مئات الآلاف من الفلسطينيين يكافحون للحصول على وجبة غذاء. أرشيفية

تحذر الأمم المتحدة من أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة في ظل الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع، في حين اتهمت منظمات حقوقية إسرائيل باستخدام السلاح كأداة للتجويع، وهي اتهامات نفتها الأخيرة.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مؤخرا إن ربع سكان غزة على بعد خطوة واحدة من المجاعة، محذرا من أن مثل هذه الكارثة ستكون "شبه حتمية" إذا لم يحدث تغيير ملموس.

وإذا انتشرت المجاعة بين السكان في غزة، فإن عدد الذين سيموتون بسبب الجوع أو المرض قد يفوق عدد الوفيات بين المدنيين في الحرب بين إسرائيل وحماس، بحسب تحليل نشرته مجلة "فورين أفيرز".

وتؤكد منظمات أممية أن "نافذة العمل تضيق" لمواجهة مخاطر المجاعة ما لم يتوقف القتال وتحد إسرائيل من أساليب الحصار التي تمنع تنفيذ عمليات إغاثة واسعة النطاق، وفق المجلة ذاتها.

وبعد خمسة أشهر على اندلاع الحرب، يشعر سكان غزة باليأس إزاء قلة المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع، حيث يقول بعض السكان لوكالة فرانس برس إنهم يلجأون إلى أكل أوراق الشجر وعلف الماشية.

وتشير "فورين أفيرز" إلى أن "التحليلات المتطورة للإنذار بمخاطر المجاعة بدرجة موثوقة، تنافس أنظمة الإنذار المبكر من الأعاصير" الأمر الذي قد يتيح للمنظمات الإنسانية تنفيذ استراتيجيات لـ"تجنب الأسوأ" من خلال تدخلات غذائية وصحية عبر شبكات لوجستية إنسانية عالية المستوى.

وقال راميش راجاسينغهام، مدير التنسيق في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن ما لا يقل عن 576 ألف شخص في قطاع غزة يمثلون ربع السكان أصبحوا على بعد خطوة واحدة من المجاعة.

وفي ديسمبر الماضي، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش إسرائيل باستخدام "التجويع كسلاح حرب في غزة"، واصفة الأمر بجريمة حرب، وهو اتهمته بها أيضا وزارة الخارجية الفلسطينية خلال الشهر ذاته.

وأشارت المنظمة حينها إلى أن هذه الاتهامات لم تأت من فراغ، إنما هي "تحرم الفلسطينيين في غزة منذ أشهر عمدا من الغذاء والماء، وتعرقل دخول المساعدات عمدا، وتدمر الأشياء التي لا غنى عنا للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك المخابز ومطاحن الحبوب، والمياه والمنشآت ومرافق الصرف الصحي، وتجريف المناطق الزراعية" على ما تحدث مكتب المنظمة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، عمر شاكر، لشبكة "سي إن إن".

وتحمل إسرائيل حماس مسؤولية نقص الغذاء في غزة، وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إيلون ليفي، في تعليقه على اتهامات هيومان رايتس ووتش، في ديسمبر الماضي، إن حماس هي المسؤولة عن أي نقص في غزة.

وكتب في منشور عبر حسابه بمنصة "إكس" هذه "كذبة، إسرائيل لديها القدرة الزائدة على تفتيش أكثر من ضعف عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة، مازلنا نضخ المياه إلى غزة من خلال خطي أنابيب، ولم نضع أي قيود على دخول الغذاء والماء".

وأضاف ليفي "وجهوا غضبكم إلى حماس التي تختطف المساعدات".

التعريف الدولي لـ "المجاعة"

الضغوط الدولية المطالبة بوقف إطلاق النار تتزايد في ظل مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني في الهجوم الإسرائيلي على غزة

المجاعة هي حالة من الحرمان الشديد من الغذاء، تتميز بمستويات من الجوع والموت والعوز وسوء التغذية الحاد.

ومن أجل الإعلان عن مجاعة، تعتمد الأمم المتحدة على وكالاتها المتخصصة التي تتخذ من روما مقرا، مثل برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة "الفاو" اللتين تعتمدان من جانبهما على هيئة فنية تسمى "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي".

