قمة البحرين دعت إسرائيل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
إعلان المنامة حث كافة الفصائل الفلسطينية للانضواء تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية

دعا القادة العرب، الخميس، إلى نشر قوات دولية "في الأرض الفلسطينية المحتلة" إلى حين تنفيذ حل الدولتين، في ختام القمة العربية الثالثة والثلاثين التي عقدت في البحرين في خضم وضع معقّد في المنطقة تخيّم عليه الحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس منذ أكثر من سبعة أشهر.  

وأيدت الدول العربية الـ22 في البيان الختامي دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة إلى "عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة، لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين".

وتضمن "إعلان المنامة" الصادر عن القمة السنوية العادية للقادة العرب الدعوة "إلى نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين".

وجاء رد الأمم المتحدة سريعا على لسان نائب المتحدث باسم المنظمة الدولية فرحان حق الذي ربط الأمر بـ"موافقة مجلس الأمن" الدولي.

وقال "في نهاية المطاف، يعتمد تشكيل بعثات حفظ السلام على أمور عدة. إحداها (...) تفويض من مجلس الأمن؛ وبطبيعة الحال، سيتعين على المجلس أن يوافق على ذلك".

وتابع "يجب أن تكون هناك شروط على الأرض، بما في ذلك قبول الأطراف لوجود (قوات) الأمم المتحدة، وهذا أيضا أمر يجب ترسيخه وهذه ليست أشياء نعتبرها أمرا مفروغا منه".

وقال العاهل البحريني بعد تسلمه رئاسة القمة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان "تتقدم مملكة البحرين بعدد من المبادرات (...) أولها الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، إلى جانب دعم الاعتراف الكامل بدولة فلسطين وقبول عضويتها في الأمم المتحدة".

وشارك العديد من الزعماء في القمة بينهم ولي العهد السعودي والملك الأردني عبدالله الثاني، والرؤساء المصري عبد الفتاح السيسي، العراقي عبد اللطيف رشيد، والفلسطيني محمود عباس.

المسؤولون العرب الذين اجتمعوا بدورة عادية، سبق أن عقدوا واحدة أخرى طارئة في العاصمة السعودية في نوفمبر، كانت مشتركة مع منظمة التعاون الإسلامي، ودان المجتمعون حينها الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.

كما جاء في بيان آخر صادر عن القمة المطالبة "بالوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في غزة ووقف كافة محاولات التهجير القسري وإنهاء كافة صور الحصار والسماح بالنفاذ الكامل والمستدام للمساعدات الإنسانية وانسحاب إسرائيل الفوري من رفح" حيث تكدس أكثر من 1,4 مليون شخص فروا من أماكن أخرى في القتال بسبب القصف المتواصل.

وحث "إعلان المنامة" "كافة الفصائل الفلسطينية للانضواء تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية... الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"

من جهته، اتهم الرئيس الفلسطيني حماس بتوفير "ذرائع" لإسرائيل لتهاجم قطاع غزة، وذلك من خلال الهجوم غير المسبوق الذي شنّته على أراضي الدولة العبرية.

وقال عباس في كلمته إن "العملية العسكرية التي نفذتها حماس بقرار منفرد في ذلك اليوم، في السابع من أكتوبر، وفرّت لإسرائيل المزيد من الذرائع والمبررات كي تهاجم قطاع غزة وتُمعِن فيه قتلا وتدميرا وتهجيرا".

وعبرت حماس في بيان عن "الأسف" حيال تصريحات عباس. وقالت في بيان "نعرب عن أسفنا لما جاء في كلمة رئيس السلطة الفلسطينية (...) حول عملية طوفان الأقصى البطولية، ومسار المصالحة الداخلية، ونؤكد أن العدو الصهيوني (...) لا ينتظر الذرائع لارتكاب جرائمه بحق شعبنا".

كما رحبت الحركة بالبيان الختامي للقمة العربية، داعية الدول العربية "لاتخاذ ما يلزم من إجراءات تُجبر الاحتلال على وقف العدوان، وانسحاب جيشه من كامل قطاع غزة بما فيها معبر رفح، ورفع الحصار وعودة النازحين وإعادة الإعمار".

