أعلن البيت الأبيض الاثنين أنه لا يدعم التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية بشأن الحرب في قطاع غزة، وسط تقارير عن تخوّف مسؤولين إسرائيليين من إصدار الهيئة، ومقرّها في لاهاي، مذكّرات توقيف بحقّهم.
وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، في مؤتمر صحفي إن إدارة بايدن لا تدعم التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية بشأن مسؤولين من إسرائيل وحماس.
وأضافت "لقد كنا واضحين للغاية بشأن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية، نحن لا نؤيده ولا نعتقد أنه من اختصاصها".
ونقل موقع "أكسيوس" الاثنين عن مصدرين إسرائيليين مطلعين، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو طلب من الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال مكالمية هاتفية بينهما الأحد، المساعدة في منع المحكمة الجنائية الدولية من إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار فيما يتعلق بالحرب في غزة.
وتحقق المحكمة الجنائية الدولية، التي يمكنها توجيه اتهامات للأفراد بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، في الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر والحملة العسكرية الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة الذي تديره حماس، والتي دخلت الآن شهرها السابع.
وحذر وزير الخارجية يسرائيل كاتس الأحد السفارات الإسرائيلية من خطر مواجهة "موجة شديدة من معاداة السامية" مطالبا بتعزيز إجراءاتها الأمنية.
وقال كاتس "نتوقع إحجام المحكمة (الجنائية الدولية) عن إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين سياسيين وأمنيين كبار في إسرائيل". وأضاف "لن نحني رؤوسنا ولن يردعنا ذلك وسنواصل القتال".
وكان نتانياهو قد قال الجمعة إن أي قرارات للمحكمة الجنائية الدولية لن تؤثر على الإجراءات التي تتخذها إسرائيل لكنها ستشكل سابقة خطيرة.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن المسؤولين الإسرائيليين يشعرون بقلق من احتمال أن تصدر المحكمة أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغيره من كبار المسؤولين بسبب اتهامات بارتكاب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي في غزة.
وقالت إن المحكمة الجنائية الدولية تدرس أيضا إصدار أوامر اعتقال بحق قياديين في حماس.
وذكرت صحيفة "الغارديان" الأحد أن دبلوماسيين من الدول الصناعية السبع الكبرى حثوا المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية على عدم الإعلان عن اتهامات بشأن ارتكاب مسؤولين إسرائيلين أو قياديين من حماس بارتكاب جرائم حرب، وسط مخاوف من أن مثل هذه الخطوة قد تعرقل فرص تحقيق انفراجة في محادثات وقف إطلاق النار.
وإسرائيل ليست عضوا في المحكمة ولا تعترف بولايتها القضائية، لكن تم قبول الأراضي الفلسطينية كدولة عضو في عام 2015.
وقال كريم خان المدعي العام للمحكمة في أكتوبر إن للمحكمة اختصاص النظر في أي جرائم حرب محتملة يرتكبها مقاتلو حماس في إسرائيل والقوات الإسرائيلية في قطاع غزة.
وأضاف خان أن فريقه يحقق بنشاط في أي جرائم يُقال إنها ارتكبت في غزة وأن من ينتهكون القانون سيُحاسبون.
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد للصحفيين الاثنين "المحكمة الجنائية الدولية مستقلة وتنجز عملها دون تواصل مع واشنطن أو تدخل منها". والولايات المتحدة ليست عضوا في المحكمة أيضا.
عزلة دولية
ونقلت وكالة "رويترز" عن ماثيو جيليت، المحاضر في القانون الدولي بجامعة إسيكس بإنكلترا، أنه لن يتمكن أي شخص تصدر بحقه مذكرة اعتقال من السفر لأكثر من 120 دولة عضوة في المحكمة الجنائية الدولية، ومنها معظم الدول الأوروبية واليابان وأستراليا، وإلا يمكن احتجازه.
وأضاف أنه إذا صدرت أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين فقد تتخذ بعض الدول الحليفة لإسرائيل إجراءات مثل تقليص عمليات نقل الأسلحة أو تقليل الزيارات الدبلوماسية، مما يزيد من عزلة إسرائيل على الصعيد الدولي.
وأردف أن ذلك سيجعل "من الصعب بشكل أكبر على الديمقراطيات الليبرالية الغربية التعامل مع إسرائيل".
وقادت حماس في السابع من أكتوبر هجوما على قواعد عسكرية وتجمعات إسرائيلية تقول إسرائيل إنه أدى لمقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجاز 253 رهينة.
وتواصل إسرائيل منذ ذلك الحين شن هجوم بري وجوي وبحري أدى وفقا للسلطات في غزة إلى مقتل أكثر من 34 ألف فلسطيني حتى الآن وتدمير جزء كبير من القطاع الساحلي المكتظ بالسكان.
وتقول إسرائيل إنها تتخذ الاحتياطات اللازمة للحد من سقوط قتلى من المدنيين وإن ما لا يقل عن ثلث القتلى في غزة هم من المقاتلين، وهو ما تنفيه حماس.
وتسببت الحملة العسكرية الإسرائيلية في نزوح معظم سكان القطاع الفلسطيني المحاصر وعددهم 2.3 مليون نسمة وإثارة أزمة إنسانية.
والقضية المنظورة أمام المحكمة الجنائية الدولية منفصلة عن قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، ومقرها لاهاي أيضا.