البيت الأبيض يقول إن تصريحات نتانياهو بشأن الأسلحة الأميركية مخيبة للآمال
بايدن غاضب من قتل إسرائيل لعمال إغاثة في غزة . أرشيفية

بعد أكثر من 6 أشهر من دعم أميركي متواصل، حذرت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إسرائيل أن الدعم المقدم لحرب إسرائيل في غزة مرهون بخطوات لضمان سلامة موظفي الإغاثة والمدنيين. ما يطرح تساؤلات عن مستقبل التعاون الأميركي الإسرائيلي في الأيام المقبلة؟

وبعد تزايد الانتقادات لإسرائيل عقب هجومها على منظمة قافلة لمنظمة "ورلد سنترال كيتشن" الخيرية هذا الأسبوع الذي أسفر عن مقتل سبعة من موظفي المنظمة، أبلغ بايدن في اتصال هاتفي برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الخميس، أن استمرار الدعم الأميركي للحرب في غزة يعتمد على الإجراءات الإسرائيلية لحماية المدنيين.

وقال البيت الأبيض في بيان إن بايدن "أكد ضرورة أن تعلن إسرائيل وتنفذ سلسلة من الخطوات المحددة والملموسة والقابلة للقياس لوقف الأذى الذي يلحق بالمدنيين والمعاناة الإنسانية وسلامة موظفي الإغاثة".

وأضاف أن الرئيس "أوضح أن السياسة الأميركية فيما يتعلق بغزة ستتحدد في ضوء تقييمنا للإجراءات الفورية التي ستتخذها إسرائيل بشأن هذه الخطوات".

الانتقادات لم تكن من بايدن وحده، إذا قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، من بروكسل إن إسرائيل "لا بد أن تكون على قدر هذه اللحظة" من خلال زيادة المساعدات الإنسانية وضمان أمن من يقدمونها.

وأضاف بلينكن للصحفيين "إذا لم نر التغييرات التي نحتاج إلى رؤيتها، فستكون هناك تغييرات في سياستنا".

وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، الخميس، أنه إذا لم تغير إسرائيل أسلوبها في حرب غزة، فإن الولايات المتحدة ستغير سياستها تجاه إسرائيل.

وتشير وكالة رويترز إلى أن هذه المرة الأولى الذي تسعى فيه إدارة بايدن استغلال المساعدات الأميركية في التأثير على النهج العسكري الإسرائيلي.

وقالت إسرائيل، الخميس، إنها ستغير أساليبها في حرب غزة بعد أن وصفت الهجوم بأنه كان نتيجة خطأ، وذكرت أن نتائج التحقيق ستعلن قريبا.

وفي الوقت الذي يرى فيه محللون تحدثوا لموقع "الحرة" أن هذه التصريحات تشكل "انعطافة" هامة في العلاقات الأميركية الإسرائيلية، يؤكد آخرون إلى أنها لن تغير في سياسة واشنطن تجاه إسرائيل الأساسية القائمة عل الدعم بلا حدود.

"نتانياهو يلعب بالنار"

تصريحات أميركية تهدد بتغيير سياسة واشنطن تجاه إسرائيل. أرشيفية

ويرجح محللون أن تصريحات بايدن وبلينكن الأخيرة قد تشكل ضغطا على العلاقات الأميركية الإسرائيلية، والتي قد تهدد "العلاقة الخاصة" بينهما، ناهيك عن تهديدها لخطط تطبيع للعلاقات مع دول عربية.

المحلل السياسي الأميركي، إيلان بيرمان، يرى أن هذا وقت "أزمة" بالنسبة إلى "العلاقة الخاصة" بين الولايات المتحدة وإسرائيل، إذ "تواجه إسرائيل خطرا حقيقيا بأن تلحق ضرارا كبيرا بعلاقاتها مع واشنطن".

كما أن إسرائيل قد تقوض جهود تطبيع علاقاتها مع دول عربية، يضيف بيرمان في حديث لموقع "الحرة"، ويشير إلى أن ذلك أدى إلى "تنامي المخاوف الدولية المتزايدة بشأن الكيفية التي تنفذ فيه إسرائيل حملتها في غزة".

وزاد أن الأمر يتفاقم بسبب "فشل إسرائيل في الوصول لأهدافها الاستراتيجية بشكل صحيح، وإظهار أنها تبذل أقصى درجات الحذر للحفاظ على حياة المدنيين".

ويقول بيرمان إن "نتانياهو يلعب بالنار فيما يتعلق بالعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وقد تكون العواقب وخيمة على البلاد"، لافتا إلى أن إسرائيل تعاني الكثير من المشاكل الدبلوماسية "إذ أنها تفتقر إلى وضع حد نهائي للحرب، والضغوط الداخلية من الائتلاف الموجود في السلطة".

ووصف البيت الأبيض بايدن بأنه يشعر بغضب وألم جراء الهجوم، لكن الرئيس لم يجر قبل اتصال، الخميس، تغييرا جوهريا في دعم واشنطن الثابت لإسرائيل في صراعها ضد حركة "حماس" بحسب تقرير لوكالة رويترز.

