الاتصال بين بايدن ونتنياهو استمر أقل من 30 دقيقة
الاتصال بين بايدن ونتنياهو استمر أقل من 30 دقيقة

شدد الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الخميس، أن الضربات التي تستهدف العاملين في المجال الإنساني "غير مقبولة"، مشددا على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار.

وقال البيت الأبيض في بيان إن بايدن ناقش مع نتانياهو الوضع في غزة وأوضح حاجة إسرائيل إلى إعلان وتطبيق جملة من التدابير الخاصة والملموسة والقابلة للقياس لمعالجة الأذى الذي يطال المدنيين والمعاناة الإنسانية وحماية عمال الإغاثة.

وقال بايدن إن سياسة الولايات المتحدة في ما يتعلق بغزة ستتحدد وفق تقييمها لما ستفعله إسرائيل فورا بشأن هذه الخطوات.

وشدد بايدن على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار لتحقيق الاستقرار وتحسين الوضع الإنساني وحماية المدنيين الأبرياء. وحث بايدن نتانياهو على الدفع باتجاه صفقة تعيد الرهائن المختطفين في غزة.

كما ناقش بايدن ونتانياهو أيضا التهديدات الإيرانية العلنية ضد إسرائيل والشعب الإسرائيلي، وفقا لبيان البيت الأبيض. 

وأوضح بايدن في هذا الإطار أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل بقوة في مواجهة تلك التهديدات.

وقال مسؤول في البيت الأبيض لرويترز إن الاتصال بين بايدن ونتانياهو استمر أقل من 30 دقيقة.

وجاء الاتصال بعد ثلاثة أيام من شن إسرائيل هجوما أسفر عن مقتل سبعة من عمال الإغاثة التابعين لمنظمة "ورلد سنترال كيتشن" الخيرية في غزة.

ووصف البيت الأبيض بايدن بأنه يشعر بغضب وألم جراء الهجوم، لكن الرئيس لم يقم بإجراء تغيير جوهري في دعم واشنطن الثابت لإسرائيل في صراعها ضد مسلحي حماس الفلسطينية.

وقال مسؤول أميركي قبل المكالمة الهاتفية إن من المرجح أن يثير بايدن الحاجة إلى توفير حماية أفضل للعاملين في المجال الإنساني وزيادة شحنات الغذاء إلى غزة.

وقال الطاهي الشهير خوسيه أندريس لرويترز في مقابلة، الأربعاء، إن الهجوم الإسرائيلي استهدف عمال الإغاثة لدى المنظمة التي يديرها "بشكل منهجي، سيارة تلو الأخرى".

وقالت إسرائيل، الخميس، إن تحقيقها في الهجوم قد يستغرق أسابيع. وعبر زعماء إسرائيل عن أسفهم للحادث ووصفوه بأنه خطأ في تحديد الهوية.

الرئيس ترامب ونتانياهو

في واحدة من المفارقات اللافتة في العلاقة الأميركية الإسرائيلية خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، قرار الأخير عدم زيارة إسرائيل في جولته الشرق أوسطية، مفضلا زيارة دول الخليج ومراكز القرار الجديدة في المنطقة.

ورغم ما تبدو عليه الخطوة من برود دبلوماسي أو حتى تجاهل متعمد لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يُظهر التحليل الأعمق، كما يوضح الخبير الأميركي في شؤون الأمن القومي إيلان بيرمان، مزيجا معقدا من الحسابات الاستراتيجية، والرسائل السياسية، وتغيرات كبرى في بنية التحالفات الإقليمية.

بحسب بيرمان، ترتكز الرؤية الأميركية الحالية على إحداث اختراق استراتيجي في مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل، دون ربط مباشر بتقدم حقيقي في المسار الفلسطيني. 

ويشير إلى أن الرهان كان قبل 7 أكتوبر ٢٠٢٣ على قرب توقيع اتفاق سعودي-إسرائيلي، لكنه كان خالياً تقريباً من أي مضمون يتعلق بالقضية الفلسطينية.

لكن بعد هجوم حماس وعمليات إسرائيل العسكرية في غزة، بدأت الرياض تتخذ موقفا أكثر حزما، رابطة أي اتفاق بتعهد واضح من إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية. وهو ما بات صعب المنال في ظل حكومة إسرائيلية توصف بـ"المتشددة"، وشارع إسرائيلي بات أكثر رفضا لحل الدولتين.

قرار ترامب بعدم زيارة إسرائيل قد لا يكون مجرد صدفة دبلوماسية. فإسرائيل، كما يشرح بيرمان، لا تملك اليوم ما يمكن تحقيقه عملياً من زيارة كهذه، بينما الملفات الساخنة التي تهتم بها واشنطن – من التطبيع، إلى إيران، إلى اليمن – تقع جغرافياً وسياسياً في أماكن أخرى.

الأخطر أن هذا التجاهل الظاهري يتقاطع مع مؤشرات أعمق على تراجع التنسيق الاستراتيجي بين واشنطن وتل أبيب. بدءاً من التباين حول الملف النووي الإيراني، حيث يُفضل ترامب العودة إلى المفاوضات، بينما يتحمس نتنياهو للخيار العسكري، مروراً باتفاق التهدئة الأميركي مع الحوثيين في اليمن، الذي أثار امتعاض إسرائيل بسبب ما اعتُبر انفصالاً عن مصالحها الأمنية، وليس انتهاءً بتوصل ترامب الى صفقة لاطلاق عيدان اسكندر الرهينة الأميركي لدى حماس.

هنا، يقول بيرمان إن "الأمن الأميركي والأمن الإسرائيلي بدآ ينفصلان فعلياً في بعض الملفات"، وهو ما يشكّل سابقة مقلقة في تاريخ الشراكة بين الطرفين.

من داخل إسرائيل، ينقل بيرمان أجواء من الإرباك وانعدام اليقين: الأهداف في غزة غير واضحة، الرهائن لا يزالون في الأسر، والخطة العسكرية الجديدة مرهقة اقتصادياً ونفسياً للبلاد، مع استدعاء واسع لقوات الاحتياط.

الاستنزاف الطويل، والانقسامات الداخلية، وتراجع الدعم الدولي، كلها عوامل، يعددها بيرمان، وهي برأيه، تضعف قدرة إسرائيل على فرض شروطها في أي تفاوض، سواء مع الفلسطينيين أو مع الأطراف العربية الأخرى.

رغم كل ما سبق، يشير بيرمان إلى أن أسس التحالف الأميركي الإسرائيلي لا تزال قوية، إذ تجمعهما المصالح الأمنية والقيم السياسية. لكن هذا لا ينفي حقيقة وجود "مساحة رمادية" تتسع يوماً بعد يوم، تعكس تبايناً متزايداً في السياسات والتكتيكات.

بينما تُعيد واشنطن رسم أولوياتها الشرق أوسطية، وتبحث تل أبيب عن استراتيجيات خروج من أزمتها الأمنية والسياسية، تبقى العلاقة بينهما في اختبار مفتوح، رغم الثوابت الاستراتيجية. وقد يكون قرار ترامب بتجاوز إسرائيل في جولته هذه، أول مؤشر علني على تحوّل أعمق لا يزال قيد التشكّل.