وزارة التربية والتعليم المصرية
جدل في مصر بسبب قيام مدرسة ألمانية بتدريس مناهج مثلية جنسية للصف السادس الابتدائي

أثار تدريس مواد عن العلاقات الجنسية بين المثليين والمتحولين جنسيا للصف السادس الابتدائي في إحدى المدارس الألمانية الخاصة جدلا في مصر، واعتبرها البعض مخالفا للأعراف والتقاليد المجتمعية.

وحالة الجدل المجتمعي التي وصل صداها إلى النائب العام والبرلمان ووزير التعليم أثارت تساؤلات بشأن الإجراءات الرقابية على المناهج الدراسية بالمدارس الدولية، فيما يراها البعض تقييدا للحريات وحقوق الأقليات.

وبدأت الأزمة عندما تقدم الأهالي بشكاوى للنائب العام بقيام المدرسة الألمانية التي تقع في منطقة التجمع الخامس بتدريس مواد تدعو للتسامح مع المثليين، وبعدها تقدم عدد من نواب البرلمان بطلبات إحاطة عن هذه القضية لوزير التعليم، رضا حجازي، الذي وجه بدوره، الثلاثاء، بتشكيل لجنة تتوجه إلى المدرسة لبحث المواد محل الخلاف قبل التوصل لقرار وزاري أو اتخذ إجراءات قانونية، وفقا لصحيفة "المصري اليوم".

أزمة بوزارة التعليم

وقالت الموجهة السابقة بوازرة التربية والتعليم، نادرة عبادة، لموقع "الحرة" إن "رغم ما تداولته وسائل الإعلام بشأن قرار وزير التعليم بتشكيل لجنة لبحث ودراسة وفحص المواد، فالواقع يشير إلى أن ما يحدث مجرد تهدئة للرأي العام لأن مصر ليست لديها سلطة على المواد التي تدرسها المدارس الألمانية على أرضها، وستظل هذه المناهج بدون حذف لأنها تتفق مع نظام التعليم الألماني".

وأضافت عبادة أن "الأزمة لها جانبان، الأول يتعلق بالقرار الوزاري، الذي صدر عام 2022، بشأن تنظيم عمل المدارس الألمانية بمصر، والذي يمنح الجانب الألماني وحده فقط حق إقرار المناهج الدراسية، ما يقوض وزارة التعليم في إقرار أو مراقبة المواد الدراسية".

وأضافت عبادة أن "المادة الثالثة من القرار الوزاري تنص على خضوع المناهج الدراسية المحددة للمقررات الدراسية، واختيار الوسائل التعليمية الخاصة بكل مقرر للرقابة الفنية، ورقابة الجودة من قبل كل من المؤتمر الدائم لوزراء تعليم الولايات الألمانية، والإدارة المركزية للمدارس الألمانية بالخارج، (وحدهما فقط)".

وأوضحت الخبيرة التربوية أنه "ومع ذلك، يوجد قصور من قبل وزارة التعليم المصرية، لأن القانون نفسه منح مصر صلاحية تشكيل لجنة لبحث ومراقبة المناهج التعليمية، ومن ثم إبداء ملاحظات عليها في حال خالفت التقاليد المصرية، لكن من الواضح أن الوزارة حتى لم تقم بهذه المهمة".

وتنص المادة الرابعة من القرار الوزاري على أن "تُشكل لجنة فنية من المتخصصين، وذوي الخبرة والكفاءة، ويعتمد تشكيلها من السلطة المختصة  بناء على عرض من رئيس قطاع التعليم العام، ولها أن تطلب من المدرسة، والسفارة الألمانية بالقاهرة المناهج التي يتم تدريسها بتلك النوعية من المدارس في مصر، للاطلاع عليها، وإبداء الملاحظات والتوصيات بشأنها، خاصة في حالة وجود تعارض بها مع الهوية المصرية، والعادات، والتقاليد، والأعراف المصرية، أو المساس بالأمن القومي المصري، على أن تبدي اللجنة ملاحظاتها، في مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر من تاريخ موافاتها بالمناهج من قبل المدرسة، والسفارة المشار إليهما"، وفقا لموقع "فيتو".

لكن الموجهة السابقة قالت إن" المادة لا تحدد مصير تلك الملاحظات، وما إذا كانت ملزمة أم فقط استرشادية بالنسبة لهذه المدارس".

