Emergency services work at a building hit by an air strike in Damascus, Syria, Monday, April 1, 2024.   An Israeli airstrike…
تعتبر إسرائيل قدرة إيران على صنع أسلحة نووية بمثابة تهديد لوجودها (تعبيرية)

قال تقريرٌ لوكالة بلومبرغ، الاثنين، إن "حرب الظل" بين إيران وإسرائيل وصلت إلى مرحلة جديدة وخطيرة، وذلك إثر الهجوم الذي استهدف قنصلية طهران في دمشق، والذي اتُهمت إسرائيل بالوقوف وراءه.  

ويسود صراع بين إسرائيل وإيران منذ فترة طويلة، وقد هاجم الطرفان بعضهما البعض، بطريقة غير مباشرة، في عدة مناسبات، بينما استخدمت طهران وكلاءها في المنطقة لضرب إسرائيل، وهو ما قد يتصاعد أكثر في غمرة حرب إسرايل وحماس، التي اندلعت في السابع من أكتوبر الماضي.  

وقالت بلومبرغ "مع استمرار القتال بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، وانضمام الجماعات المسلحة الأخرى المدعومة من إيران إلى المعركة، دخلت حرب الظل مرحلة جديدة خطيرة".

والاثنين، أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني أن غارة جوية إسرائيلية استهدفت مبنى قنصلية البلاد في العاصمة السورية دمشق، أدت إلى مقتل قائد كبير في الحرس الثوري الإسلامي، من بين آخرين. 

كانت هذه مجرد حلقة أخرى من بين عدة حلقات من الصراع بينهما لا سيما في الأشهر الأخيرة.

حلقات الصراع والخطر النووي

في 15 يناير الماضي، استخدمت إيران الصواريخ لمهاجمة ما قالت إنها قاعدة تجسس إسرائيلية في العراق.

وقالت إيران إن هجومها على ما وصفته بأنه "مقر تجسس" إسرائيلي في إقليم كردستان العراق كان ردا على ضربة جوية "إسرائيلية" في دمشق يوم 25 ديسمبر 2023 أدت إلى مقتل قائد كبير بالحرس الثوري. 

وشنت إيران هجمات متعددة على كردستان منذ أواخر عام 2022.

وتتهم إيران الجماعات الكردية الانفصالية في المنطقة، بالتعاون مع أجهزة أمنية أجنبية ضدها.

واستخدمت إسرائيل في الماضي منشآت في شمال العراق لجمع معلومات استخباراتية عن إيران، وفقا لتقارير متعددة.

وتعتبر إسرائيل قدرة إيران على صنع أسلحة نووية بمثابة تهديد لوجودها، ويُعتقد أنها تقف وراء حملة تخريبية ضد البرنامج النووي للبلاد. 

ويقول زعماء إيران إنهم ليس لديهم أي طموح لصنع أسلحة نووية، بينما يشير إسرائيليون إلى أن وثائق حصل عليها عملاؤها من إيران في عام 2018 تؤكد خلاف ذلك. 

وقد أشار مسؤولون إسرائيليون مرارا إلى أنه إذا وصلت إيران إلى حافة القدرة على صنع أسلحة نووية، فإنها سوف تهاجم برنامجها النووي باستخدام القوة الجوية، كما فعلت في العراق في عام 1981 وفي سوريا في عام 2007.

جبهات الصراع الخارجية 

يعد لبنان أقدم جبهة في المعركة بين إسرائيل وإيران، لكن الصراع الآن امتد لسوريا وحتى البحر الأحمر. 

وردا على الغزو الإسرائيلي لجنوب البلاد في عام 1982، تم تشكيل ميليشيا أصبحت تعرف باسم حزب الله. وأصبحت هذه المجموعة "إلى حد ما وكيلا للحرس الثوري" وفق بلومبرغ.

وتقاتلت إسرائيل وحزب الله مرارا ، بما في ذلك حرب عام 2006. 

ومنذ 7 أكتوبر، عبّر حزب الله عن تضامنه مع حماس بإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون والقذائف الصاروخية على إسرائيل بشكل يومي تقريبا، مما دفع إسرائيل للرد.

والاثنين، ندّد حزب الله بالغارة التي دمّرت مبنى القنصلية، مؤكّداً أنّ "هذه الجريمة لن تمرّ دون أن ينال العدو العقاب والانتقام".

وخلال الحرب الأهلية في سوريا، قامت إيران بتأمين وجود عسكري لدعم حليفها، الرئيس بشار الأسد، وتسهيل النقل البري للأسلحة المخصصة لحزب الله من إيران إلى لبنان عبر العراق وسوريا. 

