لكن عند الوصول تجد مسؤولي الشرطة أو المالية والجمارك الذين سيعيدون الشاحنة" من حيث أتت.  

ولم تستجب "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" حتى الآن لطلب "سي إن إن" للتعليق على نتائج تحقيقها.

وتصر الوحدة على أنها تسهل إيصال المساعدات الإنسانية. وفي تغريدة، الخميس، على موقع إكس، قالت: "ليس هناك حد لكمية المساعدات التي يمكن أن تدخل غزة".

و"تباهى" رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو. في اجتماع بتاريخ 13 يناير الماضي، بإدخال "الحد الأدنى نت المساعدات الإنسانية للقطاع"، وفق ما ذكرته الشبكة.

وقال نتانياهو حينها: "نحن نوفر الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية.. إن أردنا أن نحقق أهدافنا يجب علينا توفير الحد الأدنى من المساعدات". 

وقد انتقد المجتمع الدولي إسرائيل مرارا وتكرارا لإصدارها تصاريح غير كافية لشاحنات المساعدات إلى غزة. كانت هناك أيضًا حالات قام فيها الجيش الإسرائيلي بضرب شحنات المواد الغذائية. وقد أدت أعمال النهب التي يقوم بها مدنيون يائسون وعصابات إجرامية في بعض المناطق الأكثر تضررا في شمال غزة إلى تفاقم تلك الأزمة، مما أدى إلى توقف تسليم المساعدات الغذائية التي تقدمها الأمم المتحدة إلى هناك بشكل كبير، 

وقالت جانتي سوريبتو، الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة "أنقذوا الأطفال": "لم أر قط سلسلة توريد ينبغي أن تكون بمنتهى البساطة معقدة إلى هذا الحد.. مستوى الحواجز التي يتم وضعها لعرقلة المساعدات الإنسانية؛ لم نر شيئا مثل ذلك من قبل".

سوريبتو، التي زارت الجانب المصري من معبر رفح برفقة الأمم المتحدة، قالت لشبكة "سي إن إن: إنها شاهدت العديد من المواد التي أعادها المفتشون الإسرائيليون في يناير.

وذكرت أن ألعابا رُفضت لأنها كانت في صندوق خشبي وليس في صندوق من الورق المقوى، ورُفضت أكياس النوم لأنها تحتوي على سحابات، وأُعيدت الفوط الصحية لأن مقص الأظافر كان ضمن مجموعة أدوات النظافة.

شاحنات المساعدات تنتظر تمريرها عبر المعابر الإسرائيلية

وفي يناير، شاهد عضوا مجلس الشيوخ الأميركي، كريس فان هولين وجيف ميركلي، مستلزمات الأمومة وأنظمة تنقية المياه من بين المواد التي أعادتها إسرائيل من نقطة التفتيش في معبر نيتسانا.

وقال فان هولين لشبكة "سي إن إن" بعد أسابيع من رحلته إلى الجانب المصري من معبر رفح: "لا يمكن في أي عالم عقلاني اعتبار هذه المواد ذات استخدام مزدوج أو أنها تشكل أي نوع من التهديد العسكري".

وأضاف فان هولين "لقد علمنا أنه عندما يتم رفض شاحنة تحتوي على مادة واحدة فقط من تلك المواد، يتم إعادة الشاحنة بأكملها ويتعين عليها العودة إلى بداية العملية، الأمر الذي قد يستغرق أسابيع".

وتابع السيناتور قائلا: "تحدثنا إلى رؤساء منظمات الإغاثة الدولية التي كانت تعمل في صراعات حول العالم منذ عقود.. قالوا إنهم لم يروا نظامًا معطلا أكثر من هذا من قبل".

ودفع هذا الوضع فان هولين إلى قيادة جهود الكونغرس الأميركي لمحاسبة إسرائيل على تعاملها مع المساعدات الإنسانية، والذي وصفه في قاعة مجلس الشيوخ في وقت سابق من هذا الشهر بأنه "كتاب منهجي لجرائم حرب".

يذكر أن الولايات المتحدة أعلنت، الجمعة، خططا لتنفيذ عمليات إنزال جوية وتوفير المساعدات بحرا ورفع ضغطها على إسرائيل بشأن تمرير المزيد من الشاحنات برا.

وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن الإنزال الجوي الأميركي سيتم في الأيام المقبلة لكنه لم يقدم جدولا زمنيا محددا. ونفذت دول أخرى، منها الأردن وفرنسا ومصر والإمارات وقطر، مؤخرا بالفعل عمليات إنزال جوي للمساعدات في غزة.