وأشارت عبادة إلى أن "وزارة التعليم في مصر تشترط فرض 3 مواد أساسية على المدارس الدولية وهم اللغة العربية، والدين، والهوية القومية المصرية، لكن هذا لم يعد كافيا في العالم الذي نعيشه حاليا والذي يشهد الكثير من المتغيرات والتطور التكنولوجي".

وتطرقت الموجهة السابقة إلى الأزمة التي تعاني منها وزارة التربية والتعليم في مصر حاليا، قائلة إنه "بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور وعجز الموازنة العامة، قررت الحكومة أن تقيد ميزانية الوزارة، وتقليل النفقات تبعه إيقاف أي تعيينات جديدة للمدرسين أو الخبراء، وبالتالي من يخرج على المعاش لا يتم استبداله بآخر، فضلا عن ضعف المرتبات".

وأوضحت أن "هذا ما لم يصرح به أي مسؤول وزاري في التربية والتعليم وهي أن الوزرة تعاني عجزا شديدا في الكوادر التعليمية والمهنة، ما يجعل من الصعب توفير مراقبة ومتابعة دقيقة لعمل المدارس الخاصة والدولية".

وتبلغ مخصصات قطاع التعليم بموازنة العام الماضي، والذي بدأ أول يوليو 2023، نحو 229 مليار و891 مليون جنيه تقدر بنحو 7.7% من قيمة الاعتمادات الموجهة لقطاعات الموازنة العامة للدولة، وفقا لصحيفة "اليوم السابع".

جدل حول الحريات

وقالت إحدى أولياء أمور الأطفال في المدرسة الألمانية والتي تعمل مدرسة بإحدى المدارس الخاصة في مصر، فاطمة سعد، لموقع "الحرة" "أحد أهم أسباب عدم وجود رقابة حكومية هو أن المدارس الدولية أصبحت عبارة عن مشاريع استثمارية بحتة تفرض مبالغ مرتفعة على أولياء الأمور دون أي رقيب".

وأضافت أن "الأمر أصبح لا يتعلق بالمصاريف الدراسية فقط، بل بتشكيل الهوية الثقافية والدينية أيضا، لاسيما أن المشهد التعليمي في مصر أصبح في حالة فوضى كبيرة، لأن واقع التعليم الحكومي في مصر في حال يرثى لها، ولا يمكن اعتباره بديلا، ولذلك "لا مفر من الخضوع لشروط وثقافة أي جهة خارجية والتي بالطبع ستتعارض مع هويتنا وثقافتنا".

وقالت إن "الحكومة المصرية آخر همها التعليم، وبالتالي تحاول الأسر تعويض هذه الفجوة من خلال إلحاق أبنائهم بالمدارس الأجنبية، وهذا سيؤدي بالطبع إلى أزمة هوية وصدام مجتمعي وثقافي وشيك".

وفيما يتعلق بالحريات، قالت سعد إنه "ليس من الدقيق ربط هذه الواقعة بالحريات لأن ما يحدث لا يمكن قبوله بألمانيا على سبيل المثال".

وأضافت "لا يمكن تدريس مواد تتعلق بالهوية الإسلامية وتدعو لنشر الإسلام في المدارس الخاصة بألمانيا أو مثلا معاداة السامية، وينطبق هذا الأمر على العديد من القضايا الأخرى".

وأقام أحد المحامين بالنقض دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ضد كل من وزير التربية والتعليم الفني ومدير الإدارة العامة للتعليم الخاص والدولي ورئيس مجلس إدارة إحدى المدارس الألمانية بالقاهرة للمطالبة بإلزام وزارة التربية والتعليم الفني بإصدار قرار عاجل بإلغاء ترخيص المدرسة، وذلك على خلفية اتهام إدارة المدرسة بتدريس بعض المقررات الدراسية لطلاب الصف السادس الابتدائي والتي تحتوي علي تشجيع المثلية الجنسية والدعوة إلى التسامح مع أصحابها، وفقا لحصيفة "الخمصري اليوم".