وذكر البيت الأبيض أن بايدن خلال الاتصال "شدد على ضرورة وقف إطلاق النار لتحسين الوضع الإنساني وحماية المدنيين الأبرياء". وأضاف أن بايدن حث نتانياهو على تمكين المفاوضين الإسرائيليين من التوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن المحتجزين لدى حماس منذ هجوم السابع من أكتوبر.

المتخصص في إدارة النزاعات في كلية "جونز هوبكنز" للدراسات الدولية، البروفيسور دانيال سيروير يقول إن "صبر الولايات المتحدة مع نتانياهو نفد، إذ يريدون منه فعل ما هو صحيح أو أن يبتعد" من منصبه.

ولم يحدد سيروير في إجابته على استفسارات "الحرة" الخيارات التي قد تستخدمها واشنطن بتغيير سياستها تجاه إسرائيل، وأكد "هناك الكثير من الخيارات، لكني سأظل مندهشا إذا استخدم بايدن أي منها".

"نقطة انعطافة هامة"

موظفو الأمم المتحدة يتفقدون هيكل السيارة التي تستخدمها منظمة الإغاثة العالمية "وورلد سنترال كيتشن" ومقرها الولايات المتحدة، والتي تعرضت لضربة إسرائيلية في اليوم السابق في دير البلح بوسط قطاع غزة في 2 أبريل.

"نقطة انعطافة هامة للإدارة الأميركية بشأن حرب غزة، استغرقت وقتا طويلا نحو اللحظة التي يصبح فيها الضغط الأميركية على إسرائيل علنيا وهادفا إلى درجة يساهم بقوة في إنهاء الحرب أو تغيير السياسات تجاه الفلسطينيين في غزة" بحسب المحلل الباحث الأميركي، حسين إيبش.

ويوضح لموقع "الحرة" أن الولايات المتحدة تدرجت ببطء في الضغط على إسرائيل لتكون أقل وحشية في الصراع في غزة "في البداية لم تقل الإدارة الأميركية شيئا حاسما، ثم بدأوا بالحديث عن الحاجة إلى حماية المدنيين، وبدأوا بالمطالبة بهدنة لتمرير المساعدات مرورا بتصريحات بايدن في خطاب حالة الاتحاد التي أكد فيها أن إسرائيل لا يتبغي أن تستخدم المساعدات الإنسانية كسلاح، وفي أحدث تحول كان بامتناع واشنطن التصويت في مجلس الأمن في القرار الأخير المرتبط بغزة".

وامتنعت الولايات المتحدة الشهر الماضي عن التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على قرار طالب بوقف إطلاق النار، مما أثار غضب إسرائيل.

ويؤكد إيبش أن واشنطن لا يمكنها أن تتجاهل الذي ارتكبته إسرائيل تجاه منظمات الإغاثة في غزة، خاصة وأن الخطوة التالية في مجلس الأمن قد تكون "حرمان إسرائيل من الذخائر الأميركية، أو جعلها مشروطة بطريقة لن تعجب إسرائيل".

ولفت إلى أنه "رغم دعم واشنطن لحرب إسرائيل في غزة، إلا أنها تعارض تنفيذ عملية في رفح، وربما قد يكون الأهم عدم البدء في حرب جديدة تطال المنطقة، ولهذا قد تكون الخطوة التالية لواشنطن بالتهديد في حجب إمدادات الذخائر، وهو ما قد يعرض بايدن لكثير من الهجوم اليمين الجمهوري، لكنه قد يلقى دعما من اليسار الديمقراطي في الولايات المتحدة".

وحفز الهجوم على عاملي الإغاثة دعوات جديدة من زملاء بايدن بالحزب الديمقراطي لوضع شروط على المساعدات الأميركية لإسرائيل.

بيرنز بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك مع السعودية. أرشيفية
أكسيوس: مدير المخابرات الأميركية سيزور القاهرة لبحث ملف الرهائن في غزة
نقل موقع أكسيوس الأميركي عن مصدرين، الخميس، قولهما إنه من المتوقع أن يتوجه مدير المخابرات المركزية الأميركية، وليام بيرنز،  إلى القاهرة مطلع الأسبوع للقاء نظيريه المصري والإسرائيلي، وكذلك رئيس الوزراء القطري في مسعى لتحقيق انفراجة في المحادثات الرامية لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس في غزة.

ويقاوم الرئيس الأميركي، الداعم الدائم لإسرائيل، الضغوط لحجب المساعدات أو وقف شحن الأسلحة إلى إسرائيل.

وقدم بايدن، الذي وصف نفسه بأنه صهيوني، دعما قويا لإسرائيل في الأيام الأولى من الحرب.

ولكن مع ارتفاع عدد القتلى في غزة واتساع نطاق الحرب مع فتح جبهات جديدة في لبنان واليمن، بدأت إدارته في الضغط من أجل وقف إطلاق النار والحث على إدخال المساعدات الإنسانية.

"دعم قوي رغم الخلافات"

وواشنطن هي أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل، وتلعب إدارة بايدن في الغالب دور الدرع الدبلوماسي لإسرائيل في الأمم المتحدة.

