تشكل الجماعات المدعومة من إيران بمنطقة الشرق الأوسط، ما يسمى "محور المقاومة"، وهو تحالف من الميليشيات المسلحة التي تضم حركتي الجهاد وحماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وجماعات مسلحة عدة في العراق وسوريا، وهي بمثابة خط دفاع أمامي إيراني.
وعبر تلك المليشيات، نجحت إيران في منافسة القوى الإقليمية التقليدية في المنطقة، إذ تدعم "مباشرة أو بطريقة غير مباشرة"، أكثر من 20 جماعة مسلحة، غالبيتها مصنفة "إرهابية" في الولايات المتحدة.
وتصف تلك الجماعات المسلحة نفسها بأنها "محور المقاومة" لإسرائيل ولنفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وقد تشكلت واكتسبت قوة على مدى السنوات وفي بعض الأحيان خلال عقود تلقت فيها دعما إيرانيا، وفق وكالة "رويترز".
جماعة حزب الله اللبنانية
أسسها الحرس الثوري الإيراني في عام 1982 بهدف محاربة القوات الإسرائيلية التي اجتاحت الجنوب اللبناني في ذلك العام.
ويُنظر إلى جماعة حزب الله على نطاق واسع على أنها أقوى من الدولة اللبنانية.
والجماعة بمثابة نموذج للجماعات الأخرى المدعومة من طهران في أنحاء المنطقة وقدمت المشورة أو التدريب لبعض هذه الجماعات.
وتصنف الولايات المتحدة وبعض حلفائها من دول الخليج العربية الجماعة منظمة إرهابية.
وتشن جماعة حزب الله المدججة بالسلاح هجمات شبه يومية على أهداف إسرائيلية عبر الحدود بين لبنان وإسرائيل منذ أوائل أكتوبر، مما أدى إلى نشوب أعنف تبادل لإطلاق النار بين الخصمين منذ أن خاضا حربا واسعة النطاق في عام 2006.
وتقول الجماعة إن هجماتها تساعد على إرهاق الجيش الإسرائيلي ودفع عشرات الآلاف من الإسرائيليين للابتعاد إذ فروا من منازلهم بالقرب من الحدود.
كما أجبرت الغارات الجوية والقصف المدفعي الإسرائيلي عشرات الآلاف من اللبنانيين على الفرار.
وذكرت مصادر أمنية أن الضربات الإسرائيلية على لبنان قتلت نحو 240 من مقاتلي حزب الله من بينهم قياديون كبار منذ السابع من أكتوبر إضافة إلى مقتل 30 آخرين في ضربات إسرائيلية في سوريا، ويضاهي ذلك إجمالا خسائر حزب الله في حرب 2006.
حركة الحوثي في اليمن
فرضت حركة الحوثي المصنفة إرهابية لدى واشنطن، سيطرتها على أجزاء كبيرة من اليمن خلال الحرب الأهلية التي بدأت منذ 2014 بما يشمل السيطرة على العاصمة صنعاء التي أجبروا الحكومة المعترف بها دوليا على الخروج منها.
وتنتمي الحركة إلى الشيعة الزيدية ولها صلات ودية بإيران منذ فترة طويلة.
ووضعت الحرب في اليمن الحوثيين في صراع مع تحالف تقوده السعودية تدخل في 2015 في الحرب خشية تبعات تنامي نفوذ إيران ودعم فيه التحالف الحكومة المعترف بها دوليا.
وأيدت السعودية في السنوات القليلة الماضية جهودا دبلوماسية لإنهاء الحرب واستضافت في سبتمبر العام الماضي، مفاوضين من الحوثيين في الرياض.
وأعلنت حركة الحوثي دخولها في الصراع في 31 أكتوبر بإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ صوب إسرائيل.
وفي نوفمبر، وسع الحوثيون دورهم من خلال مهاجمة السفن في جنوب البحر الأحمر قائلين إنهم يستهدفون السفن التابعة لإسرائيليين أو المتجهة إلى موانئ إسرائيلية، لكن بعض السفن المستهدفة لم تكن لها صلات معروفة بإسرائيل.
ودفعت هذه الهجمات الولايات المتحدة وبريطانيا إلى شن ضربات جوية على أهداف تابعة للحوثيين في اليمن في يناير.