الإرشادات الإسرائيلية "المراوغة" للمساعدات

قالت الشبكة الأميركية في تحقيقها إن السلطات الإسرائيلية "ترواغ" في إرشاداتها التي تخص المساعدات، وذكرت أن "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" تقول "علنا"، إنها ملتزمة بقائمة المواد المحظورة لعام 2008، زما في الخفاء تقول الشبكة إن هذه الوثيقة أصبحت الآن "بالية"، وفقًا لما ذكره سؤول إغاثة على اتصال مباشر بالوحدة الإسرائيلية لـ "سي إن إن".

وقال المسؤول إن وحدة التنسيق قامت بتطبيق قائمة عام 2008 عندما اندلعت الحرب لأول مرة في 7 أكتوبر، مضيفا أنه "بعد حوالي ثلاثة أسابيع، قالوا إن القائمة غير صالحة لهذه الاستجابة. هذا سياق مختلف. قالوا: 'تجاهل القائمة'".

وقد وثق التحقيق الذي أجرته شبكة "سي إن إن"، والذي استغرق عدة أسابيع، أمثلة متعددة للعملية غير المنتظمة التي تلت ذلك، حيث يتراجع المسؤولون في بعض الأحيان عن المبادئ التوجيهية لعام 2008، وفي أحيان أخرى يشيرون إليها على أنها زائدة عن الحاجة.

وقال المسؤول الإغاثي ذاته إنه في إحدى الحالات في 14 فبراير، رفضت "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" حمولة شاحنة من أكياس النوم "لأنها كانت باللون الأخضر، والأخضر له معنى عسكري، ووفقا لقائمة عام 2008، فإن لها استخداما مزدوجا".

وأضاف "لا يمكن لأحد أن يجادل بأن أكياس النوم ستساهم في الفوز بحرب.. لقد عارضنا ذلك وحذرناهم من أن الأمر سيبدو سخيفا جدا إذا تم نشر هذا".

دول عدة نفذت إنزالا جويا للمساعدات لسكان القطاع

ووصفت أربعة مصادر للشبكة واقعة أخرى عندما رفضت إسرائيل شحنة من التمور، وهي مصدر غني بالمواد المغذية التي يحتاجها بشدة السكان الجياع. وقال اثنان منهم إن السبب في ذلك هو أن البذور اعتُبرت كجسم مشبوه خلال الفحص بالأشعة السينية.

وتم السماح لشاحنات أخرى تحمل التمور بالدخول إلى غزة، وفقا لبيانات الأمم المتحدة. لكن العاملين في المجال الإنساني أعربوا عن قلقهم من تكرار ذلك، ولجأ العديد منهم إلى إزالة البذور قبل التفتيش.

ويجب على المساعدات أن تجتاز "عقبتين" وضعتهما "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق"، وفق تعبير الشبكة، إذ يتشرط على منظمات الإغاثة أولا الحصول على تصريح لشحناتها من الوحدة، ثم يجب على الشاحنات اجتياز نقاط التفتيش الإسرائيلية. وتم رفض المساعدات في كلتا المرحلتين، وفقا لمصادر "سي إن إن".

وقدمت الوحدة الإسرائيلية مجموعة من الأسباب لهذا الرفض. وقالت المصادر إنه في بعض الأحيان تستشهد بقضايا بيروقراطية، مثل بيان غير صحيح، وفي أحيان أخرى تعتبر المواد كليا أو جزئيا ذات استخدام مزدوج.

ونقلت الشبكة عن مصادرها أنه يبدو أن بعض الأسباب المقدمة للمنظمات الإنسانية سياسية بشكل واضح، وأنه في معظم الأحيان، لا تقدم "وحدة أعمال الحكومة في المناطق" بتاتا سببا للرفض.

وحصلت الشبكة على وثائق من ثلاثة مشاركين رئيسيين في عمليات الإغاثة ذكرت "أكثر المواد المرفوضة بشكل متكرر"، من بينها مستلزمات طبية، مثل أدوية وأجهزة التخدير والعكازات ومولدات الكهرباء وأجهزة التنفس الاصطناعي، واسطوانات الأوكسجين. 

بالنسبة للأطباء والمرضى داخل غزة، فإن العواقب مؤلمة. هناك تقارير عديدة عن وفيات يمكن الوقاية منها بسبب نقص الأوكسجين وأجهزة التنفس الصناعي. وقد خضع أكثر من 1000 طفل لعمليات بتر أرجلهم في غزة، وفقا لليونيسف، بعضهم بدون تخدير. وقد جمعت اليونيسف هذا الرقم في نهاية نوفمبر ولم يتم تحديثه منذ ذلك الحين.