وأحجم، جون كيربي، المتحدث باسم البيت الأبيض عن الاستفاضة في التغييرات المحددة التي ستجريها الولايات المتحدة في سياستها بشأن إسرائيل وغزة، وذلك خلال إفادة صحفية عقب الاتصال.

وقال إن واشنطن تأمل في أن ترى إعلانا عن الخطوات الإسرائيلية خلال "الساعات أو الأيام المقبلة".

ويرى إيبش أن "الخلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن السياسة والأهداف الاستراتيجية أكبر مما كان عليه منذ منتصف الخمسينيات، ومع ذلك، فإن الدعم السياسي لإسرائيل لا يزال قويا للغاية، وهناك روابط مؤسسية عميقة بين المؤسسات الأميركية والإسرائيلية، وخاصة الجيش والاستخبارات".

وقد يكون "هناك الكثير من الأهداف السياسية المشتركة، لكن هناك ما يكفي من التناقضات المباشرة والخطيرة، بين إسرائيل والولايات المتحدة، لدرجة أنه لم يعد من الممكن الحديث عن انسجام المصالح" بالنهاية العلاقات يجب أن تكون مبنية "بالكامل على المصالح المشتركة والرؤية الاستراتيجية، وليس على السياسة الداخلية في الولايات المتحدة أو العلاقات المؤسسية عميقة الجذور في جميع المجالات" وفقا لإيبش.

وردا على سؤال حول التغييرات المحتملة في السياسة الأميركية، قال، تال هاينريش، المتحدث باسم نتانياهو لقناة فوكس نيوز "أعتقد أن هذا أمر يتعين على واشنطن تفسيره".

وكان المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض كيربي، قد أكد في مقابلة مع شبكة سي أن أن، الخميس، إن الولايات المتحدة تراجع تقريرا إعلاميا يفيد بأن الجيش الإسرائيلي يستخدم الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحديد الأهداف التي يقصفها في غزة.

وأوضح كيربي في المقابلة أن الولايات المتحدة لم تتحقق من محتوى التقرير الذي نشر في موقعي +972 ماجازين ولوكال كول الأربعاء وأفاد بأن مسؤولي مخابرات إسرائيليين يستخدمون برنامجا يعرف باسم "لافندر".

ونفى الجيش الإسرائيلي، في تصريحات لوسائل إعلام، الخميس، استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد المتطرفين والأهداف المشتبه بهم.

وجاء في التقرير الإعلامي أن الجيش الإسرائيلي صنف عشرات الآلاف من سكان غزة كمشتبه بهم باستخدام نظام الذكاء الاصطناعي ودون مراجعة بشرية تذكر.

"بالأفعال لا بالأقوال"

الحملة العسكرية الإسرائيلية تسببت بمقتل أكثر من 33 ألف وفقا لمسؤولين بقطاع الصحة في غزة

ويقلل محللون سياسيون من أثر التصريحات على العلاقات الأميركية الإسرائيلية ويؤكدون أنها لن تتأثر وسيبقى الدعم غير المشروط قائما، ولكن التصريحات الأخيرة أشبه بتذكير لإسرائيل بواجباتها تجاه حماية المدنيين وحقوق الإنسان.

الكاتب السياسي في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، حسن منيمنة، قلل من أهمية التصريحات الأميركية الأخيرة وأثرها في العلاقات مع إسرائيل، وقال "المسألة بالأفعال وليس بالأقوال".

ويشير في حديث لموقع "الحرة" إلى أن المسألة قائمة على "استيعاب الرأي العام العالمي والأميركي، من خلال أفعال رمزية قد تقوم بها إسرائيل، لاحتواء الأزمة التي وضعت نفسها بها باستهداف وقتل عمال الإغاثة".

ويرى أن الإدارة الأميركية "تطلق تصريحات فقط تجاه إسرائيل، لكنها لا تتبع بأفعال حقيقية، إذ أنها كانت ترفض بشكل صارم اقتطاع أي من الأراضي في غزة، وبالنهاية إسرائيل أقامت شريطا أمنيا من دون أي رد فعل أميركي".

ويعتبر منيمنة أنه لا يجب تحميل التصريحات الرسمية الأميركية بأكثر مما تحتمل "إذ أن بايدن أو بلينكن أو أي مسؤول أميركي أخر، لم يهدد أي منهم بشكل واضح طبيعة التغير في السياسات التي يتحدثوا عنها، وحتى لم يتم التلويح بالضغط على إسرائيل لضمان حماية المدنيين".

ويؤكد أن الموقف الأميركي متسق بالنهاية مع الدعم "اللامتناهي وغير المشروط لإسرائيل، وتصريحات بايدن ما هي إلا استرضاء لامتصاص الغضب الشعبي والأميركي".

وقال في الوقت الذي أصدرت إدارة بايدن فيه مثل هذه التصريحات وافقت على إرسال المزيد من الأسلحة والذخائر لإسرائيل بمليارات الدولارات.