وفي محاولة لوقف تدفق الأسلحة ومواجهة هذا الوجود العدائي الثاني على حدودها الشمالية، نفذت إسرائيل مئات الضربات داخل سوريا ضد شحنات أسلحة وأهداف أخرى تقول إنها مرتبطة بإيران وحلفائها، مما أدى في بعض الحالات إلى مقتل إيرانيين. 

وبحسب وسائل الإعلام، كثفت إسرائيل بعد 7 أكتوبر، ضرباتها ضد الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا بعد أن اقتربت من الحدود الإسرائيلية.

الهجمات الانتقامية بالبحر

هناك جانب آخر من حرب الظل، وهو الهجمات الانتقامية على السفن التجارية في البحر، والتي بدأت في عام 2019. 

وعلى الرغم من أن إسرائيل وإيران لم تقبلا المسؤولية عن الهجمات على السفن المتصلة بهما، إلا أنه يعتقد على نطاق واسع أنهما تقفان وراءها. 

وكانت الخسائر في الأرواح نادرة، ولكن في يوليو 2021، قُتل أحد أفراد الطاقم البريطاني والروماني عندما ضربت طائرة بدون طيار سفينة تديرها إسرائيل في خليج عمان، وربطها مسؤولون أميركيون بإيران. 

وشملت الأهداف السابقة الناقلات الإيرانية التي تحمل النفط المتجه إلى سوريا؛ وسفينة إيرانية قبالة سواحل اليمن كانت بمثابة قاعدة عائمة للحرس الثوري؛ وسفن الشحن التابعة للإسرائيليين أو المرتبطة بهم.

وفي تصعيد للهجمات في البحر، منذ 7 أكتوبر، حاول المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، والذين سيطروا على شمال غرب اليمن منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2014، ضرب إسرائيل بالصواريخ والطائرات بدون طيار وهاجموا بشكل متكرر السفن في البحر الأحمر.

ويقول الحوثيون إنهم يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل – أو بالولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، والتي شنت غارات جوية على أهداف الحوثيين في اليمن ردًا على الهجمات – ولكن تم ضرب السفن التي ليس لها اتصال بهذا الاتجاه أيضا.

استهدافات داخلية 

على الرغم من أن إيران استوعبت في الغالب الضربات الإسرائيلية على مصالحها في سوريا، إلا أن قواتها هناك أطلقت في عام 2018 وابلًا من الصواريخ باتجاه المواقع الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، وهي هضبة سورية تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. 

في المقابل، يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تقف وراء اغتيال خمسة علماء نوويين إيرانيين في طهران منذ عام 2010 وعدة هجمات على مواقع نووية داخل إيران. 

وفي أبريل 2021، ألقت إيران باللوم على إسرائيل وتعهدت بالانتقام من انفجار في أكبر منشأة لتخصيب اليورانيوم في نطنز، والذي قالت إنه تسبب في أضرار كبيرة لأجهزة الطرد المركزي لديها. 

كانت تلك المرة الثانية خلال أقل من عام التي يتعرض فيها الموقع لانفجار مشبوه. 

ولم تؤكد إسرائيل أو تنف مسؤوليتها عن أي من الهجومين.

وفي منتصف فبراير الماضي، قالت إيران إن إسرائيل كانت وراء هجوم على شبكتها لنقل الغاز أدى إلى انقطاع الإمدادات. 

وقبل عام من ذلك، بعد تعرض مستودع ذخيرة إيراني بالقرب من مدينة أصفهان بوسط البلاد لهجوم بطائرة بدون طيار، ذكرت صحيفتان أميركيتان أن إسرائيل هي المسؤولة. 

وفي عام 2021، قال جنرال إيراني إن إسرائيل كانت على الأرجح وراء هجوم إلكتروني أدى إلى شل محطات الوقود في جميع أنحاء إيران.

الملابس الصينية السريعة

توفر شركات الموضة الصينية منتجات شبيهة بأحدث منتجات دور الأزياء العالمية، بأسعار زهيدة مغرية. لكن السؤال: هل يمكن تحمل تكاليفها؟

يقول إينار تنجين، الخبير في الشأن الصيني، إن شركات الأزياء الصينية تلاحق آخر صيحات الموضة، وتقدم منتجا يشبه ما يراه الناس في عروض الأزياء في نيويورك أو ميلان، على سبيل المثال، وبسعر متاح على نطاق واسع، رغم أن المنتج ليس بنفس الجودة.

