كبار المسؤولين الأميركيين بذلوا جهودا لمنع نشوب صراع إقليمي
كبار المسؤولين الأميركيين بذلوا جهودا لمنع نشوب صراع إقليمي

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال تفاصيل عن الجهود التي بذلها فريق الأمن القومي الأميركي لمنع نشوب حرب شاملة الشرق الأوسط جراء التوترات التي تصاعدت بين إيران وإسرائيل في الفترة الماضية.

وقالت الصحيفة إنه على مدار 19 يوما بذل فريق الرئيس الأميركي، جو بايدن، جهودا كبيرة لتجنب وقوع حرب شاملة في الشرق الأوسط، مشيرة إلى لحظات حرجة كان هذا الفريق غير متأكد خلالها مما تخطط له إسرائيل أو إيران في بعض أوقات الأزمة.

وتشير الصحيفة إلى أن بايدن وفريقه للأمن القومي راقبوا "بقلق متزايد" من غرفة العمليات في البيت الأبيض، مساء السبت 13 أبريل، الصواريخ الإيرانية وهي تتجه على دفعات نحو الأراضي الإسرائيلية.

وفي ذلك الوقت، لم يكن هناك ضمانا بأن أنظمة إسرائيل المضادة للصواريخ، والتي عززتها البطاريات المضادة للصواريخ والطائرات بدون طيار التي نشرها الجيش الأميركي في الأيام الـ10 التي تلت الهجوم، كانت كافية لإسقاط 99 في المئة من الصواريخ الإيرانية.

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن في غرفة العمليات في ذلك اليوم: "إن نتائج الدفاعات الجوية لم تكن واضحة" حتى تم التأكد من ذلك فعلا.

وشنت إيران في 13 أبريل هجوما غير مسبوق على إسرائيل بالصواريخ والمسيرات، ردا على تدمير مقر قنصليتها في دمشق في الأول من أبريل في ضربة نسبتها إلى إسرائيل.

وأكد الجيش الإسرائيلي أنه تمكن من اعتراض جميع المقذوفات تقريبا بمساعدة حلفائه ولم تخلف سوى أضرار محدودة.

وسارع المجتمع الدولي إلى الدعوة إلى الهدوء في أعقاب الهجوم، في ظل مخاوف من التوترات المتصاعدة على خلفية الحرب في قطاع غزة التي بدأت قبل أكثر من ستة أشهر.

وفي يوم 19 أبريل، قالت وسائل إعلام أميركية نقلا عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إسرائيل شنّت ضربة على إيران ردا على الهجوم الإيراني.

وتشير وول ستريت جورنال إلى أنه "قبل دقائق قليلة" من الغارة التي استهدفت مبنى القنصلية في العاصمة السورية، دمشق، والتي أسفرت عن مقتل قادة عسكريين إيرانيين كبار، نبه مسؤول إسرائيلي نظيره الأميركي إلى أن هناك ضربة جارية، لكن المسؤولين الأميركيين قالوا إن التحذيرات لم تتضمن أي معلومات عن الجهة المستهدفة أو الموقع الذي تم ضربه.

وسرعان ما علم البيت الأبيض بهجوم إسرائيلي آخر غير متوقع وقع في نفس يوم الغارة على دمشق، وهي الضربة التي وقعت ضد قافلة مساعدات في غزة وأدت إلى مقتل سبعة أشخاص.

وبعد وقت قصير من غارة دمشق، كان السفير الإسرائيلي، مايكل هرتزوغ، والملحق الدفاعي الإسرائيلي في البيت الأبيض، حيث عقد مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، وغيره من كبار مساعدي البيت الأبيض مؤتمرا عبر الفيديو مع المسؤولين الإسرائيليين. 

وفي محادثة جانبية، أوضح هرتزوغ أن إسرائيل استهدفت كبار الضباط الإيرانيين، حسبما قال مسؤولون أميركيون.

وبينما كان المسؤولون في واشنطن وإسرائيل ينتظرون رد طهران، توقع عدد قليل من المسؤولين الإسرائيليين أو الأميركيين أن تهاجم إسرائيل مباشرة، وهو أمر لم تفعله من قبل.