الحملة العسكرية الإسرائيلية تسببت بمقتل أكثر من 33 ألف وفقا لمسؤولين بقطاع الصحة في غزة
واشنطن تراجع تقريرا حول استخدام إسرائيل الذكاء الاصطناعي في حربها على غزة
قال، جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض في مقابلة مع شبكة سي أن أن، الخميس، إن الولايات المتحدة تراجع تقريرا إعلاميا يفيد بأن الجيش الإسرائيلي يستخدم الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحديد الأهداف التي يقصفها في غزة.

وهاجم مقاتلو حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أدى بحسب الإحصائيات الإسرائيلية إلى مقتل 1200 إسرائيلي وأجنبي واحتجاز 253 رهينة.

وردت إسرائيل بفرض حصار كامل على غزة، ثم شنت هجوما جويا وبريا أدى بحسب السلطات الصحية في قطاع غزة الذي تديره حماس إلى مقتل أكثر من 33 ألف فلسطيني.

"نقاط خلافية فقط"

أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، ريتشارد تشازدي، يقول من الواضح أن الرئيس بايدن غاضب من الهجوم الإسرائيلي على مركبات منظمات الإغاثة في غزة، وأنه يرى أن القوات الإسرائيلية لا تفعل ما يكفي لحماية المدنيين.

وحمل تشازدي في رد على استفسارات موقع "الحرة" مسؤولية السماح بإدخال المساعدات لإسرائيل إذ يوجب أن القانون الدولي والإنساني على الجهة المحتلة بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، ناهيك عن مسؤولية ضمان سلامة المرافق المدنية والطبية.

ويتفق الأكاديمي تشازدي بأن هذه التصريحات من إدارة بايدن "لن تفضي إلى أي تغيير في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل"، إذ أنها قد تمثل "نقاط خلافية فقط"، ولكن واشنطن لن تذهب أكثر من ذلك الضغط على إسرائيل.

وأشار إلى أن السياسة الأميركية قد تكشف شيئا من التناقض ولكن بما يتسق مع سياستها "إذ تقدم الولايات المتحدة الأسلحة والذخائر لإسرائيل، وفي الوقت ذاته فيه تقدم المساعدات الإنسانية وتشارك القوات الأميركية في بناء رصيف عائم لإيصال المساعدات".

ومع استمرار الحصار الإسرائيلي الذي تم تشديده منذ ستة أشهر، يواجه مئات الآلاف من الأشخاص في غزة خطر المجاعة، خاصة مع المعيقات الإسرائيلية لدخول المساعدات، واستهداف العاملين في المنظمات الإنسانية.

وأفاد تقرير نشره موقع أكسيوس بأن المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون الأمنية وافق على فتح معبر إيريز مع غزة للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية.

ورد المتحدث باسم البيت الأبيض كيربي بالقول إنه إذا كان هذا التقرير صحيحا فإن هذه الأنباء مرحب بها و"تتماشى بالتأكيد" مع ما قاله نتانياهو للرئيس بايدن.

ارتباطات انتخابية 

حماس تتهم السلطة الفلسطينية بإرسال ضباط أمن إلى شمال غزة بذريعة تأمين المساعدات

ومن خلال الإشارة إلى احتمال تغير السياسة الأميركية بشأن غزة إذا لم تعالج إسرائيل المخاوف المتعلقة بالوضع الإنساني في القطاع الفلسطيني، عبر بايدن عن استيائه بعد ضغوط متزايدة من قاعدته السياسية ذات الميول اليسارية في الحزب الديمقراطي لوقف أعمال القتل وتخفيف حدة الجوع بين المدنيين الأبرياء.

ويعتقد تشازدي إلى أن تصريحات بايدن قد يكون لها ارتباطات انتخابية، خاصة لضمان الحصول على أصوات الفئات صغيرة السن، والذين ينتمون لأصول شرق أوسطية والذين يعارضون إرسال الأسلحة لإسرائيل ويطالبون بوقف الحرب.

ويواجه بايدن أيضا غضبا شديدا من الديمقراطيين بسبب أسلوب تعامله مع الحرب في غزة، وهو ما يمكن أن يقلل التأييد له قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر والتي يواجه خلالها الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب.

وتخوف تشازدي من تأثير ما يحدث في غزة على الإقليم والمنطقة والذي يزيد معضلة أمن إسرائيل، خاصة مع الهجمات التي استهدفت فيها القنصلية الإيرانية في سوريا مؤخرا، ناهيك عن تأثيرات قد تطال جهود التطبيع مع السعودية ودول عربية أخرى.

ودعا تشازدي إلى ضرورة إيجاد "شبكات أمان وأطر لحماية الفلسطينيين المدنيين في غزة، وهو ما تريده الولايات المتحدة، وحتى يمكن التعاون مع الأمم المتحدة في هذا الإطار، وسط المخاوف من هجوم واسع النطاق في رفح"، مشيرا إلى أن هذا الهجوم "قد يؤدي إلى نتائج سيئة ترفع من درجة الإحباط في إدارة بايدن تجاه حكومة نتانياهو لتصل إلى ذروتها".

وأكد أنه بالنهاية "يجب على نتانياهو أن يتحمل المسؤولية عما يفعله، وتذكيره بالتزامات حكومته تجاه حقوق الإنسان وحماية المدنيين، إذ من المفجع رؤية الناس والأطفال معاناتهم بطريقة بشعة".