وتجري هذه الهيئة تحليلا لشدة انعدام الأمن الغذائي على سلم مبني على معايير دولية.

وتعد المجاعة المرحلة الأكثر خطورة في إطار مقياس انعدام الأمن الغذائي الحاد وفق "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"، الذي يعدد خمس مراحل: المرحلة الأولى "حد أدنى"، المرحلة الثانية "إجهاد"، المرحلة الثالثة "أزمة"، المرحلة الرابعة "طوارئ"، وأخيرا المرحلة الخامسة "كارثة أو مجاعة"، وفقا لتقرير نشرته وكالة فرانس برس.

ويتم بلوغ المرحلة الخامسة عندما تستوفي منطقة معينة المعايير التالية: يواجه 20 في المئة على الأقل من الأُسر نقصا حادا في الغذاء، ويعاني 30 في المئة من الأطفال على الأقل من نقص التغذية الحاد، ويموت كل يوم شخصان على الأقل من كل 10 آلاف شخص، أو ما لا يقل عن أربعة أطفال دون سن الخامسة من كل 10 آلاف طفل، بسبب الجوع أو بسبب التفاعل بين سوء التغذية والمرض.

مجاعة أم تجويع.. من يتحمل مسؤولية الكارثة في قطاع غزة؟
يعاني سكان قطاع غزة من "الجوع الشديد" نتيجة الحرب بين إسرائيل وحركة حماس "المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى"، وسط اتهامات للحكومة الإسرائيلية باستخدام "سلاح التجويع" ونفي إسرائيلي، بينما يكشف مختصون لموقع "الحرة" معنى ذلك المصطلح ومن المستفاد من معاناة المدنيين في القطاع.

بمجرد استيفاء المعايير يبقى على الأطراف المعنية على مستوى الدولة، مثل السلطات الحكومية، ووكالات الأمم المتحدة، إعلان المجاعة.

وقالت هيئة "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" لوكالة فرانس برس، الخميس، إن "عملية التحليل التالية بشأن غزة يجب أن تنتهي خلال النصف الأول من شهر مارس".

القانون الدولي وتجويع السكان في الحرب

رفح تستضيف نصف سكان غزة. أرشيفية

وفي رسالة أرسلها منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، إلى مجلس الأمن الدولي في أواخر فبراير، دعا المجلس إلى "ضمان احترام القانون الإنساني، بما في ذلك خطر استخدام تجويع السكان المدنيين كأداة للحرب" فيما يخص غزة، بحسب وكالة فرانس برس.

ويحظر القانون الدولي الإنساني حظرا مطلقا تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وتشرح آبي زيث، الخبيرة القانونية في الصليب الأحمر، عبر الموقع الإلكتروني للمنظمة أن القانون الدولي الإنساني وضع أدوات تحول دون انزلاق مناطق النزاعات لانعدام الأمن الغذائي والمجاعة.

وأشارت إلى أن القانون يضع قائمة غير حصرية بالأصول التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، والتي تعتبر محمية بموجب القانون الدولي ومنها: "المواد الغذائية والمناطق الزراعية والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري. ويحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل هذه الأعيان إلا في حالات استثنائية للغاية".

ويحظر القانون الدولي مهاجمة مجموعة من الأمور الأخرى التي تعتبر أساسية لحياة المدنيين أكان بمنع استخدام أسلحة بيولوجية أو كيميائية من شأنها التأثير بشكل دائم وطويل على المدنيين، أو تلك الهجمات التي قد تسبب خسائر فادحة مثل استهداف محطات الطاقة والسدود وخزانات المياه.

وتشير قواعد "الهجمات ضد الأعيان والمواد التي غنى عنها لبقاء السكان المدنيين" إلى وجود استثنائين: الأول عندما تكتسب هذه الأهداف صفة عسكرية، في حال استخدامها من قبل المقاتلين وحدهم، أو دعمها بشكل مباشر للأعمال العسكرية، ومع ذلك يشمل الحظر مهاجمتها إن كان سيسبب ذلك تجويعا للسكان.

أما الاستثناء الثاني، في حالة تطبيق "سياسة الأرض المحروقة"، وهو ما يمكن تطبيقه في "حالة الدفاع عن أرض الوطن ضد الغزو" إذا كانت هناك ضرورة عسكرية ملحة.