وبعد يومين من ضربة دمشق، أعرب وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، في مكالمة هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، عن شعوره بالإحباط لان الأخير لم يذكر خطط العملية، على الرغم من أن غالانت زار أوستن في البنتاغون قبل أسبوع من الضربة، حسبما قال مسؤول أميركي.

وفي ذك الوقت، أجرى كبار مساعدي بايدن اتصالات هاتفية، وناشدوا حكومات أجنبية أن تطلب من إيران عدم الرد على إسرائيل.

وطلب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، وليام بيرنز، من نظرائه في أجهزة المخابرات في أوروبا والشرق الأوسط وتركيا حث إيران على وقف التصعيد.

وتشير الصحيفة إلى أن خطة الهجوم الإيراني في ما يتعلق بمستوى الهجوم لم تكن واضحة على الفور لوكالات الاستخبارات الأميركية، وتوقعت بعض التقارير الاستخباراتية أن تستهدف إيران فقط المنشآت الدبلوماسية الإسرائيلية أو مواقع أخرى خارج إسرائيل.

ومع مرور الأيام دون رد إيراني، تأكد لمسؤولي المخابرات الأميركية والإسرائيلية أن إيران كانت تخطط لهجوم مباشر على الأراضي الإسرائيلية وأن الهجوم سيكون هائلا. وكان السؤال هو متى وما هي الأهداف.

ووصل قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، الجنرال إريك كوريلا، إلى إسرائيل في 11 أبريل وأراد البقاء في إسرائيل خلال الهجوم الإيراني، لكن أوستن أمره بالمغادرة خوفا من أن تبدو الولايات المتحدة وكأنها مشاركة في أي رد إسرائيلي. 

وبحلول الوقت الذي وصل فيه بايدن إلى ريهوبوث بيتش بولاية ديلاوير، في وقت مبكر من مساء الجمعة 12 أبريل لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، كانت خطة الهجوم الإيرانية قد أصبحت أكثر وضوحا. 

وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، جون كيربي: "حصلنا على معلومات استخباراتية أفضل وأكثر دقة بشأن التوقيت المحدد" للهجوم الإيراني القادم.

وعندما بدأ الهجوم ليلة السبت، قام المسؤولون الأميركيون في غرفة العمليات والبنتاغون بتتبع الموجات الثلاث من الصواريخ التي غادرت المجال الجوي الإيراني، وعبرت العراق والأردن، متجهة نحو إسرائيل. 

وقال مسؤولون في الإدارة إنه حتى مع التحذير المسبق الذي تلقوه، فإن حجم القصف الإيراني لم يكن متوقعا.

وقال مسؤول كبير: "أعتقد أن هذا كان على أعلى مستوى مما كنا نتوقعه".

وبعد أن تصدت إسرائيل للهجوم تقريبا، تحول البيت الأبيض من الدفاع عن حليفته إلى كبح جماحها. 

وحوالي الساعة 9 مساء 13 أبريل بتوقيت واشنطن، أجرى بايدن ونتانياهو مكالمة هاتفية.

وقال مسؤولون أميركيون إن بايدن نصح نتانياهو بالتفكير في خطوته التالية بعناية.

وكانت إيران حذرت من أنها سترد بقوة على أي رد إسرائيلي، الأمر الذي قد يزيد من دائرة التصعيد.

وقال نتناياهو للرئيس الأميركي ي المكالمة إن رد إسرائيل على إيران سيكون "معقولا وليس شيئا غير مسؤول". 

وفي 19 أبريل، ردت إسرائيل باستهداف موقع عسكري واحد في محافظة أصفهان الإيرانية. 

وتقول الصحيفة الأميركية إن إسرائيل باتت الآن في وضع أفضل من الناحية الاستراتيجية، وفق المسؤولين الأميركيين، بعد الإدانات الدولية التي تعرضت لها في أعقاب الهجوم على عمال الإغاثة.

وتقول الصحيفة إنه "لو كانت إسرائيل ردت بشكل متهور، كانت ستفقد مرة أخرى الدعم الدولي الذي استعادته حديثا".