كما أثرت القيود الإسرائيلية على الأدوية المخصصة للمرضى المزمنين، وفق ما ذكرته الشبكة، مشيرة إلى أنه ولعدة أسابيع، منعت "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" مؤقتا أقلام الأنسولين للأطفال المصابين بالسكري من دخول غزة، وفق ما نقلته "سي إن إن" عن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في فلسطين، جيمي ماكغولدريك، ومصدر آخر.

وقال ماكغولدريك في مؤتمر صحفي يوم 24 يناير: "فيما يتعلق بالسلع المحظورة، فهي مجموعة كاملة.. بعضها عبارة عن مواد طبية مثل الأدوية الأساسية ومواد ليس فقط لعلاج الصدمات ولكن أيضا للأمراض المزمنة".

وأضاف "أحد الأمثلة على ذلك هو الأقلام المستخدمة مؤخرا للأنسولين للأطفال". "فيما يتعلق بالأساس المنطقي لذلك، لا أستطيع حقا شرح ذلك لأنني لا أعرف".

وقال مصدر آخر لشبكة "سي إن إن" إن منسق "وحدة أعمال الحكومة في المناطق" تراجع، في شهر فبراير، عن قراره بمنع أقلام الأنسولين من دخول غزة.

ووجد بحث "سي إن إن" أيضا أمثلة على "مواد مرفوضة بشكل متكرر" رغم حصولها على الضوء الأخضر من قبل "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق"، كما حدث، في 3 يناير، عندما قالت منظمة الصحة العالمية إنها جلبت إمدادات التخدير. لكن المصادر أكدت للشبكة أن هذه الحالات نادرة.

لقطة من الفيديو الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي
لقطة من الفيديو الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي

أكد حقوقيون وخبراء في الشأن الإيراني، تحدثوا إلى موقع "الحرة" أن الواقعة الجديدة التي شهدتها البلاد، الأحد، بتجرد فتاة جامعية من ملابسها بعد تقارير عن "تعرضها لمضايقات من عناصر الباسيج"، يُعد "دليلًا على مدى القمع، والضغوط التي تعاني منها النساء"، في بلد تحكمه الديكتاتورية منذ عقود طويلة.

وذكر ناشطون إيرانيون أن الفتاة تجردت من ملابسها بعد أن تعرضت لمضايقات بسبب عدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة في البلاد، فيما نقلت وكالات أنباء إيرانية أنها "تصرفت بمفردها دون أن تتعرض لمضايقات جسدية". وذكرت تقارير أخرى أنها "مصابة بمرض نفسي". 

وانتشر فيديو الواقعة بشكل كبير، حيث نشره موقع الطلاب الإيراني "أمير كبير"، وتبعته العديد من المواقع الفارسية. ويبدو أنه الُقط من مبنى مجاور. وتظهر صور أخرى رجالا يرتدون ملابس مدنية وهم يلقون الشابة في سيارة.

وأكد موقع "أمير كبير" أن الشابة "تعرضت للضرب أثناء الاعتقال". وقالت منظمة العفو في إيران "أمنستي إيران" المتفرّعة من منظمة العفو الدولية، على موقع "إكس"، إن "على السلطات الإيرانية إطلاق سراح الشابة فورا ودون قيد أو شرط".

وأضافت المنظمة: "يجب أن تكون مزاعم الضرب والعنف الجنسي ضدها أثناء اعتقالها موضوع تحقيق مستقل ومحايد".

من جانبها، أوردت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، الحادثة. ونشرت صورة غير واضحة للطالبة، قائلة إنها كانت ترتدي ملابس "غير مناسبة" في الصف و"خلعت ملابسها" بعد أن "حذرها" عناصر الأمن.

وفي هذا السياق، أوضحت الناشطة الحقوقية في مجموعة حقوق الإنسان "هنغاو"، مينا خاني، في حديثها إلى موقع "الحرة"، أن الفتاة، التي لم يتم الكشف عن هويتها، تدرس في جامعة آزاد المرموقة في طهران، و"تعرضت لمضايقات من قبل بعض عناصر قوات الباسيج، بحجة عدم ارتداء الحجاب بشكل لائق".