وتبين الخبيرة القانونية زيث أن كل طرف مسلح يتحمل المسؤولية عن ضمان أن الاحتياجات الأساسية للسكان ضمن مناطق سيطرته ملبّاة، بما في ذلك الاحتياجات الغذائية، ويقر القانون الدولي ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية.

وتؤكد أنه لا يجوز لأي من أطراف النزاع "حجب موافقتها" على عروض المنظمات الإنسانية تقديم خدماتها بشكل "تعسفي أو غير قانوني"، بحيث يتعين على أطراف النزاع السماح "وتيسير المرور للإغاثة الإنسانية من دون معوقات، مع احتفاظ حقهم بالمراقبة".

وتلفت زيث إلى أن "النزاعات المسلحة" تمثل العامل الرئيسي لانعدام الأمن الغذائي، وهو ما دفع بأكثر من 117 مليون شخص إلى هوة انعدام حادة في الأمن الغذائي في 2023.

تمنع "الأمم المتحدة" استخدام التجويع كسلاح في النزاعات، بعد قرار من مجلس الأمن صادر عام 2018، وتعتبر ذلك "جريمة حرب".

ويشير خبير القانون الدولي، أيمن سلامة، في حديث سابق لموقع "الحرة" إلى أن "تجويع المدنيين أثناء النزاعات المسلحة يعد جريمة حرب وفق القانون الدولي الإنساني".

وأضاف تحظر القوانين الدولية "التجويع المتعمد للمدنيين سواء من خلال فرض الحصار أو تدمير المحاصيل أو منع وصول المساعدات الإنسانية".

والمادة الثامنة من نظام المحكمة الجنائية الدولية تنص كذلك على أن "تجويع المدنيين عمدا بحرمانهم من المواد الضرورية التي لا غنى عنها لبقائهم بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية الإنسانية" يعد جريمة حرب، حسبما يوضح سلامة.

ويؤكد سلامة أن تجويع المدنيين "وليس المحاربين المقاتلين" يشكل انتهاكا للقوانين الإنسانية الدولية، التي تهدف لحماية "الغزل غير المنخرطين في النزاع المسلح".

وحسب سلامة، يتم "ارتكاب تجويع المدنيين" إثناء النزاعات المسلحة عن طريق عدة وسائل منها، "فرض حصار على إقليم أو قطاع أو محافظة أو مدنية، ومنع دخول الغذاء والمواد الضرورية، والمساعدات الإنسانية".

وينص "نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية" على أن تجويع المدنيين عمدا "بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية" هو جريمة حرب. 

وتؤكد منظمة هيومان رايتس ووتش أن القانون الإنساني الدولي، وقوانين الحرب تحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.

وتشير المنظمة إلى أن إثبات هذا الأمر في غزة "لا يتطلب القصد الإجرامي اعتراف المهاجم، ولكن يمكن أيضا استنتاجه من مجمل ملابسات الحملة العسكرية".

وأضافت أن "الحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، فضلا عن إغلاقه المستمر منذ 16 عاما، يرقيان إلى مصاف العقاب الجماعي للسكان المدنيين، وهو جريمة حرب. وباعتبارها القوة المحتلة في غزة بموجب 'اتفاقية جنيف الرابعة'، من واجب إسرائيل ضمان حصول السكان المدنيين على الغذاء والإمدادات الطبية".

الأمن الغذائي في غزة

منظمات حقوقية عديدة حذرت من مجاعة في غزة

وتقدر الأمم المتحدة أن 2.2 مليون شخص، أي الغالبية العظمى من سكان غزة، معرضون لخطر المجاعة، خصوصا في شمال القطاع حيث بات إيصال المساعدات شبه مستحيل بسبب الدمار الهائل والمعارك والقصف وأعمال النهب.

وقال نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، كارل سكاو، أمام مجلس الأمن الدولي: "ما لم يحدث أي تغيير، فإن شمال غزة يواجه مجاعة وشيكة".

من جهته، قال نائب المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، ماوريتسيو مارتينا: "في السيناريو الأكثر ترجيحا، سوف ينهار الإنتاج الزراعي في الشمال بحلول مايو 2024".