وتعد مصر ثاني أكبر دولة في العالم لديها مدارس ألمانية بعد إسبانيا بعدد 8 مدارس ألمانية معتمدة بالإضافة إلى 35 مدرسة شريكة، وتضم 4500 طالب مصري، وهو ما يفوق تعداد المدارس الألمانية في الصين أو في الولايات المتحدة الأميركية، طبقا لتصريح السفير الألماني في مصر، فرانك هارتمان، في مارس 2023، بحسب صحيفة "الأهرام".

ويرفض باحث الدراسات الاجتماعية للطفولة في جامعة "بيركبك" البريطانية، كريم عمادالدين، ربط الأمر بالحريات بقدر ما هو مرتبط بالصحة الثقافية والمجتمعية، قائلا لموقع "الحرة" إنه "من الضروري أن يتعرف الأطفال على أن ثمة اختلافات في المجتمع، ومن المهم أيضا أن يعرف الأطفال أن ثمة عائلات يقودها ذكران أو أنثيان سواء اختلفنا مع ذلك أو اتفقنا".

وأضاف أن التعليم الأوروبي بشكل عام والألماني بشكل خاص يرى أن "المدارس الابتدائية ينبغي أن تكون قادرة على اختيار ما تدرّسه بشأن علاقات المثليين، إذا هي اعتبرت ذلك مناسبا للفئة العمرية المستهدفة لمساعدة التلاميذ في التأهل للحياة في مجتمع ألماني وأوروبي حديث ومتنوع بعد مغادرة المدرسة".

لكن في حالة دولة مثل مصر، يرى عمادالدين أن "مديري المدارس ينبغي أن يستشيروا أولياء الأمور حتى لو لم يكن لهم الحق في الاعتراض على ما يتم تدريسه لأن هذا الأمر تحديدا شائك وجدلي في المجتمع المصري، وليس من الطبيعي التعامل بالمثل في الدولتين مع عدم مراعاة الاختلاف الثقافي والديني للطلاب وأولياء أمورهم".

بن مبارك دعا إلى التعاطي مع أزمة اليمن من منظور شامل
بن مبارك دعا إلى التعاطي مع أزمة اليمن من منظور شامل

أشاد رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعادة إدراج جماعة الحوثي على لوائح الإرهاب.

كذلك علّق بن مبارك في مقابلة خاصة مع قناة "الحرة" على قضايا مختلفة تشهدها المنطقة ومنها رؤية حكومته لمستقبل اليمن وكيف يمكن لها أن تساهم في تعزيز استقرار المنطقة وفيما إذا كانت بلاده ستنضم لاتفاقات إبراهيم.

وجاء الحوار كما يلي:

الحرة: ما رأيك بخطوة الإدارة الأميركية الجديدة إعادة إدراج الحوثيين على قوائم المنظمات الإرهابية الأجنبية؟

بن مبارك: نحن نثمن هذه الخطوة ونرى أنها تصب بالاتجاه الصحيح ولطالما طالبنا بها منذ فترة طويلة، سواء الإدراج الأول للحوثيين ومن ثم تخفيفه.

كنا نعتقد أن الخطوة توجه رسالة واضحة للحوثيين في أنها أحد الأدوات المهمة التي على المجتمع الدولي، وتحديدا الولايات المتحدة، أن تمارسها للضغط على هذه الميليشيا.

في كثير من الأحيان يحصل تردد في اتخاذ مثل هكذا قرارات خشية من أن يؤثر ذلك على الجوانب الإنسانية، لكن دائما ما نؤكد أن الأضرار الإنسانية في ظل وجود الحوثيين أكبر وأكثر.

هناك اتصالات دائمة بين الحكومة اليمنية والإدارة الأميركية في هذا الشأن وأيضا رسائل متبادلة، ونحن سعداء أن هذه الرسالة أتت من الإدارة الأميركية الجديدة بشكل مباشر لتأكيد طبيعة نهجها القادم في التعاطي مع هذا الامر.

الحرة: ما الذي تبحثون عنه لدى هذه الإدارة؟

بن مبارك: في البداية علاقاتنا مع الولايات المتحدة استراتيجية ونتشارك معها في قضايا رئيسية، فيما يتعلق بفهمنا المشترك لقضايا المنطقة والشراكة في مكافحة الإرهاب.