من جانبه كثف الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، انتقاداته مشككا في نهج إسرائيل تجاه الصراع.

وعندما سأل الصحفي المذيع، هيو هيويس، ترامب عما إذا كان يدعم إسرائيل "100 في المئة" لم يقدم الرئيس الجمهوري السابق، إجابة مباشرة، مؤكدا أن الصراع مستمر وإسرائيل "تخسر حرب العلاقات العامة"، بحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست.

ووصف المقاطع التي تظهر المباني المتساقطة في غزة بأنها "بشعة وفظيعة"، معتبرا أن بث هذه اللقطات الحربية "لا يجعلهم يبدو أقوياء".

ترامب ونتانياهو في لقاء سابق ـ (رويترز)
ترامب يشكك بنهج إسرائيل في حرب غزة.. ويحث نتانياهو على "الانتهاء منها"
تتزايد الانتقادات من مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين لإدارة إسرائيل الحرب على غزة، وبعد تحذيرات من الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس، كثف الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب انتقاداته مشككا في نهج إسرائيل تجاه الصراع.

وقال ترامب إنه يوجه نصيحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، وهي "الانتهاء من الأمر.. والعودة للحياة الطبيعية"، مشيرا إلى أنه "ليس متأكدا من أنه يحب الطريقة التي يفعلون بها ذلك".

وأضاف "يجب أن يفوزوا وهذا يحتاج إلى وقت".

كثيرا ما يصف ترامب نفسه بأنه حليف مخلص لإسرائيل، مذكرا بقراره نقل السفارة الأميركية إلى القدس ودور إدارته في مفاوضات اتفاقات التطبيع عام 2020 بين اسرائيل ودول عربية مثل الإمارات والبحرين.

وقالت لورا بلومنفيلد، محللة شؤون الشرق الأوسط في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن، لوكالة رويترز إن الغارة الجوية التي استهدفت موظفي ورلد سنترال كيتشن "كانت القشة الأخيرة".

وأضافت "كانت هذه المكالمة هي المحادثة المنتظرة منذ فترة طويلة والتي قال بايدن الشهر الماضي إنه سيجريها مع نتانياهو".

الأيغور في الصين

لا تعمل مضخة وقود في شينجيانغ، ما لم يقف الأويغوري أمام كاميرات التعرف على الوجه في المحطة.

وإذا أراد الدخول إلى سوق، فليس أمامه إلا النفاذ عبر أجهزة الكشف عن المعادن، وأدوات التحقق من الهويات، وكاميرات التعرف على الوجه، كذلك.

"أن تكون إويغوريا يعني أن تعيش في كابوس دائم،" يقول مايكل سوبوليك، الباحث المتخصص في الشأن الصيني، لموقع "الحرة".

في شينجيانغ، موطن أقلية الأويغور المسلمة غربي الصين، تنتشر كاميرات المراقبة في كل مكان: في الشوارع والمحال التجارية والمساجد وفي مداخل التجمعات السكنية؛ بينما تتربص نقاط التفتيش الأمنية بالمارة عند كل منعطف: أين هاتفك الشخصي؟

وتقول منظمات حقوقية دولية إن بكين رسخت، على مدى عقد من الزمن أحد أكثر أنظمة المراقبة الرقمية شمولية في العالم، وحولت 13 مليون أويغوري إلى مختبر حي لإدوات المراقبة المعززة بالذكاء الاصطناعي. 

والأخطر أن نموذج القمع الرقمي الصيني هذا، يمكن أن يُحتذى في أي مكان في العالم، بل أن دعوى قضائية، تجري فصولها في باريس حاليا، تشير إلى تطبيقات للنظام في دول عدة.

محكمة في باريس

في قاعة محكمة في باريس، يغلي على نار هادئة، منذ أسابيع، صراع قانوني قد يكون غير مسبوق، لمحاسبة شركات تكنولوجيا صينية على جرائم ضد الإنسانية.

يقود القضية، باسم "المؤتمر العالمي للإيغور"،  المحامي الفرنسي، الشهير في مجال حقوق الإنسان، ويليام بوردون. والمتهمون فيها فروع فرنسية لثلاث من عمالقة التكنولوجيا الصينية: هواوي، وهايكفيجن، وداهوا.

 التهمة: التواطؤ في إبادة جماعية.

تؤكد الدعوى على أن الشركات العملاقة تلك ساعدت في بناء دولة رقابة شاملة في إقليم شينجيانغ، حيث أن أنظمة التعرف على الوجوه وتقنيات الذكاء الاصطناعي لا تراقب فقط، إنها مدربة لاستهداف الأويغور على أساس عرقي.

ووفقا لـ"المؤتمر العالمي للإيغور"، لم تكن هذه الأنظمة مجرد أدوات مراقبة، بل وسائل للاعتقال والتعذيب والسيطرة، تغذي واحدة من أوسع شبكات القمع الرقمي في العالم.

ولا تقتصر الدعوى على استخدام القمع الرقمي داخل حدود الصين، بل تتضمن الإشارة إلى استخدام هذه الأنظمة في مناطق صراع أخرى مثل أوكرانيا، وفي مشاريع مراقبة في الإكوادور وصربيا.