ووفقا للجمعية الفلسطينية للتنمية الزراعية، دمرت القوات الإسرائيلية ربع المزارع في شمال قطاع غزة بشكل كامل.

وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" هذا الأسبوع من أن النقص الحاد المستمر في الغذاء قد يؤدي إلى "انفجار" معدل وفيات الرضع في غزة، حيث يعاني واحد من كل ستة أطفال تحت سن الثانية من سوء التغذية الحاد.

"نمط واضح".. تحقيق: معايير إسرائيل "التعسفية" لمساعدات غزة 
يقول العاملون في المجال الإنساني والمسؤولون الحكوميون الذين يعملون على إيصال المساعدات التي تشتد الحاجة إليها إلى غزة، إن "نمطا واضحا" قد ظهر من العرقلة الإسرائيلية، حيث تسيطر الأمراض والمجاعة على أجزاء من القطاع المحاصر، وفق ما ذكرته شبكة "سي إن إن". 

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، السبت، أن 13 طفلا على الأقل توفوا بسبب "سوء التغذية والجفاف"، بعد يومين على مقتل عشرات الفلسطينيين خلال محاولتهم الحصول على مساعدات من قافلة شاحنات إغاثة في مدينة غزة.

"تعسف" إسرائيلي

شاحنات المساعدات تنتظر تمريرها عبر المعابر الإسرائيلية

وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" ينس لاركه، الجمعة، إن "المجاعة تكاد تكون حتمية" في غزة إذا لم يتم التعجيل بإدخال كميات كافية من المساعدات.

وأشار إلى التوقف شبه الكامل للواردات الغذائية التجارية، ومحدودية عدد شاحنات المساعدات الغذائية التي تسمح إسرائيل لها بدخول القطاع، و"القيود الهائلة" التي تحول دون التنقل داخل غزة.

من جهتها، قالت لجنة الإنقاذ الدولية إن مجرد التفكير في عمليات الإنزال الجوي للمساعدات "يعد دليلا على التحديات الخطرة التي تواجه الوصول" الإنساني.

ويقول عاملون في المجال الإنساني ومسؤولون حكوميون يعملون على إيصال المساعدات في غزة لشبكة "سي إن أن" إن هناك "نمطا واضحا" قد ظهر من "العرقلة" الإسرائيلية، حيث تسيطر الأمراض والمجاعة على أجزاء من القطاع المحاصر.

وسلطت الشبكة الأميركية الضوء على المعايير "التعسفية والمتناقضة" التي فرضتها الوكالة الإسرائيلية المشرفة على إيصال المساعدات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.

كما قامت الشبكة بمراجعة الوثائق التي جمعها المشاركون الرئيسيون في العمليات الإنسانية والتي تحدد المواد التي يرفضها الإسرائيليون بشكل متكرر. وتشمل هذه الأجهزة أجهزة وآلات التخدير وأسطوانات الأوكسجين وأجهزة التنفس الصناعي وأنظمة تنقية المياه.

وتشمل المواد الأخرى "التي انتهى بها الأمر في مأزق بيروقراطي" التمور وأكياس النوم وأدوية علاج السرطان وأقراص تنقية المياه ومستلزمات الأمومة، وفق تعبير الشبكة.

ولم تستجب "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" حتى الآن لطلب "سي إن إن" للتعليق على نتائج تحقيقها.

وقالت الوحدة الإسرائيلية في منشور عبر منصة إكس مطلع مارس "إنه تم تفتيش ونقل 260 شاحنة مساعدات إلى غزة، وهذا يعد أحد أكبر أعداد الشاحنات التي تم نقلها في الأسابيع الماضية".

وأصبحت مسألة تحديد من يقوم بتوفير الأمن لشحنات المساعدات مشكلة كبيرة. فليس لدى الأمم المتحدة مشرفون خاصون بها. وهاجمت القوات الإسرائيلية الشرطة الفلسطينية التي كانت ترافق شاحنات المساعدات، واتهمت بعض أفرادها بالانتماء إلى حماس بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وتقول إسرائيل إنها ملتزمة بتحسين الوضع الإنساني في غزة، وتتهم مسلحي حركة "حماس" بتعريض المدنيين الفلسطينيين للخطر باستخدامهم دروعا بشرية.