اليمن بموقعه الاستراتيجي المهم يمكن له أن يلعب دورا في الأمن والاستقرار الإقليمي. إهمال اليمن لفترة طويلة والنظر لها فقط من الزواية الإنسانية تسبب في كثير من التداعيات.

بالتالي نرى ضرورة أن يتم التعاطي مع اليمن على المستوى السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي بالإضافة للجوانب الإنسانية. نريد أن تكون هناك مقاربة أشمل في التعاطي مع الأزمة اليمنية.

بالتأكيد نقدر الاهتمام الكبير من قبل الولايات المتحدة بالجوانب الإنسانية.. واشنطن هي الداعم الأكبر من الجانب الإنساني من الدول الغربية، لكن نريد استخدام أدوات ضغط أكبر وتعامل مباشر مع الحكومة اليمنية وتمكين سياسي واقتصادي ودعم استراتيجي عسكري وأمني.

الهدف الرئيسي للمنطقة واليمن والعالم هو تحقيق السلام ونعتقد أن هناك متطلبات لتحقيق هذا السلام، وهناك تجارب كثيرة في هذا الإطار. حاليا التحدي الرئيسي الذي يخوضه العالم هو الأزمة في البحر الأحمر.

لدينا تصور وخطة طموحة في دعم خفر السواحل اليمني وهذه قُدمت قبل أشهر بشراكة مع الأميركيين والبريطانيين والسعودية والإمارات وهدفها الرئيسي يتمثل بتأهيل وتمكين خفر السواحل اليمني للعب دور مهم.

هناك مصلحة دولية بوجود حكومة فاعلة وقوية على الأرض قادرة على خدمة الشعب اليمني وتحقيق السلام وتخفيض حجم التهديدات التي تتعرض لها المنطقة.

مذيع الحرة: هل هذا يعني أنكم تشعرون الآن كحكومة ضعيفة؟

بن مبارك: لا بالتأكيد، لكن نحن نرى أن هذه الحكومة بحاجة لدعم حقيقي، منذ نحو عامين ونصف فقدنا مواردنا الاقتصادية نتيجة لضرب ميليشيا الحوثي لمنصات تصدير النفط مما حرمنا من أكثر من 70 بالمئة من مواردنا وجعلنا غير قادرين على الوفاء بالتزامتنا الأساسية.

هناك متطلبات كثيرة لتحقيق السلام ولعب دور إقليمي في القضايا الأمنية وتقديم نموذج مهم لباقي محافظات اليمن بما فيها تلك التي يسيطر عليها الحوثيون، حتى يتمكن المواطن اليمني التمييز بين حكومة قادرة على تقديم الخدمات وميليشيات تقمع الحريات وتحاول فرض نموذجها الإيراني على اليمنيين وتلعب دورا مهددا للاستقرار الإقليمي والدولي.

مساعدة الحكومة وتمكينها، بقدر ما هو مصلحة يمنية، لكنه أيضا يحقق مصلحة إقليمية ودولية.

مذيع الحرة: من المثير أن الحكومة اليمنية لم تقدم نفسها باعتبارها الطرف الشرعي في اليمن ويتخاطب معه العالم كجهة بإمكانها أن تسيطر على المياه الإقليمية والدولية المتاخمة وتنشر فيها قوة بحرية. لم يبرز لها ذلك الخطاب حتى في ذروة أيام استهداف الحوثيين لإسرائيل والسفن في البحر الأحمر؟

بن مبارك: كما قلت لك قبل قليل، منذ عامين تقريبا ونحن نعمل بجد على هذه المسألة، في نوفمبر الماضي وصلنا لاستراتيجية مشتركة مع الأصدقاء الأميركيين والبريطانيين والأشقاء في السعودية والإمارات فيما يتعلق بالبحر الأحمر ودور الحكومة اليمنية وخفر السواحل للعب دور حقيقي، وهناك استراتيجية في هذا الإطار.

منذ فترة طويلة ونحن نقول: أن يقبل العالم لميليشيا مثل الحوثيين بأن تسيطر على كل السواحل المتاخمة لممرات دولية كان من الطبيعي أن تكون نتائجه ما يحصل الآن.

لذلك نحن في 2018 كنا قاب قوسين أو أدنى من تحرير كافة الساحل الغربي وكان بيننا وبين ميناء الحديدة كيلومترات قليلة، ثم حصل ضغط دولي كبير في حينها أوقف هذه العملية وذهبنا بعدها لاتفاق ستوكهولم وصدرت قرارات من مجلس الأمن ولم ينفذ منه شيئا.