ويقول ريتشارد ويتز، مدير مركز التحليل السياسي-العسكري في معهد هدسون، في حديث مع موقع "الحرة" إن أنظمة المراقبة هذه أصبحت متاحة على نطاق واسع لحكومات أجنبية ترغب في تقليد النموذج الصيني.

"يبدو أن هناك عددا من الدول في إفريقيا وآسيا، وربما بعض الدول الأوروبية، لكنها تتركز بشكل أساسي في إفريقيا وآسيا، وربما أميركا اللاتينية أيضا، تشتري هذه الأنظمة من الصين".

"لكن المشكلة،" يتابع ويتز، "أن الصينيين، على ما يبدو، يقومون بجمع هذه البيانات لأنفسهم أيضا".

خوارزمية الشرطة التنبؤية

منذ نحو عشرة أعوام يتعرض الشعب الأويغوري لرقابة مشددة، مصحوبة باعتقالات جماعية تعسفية، ومعسكرات تلقين أيدولوجي قسرية، وقيود على التنقل والعمل والطقوس الدينية.

فبعد إعلان بكين "حرب الشعب على الإرهاب" في 2014، وسعت السلطات الصينية بشكل كبير نطاق استخدام الشرطة للتكنولوجية المتقدمة في مناطق الأويغور.

وفي عهد سكرتير الحزب الشيوعي في تشينجيانغ، تشن كوانغو الذي يوصف بـ"المتشدد"، شهدت مناطق الأويغور فورة في إنشاء مراكز الشرطة، وبات لا يفصل بين مركز وآخر أكثر من 500 متر.

ارتفع الإنفاق الأمني، وزادت عمليات التوظيف في مجال الأمن العام بشكل هائل. ووجدت تقارير أن شينجيانغ توظف 40 ضعفا من رجال الشرطة لكل فرد مقارنة بمقاطعة غوانغدونغ الجنوبية المكتظة بالسكان.

في الوقت ذاته، أطلقت بكين منصات شرطة تعمل بالخوارزميات التنبؤية. ويقوم تطبيق يُسمى "منصة العمليات المشتركة المتكاملة (IJOP)" بتجميع البيانات الشخصية من مصادر متعددة: كاميرات المراقبة، وأجهزة تتبع شبكات الواي فاي والهواتف الشخصية، والسجلات المصرفية، وحتى سجلات الصحة والسفر، لتحديد الأشخاص الذين تعتبرهم السلطات تهديدا محتملا.

ووفقا لهيومن رايتس ووتش، أوعز برنامج "الشرطة التنبؤية" هذا باعتقالات عشوائية للأويغور من دون أن يكون هناك أي مؤشر على وجود تصرف مخالف للقانون.

من شأن الحجاب وحده أن يُفعّل الخوارزمية لتصنيف شخص ما كـ"خطر أمني". وغالبا ما تعتقل السلطات الأشخاص الذين الذين يستهدفهم نظام البيانات هذا، وترسلهم إلى معسكرات التلقين من دون تهمة أو محاكمة.

"إذا كنت مواطنا صينيا وتعيش في الصين، فإن حياتك تُدار من خلال تطبيقات تسيطر عليها في النهاية الحكومة الصينية، وتحديدا الحزب الشيوعي الصيني،" يقول سوبوليك، وهو زميل أقدم في معهد هدسون.

"خذ مثلا تطبيق "وي تشات" (WeChat) الذي يُسمى بـ"تطبيق كل شيء"، سواء كان لطلب الطعام، أو لمراسلة العائلة، أو لاستخدام محرك بحث، أو للنشر على شبكات التواصل الاجتماعي. إنه تطبيق يتغلغل في كل شيء".

وهو أيضا تطبيق يستخدمه الحزب الشيوعي الصيني لتتبع ومراقبة اتصالات المواطنين، يضيف.

ويقول سكان أويغور إن السلطات الصينية تعاملهم دائما بريبة. "إذا بدا عليك أنك من أقلية عرقية، فسيخضونك للتفتيش. أشعر  بالإهانة"، تنقل هيومان رايتس ووتش حديث أحد مستخدمي الإنترنت الأويغور عن عمليات التفتيش الأمنية التي لا تنتهي.

ويعتقد ويتز أن حقوق الأويغور "تُنتهك بطرق عديدة" ونظام المراقبة باستخدام الذكاء الاصطناعي "واحدة منها".

شينجيانغ - رمضان الماضي 

بينما ينشغل العالم عن إقليم شينجيانغ بقضايا دولية أخرى، تواصل الصين حملتها لدمج الأويغور قسريا. 

في شهر رمضان، أجبرت السلطات الصينية الأويغور على تصوير أنفسهم وهم يتناولون الغداء وإرسال اللقطات إلى كوادر الحزب الحاكم، في مسعى لمنع ما تصفه السلطات بـ"التطرف الديني". 

و أُجبر كثيرون على العمل خلال ساعات النهار، واحتُجز الذين رفضوا العمل من 7 إلى 10 أيام، أو أرسلوا إلى "المعسكرات"، بحسب ما أفاد به شرطي محلي راديو "آسيا الحرة"، مارس الماضي.