وأشار متحدث باسم السفارة الإسرائيلية لدى واشنطن لوكالة رويترز إلى بيان صدر الخميس قال فيه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، إن بلاده تنسق عمليات تسليم المساعدات وتريد وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع.

وقال هاغاري في بيان مصور "نعمل على مدار الساعة لتحقيق ذلك... إسرائيل لا تضع قيودا على حجم المساعدات التي يمكن دخولها إلى غزة".

وانتقدت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة إسرائيل لرفضها محاولات نقل المساعدات الإنسانية إلى الأجزاء الشمالية من غزة، مما أدى إلى تقييد الحركة والاتصالات.

وقال برنامج الأغذية العالمي مؤخرا إنه أوقف تسليم المساعدات الغذائية إلى شمال غزة مؤقتا حتى تسمح الظروف في القطاع الفلسطيني بتوزيعها بشكل آمن.

وقالت الأونروا، الجمعة، إنه خلال شهر فبراير، دخلت 97 شاحنة في المتوسط غزة يوميا مقارنة بحوالي 150 شاحنة يوميا في يناير، مضيفة أن "عدد الشاحنات التي تدخل غزة لا يزال أقل بكثير من الهدف وهو 500 شاحنة يوميا."

ووفقا لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" دخلت ما يزيد قليلا عن 2300 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة في فبراير، وهو عدد يقل بنحو 50 في المئة عن المسجل في يناير. 

وهذا أقل بكثير من 100 شاحنة يوميا في المتوسط، مقارنة مع نحو 500 شاحنة كانت تدخل يوميا قبل الحرب. 

على من تقع مسؤولية تفاقم الجوع؟

دمار واسع في أجزاء كبيرة من قطاع غزة بسبب الحرب المستمرة منذ أشهر

وفي اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الثلاثاء، بشأن المجاعة في غزة، أشارت الولايات المتحدة صراحة إلى أن حليفتها إسرائيل تتحمل مسؤولية تأخير وصول المساعدات.

وقال روبرت وود، نائب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة لمجلس الأمن: "ببساطة يجب على إسرائيل أن تبذل مزيدا من الجهد".

وتقول إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن الحل الأفضل للأزمة الإنسانية هو وقف مؤقت لإطلاق النار. وتظهر الإدارة الأميركية استياءها من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، رغم استمرار المفاوضات.

وأكد بايدن في إعلانه، الجمعة، عن إنزال جوي أميركي للمساعدات لغزة، والذي نفذته واشنطن لأول مرة السبت، أن إدارته ستحرص على رفع الضغط على إسرائيل، مؤكدا أنه "لن تكون هناك أي أعذار". 

وانتقد وزير الخارجية الفرنسي في مقابلة مع صحيفة "لوموند" الفرنسية نشرت، السبت، السلطات الإسرائيلية معتبرا أنها مسؤولة عن منع وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وقال ستيفان سيجورنيه: "من الواضح أن مسؤولية منع وصول المساعدات إلى قطاع غزة هي إسرائيلية"، مشيرا إلى أن الوضع الإنساني الكارثي "يؤدي إلى أوضاع لا يمكن الدفاع عنها ولا يمكن تبريرها يتحمّل الإسرائيليون مسؤوليتها".

وأشار إلى أن السلطات الإسرائيلية لم تفتح أي معابر إضافية و"تزيد المجاعة من الرعب".

والسبت، رأى أن هناك "طريقا مسدودا بشأن رفح" في جنوب القطاع حيث يتكدّس حوالى مليون ونصف مليون فلسطيني، بحسب الأمم المتحدة، على الحدود المغلقة مع مصر، في حين أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو شن هجوم بري قريبا على رفح لإلحاق الهزيمة بالحركة في "معقلها الأخير".

وأعاد وزير الخارجية الفرنسي تأكيد أن ذلك سيكون "كارثة إنسانية جديدة، نبذل قصارى جهدنا لتفاديها" مذكرا بأن فرنسا تدعو منذ أشهر إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وتناقلت تقارير أنباء عن إطلاق إسرائيلي للنار على فلسطينيين خلال توزيع مساعدات في شمال غزة، وأدت الواقعة إلى مقتل أكثر من 110 أشخاص بحسب وزارة الصحة في القطاع التي أعلنت أن حصيلة الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر تجاوزت 30 ألف قتيل. 