وتتكون الباسيج أساسًا من متطوعين شبه عسكريين موالين بشدة للنظام الإيراني، وقد اضطلعت الوحدات المعروفة باسم "قوات الصدمات"، التابعة للمرشد علي خامنئي، بدور قيادي في قمع أي حراك شعبي معارض منذ أكثر من عقدين.

وأشارت خاني إلى أن هذه الطالبة "رفعت حركة الاحتجاج ضد الحجاب الإجباري في إيران إلى مستوى جديد، حيث تواجه ليس فقط القيود المفروضة على حريتها الشخصية، بل أيضًا النظام التمييزي القائم على أساس الجنس".

واعتبرت الناشطة أن الفتاة، بغضبها، "تجسد صورة المرأة الإيرانية العصرية التي، بالرغم من كل القيود، تقف مدافعة عن حقوقها. ولهذا الاحتجاج رمزية عميقة، إذ ينادي بقوة بحق تقرير المصير، وحرية اتخاذ القرارات المتعلقة بأجساد النساء وحياتهن".

وختمت بالقول: "من خلال مقاومتها، لا تطالب فقط بمزيد من الحرية الشخصية، بل تطرح تحديًا مباشرًا للنظام الاجتماعي والسياسي الذي يدعم ويفرض هذه التفرقة".

"حتى لو كانت مريضة"

من جانب آخر، قالت الخبيرة في الشأن الإيراني، منى السيلاوي، لموقع "الحرة"، إنه "من الصعب في الوقت الحالي التعقيب على المقطع المصور الذي انتشر لتلك الفتاة، باعتبار أن السلطات القمعية قد تدّعي أنها تعاني من مشاكل نفسية أو عقلية".

وشددت السيلاوي على أن السلطات الإيرانية، "استخدمت سلاح الصحة النفسية، لاستهداف بعض المعارضين ووضعهم في مصحات عقلية".

وتابعت: "لو فرضنا أن تلك الطالبة فعلًا تعاني من مشاكل نفسية، فإن حجم الضغوط المفروضة على النساء يجعلهن عرضة في النهاية للانهيارات العقلية والعاطفية، نتيجة محاولات التحكم بهن، ناهيك عن القمع الذي يتعرضن له في الشارع على يد قوات الباسيج".

وأوضحت السيلاوي أن الفتاة كان بإمكانها اللجوء إلى أسلوب آخر للمقاومة، مردفةً: "لكن ما فعلته يبقى شكلًا من أشكال النضال. وأذكر هنا حادثة مشابهة تعرضت خلالها فتاة جامعية أخرى لمضايقات من عناصر الباسيج، لكنها كانت تجيد بعض فنون القتال، فدافعت عن نفسها، مما أثار حينها صدمة إيجابية في المجتمع".

ونوّهت بأن "التحكم في النساء والفتيات في إيران يصل إلى أدق التفاصيل؛ فمثلًا، إذا تحدثت طالبة مع شاب في الحرم الجامعي، قد يتعرض الاثنان للاعتقال والتحقيق، لمعرفة طبيعة العلاقة بينهما".

وأضافت أن تلك الفتاة "لو كانت فعلًا تعاني من مشاكل نفسية أو عقلية، فهي نتاج مجتمع مريض وسلطة ديكتاتورية تمارس أبشع أنواع الاضطهاد والقمع".

وفي سياق متصل، رأى الخبير في الشأن الإيراني، حسن راضي، خلال اتصال مع موقع "الحرة"، أن ما فعلته تلك الفتاة يُعد "استمرارًا لحركات الاحتجاج النسائية والشعبية ضد السلطات القمعية".

وتابع: "أثبتت تلك الواقعة أن النظام فشل وسيفشل في فرض سطوته على النساء بشكل خاص، وعلى الشعب الإيراني بشكل عام".

ووفقًا لراضي، فإن "الرئيس (الإصلاحي) مسعود بزشكيان سيكون عاجزًا عن تحقيق الوعود التي أطلقها بشأن منح مزيد من الحريات للنساء، لأنه سيواجه عقبات شديدة من المحافظين والحرس الثوري".

وأوضح أنه في حال "أصر بزشكيان على مواجهة تلك الأفكار والأيدلوجية المتطرفة التي يتبناها النظام في طهران، فعلى الأغلب ستتم إزاحته".

وهزت إيران احتجاجات كانت الأكبر منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979، إثر وفاة الفتاة الكردية مهسا أميني في 16سبتمبر 2022، بعد أيام من توقيفها لدى شرطة الأخلاق في طهران، على خلفية عدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة.

وأدت التظاهرات إلى سقوط مئات القتلى وتوقيف آلاف الأشخاص.