وبينما كان الهجوم محدودا، فقد أظهر أن إسرائيل قادرة على التغلب على الدفاعات الجوية الإيرانية والضرب في عمق أراضي إيران.

وخلافا لضربة دمشق التي أشعلت الأزمة قبل 19 يوما، أعطت إسرائيل هذه المرة للولايات المتحدة إشعارا مسبقا قبل دقائق قليلة من هجومها المحدود.

وتقول الصحيفة: "لقد تجنب البيت الأبيض، على الأقل لبعض الوقت، الدخول في حرب أوسع نطاقا".

الهجوم الإسرائيلي أصاب نظام "إس-300" للدفاع الجوي في قاعدة عسكرية في أصفهان
سلاح إسرائيلي غامض ضرب دفاعات مفاعل نطنز دون أن تكتشفه إيران
قال مسؤولون غربيون وإيرانيون إن السلاح الإسرائيلي الذي استهدف أصفهان ألحق أضرارا بالدفاعات الجوية الإيرانية دون أن يتم رصده، في وقت أظهرت صور أقمار صناعية حصرية عدم حصول أي أضرار جسيمة في القاعدة الجوية الإيرانية التي كان يُعتقد أنها الهدف الرئيسي من وراء الهجوم الإسرائيلي على إيران.

إسرائيل في المرتبة الثانية في العالم من حيث الإفلات من العقاب في جرائم قتل الصحفيين. أرشيفية
إسرائيل في المرتبة الثانية في العالم من حيث الإفلات من العقاب في جرائم قتل الصحفيين. أرشيفية

أكد خبراء لراديو صوت أميركا "فويس أوف أميركا" أن تحقيق العدالة في عمليات القتل للصحفيين في مناطق النزاعات أصبح مهمة صعبة ومعقدة.

وبحسب تقرير أصدرته اليونسكو السبت، لا تزال 85 في المئة من جرائم قتل الصحفيين في جميع أنحاء العالم من دون حل منذ عام 2006.

وفي عام 2013، أعلنت الأمم المتحدة الثاني من نوفمبر من كل عام، اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين.

جودي غينسبيرغ، الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحفيين "سي بي جي" قالت للراديو إن "الإفلات من العقاب في جرائم قتل الصحفيين هو القاعدة منذ فترة طويلة، والصراعات النشطة تؤدي إلى تفاقم المشكلة".

وأضافت أن "الموارد المتاحة للتحقيقات أصبح أقل، وكثير ما تكون المحاكم مثقلة بالعمل، وتتعطل القدرة على إجراء التحقيقات لوجود صراع مستمر".

وهذا هو ما ينطبق على مقتل الصحفيين في الحروب التي تدور بين إسرائيل وحماس، وغزو روسيا لأوكرانيا، والحرب الأهلية في ميانمار (بورما)، وعنف العصابات في هايتي.

ودانت وزارة الخارجية الأميركية، السبت، الهجمات على الصحفيين بسبب عملهم ودعت الحكومات والمجتمع الدولي إلى حماية العاملين في مجال الإعلام.

الحرب في غزة

ومع اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر من 2023، قتل ما لا يقل عن 134 صحفيا وعاملا في الإعلام، معظمهم من الفلسطينيين، بحسب لجنة حماية الصحفيين.

وتوصلت اللجنة إلى أن الجيش الإسرائيلي استهدف خمسة منهم بشكل مباشر لعملهم كصحفيين، وتعتبر إسرائيل في المرتبة الثانية في العالم من حيث الإفلات من العقاب في جرائم قتل الصحفيين، بحسب المؤشر الذي نشرته اللجنة الأربعاء الماضي.

وفي حادثة واحدة وقعت في 13 أكتوبر من 2023، أطلق الجيش الإسرائيلي قذيفتين من دبابة بفارق 37 ثانية في جنوب لبنان باتجاه طواقم إعلامية. وكان الصحفيون على بعد ميل واحد من أقرب منطقة صراع، حيث كانوا يرتدون سترات تظهر أنهم صحفيين، ليسفر الهجوم عن مقتل صحفي لبناني يعمل في وكالة رويترز، وأصيب ستة مراسلين آخرين.