لكن السلطات الإسرائيلية نفت إطلاق النار، مشيرة إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي أطلقت النار لتفريق الحشود التي هرعت للحصول على المساعدات، ونسبت الوفيات والإصابات جراء الواقعة إلى الدهس بسبب الحشود المتهافتة للطعام.  

وكان المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، قد قال في تصريحات سابقة لموقع "الحرة" إن المواجهات العسكرية بين إسرائيل وحماس أدت لوجود "حالات جوع بين المدنيين العزل في قطاع غزة".

وشدد شتيرن على أن حماس تركت سكان غزة "يعانون وحدهم"، لكن يجب وقف هذه المعاناة".

ورأى المحلل السياسي الإسرائيلي أن حماس منذ البداية تقول إنها "غير مسؤولة عن الشعب في غزة"، وترى أنها "مسؤولية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية"، وبالتالي فهم يتركون شعبهم يعاني وحده، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن حماس تستغل "الجوع في غزة"، وتعمل على استغلال التقارير حول ذلك لـ" لتسريع استعداد إسرائيل لوقف إطلاق النار بشروط محسنة، بينما الشعب يعاني".

تحذيرات حديثة من "تسليح الغذاء" في الحرب

أكثر من مليون نازح من غزة يتكدسون حاليا في رفح والمناطق المحيطة بها على الحدود مع مصر

ولعل أحدث الشواهد التاريخية في استخدام الغذاء والجوع كسلاح في الحرب، ما حصل في الحرب الروسية على أوكرانيا.

وفي أغسطس الماضي اتهم وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن روسيا أمام مجلس الأمن الدولي بـ "الابتزاز" بسبب انسحابها الأخير من مبادرة الحبوب الرئيسية.

وقال الوزير الأميركي الذي ترأس اجتماعا حول انعدام الأمن الغذائي أمام مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا إنه "يجب عدم تحويل الجوع سلاحا".

وذكر روسيا قائلا إن غزوها لأوكرانيا العام الماضي أدى إلى "اعتداء" على نظام الغذاء العالمي.

وكانت روسيا قد رفضت في يوليو من 2023 تمديد الاتفاق الذي سمح بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود ما أدى إلى ارتفاع أسعار الحبوب الذي أثر بشدة على الدول الفقيرة.

الاتفاق الذي وقع في يوليو 2022 بين أوكرانيا وروسيا برعاية تركيا والأمم المتحدة، هدفه التخفيف من خطر المجاعة في العالم من خلال ضمان وصول الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق رغم الحرب.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تعليقا على قرار روسيا حينها إن مئات الملايين في العالم "سيدفعون ثمن" قرار روسيا الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.

وشدد على أن "مئات ملايين الأشخاص يواجهون الجوع، فيما المستهلكون يواجهون أزمة عالمية لكلفة الحياة. سيدفعون الثمن"، معتبرا ان القرار الروسي "يشكل ضربة لمن هم في حاجة في كل أنحاء العالم".

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منتصف 2022 قد اتهم روسيا باستخدام "الطاقة كما تستخدم الغذاء كسلاح حرب..".

روسيا استهدفت باستمرار منشآت الحبوب الأوكرانية (أرشيف)

وقالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية "الفاو" إن "تأثير الحرب في أوكرانيا على الأمن الغذائي العالمي بسبب المساهمات الكبرى لأوكرانيا وروسيا في إنتاج وتجارة الوقود عالميا وكذلك المواد الزراعية والمنتجات الغذائية الأساسية لا سيما القمح والذرة وزيت دوار الشمس" تؤثر في زيادة أعداد الجياع حول العالم.

وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 "إلى تعطيل الإنتاج الزراعي والتجارة في منطقة البحر الأسود ما تسبب في ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية عالميا في النصف الأول من عام 2022".

وهذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها روسيا "الغذاء والجوع" كسلاح.