وأعلن الحوثيون أن "كافة السفن والقطع الحربية الأمريكية والبريطانية المشاركة في العدوان" على اليمن سينظر إليها باعتبارها أهدافا معادية.
وأدت الهجمات إلى تعطيل التجارة الدولية عبر أقصر طريق شحن بين أوروبا وآسيا، ودفعت بعض شركات الشحن إلى تغيير مسار سفنها.
وتعتقد الولايات المتحدة أن الحرس الثوري الإيراني يساعد الحوثيين في التخطيط لشن الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة وتنفيذها، بينما تنفي طهران ضلوعها في هذه الهجمات.
وفي يناير، قالت مصادر لوكالة "رويترز"، إن قادة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله موجودون على الأرض في اليمن للمساعدة في توجيه هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر والإشراف عليها، ونفى الحوثيون مشاركة حزب الله أو إيران في ذلك.
وأعادت الولايات المتحدة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية ردا على مهاجمة السفن.
واتهم التحالف بقيادة السعودية إيران مرارا ومنذ فترة طويلة بتسليح وتدريب وتمويل الحوثيين، بينما تنفي الحركة مسألة أنها من وكلاء إيران في المنطقة.
"المقاومة الإسلامية" في العراق
برزت جماعات شيعية مدعومة من إيران في العراق وتحولت إلى أطراف فاعلة فيه بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، ويقدر عدد مقاتلي هذه الجماعات بعشرات الآلاف.
وبدأت "المقاومة الإسلامية" في العراق، التي تضم تحت رايتها جماعات مسلحة شيعية، استهداف القوات الأميركية في العراق وسوريا في أكتوبر تشرين الأول قائلة إنها تهدف بذلك للرد على الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين، ومقاومة الوجود الأميركي في العراق والمنطقة.
وتوقفت الهجمات بعد أن قتلت ضربة بطائرة مسيرة ثلاثة جنود أميركيين في الأردن في 28 يناير، مما دفع الولايات المتحدة لشن ضربات جوية مكثفة ردا على ذلك على أهداف مرتبطة بإيران في سوريا والعراق.
وفي فبراير، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" أن إيران تخشى إثارة مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، وتحث المليشيات المرتبطة بها في منطقة الشرق الأوسط، على ضبط النفس لتجنب أي تصعيد مع الجيش الأميركي.
وفي الأول من أبريل، أعلنت "المقاومة الإسلامية" في العراق مسؤوليتها عن هجوم جوي على إيلات في إسرائيل.
ولعبت هذه الجماعات المسلحة الشيعية دورا رئيسيا في الحرب على تنظيم "داعش" وقاتلت ضمن قوات الحشد الشعبي.
ويتلقى مقاتلون في هذه الجماعات رواتب من الدولة ويخضعون من الناحية النظرية لسلطة رئيس الوزراء لكنهم ينفذون مرارا عمليات خارج سلسلة القيادة.
ومن بين الجماعات التي استهدفت قوات أمريكية في الأشهر القليلة المنصرمة "كتائب حزب الله وحركة النجباء"، وكلاهما يرتبط ارتباطا وثيقا بالحرس الثوري الإيراني.
وتشمل ترسانتهما طائرات مسيرة متفجرة وقذائف وصواريخ باليستية.
وتصنف الولايات المتحدة كتائب حزب الله وحركة النجباء "منظمتين إرهابيتين".
سوريا
النظام السوري، بقيادة بشار الأسد، جزء من محور المقاومة لكنها لم تلعب أي دور مباشر في الصراع الحالي، لكن الأراضي السورية لم تكن بعيدة عن التصعيد.
وتضمن ذلك هجمات نفذتها جماعات مدعومة من إيران على القوات الأميركية في شرق سوريا.
وتضمنت كذلك ضربات جوية نفذتها إسرائيل على سوريا استهدافا لأفراد من إيران وأعضاء في حزب الله وتبادل بين الحين والآخر لإطلاق النار بين الجولان المحتل وجنوب غرب سوريا.
والحكومة السورية حليف مقرب لإيران منذ عقود وانتشرت قوات تدعمها إيران في أغلب أنحاء سوريا منذ أن وصلت إلى هناك قبل أكثر من عقد لمساعدة الأسد في الحرب الأهلية السورية.
وتقول طهران ودمشق إن القوات الإيرانية في سوريا دورها استشاري وتقوم به بدعوة من حكومة دمشق.