اعتراض غالبية المسيرات والصواريخ الإيرانية
إسرائيل تصدت لمسيرات وصواريخ إيرانية وصلت إلى أجوائها

رصدت مقاطع فيديو مسيرات وصواريخ إيرانية في أجواء دول عربية مجاورة لإسرائيل، حيث تم إسقاط بعضها.

وقد وثقت مقاطع فيديو اعتراض أحد الصواريخ فوق سماء مدن لبنانية، ولم يتم تحديد المكان أو أية تفاصيل إضافية.

وأفادت وكالة فرانس برس بسماع مصورها أصوات دوى انفجارين على الأقل في العاصمة بيروت. وقال صحفي آخر في منطقة البقاع شرقي البلاد على الحدود مع سوريا، إنه سمع انفجارات عدة.

اعتراض مسيرات وصواريخ إيرانية فوق سماء لبنان

ورصد فيديو آخر مسيرات وصواريخ كانت تعبر سماء العاصمة الأردنية عمان.

وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لصواريخ سقطت في مدن أردنية بين الأحياء السكنية، ولم يتسن لموقع "الحرة" التأكد منها.

وشوهدت عدة طائرات مسيرة بعد إسقاطها في أحياء جنوب العاصمة عمان.

وتجمع السكان حول حطام ما يشتبه في أنها طائرة مسيرة كبيرة سقطت في منطقة تجارية بضاحية مرج الحمام بالمدينة.

وسمع سكان عدة مدن في شمال الأردن بالقرب من سوريا ومناطق وسط المملكة وجنوبها صوت نشاط جوي مكثف.

وكشف مسؤول في وزارة الدفاع الأميركي لمراسلة قناة "الحرة" أن القوات الأميركية "اعترضت بعض المسيرات التي كانت موجهة لإسرائيل".

وذكرت القناة 12 الإسرائيلية "أن طائرات حربية أميركية وبريطانية أسقطت بعض الطائرات المسيرة الإيرانية المتجهة إلى إسرائيل فوق منطقة الحدود بين العراق وسوريا".

وكانت وزارة الأشغال العامة والنقل في لبنان أعلنت أن "الأجواء اللبنانية أغلقت أمام جميع الطائرات القادمة والمغادرة والعابرة للأجواء اللبنانية، وذلك بشكل مؤقت واحترازي، اعتبارا من الساعة الواحدة من فجر اليوم الأحد الواقع في 14/4/2024  لغاية الساعة السابعة من صباح هذا اليوم (الأحد)، وبالتالي فإن الملاحة الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي بيروت قد أغلقت تماما خلال هذه المدة المشار اليها اعلاه، على أن يتم تحديث ذلك ومراجعته بحسب التطورات".

وقال الأردن في وقت سابق إنه أغلق مجاله الجوي اعتبارا من مساء اليوم السبت أمام جميع الطائرات القادمة والمغادرة والعابرة، فيما وصفها مسؤولون لرويترز بأنها إجراءات احترازية تحسبا لشن هجوم إيراني عبر حدوده.

وقال الجيش الإسرائيلي إن أكثر من 200 طائرة مسيرة أطلقت من إيران، بينما قالت مصادر أمنية في العراق والأردن إن العشرات منها شوهدت وهي تحلق فوق البلدين. وقال مسؤولون أميركيون إن الجيش الأميركي أسقط بعضها.

وفي أواخر العام الماضي، طلب الأردن من الولايات المتحدة نشر منظومة الدفاع الجوي باتريوت لديه لتعزيز دفاعاته الحدودية.

ويقول المسؤولون إن وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" زادت منذ ذلك الحين مساعداتها العسكرية للمملكة، وهي حليف إقليمي رئيسي لواشنطن، ويتمركز فيها مئات من الجنود الأميركيين ويجرون تدريبات مكثفة مع الجيش الأردني على مدار العام.

وفي سوريا، أفاد مراسلو وكالة فرانس برس بسماع دوي انفجارات قوية ليل السبت الأحد في دمشق.

وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، من جانبه، إلى دوي انفجارات في سماء دمشق وكذلك في حمص وحماة وفي درعا وعلى الساحل السوري أيضا.

وأوضح المرصد أن الانفجارات "ناجمة عن محاولة الدفاعات الجوية التابعة للنظام اعتراض الطائرات والصواريح الإسرائيلية التي تحاول التصدي للصواريخ الإيرانية".

وأعلن التلفزيون الرسمي الإيراني أن الحرس الثوري شن هجوما "واسعا" بطائرات مسيرة وصواريخ باتجاه إسرائيل ليل السبت الأحد، بعد نحو أسبوعين على القصف الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق، في هجوم يثير مخاوف من تصعيد في منطقة الشرق الأوسط.