وقال الطبيب الفرنسي رفائيل بيتي الذي يعمل مع منظمات إنسانية شاركت في تقديم المساعدة خلال النزاع السوري في تقرير سابق لوكالة فرانس برس إن "الجيش الروسي يلجأ في أوكرانيا إلى النهج نفسه الذي اتبعه في سوريا لدفع الخصم الى الاستسلام والمدنيين الى الفرار، عبر محاصرة المدن وقصفها بشكل مكثف وتدمير المستشفيات".

وأضاف "رأينا كيف دفع  الروس مدينة حلب على الاستسلام عام 2016. لقد فعلوا ذلك على ثلاث مراحل: قاموا بمحاصرتها ثم قصفها بشكل مكثف يوميا.. ثم انتظار أن يستسلم المدنيون من خلال الجوع والبرد وعدم توفر مياه الشرب".

وأشارت فرانس برس إلى أن مدينة ماريوبول الأوكرانية الساحلية الإستراتيجية على البحر الأسود خير مثال على ذلك منذ بدء التدخل الروسي في أوكرانيا، حيث قتل أكثر من ألفين من سكان المدينة المحاصرين تحت القصف والبرد والجوع، بحسب رئيس بلديتها.

وكانت قد استخدم الاتحاد السوفيتي في ثلاثينيات القرن الماضي "الجوع" كسلاح عندما تسبب في موت ملايين الأشخاص في أوكرانيا.

وتستخدم أوكرانيا مصطلح "الهولودومور" أو "القتل بالتجويع" وهو يمثل ما تعرضوا له من إبادة جماعية بالتجويع القسري والمخطط له من قبل السلطات السوفياتية ضد السكان الأوكرانيين في عامي 1932 و1933.

ويثير الحصار الذي تفرضه روسيا على صادرات أوكرانيا من الحبوب عبر البحر الأسود مخاوف من أن موسكو تستخدم الغذاء كسلاح حرب، واحتمال أن يعيد التاريخ نفسه من هذه الناحية.

وفي الحرب التي تدور في سوريا منذ 2011، شكل "الجوع" سلاحا استخدم على نطاق واسع.

وبحسب منظمة أطباء بلا حدود فإن مدينة مضايا هي من المدن الأكثر تضررا، وعاش فيها أكثر من 40 ألف شخص تحت الحصار لأشهر، ولقي عشرات الأشخاص حتفهم جراء الجوع بين 1 ديسمبر 2015 ونهاية يناير 2016.

وفي مخيم اليرموك بسوريا عانى عشرات آلاف اللاجئين من "الجوع والاقتتال" بحسب تقرير لوكالة فرانس برس، خلال سنوات الحرب والتي دفعت بالعديد من السكان للنزوح.

وسيطر تنظيم داعش لفترة على المخيم، فيما دار الاقتتال مع مجموعات فلسطينية، وواصلت قوات النظام حصارا بدأته في صيف 2013 وتسبب بمعاناة إنسانية قاسية.

واندلعت المعارك في مخيم اليرموك في سبتمبر 2012، وتمكنت مجموعات من المعارضة المسلحة من السيطرة عليه، بينما انقسمت المجموعات الفلسطينية المقاتلة مع النظام وضده. وبعد أشهر من المعارك، أحكمت قوات النظام حصارها على المخيم الذي بات يعاني من نقص فادح في المواد الغذائية والأدوية، ما تسبب بوفاة نحو مئات الأشخاص وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وفي عام 2014، اتهمت منظمة العفو الدولية الجيش السوري باستخدام الجوع كـ"سلاح حرب" ولا سيما في حصاره لمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق.

أشخاص ينتظرون تلقي مساعدة غذائية من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين في مخيم اليرموك. أرشيف

وقال بيتي، في ديسمبر الماضي ،لوكالة فرانس برس: "خلال حرب 1914-1918 (الحرب العالمية الأولى) حوالي 80 في المئة من القتلى كانوا جنودا والباقي من السكان. أما اليوم، فقد انعكس هذا الرقم تماما. أصبح 80 في المئة من القتلى مدنيين و20 في المئة جنودا".

وأضاف "من الآن فصاعدا، عندما تقدمون المساعدة في مناطق يسيطر عليها متمردون أو نظام ما، يمكننا أن نعتبر أنكم تقفون إلى جانب الخصم". 