من جانبه، وصف ضيف القمة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الحرب في غزة بأنها "جرح مفتوح قد يتسبب بعدوى في جسد المنطقة بأسرها" داعيا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن".

وجدد التأكيد أن "ما من وسيلة دائمة لإنهاء مسلسل العنف والاضطرابات سوى الحل القائم على وجود دولتين".

في سياق متصل، دان البيان الختامي للقمة "بشدة التعرض للسفن التجارية بما يهدد حرية الملاحة والتجارة الدولية ومصالح دول العالم وشعوبه"، مؤكدا التمسك بـ"ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب وبحر عمان والخليج العربي".

والجدير بالذكر أن البحرين هي الدولة العربية الوحيدة العضو في تحالف دولي بقيادة أميركية لحماية الملاحة في البحر الأحمر من الهجمات التي يشنها المتمردون اليمنيون الحوثيون على سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها تضامناً منهم مع قطاع غزة.

ومنذ القمة العربية الإسلامية في السعودية، ارتفع عدد قتلى القصف الإسرائيلي على قطاع غزة من نحو 11 ألفا إلى أكثر من 35272 شخصا، غالبيتهم مدنيون، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس في القطاع المحاصر.

واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق نفذته الحركة الفلسطينية داخل الدولة العبرية في السابع من أكتوبر، وأدى إلى مقتل 1170 شخصا غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وخطف خلال الهجوم أكثر من 250 شخصا ما زال 128 منهم محتجزين في غزة توفي 36 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.

ويبدو الوضع أكثر تعقيدا حاليا، مع مراوحة في المفاوضات بين طرفي القتال، في وقت تتواصل المعارك في مناطق عدة من غزة، مترافقة مع قصف إسرائيلي عنيف، ما دفع موجات جديدة من الفلسطينيين إلى النزوح.

وتشهد مدينة رفح في جنوب القطاع المحاصر اشتباكات وقصفا إسرائيليا دفع 450 ألف شخص الى النزوح منها، وفق الأمم المتحدة التي تقول إن "لا مكان آمنا" في غزة.

وفي "إعلان المنامة"، حضت الدول العربية أيضا الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع على "الانخراط الجاد والفعال مع مبادرات تسوية الأزمة"من أجل "إنهاء الصراع الدائر واستعادة الأمن والاستقرار".

مخاوف لبنانية من حرب جديدة - رويترز
مخاوف لبنانية من حرب جديدة - رويترز

يعيش اللبنانيون حالة من القلق المتزايد مع تصاعد التوترات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل، إذ بات شبح الحرب يخيم على حياتهم اليومية، متسللاً إلى تفاصيلها مع كل انفجار أو تحذير من تصعيد جديد.

وخلال الأيام الأخيرة، شهدت الحدود الجنوبية تصعيداً خطيراً مع إطلاق ثلاثة صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل، التي ردّت بسلسلة غارات جوية استهدفت مناطق في الجنوب والبقاع.

هذا التطور أعاد إلى الأذهان مشاهد الحرب الأخيرة، في وقت لم تتعافَ فيه البلاد بعد من تداعياتها، ولم يتم البدء حتى في إعادة إعمار ما دمرته.

لا تزال المنازل المدمرة شاهدة على حرب لم تُطوَ صفحتها بعد، فيما يجد اللبنانيون أنفسهم مجدداً في مواجهة واقع مجهول، حيث لا ضمانات بأن الأيام المقبلة لن تحمل تصعيداً أشد، خصوصاً مع استمرار التهديدات التي قد تتحول في أي لحظة إلى مواجهة مفتوحة تزيد من معاناتهم.

وفي ظل هذا المشهد القاتم، تتجه الأنظار إلى المسؤولين اللبنانيين وإلى مدى قدرتهم على احتواء الأزمة ومنع الانزلاق نحو حرب شاملة. فهل تستطيع السلطات اللبنانية تجنيب البلاد سيناريو كارثياً آخر، أم أن لبنان يقترب من مواجهة جديدة قد تفاقم مآسيه؟

يأس وجمود

في جنوب لبنان، يعيش بعض الأهالي حالة من اليأس وسط تصاعد التوترات الأمنية، حيث تجد سهام، وهي من سكان مدينة صور (فقدت منزلها في الحرب الأخيرة واضطرت إلى استئجار منزل آخر)، نفسها غارقة في الإحباط. تقول بأسى: "للأسف، وكأنّه كُتب علينا أن نعيش في حروب متواصلة، حتى أصبحت أفضّل الموت".