من نتائج المقاربات السابقة للتعاطي مع الأزمة اليمنية هو ما نشهده اليوم، بالتالي نحن الآن في مرحلة من المهم جدا أن تكون فيها مقاربات جديدة تتناسب مع المناخ الإيجابي وما يحدث من تغييرات في المنطقة وما جرى من إضعاف المحور الإيراني وحلفائه والأطراف المرتبطة به.

باعتقادي فإن اليمن حلقة مهمة جدا وفيها شريك جاهز يتمثل بالحكومة اليمنية وهي جهة فاعلة وموجودة على الأرض وهناك مجلس قيادي يضم كل الأطراف اليمنية التي تتفق جميعها دون استثناء على ضرورة إضعاف الحوثي وإعادة اليمن لحضنه العربي وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بما يقود لاحترام القانون والمواثيق الدولية.

مذيع الحرة: أنت أشرت إلى وجود حكومة يمنية قوية وفاعلة، دعني أنقل لك ما يقوله اليمنيون خاصة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، هم يقولون إن الدولار الواحد يساوي 2000 ريال يمني مقارنة بـ550 ريال في مناطق سيطرة الحوثيين وإن الأوضاع غير مسيطر عليها اقتصاديا بدليل أن هناك جهة أخرى حليفة للحكومة الشرعية وتتنازع معها للسيطرة على المناطق وهي المجلس الانتقالي الجنوبي؟

بن مبارك: هذه المقارنة غير صحيحة، أولا السعر الاسمي هو 550 ريال لكن السعر الحقيقي والقوة الشرائية الحقيقية ليست كذلك في مناطق سيطرة الحوثيين، لو أخذنا 100 دولار وصرفناها ونزلنا للسوق في عدن وأيضا في صنعاء، كم ما سأشتريه في عدن قياسا بما سأشتريه في صنعاء يعادل 10 أضعاف والسبب أن هناك سلطة بوليسية واحدة تفرض هذا السعر الاسمي في مناطق الحوثيين، لكنه لا يمثل القوة الشرائية الحقيقية.

الوضع لدينا أفضل 1000 مرة، في عدن بمئة دولار يمكن أن أوفر مقدار أعلى بما يغطي الأسرة قياسا بصنعاء.

ثانيا: كل الالتزامات الرئيسية فيما يتعلق بالدواء والمواد الغذائية والمشاريع الدولية، الحكومة الشرعية هي من تتحمل هذا العبء، نحن نتحمل ليس في فقط في مناطق سيطرتنا لأننا نؤمن أننا ممثلين لكل الشعب اليمني وجميع المؤسسات الدولية تعرف ذلك.

حتى بعد اتفاق ستوكهولم ولغاية قيام الحوثيين بفصل العملة ومنع تداول العملة التي تصدرها الحكومة اليمنية كنا ندفع رواتب لقطاعات مهمة، خاصة في السلك القضائي وأساتذة الجامعات كنا ندفعها من أموال الحكومة الشرعية اليمنية. فاتورة استيراد الغذاء نحن كنا نغطيها بالعملة الصعبة التي لدينا.

الحكومة اليمنية تمثل جميع اليمنيين وتتعاطى بمسؤولية كبيرة مع الشعب.

أيضا يجب أن يدرك الجميع، أننا نخوض حربا اقتصادية لأننا محرومون من تصدير ثرواتنا النفطية.. الحوثيون أوجدوا حدودا وهمية منعوا بموجبها مرور البضائع. لو ترك الأمر للتجار لكانت كلفة استيراد البضائع عبر ميناء عدن والمكلا بفارق كبير، لكن الحوثيين يمنعونهم وإذا قاموا بذلك يتم فرض جباية غير قانونية عليهم مما يجبرهم على مضاعفة الأسعار.

على سبيل المثال مدينة تعز التي كانت مغلقة كليا، هناك آلاف المواطنين الذين يتنقلون من المناطق التي لاتزال تحت سيطرة الحوثيين إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية لغرض التسوق وغيرها.

لكن هل نحن في أحسن حال، بالتأكيد لا، نحن نخوض حربا حقيقية.