وتابع "في سوريا، أصبحت المستشفيات أيضا أهدافا. وتم اعتقال العاملين في مجال الرعاية الصحية وتعذيبهم وقتلهم". ووصل عدد العاملين الطبيين المقتولين إلى نحو ألف مذاك الحين وفق قوله.

من جهتها، تقول كبيرة مسؤولي الإغاثة الإنسانية في منظمة "كير إنترناشونال" ديبمالا ماهلا للوكالة "في بعض المناطق مثل غزة أو إثيوبيا، تستخدم المجاعة كسلاح حرب ومن غير المرحب به أن تحاول منظمات غير حكومية مساعدة أشخاص يعانون من الجوع".

وفي أفريقيا، في عام 2022 اتهم فريق من الخبراء من الأمم المتحدة إثيوبيا بارتكاب جرائم محتملة ضد الإنسانية في تيغراي واستخدام الجوع كسلاح حرب.

الحرب بين الحكومة الفدرالية ومتمردي تيغراي تخللها انتهاكات حقوقية عدة - صورة أرشيفية

ورأت لجنة مكونة من ثلاثة خبراء وضعت تقريرا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قد تكون ارتكبت خلال النزاع الذي شهدته إثيوبيا منذ نهاية عام 2020 في منطقة تيغراي شمال البلاد.

وأشار الخبراء إلى أن الوضع الكارثي في تيغراي حيث حرمت الحكومة الفيدرالية وحلفاؤها حوالي ستة ملايين شخص من الوصول إلى الخدمات الأساسية لأكثر من عام، وحيث أدت القيود الشديدة على وصول المساعدات الإنسانية إلى ترك 90 في المئة من السكان في حاجة ماسة للمساعدة.

وفي اليمن، مثلت المجاعة بسبب الحرب مشكلة أيضا، حيث تشهد البلاد صراعا منذ 2014 بين الحوثيين المدعومين من إيران والحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، ما أدى إلى مقتل مئات الآلاف ودفع الملايين إلى حافة المجاعة.

ويشهد اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية، نزاعا داميا منذ 2014 بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين. وتصاعد النزاع مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس 2015 لوقف تقدم الحوثيين بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء.

وأودى الصراع مذاك بعشرات آلاف اليمنيين وتسبب بأزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم مع نزوح ملايين الأشخاص.

وأدى وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيز التنفيذ في أبريل 2022، إلى خفض العمليات القتالية بشكل كبير. وانتهت مدّة الهدنة في أكتوبر من غير أن يتوصل الأطراف إلى اتفاق لتجديدها، لكن وقف إطلاق النار لا يزال صامدا إلى حد بعيد.

وفي فبراير الماضي، حذرت القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" من أن هجمات الحوثيين التي أعلنوا شنها على السفن في البحر الأحمر لما وصفوه بدعم للفلسطينيين في غزة، أدت إلى تعطيل المساعدات الإنسانية المتجهة إلى اليمن، وأضرت باقتصادات الشرق الأوسط، ناهيك عن أضرار بيئية في المنطقة.

وفي السودان، أعلن فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الجمعة، إن المنع المتعمد والواضح لوكالات الإغاثة من الوصول الآمن إلى داخل السودان الذي تمزقه الحرب يمكن أن يرقى إلى جريمة حرب، بحسب وكالة رويترز.

يعاني ما يقرب من 18 مليون شخص في أنحاء السودان من "الجوع الحاد"

وتخوض قوات الدعم السريع شبه العسكرية قتالا مع الجيش السوداني للسيطرة على البلاد منذ أبريل من العام الماضي في حرب أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد الملايين داخل البلاد وخارجها وأثارت تحذيرات من حدوث مجاعة.
وأضاف أن "المنع المتعمد على ما يبدو لوكالات الإغاثة من الوصول الآمن ودون عوائق إلى داخل السودان يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، وقد يرقى إلى مستوى جريمة حرب".

وتابع "أدعو مجددا الطرفين المتحاربين إلى الوفاء بالتزاماتهما القانونية من خلال فتح الممرات الإنسانية فورا قبل فقدان المزيد من الأرواح".

ووفقا للأمم المتحدة، يحتاج نصف سكان السودان، البالغ عددهم حوالي 25 مليونا، إلى المساعدة الإنسانية والحماية في حين نزح الملايين إلى جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.