تعكس كلمات سهام مشاعر العجز التي تخيم على كثير من اللبنانيين، وتضيف في حديث لموقع "الحرة" "نحن وُلدنا في الحروب، اللبنانيون يعانون نفسياً"، مؤكدة أن الناس لم يعودوا قادرين على تحمل المزيد من النزوح والمعاناة.

ورغم أن الحرب الأخيرة كانت مكلفة على مختلف الفئات، ترى سهام أن اللبنانيين المقيمين في مناطق محسوبة على حزب الله تحملوا العبء الأكبر، مشيرة إلى أن "هناك قرى دُمّرت بالكامل. المواطنون باتوا في حاجة ماسة إلى الاستقرار وإعادة إعمار منازلهم ومستقبلهم، وليس إلى المزيد من الحروب".

ورغم مخاوفها، تؤكد سهام أنها لن تغادر منزلها إذا اندلعت مواجهة جديدة>

وتحذر من أن العائلات النازحة هذه المرة قد تواجه صعوبات أكبر في إيجاد ملاذ آمن، خاصة مع تصاعد الخطاب الاستفزازي لبعض مسؤولي حزب الله، إلى جانب الحملات الإلكترونية الواسعة التي انطلقت عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث شملت تهديدات صريحة لمعارضي الحزب ومنتقديه، متوعدةً إياهم بـ"التأديب"، وذلك بدلاً من أن يُسلّم الحزب سلاحه للجيش اللبناني، كي ينعم اللبنانيون بالسلام".

وفي ظل التصعيد المتزايد، لا يقتصر القلق على لبنان وحده، بل يمتد إلى الجوار أيضاً لاسيما غزة وسوريا، كما يوضح الباحث في الشأن السياسي نضال السبع لموقع "الحرة".

وشهد لبنان في الأيام الأخيرة ضربات إسرائيلية "عنيفة"، وفق وصف السبع، "استهدفت مناطق عدة رداً على إطلاق صواريخ لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها".

ويرى السبع أن هذا التصعيد "يعكس مدى هشاشة الوضع الأمني، وسط تحذيرات من إمكانية تفاقم الأمور". 

وفي هذا السياق، يُجري المسؤولون اللبنانيون اتصالات مكثفة مع المجتمع الدولي، ولا سيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في محاولة لاحتواء التوترات ومنع انزلاق لبنان إلى مواجهة شاملة.

وفي هذا الإطار، دعا رئيس لبنان، العماد جوزاف عون، القوى المعنية في الجنوب اللبناني كافة، ولاسيما لجنة المراقبة المنبثقة عن اتفاق نوفمبر 2024، والجيش الى متابعة ما يحصل بجدية قصوى لتلافي أي تداعيات وضبط أي خرق أو تسيّب يمكن أن يهدد الوطن في هذه الظروف الدقيقة. 

كما طلب عون من قائد الجيش العماد رودولف هيكل اتخاذ الإجراءات الميدانية الضرورية للمحافظة على سلامة المواطنين.

في مهب المجهول

تعيش مروى، وهي من سكان بلدة معركة جنوب لبنان، حالة من القلق المستمر، تخشى أن يكون القادم أسوأ. تقول بأسى "في الحرب الأخيرة، اضطررت للنزوح مع عائلتي إلى شمال البلاد، قبل أن نعود بعد إعلان اتفاق وقف النار، لكن لا أشعر بأي أمان. أنا لا أخاف فقط من اندلاع حرب جديدة، فالحرب قائمة أساساً، لكن الخوف هو أن تتوسع وتصبح أشمل".

وترى مروى في حديث لموقع "الحرة" أن القلق يعمّ جميع اللبنانيين، "خصوصاً أهالي الجنوب، الذين يدركون أن أي تصعيد جديد قد يكون أكثر عنفاً وتدميراً". 