نحن مشروعنا مشروع سلام لكننا ندرك أيضا أن مشروع الحوثي لا يعيش إلا على الحرب، يُصدِّر مشاكله الداخلية وكم الغضب الداخلي عبر إطلاق التهديدات.

ومع ذلك أقول أن الحرب الاقتصادية التي سببها الحوثيون قادت إلى ما أوصل سعر الدولار لأكثر من 2000 ريال.

لو لا المنحة التي تأتينا من المملكة العربية السعودية والإمارات لدعم الموازنة واحتياطي البنك المركزي كان من المستحيل أن نوفي بالتزامتنا الحتمية.

حاليا مصادرنا من العملة الصعبة كلها متوقفة وبالتالي هناك شح، وكذلك الأزمات في المنطقة أثرت سلبا على وصول المساعدات الدولية.

نحن نعمل من خلال خطة تعافي اقتصادية والجهود الحكومية التي نبذلها سواء عبر ضبط الإنفاق أو خلق إيرادات جديدة من مصادر بديلة بعيدا عن النفط، كل هذا يحتاج لفترة من الزمن ولدعم حقيقي، سواء إقليمي أو دولي.

مذيع الحرة: أشرتم إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو شريك لكم سياسيا، دعني أنقل لكم ما قاله نائب رئيس مجلس القيادة عيدروس الزبيدي مؤخرا في مؤتمر دافوس حيث أشار إلى أن لا حل سوى في العودة إلى يمنيين اثنين؟

بن مبارك: القضية الجنوبية ليست جديدة، منذ عام 1994 ثم في 2006 و2007 صار هناك حراك عرف في حينها بالحراك الجنوبي، ثم اقتربنا كثيرا من إيجاد تسويات ثم جاء الحوثي واجتاح كل مناطق البلاد وتوجه بعدها نحو الجنوب.

مجلس الانتقالي الجنوبي لديه مشروع واضح ولا يخفيه، لكن في حديث الزبيدي قال نحن الآن مجتمعين نمثل اليمن في مجلس القيادة ولدينا هدف واحد ومعركة واحدة تتمثل في استعادة الدولة ودحر الحوثيين وإضعاف الوجود الإيراني في اليمني، بعدها قال إن لدينا مشروعنا الذي سنتناقش فيه ونتفاوض فيه سلميا بعد إنهاء الحوثي. هذا خطاب متقدم، وهو لا يفرض مشروعه بالقوة على الناس.

مذيع الحرة: لكن هناك سوابق من التوتر بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، مؤخرا يشاع أنه لا يمكن لكم أن تدخلوا قصر المعاشيق إلا بإذن من المجلس؟

بن مبارك: فيما يتعلق بمسألة السماح لي بدخول القصر، هذه خطابات شعبوية لا يمكن أن تصدر من قيادات.

الكتلة الوزارية الأكبر في مجلس الوزراء تتبع للمجلس الانتقالي الجنوبي وهي منسجمة جدا وخطابها موحد ووتوافق معنا في كثير من القضايا. لم أشعر يوما من الأيام بهذه اللغة المتشددة من قبلهم، بالتالي دعك من الخطاب الإعلامي.

ومع ذلك الائتلافات في كل العالم صعبة، والوضع اليمني معقد ونحن لا ندعي الكمال، وأنا أقول إن الفرق بيننا وبين الحوثي هو أننا انعكاس طبيعي لليمن كما هو، نحن لا نقمع الأصوات ونريد أن تعبر هذه الأصوات عن نفسها ولا يحصل قمع لها كما في مناطق الطرف الآخر المتمثل بالحوثي.

المهم لدينا قضية رئيسية وإشكالية حقيقية هي أن الحوثي كان من ضمن الحوار الوطني، لكنه انقلب لفكرة بسيطة لا يمكن لليمنيين أن يقبلوها تتمثل في إدعائه للحق الإلهي والأفضلية على بقية اليمنيين. لا يمكن لليمنيين القبول بسلطة للمرشد في اليمن يكون فوق الجميع كما يحصل الآن لدى الحوثيين.