لكن الجودة، هنا، لا تتعلق بمتانة المنتج أو تميزه حِرفيا، فحسب.

جويل الحج موسى أعدت تحقيقا لبرنامج "الحرة تتحرى" فتح ملف الأزياء الصينية ووجد حقائق صادمة.   

السموم

تعتمد كبريات علامات الأزياء الصينية، بشكل كبير، على الألياف الصناعية ـ البوليستر والنايلون والاكليريك ـ وموادة مستخلصة من البتروكيمياويات.

تشكل المواد الداخلة في صناعة تلك الأقمشة ـ وفق دراسة لمؤسسة "Plastic Soup" ـ خطرا كبيرة على صحة المستهلك.

ما يقرب من 70 في المئة من ملابس علامات الأزياء التجارية الصينية، ومعظم المفروشات والستائر والسجاد مصنوعة البوليستر والنايلون والأكريليك، وبمجرد استنشاقها، وفق الدراسة، يمكن للألياف الاصطناعية أن تخترق أنسجة الرئة وتسبب التهابا مزمنا. 

وتربط تقارير علمية بين المواد الصناعية المستخدمة في صنع الأقمشة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والربو والسكري. 

ويمكن لجزيئات تلك المواد أن تصل، إذ نستنشقها، إلى الكبد والقلب والكلى والمخ، وحتى إلى الأجنة في الأرحام.

في خريف 2021، كشفت تحقيقات صحفية، في كندا، وجود مواد ضارة في الملابس التي يقتنيها الكنديون عبر مواقع التسوق الصينية. 

في سترة أطفال تم شراؤها من موقع Shein الصيني، اثبتت الاختبارات وجود ما يقارب 20 ضعفا من كمية الرصاص المسموح بها قانونية لأسباب صحية. 

وبحسب موقع وزارة الصحة الكندية، يتسبب الرصاص بأضرار في الدماغ والقلب والكلى والجهاز التناسلي. 

الرضّع والأطفال والحوامل هم الحلقة الأضعف والأكثر عرضة للخطر. 

رغم أن الرصاص عنصر طبيعي يمكن  العثور عليه في البيئة المحيطة، تتجاوز نسبته في الملابس الصينية، وفق نتائج الدراسة، مستويات التلوث البيئي، أو الكميات الصغيرة التي تتعرض لها الملابس عن غير قصد أثناء عمليات التصنيع. 

إثر التحقيقات الكندية، أعلنت شركة Shein سحب قطع ملابس، وأكد المتحدث باسم الشركة "الامتثال لمعايير السلامة"، الا أن الاتهامات تصاعدت لتطال كبريات منصات التسوق الصينية، مثل TEMU وAli Express. 

وأكدت نتائج فحوص مختبرية، أجريت في كوريا الجنوبية وفرنسا، ارتفاع نسب المواد السامة في منتجات الموضة السريعة الصينية. 

يقول نيكولاس لوريس، الخبير في شؤون الطاقة والسياسات البيئية إن مواد سامة تُستخدم في جميع أنواع الصناعات تقريبا، لكن ضمن معايير محددة تحمي العمال والمستهلكين، وتحافظ على البيئة. 

"مشكلة النموذج الصيني هي أنهم يتجاهلون كل هذه المعايير، وهنا يكمن الخطر الحقيقي". 

إغراء الأسعار

التقارير عهن سموم المواد البيتروكيمياوية لم تحُل دون تهافت الزبائن ـ حول العالم ـ على الصناعات الصينية. 

الأسعار مغرية.

لهذا، تسبق الصين دول العالم في إنتاج الأنسجة وتصديرها.

في عام 2022، شكلت صادرات الصين من المنسوجات 43 في المئة من الصادرات العالمية. وفي عام 2023، أنتجت الصين 19.36 مليار قطعة ملابس. وبلغ حجم صادرات الصين عام 2024 أكثر من 301 مليار دولار.

وساهمت شركات الموضة السريعة الصينية على نحو كبير في تحقيق هذا التفوق. وبحسب أرقام منظمة التجارة العالمية، تشحن شركتا TEMU وShein مجتمعتين، حوالي 9000 طن من البضائع إلى دول حول العالم يوميا، أي ما يساوي حمولة 88 طائرة بوينغ عملاقة. 

تقول هدى حلبي، وهي حرفية متخصصة في الخياطة، إن البضاعة الصينية اليوم تغزو العالم، لكن غالبيتها غير صالحة للخياطة. "لا تملك الناس المال لشراء النوعية الجيدة للأقمشة ولذلك تشتري الأرخص وسرعان ما يقومون برميه".