أزمة أخلاقية

لا تزال قضية العمل القسري في السجون بمثابة أزمة أخلاقية كبيرة على المستوى الدولي، في حين تواصل واشنطن مساعيها للتخفيف من معاناة الأويغور بقوانين وإجراءات تستهدف شركات صينية متورطة في جرائم ضد الإنسانية.

ويصف ريتشارد ويتز، مدير مركز التحليل السياسي-العسكري في معهد هدسون، الجهود الأميركية ودول أخرى، في هذا الشأن، بأنها "أكثر نجاحا" مقارنة بالدور الأوروبي في مواجهة الانتهاكات الصينية لحقوق الإويغور. 

ويشير ويتز إلى إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب وإدارة جو بايدن قبله شجعتا الحكومات الأوروبية وغيرها على عدم شراء التكنولوجيا الصينية، خاصة تلك التي يمكن أن تُستخدم لجمع بيانات عن الشركات المحلية أو السكان".

وفي أوائل مايو الحالي، أقر مجلس النواب الأميركي قانون "لا دولارات للعمل القسري للأويغور". 

يحظر القانون على وزارة الخارجية ووكالة التنمية الدولية الأميركية (USAID) تمويل أي برامج تشمل بضائع مُنتجة في إقليم شينجيانغ الصيني أو من طرف كيانات مرتبطة بالعمل القسري المفروض على الأويغور. 

ويُلزم المشروع الجهات المتعاقدة بتقديم ضمانات خطية بعدم استخدام مثل تلك المنتجات. ويفرض أيضا تقديم تقارير سنوية حول الانتهاكات والتحديات في تنفيذ القانون. ويسمح باستثناءات مشروطة بإشعار الكونغرس بشكل مسبق.

ويعزز القانون الجهود الأميركية في التصدي لقمع الصين للإيغور عبر الضغط الاقتصادي والدبلوماسي.

وفي يناير الماضي، وسعت وزارة الأمن الداخلي الأميركية بشكل كبير "قائمة الكيانات" المشمولة بقانون منع العمل القسري للإيغور. واستهدفت الوزارة شركات صينية متورطة في العمل القسري في شينجيانغ.

وبين عامي 2024 و2025، قامت شركات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا بإدراج شركات صينية عديدة على القوائم السوداء، في قطاعات تشمل الزراعة، وألواح الطاقة الشمسية، والمنسوجات.

إضافة إلى ذلك، "ركزت واشنطن أحيانا على تطوير تكنولوجيا مضادة تتيح للإيغور وغيرهم التحايل على أنظمة المراقبة،" وفقا لويتز.

ويلفت سوبوليك إلى أن إنشاء دولة المراقبة داخل الصين يعود إلى ثمانينيات أو تسعينيات القرن الماضي، و"بمساعدة دول غربية".

لكنهم تمكنوا من تطوير هذه "التكنولوجيا الديستوبية (المرعبة) ، واستخدامها على شعبهم وعلى الأويغور بشكل خاص، يضيف.

براءات الاختراع

وراء الكواليس، تتعاون بكين مع شركات خاصة لتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي لتحديد هوية الأشخاص استنادا إلى العرق. وتقول رويترز إن براءات الاختراع والوثائق التي كُشف عنها خلال السنوات الماضية، تُظهر أن شركات التكنولوجيا الصينية ابتكرت خوارزميات لتحديد وجوه الأويغور بين الحشود.

وتنقل الوكالة عن أحد الباحثين الباحثين تحذيره من هناك خروقات جسيمة ترتكب ضد حقوق الإنسان. "تتيح هذه التقنيات للشرطة الاطلاع على قاعدة بيانات ضخمة من الوجوه، وتحديد الوجوه التي صنّفها الذكاء الاصطناعي على أنها أويغورية،" يقول.

أنشأت بكين قاعدة بيانات ضخمة من البيانات البيومترية الخاصة بسكان شينجيانغ. وتحت ستار الفحوصات الطبية المجانية، أُجبر السكان، وفقا لصحيفة الغارديان البريطانية، وخاصة الأقليات المسلمة، على تزويد الشرطة بعينات من الحمض النووي، ومسح قزحية العين، وبصمات الأصابع، وتسجيلات صوتية.

بهذا الكم الهائل من المعلومات البيومترية الشخصية، إلى جانب شبكات كاميرات الذكاء الاصطناعي وتطبيقات مراقبة الهواتف الذكية، أنشأت الصين نظام مراقبة، أورويلي الطابع. بل أن جورج أورويل نفسه ليصاب بالرعب إزاء دستوبيا حقيقية يعيش في أتونها بشر حقيقيون، وليس مجرد شخصيات خيالية.

يوصف نظام المراقبة في شينغيانع عموما بأنه "دولة بوليسية رقمية"، ويعد بمثابة برنامج تجريبي، تختبره بكين على الأويغور قبل توسيع نطاقه في أماكن أخرى حول العالم.

مثل شخصيات أورويل في روايته "1984"، يعيش حوالي 13 مليون  أويغوري وغيرهم من المسلمين الأتراك في شينجيانغ، حالة خوف مستمرة تحت شبكة أمنية عالية التقنية. 