هذا الشعور بالخوف المستمر دفعها إلى التردد في المضي قدماً في مشروعها العملي، موضحة "التهديدات مستمرة، وكل يوم نسمع تحذيرات من أن التصعيد قد يعود في أي لحظة. لذلك، نقوم بتأجيل مخططاتنا".

وتضيف: "لبنان لم يعد يشجّع على الاستثمار. نحن نعيش في حالة من العجز، نترقب المصير المجهول واحتمال أن نجد أنفسنا مجدداً في حرب لا نريدها، حرب لا تجلب سوى المزيد من الموت والدمار".

في المقابل، تسعى الحكومة اللبنانية إلى تفادي الانجرار إلى مواجهة مع إسرائيل، وفق ما يشير السبع.

ويشدد: "لبنان غير معني حالياً بأي تصعيد عسكري. بالتوازي، تتحدث تقارير عن زيارة مرتقبة للمبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، إلى بيروت خلال الأيام المقبلة، في محاولة لفتح قناة تفاوضية مباشرة بين لبنان وإسرائيل، إلا أن هذا التوجه يواجه رفضاً واضحاً، خاصة من رئيس مجلس النواب نبيه بري".

ويحذر السبع من أن "المخاوف تتزايد في الأوساط الدبلوماسية والسياسية من احتمال أن تستغل إسرائيل أي حادث أمني لشن هجمات عسكرية موسعة وإنشاء حزام أمني داخل الأراضي اللبنانية بعمق يتراوح بين 7 و10 كيلومترات. خطوة كهذه قد تفتح الباب أمام توترات جديدة، في وقت لم يتعافَ فيه لبنان بعد من تداعيات المواجهات السابقة".

معادلات جديدة؟

في العاصمة اللبنانية بيروت، يعيش منير، مثل كثير من اللبنانيين، في حالة من القلق المستمر وسط ضبابية المشهد الأمني والسياسي. ويقول "نحن في حالة رعب دائمة، لا نعرف إذا كانت الحرب قد انتهت أم لا. هل سيتوقف إطلاق النار؟ هل ستُطلق صواريخ جديدة على إسرائيل؟ وكيف سيكون الرد الإسرائيلي؟".

ويشير منير إلى غياب أي شعور بالأمان في ظل الوضع الراهن، مضيفاً "نحن في بلد بلا ملاجئ، أي مكان قد يكون مستهدفاً، وأي شخص قد يكون في خطر"، ورغم ذلك، يؤكد "لا خيار أمامنا سوى البقاء، ننتظر ما سيحمله الغد".

أما هناء، التي تقيم بالقرب من الضاحية الجنوبية لبيروت، فتعيش في حالة من التوتر الدائم. تقول "كلما سمعت صوت دراجة نارية أو فرقعة، أعتقد أنه صاروخ"، وتضيف "أعيش على أعصابي، خصوصاً منذ أن عاد القصف الإسرائيلي على غزة. وأنا الآن أنتظر في كل لحظة أن يتصاعد التوتر في لبنان".

في ظل هذه المخاوف، تُتابع قيادة الجيش التطورات بالتنسيق مع اليونيفيل والجهات المعنية لاحتواء الوضع المستجد على الحدود الجنوبية، كما جاء في بيان رسمي، بينما دعا وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي إلى تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بكامل بنوده.

وبموجب الاتفاق المبرم في نوفمبر، كان من المفترض إخلاء جنوب لبنان من أي أسلحة تابعة لحزب الله، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة، مع نشر الجيش اللبناني لضمان الاستقرار. 

كما نص الاتفاق على أن تتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية تفكيك جميع البنى التحتية العسكرية في الجنوب ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها.

ويراقب حزب الله الوضع بحذر، محاولاً تجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، كما يرى السبع، ويقول "الحزب يواجه تحديات معقدة، خصوصاً بعد قطع خطوط إمداده إثر سقوط نظام الأسد، ما يجعله غير مستعد لمغامرة عسكرية جديدة في هذه المرحلة".

من جهتها، ترى إسرائيل، وفق السبع أن "الحزب يمرّ بمرحلة ضعف، وهو ما قد يدفعها إلى محاولة فرض معادلات جديدة على الأرض، من خلال شن حرب تهدف إلى القضاء على ما تبقى من قوة لدى الحزب".