وخلصت "سي بي جي" إلى أن الهجوم كان متعمدا على الصحفيين.

وقالت غينسبيرغ في سبتمبر الماضي إنها "منزعجة من عدم وجود محاسبة منذ الهجوم الذي وقع في 13 أكتوبر. لكني لست مندهشة".

وأضاف أن الإفلات من العقاب في جرائم قتل الصحفيين كان مشكلة في إسرائيل لعقود من الزمن.

ولم يرد الجيش الإسرائيلي على استفسارات "فويس أوف أميركا"، وكانت إسرائيل قد نفت في تصريحات سابقة بشأن استهداف الصحفيين.

ودعت منظمة "مراسلون بلا حدود" المجتمع الدولي في أبريل الماضي إلى "الضغط لضمان محاسبة إسرائيل" على مقتل صحفي في جنوب لبنان.

الحرب الأهلية في "بورما"

وتعد المساءلة صعبة في الحرب الأهلية في ميانمار "بورما"، منذ أن شن الجيش انقلابا في 2021، وقتل أكثر من 5000 مدني، واعتقل أكثر من27 ألف شخص، ونزح أكثر من 3.3 ملايين شخص، بحسب الأمم المتحدة.

وتشير بيانات لجنة حماية الصحفيين إلى مقتل ما لا يقل عن سبعة صحفيين في البلاد بسبب عملهم من الانقلاب.

مؤشر حرية الكتابة يقول إنه يوجد 107 شخص في السجن بسبب المحتوى المنشور في الصين (أرشيفية-تعبيرية)
تقرير: الأنظمة الشمولية والحروب تهدد حياة الصحفيين عبر العالم
بينما كانت أخبار اعتقال ومقتل صحفيين تأتي من دول استبدادية معروفه بتضييقها على الإعلام منذ عشرات السنين، ساهمت الحروب خلال الأهر الأخير في رفع وتيرة الاعتقالات التي تطال الصحفيين بسبب ممارستهم لمهنتهم والمحاكمات التسعفية ضدجهم وحتى القتل.

توم أندروز، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في ميانمار قال لـ "فويس أوف أميركا" إن "الاعتداء على وسائل الإعلام والصحافة، والاعتداء على مبدأ حرية الصحافة، كل هذا جزء من تجارتهم لإخفاء اعتداءاتهم المنهجية على شعب ميانمار".

ولم يرد الجيش في "بورما" على طلب التعليق لراديو صوت أميركا.

الحرب الروسية على أوكرانيا

رغم أن روسيا لا تظهر على مؤشر الإفلات من العقاب لعام 2024، فقد قتل ما لا يقل عن 15 صحفيا وعاملا في الإعلام أثناء تغطية الحرب، بحسب لجنة حماية الصحفيين.

رئيس الاتحاد الوطني للصحفيين في أوكرانيا سيرجي توميلينكو قال للراديو إنه "في غياب المساءلة، فإننا نعطي الضوء الأخضر لمزيد من الهجمات على الصحفيين ليس فقط في أوكرانيا، ولكن ربما في الصراعات المستقبلية في جميع أنحاء العالم".

وأكد أن حماية الصحفيين لا تتعلق بحالات فردية، بل تتعلق بالدفاع عن الديمقراطية والحق في معرفة الحقيقة. وتابع أن "كل اعتداء على صحفي دون عقاب يشجع أولئك الذين يريدون إسكات وسائل الإعلام المستقلة".

ولم ترد السفارة الروسية في واشنطن ووزارة الخارجية الروسية على استفسارات "فويس أوف أميركا".

وتكشف بيانات اليونسكو مقتل صحفي كل أربعة أيام بسبب قيامه بعمله خلال الفترة 2022 و2023.

ودعت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي الدول الأعضاء إلى بذل المزيد من الجهود لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم.

وقالت في بيان إن "ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وإدانتهم يشكلان رافعة رئيسية لمنع وقوع هجمات مستقبلية على الصحفيين".