مذيع الحرة: كان هناك حديث قبل السابع من أكتوبر يقول إن حوارا فتح بوساطة عمانية، وإن يكن أمام الإعلام، مع الحوثيين في محاولة لايجاد حل ينهي أزمة اليمن، لكن اصطدمت الأمور بإصرار الحوثيين على أنه إن تفاوض لن يتفاوض إلا مع السعوديين مباشرة، هل تعتقدون أن هذه إحدى العقد التي يمكن تجاوزها؟

بن مبارك: هذه محاولة للهروب من قبل الحوثيين، نحن في الحوار الوطني كان لدينا جهود كبيرة للطلب من الحوثيين التسجيل كحزب سياسي كباقي الأحزاب اليمنية، لكنه رفض رفضا مطلقا.

خضنا مع الحوثيين سبع حروب عسكرية، ومن بعد الحوار الوطني وقعنا وخضنا مفاوضات سياسية، لكن دائما ما كان الحوثيون يختلقون الأعذار ويهربون من الاستحقاق الحقيقي، هم لا يقبلون وجود شريك في هذا الوطن.

مذيع الحرة: بالنهاية هل قراركم بيدكم؟ بعض اليمنين لا يزالون يعتقدون أنكم صحيح حكومة شرعية لكنها ما تزال في الرياض؟

بن مبارك: لا ليست هناك حكومة في الرياض، أنا على سبيل المثال أطول فترة قضيتها في الرياض كانت 15 يوما، نحن طول فترة حكمنا وكل أجهزتنا ومؤسساتنا موجودة في عدن وحتى الحكومات السابقة نفس الشيء.

نحن حكومة عدن وليست الرياض أو الفنادق. هذه الصورة كانت موجودة منذ سنوات طويلة ويجب تغييرها.

مذيع الحرة: كيف تنظرون للمتغييرات الإقليمية، كاتفاق غزة والوضع في لبنان والتغيير في سوريا؟ وإلى أي درجة تؤثر عليكم؟

بن مبارك: بالتأكيد كل هذه الملفات مترابطة مع بعضها البعض، في 2014 و2015 إيران قالت نحن نسيطر على 4 عواصم عربية. وكنا نقول منذ عام 2012 إن إيران تتدخل في اليمن وعينها على البحر الأحمر. كنا وباقي اليمنيين نتحاور سلميا بينما كانت إيران ترسل سفنا محملة بالسلاح إلى الحوثيين.

في تلك الفترة أيضا كان هناك عناصر من حزب الله اللبناني في صنعاء وتم سجن عدد منهم، وبمجرد دخول الحوثيين لصنعاء أُطلق سراحهم. كان هناك حلف ومخطط للمنطقة واليوم تفكك هذا الأمر بشكل كبير.

وبما أنك أشرت لغزة، فموقفنا كشعب يمني وجهات سياسية موقف أصيل.. تفاءلنا كثيرا بالاتفاق ونتمنى أن يكون مقدمة للاستقرار في المنطقة ويساهم في التخفيف عن أهالي غزة. كذلك هناك تغييرات إيجابية في سوريا ونحن رحبنا بها وفي لبنان أيضا.

مذيع الحرة: فيما يتعلق بمساعي الإدارة الأميركية الحالية المتعلقة بتوسيع اتفاقات ابراهيم، هل أنتم منفتحون على ذلك؟

بن مبارك: نحن مع الاجماع العربي وما يرتضيه الشعب الفلسطيني وتنفيذ قرارات الجامعة العربية المتعلقة بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس. حاليا قضيتنا الرئيسية هي استعادة بلادنا وإنهاء الانقلاب وعودة الأمور لنصابها في اليمن.

مذيع الحرة: ختاما، هناك حديث عن تعديل حكومي مرتقب في اليمن، ما صحة ذلك؟

بن مبارك: مجلس القيادة كان واضحا منذ البداية في أن الحكومة الحالية يجب أن تقوم بجملة من الإجراءات وأن تنفذ إصلاحات حقيقية.. سيكون هناك تقييم لأداء الحكومة والوزرات وبناء عليه يكون هناك تعديل وزاري.

نحن تحت إشراف وتنسيق كامل من مجلس القيادة نقوم بهذا الأمر، والهدف الرئيسي هو كيف نكون أكثر تمثيلا وقدرة على خدمة الناس والتعاطي مع التحديات الكبيرة التي تحصل في المنطقة.