وفرة نفايات

ما يظنه المستهلك توفيرا، يدفعه أضعافا، تقول حلبي، في سباق محموم للحاق بصيحات الموضة السريعة. وتضيف دارين شاهين، إعلامية، خبيرة موضة لبنانية، أن الدخول في لعبة الترند والموضة يجعلنا ندفع بضع دولارات على بعض الألبسة لنقوم بالنهاية برميها إلى النفايات. 

وتتابع حلبي أن "الأزياء التي تعتمد على الكلاسيكية، الأزياء البطيئة، هي قطع ممكن شراؤها من ماركات عالمية، وهي غالبا تكون أسعارها مكلفة أكثر، ولكن بطبيعة الحال تكون أنواع القماش من مواد صديقة للبيئة، مثل القطن العضوي، ويكون عمر هذه القطعة أطول، ويمكن أن نرتديها أكثر من ثلاثين مرة من دون رميها".

"إنتاج ضخم + ملابس قصيرة العمر = ملايين الأطنان من نفايات الملابس سنويا على مستوى العالم؛" معادلة بسيطة، وفق ما يؤكده لـ"الحرة" سامي ديماسي، مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا.

 يتم التخلص من 92 مليون طن من نفايات المنسوجات سنويا، يقول ديماسي، "أي ما يعادل شاحنة قمامة مليئة بالملابس كل ثانية".

ويشير تقرير لموقع Firstpost الإخباري أن الصين هي المصنِّع والمستهلك الأكبر للملابس في العالم، وهي أيضا المساهم الأعلى في نفايات المنسوجات. ينتهي المطاف سنويا بحوالي 26 مليون طن من الملابس في مكبات النفايات ـ معظمها منسوج من مواد صناعية غير قابلة لإعادة التدوير.

عدم قابلية الألياف الصناعية على التحلل عضويا، وصعوبة إعادة تدويرها، جعلا من المكبات والمحارق، المستقر النهائي لنفايات الملابس.

تؤكد تقارير دولية أن كميات قليلة من هذه النفايات تم التخلص منها بطرق آمنة. ويقول ديماسي لـ"الحرة" إن 8 في المئة فقط من ألياف المنسوجات في عام 2023 صُنعت من مواد أعيد تدويرها، وأقل من واحد بالمئة من إجمالي سوق الألياف مصدره منسوجات أعيد تدويرها، "وهذا يبيّن أن هناك كثيرا من المنسوجات التي لا يعاد تدويرها، ترمى في النفايات، أو تحرق أو ترمى في المياه".

ألوان الأنهار

إلقاء نفايات الملابس في المسطحات المائية ليس سوى مصدر من مصادر  التلوث في الصين. فمصانع الأزياء تتخلص من ملايين الأطنان من المياه الملوثة في المجاري المائية. 

ومن المفارقات الشائعة ـ المقلقة ـ في الصين، أنه يمكن التنبؤ بألوان موضة الموسم من خلال متابعة مياه الأنهار. ويؤكد تقرير لمجلة "فوردهام" للقانون الدولي أن (70%) من البحيرات والأنهار (و90%) من المياه الجوفية في الصين ملوثة، ما يهدد الحياة البرية وإمكانية وصول المواطنين إلى مياه نظيفة. 

وتقدّر مجموعة البنك الدولي أن ما بين (17% و 20%) من التلوث الصناعي للمياه في الصين ناتج عن عمليات صباغة ومعالجة المنسوجات. 

علاوة على ذلك، تحتوي المياه في الصين على 72 مادة كيميائية سامة مصدرها صباغة المنسوجات؛ 30 مادة منها لا يمكن إزالتها من المياه.

ألوان الهواء

يقول مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا، سامي ديماسي، لـ"الحرة" إن سلسلة قيمة المنسوجات، كل عام، تشير إلى أنها مسؤولة عن نحو 8 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري. 

لا تقتصر المسألة على الأضرار البيئة اليوم، يقول ديماسي؛ الأضرار ستمتد لعقود قادمة. "والأجيال الشابة التي ترى في الموضة السريعة فرصة لشراء منتجات رخيصة جدا، يفرحون بها أمام أصدقائهم، لا يدركون التكلفة الاقتصادية والبيئية لتلك الصناعة". 

رغم كل هذه الآثار البيئية، تبقى العروض المغرية والأسعار التي تصعب مقاومتها، أحد الأسباب وراء لجوء المستهلكين إلى مواقع التسوق الصينية.

فهم يستطيعون تحمل تكاليفها، لكن ـ مرة أخرى ـ يبقى السؤال قائما: هل يستطيعون بالفعل؟