وهذا الهجوم هو الأول من نوعه الذي تشنه طهران ضد إسرائيل مباشرة.

الرئيس ترامب ونتانياهو

في واحدة من المفارقات اللافتة في العلاقة الأميركية الإسرائيلية خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، قرار الأخير عدم زيارة إسرائيل في جولته الشرق أوسطية، مفضلا زيارة دول الخليج ومراكز القرار الجديدة في المنطقة.

ورغم ما تبدو عليه الخطوة من برود دبلوماسي أو حتى تجاهل متعمد لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يُظهر التحليل الأعمق، كما يوضح الخبير الأميركي في شؤون الأمن القومي إيلان بيرمان، مزيجا معقدا من الحسابات الاستراتيجية، والرسائل السياسية، وتغيرات كبرى في بنية التحالفات الإقليمية.

بحسب بيرمان، ترتكز الرؤية الأميركية الحالية على إحداث اختراق استراتيجي في مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل، دون ربط مباشر بتقدم حقيقي في المسار الفلسطيني. 

ويشير إلى أن الرهان كان قبل 7 أكتوبر ٢٠٢٣ على قرب توقيع اتفاق سعودي-إسرائيلي، لكنه كان خالياً تقريباً من أي مضمون يتعلق بالقضية الفلسطينية.

لكن بعد هجوم حماس وعمليات إسرائيل العسكرية في غزة، بدأت الرياض تتخذ موقفا أكثر حزما، رابطة أي اتفاق بتعهد واضح من إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية. وهو ما بات صعب المنال في ظل حكومة إسرائيلية توصف بـ"المتشددة"، وشارع إسرائيلي بات أكثر رفضا لحل الدولتين.

قرار ترامب بعدم زيارة إسرائيل قد لا يكون مجرد صدفة دبلوماسية. فإسرائيل، كما يشرح بيرمان، لا تملك اليوم ما يمكن تحقيقه عملياً من زيارة كهذه، بينما الملفات الساخنة التي تهتم بها واشنطن – من التطبيع، إلى إيران، إلى اليمن – تقع جغرافياً وسياسياً في أماكن أخرى.

الأخطر أن هذا التجاهل الظاهري يتقاطع مع مؤشرات أعمق على تراجع التنسيق الاستراتيجي بين واشنطن وتل أبيب. بدءاً من التباين حول الملف النووي الإيراني، حيث يُفضل ترامب العودة إلى المفاوضات، بينما يتحمس نتنياهو للخيار العسكري، مروراً باتفاق التهدئة الأميركي مع الحوثيين في اليمن، الذي أثار امتعاض إسرائيل بسبب ما اعتُبر انفصالاً عن مصالحها الأمنية، وليس انتهاءً بتوصل ترامب الى صفقة لاطلاق عيدان اسكندر الرهينة الأميركي لدى حماس.

هنا، يقول بيرمان إن "الأمن الأميركي والأمن الإسرائيلي بدآ ينفصلان فعلياً في بعض الملفات"، وهو ما يشكّل سابقة مقلقة في تاريخ الشراكة بين الطرفين.

من داخل إسرائيل، ينقل بيرمان أجواء من الإرباك وانعدام اليقين: الأهداف في غزة غير واضحة، الرهائن لا يزالون في الأسر، والخطة العسكرية الجديدة مرهقة اقتصادياً ونفسياً للبلاد، مع استدعاء واسع لقوات الاحتياط.

الاستنزاف الطويل، والانقسامات الداخلية، وتراجع الدعم الدولي، كلها عوامل، يعددها بيرمان، وهي برأيه، تضعف قدرة إسرائيل على فرض شروطها في أي تفاوض، سواء مع الفلسطينيين أو مع الأطراف العربية الأخرى.

رغم كل ما سبق، يشير بيرمان إلى أن أسس التحالف الأميركي الإسرائيلي لا تزال قوية، إذ تجمعهما المصالح الأمنية والقيم السياسية. لكن هذا لا ينفي حقيقة وجود "مساحة رمادية" تتسع يوماً بعد يوم، تعكس تبايناً متزايداً في السياسات والتكتيكات.

بينما تُعيد واشنطن رسم أولوياتها الشرق أوسطية، وتبحث تل أبيب عن استراتيجيات خروج من أزمتها الأمنية والسياسية، تبقى العلاقة بينهما في اختبار مفتوح، رغم الثوابت الاستراتيجية. وقد يكون قرار ترامب بتجاوز إسرائيل في جولته هذه، أول مؤشر علني على تحوّل أعمق لا يزال قيد التشكّل.