يعلم الناس أن كل حركة تقريبا تخضع للمراقبة. ذهابك إلى المسجد، الأشخاص الذي تتواصل معهم، ما تقرأه، وحتى طريقة لباسك، يتم باستمرار تقييمها بواسطة الخوارزميات. 

يتجنب كثيرون في تشينجيانغ تبادل العبارات الدينية  أو ذات الصبغة الثقافية الخاصة. فتواصلك مع الأقارب في الخارج، أو امتلاكك سجادة صلاة، أو مشاركتك آية قرآنية على وسائل التواصل الاجتماعي، قد تنتهي بك إلى السجن. 

يقول أويغور أنهم "يخافون من الصلاة أو حتى ارتداء الملابس التقليدية" في منازلهم، لأنهم يعلمون أن عيون الدولة وآذانها في كل مكان، والعواقب وخيمة.

منذ عام 2017، نفذت السلطات الصينية حملات اعتقال جماعي في شينجيانغ. واحتجزت  أكثر من مليون من الأويغور والأقليات المسلمة الأخرى في شبكة من معسكرات الاعتقال والسجون، وفقا لتقديرات نقلتها الأمم المتحدة، وفقا لرويترز. 

أُرسل كثيرون إلى المعسكرات ليس لارتكابهم أي جريمة، بل لأن أنظمة الرقابة الآلية وضعتهم على قائمة "غير موالين محتملين" بسبب بصمتهم الرقمية.

داخل معسكرات التلقين، التي تسميها بكين "مراكز التدريب المهني،" نقل معتقلون سابقون عن تعرضهم للتعذيب والتلقين السياسي والإجبار على التخلي عن دينهم. 

تمزقت أوصال عائلات: يختفي البالغون في معسكرات سرية بينما يُوضع الأطفال في مؤسسات حكومية، في سعي السلطات لمحو هوية الأويغور. حتى غير المعتقلين يعيشون تحت نوع من الإقامة الجبرية المؤقتة. 

يسرد تقرير للغاردينان قصة رجل أويغوري عاد إلى شينجيانغ من الدراسة في الخارج، فوصف على الفور بأنه "خطر" لمغادرته البلاد؛ اعتقلته الشرطة في المطار، وأجبرته على الخضوع لـ"فحص صحي" بيومتري، واقتادته إلى مركز احتجاز.

أُلقي القبض على آخرين لمجرد أن أحد أقاربهم في الخارج، أو لأن هواتفهم تحمل محتوى إسلاميا.

تقول منظمات حقوقية دولية إن المراقبة الشاملة تُغذي منظومة انتهاكات أوسع نطاقا. في تقرير صدر في أغسطس 2022، خلصت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى أن ممارسات الصين الرقابية في شينجيانغ "قد تُشكل جرائم دولية، لا سيما جرائم ضد الإنسانية".

وقد وثّقت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية أدلة على الاعتقال الجماعي والتعذيب والاضطهاد الثقافي والعمل القسري في المنطقة، والتي تُسهّلها البنية التحتية المتطورة للمراقبة، مما يجعل من شبه المستحيل على الأويغور التهرب من سيطرة الدولة.

باختصار، أصبحت شينجيانغ سجنًا مفتوحًا حيث تُحاصر مجموعة عرقية بأكملها بالوسائل الرقمية. الخسائر البشرية فادحة: تدمير الخصوصية، وتجريم المعتقد والثقافة، وتعطيل أو تدمير حياة ملايين الأشخاص. 

"لقد بنت الصين في شينجيانغ ديستوبيا مدفوعة بالمراقبة، وهي نموذج للقمع يجب على العالم مواجهته على وجه السرعة"، قالت صوفي ريتشاردسون من هيومن رايتس ووتش: (هيومن رايتس ووتش، ٢٠٢٣). 

شركات القمع التكنولوجي

تؤكد تقارير أن اعتماد بكين على نخبة من الشركات الصينية العملاقة في مجال تكنولوجيا الأمن في توفير الأجهزة والبرمجيات التي تشغل دولة شينجيانغ البوليسية.

هيكفيجن وداهوا وهواوي وهي من أكبر شركات صناعة كاميرات المراقبة في العالم.

فازت هيكفيجن وداهوا بعقود ضخمة لتزويد شينجيانغ بكاميرات مراقبة وأنظمة تعرف على الوجه. 

وتُظهر أبحاث استندت إلى وثائق شرطة مسربة أن كاميرات هيكفيجن جزء أسياسي في برامج الشرطة في شينجيانغ لتتبع الأويغور واستهدافهم.

إذا كنت أويغوريا

إذا كنت أويغوريا تعيش في الصين، فمن المستحيل أن تعيش حياتك دون أن تكون خاضعا للرقابة المستمرة من الحزب الشيوعي الصيني، يقول سوبوليك.

"وما هو أكثر مأساوية،" يضيف، "أنه حتى لو كنت أويغوريا تعيش خارج الصين – في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو أي دولة غربية أخرى – فإن قمع الحزب لا يزال يلاحقك".