ولاية ماكرون الحالية تستمر حتى ربيع عام 2027.
ولاية ماكرون الحالية تستمر حتى ربيع عام 2027.

في خطوة مفاجئة، قرر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الأحد، حل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة، إثر الفوز التاريخي لليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية بفارق كبير عن معسكر الغالبية الرئاسية.

وجاء القرار بعد أن حصل حزب ماكرون "النهضة" على 15.2 في المئة من الأصوات متخلفا بفارق كبير عن حزب التجمع الوطني بقيادة، جوردان بارديلا، البالغ من العمر 28 عاما، والذي حقق 31.5 في المئة من الأصوات بحسب تقديرات معاهد استطلاع. وبذلك سيحصل حزب التجمع الوطني على 31 من أصل 81 مقعدا فرنسيا في البرلمان الأوروبي.

وتشكل نتيجة الانتخابات الحالية ضربة قاسية لماكرون الذي وصل إلى السلطة عام 2017 مع وجود رغبة لديه في تعزيز النفوذ الفرنسي داخل الاتحاد الأوروبي، ومع وعد بالقضاء على التطرف على الساحة الوطنية، وفقا لفرانس برس.

دستورية الإجراء

وفاز ماكرون بإعادة انتخابه رئيسا لفرنسا في عام 2022. وتستمر ولايته الحالية حتى ربيع عام 2027، ولا يمكنه الترشح مرة أخرى.

ويبقى حل الجمعية الوطنية أداة دستورية مهمة بيد رئيس الجمهورية الفرنسية، تمكنه من تجاوز الأزمات المؤسسية، خاصة عند وجود تباين بين الأغلبيتين الرئاسية والبرلمانية. كما يمكن توظيفه كاستفتاء ضمني لقياس مدى ثقة الناخبين فيه.

لكن هذه الصلاحية ليست مطلقة، بل تضبطها المادة 12 من الدستور الفرنسي بثلاثة قيود رئيسية تتعلق بمَن يحق له إعلان الحل، وتوقيت إعلانه، والإجراءات الواجبة، وفقا لصحيفة "لوموند".

فالحل هو حق حصري لرئيس الجمهورية. ولا يمكن إعلانه إلا بعد مرور عام كامل على آخر انتخابات تشريعية. كما يتوجب على الرئيس، قبل إعلان قراره، استشارة رئيس الوزراء ورئيسَي غرفتي البرلمان (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ).

كيف ومتى ستجرى الانتخابات؟

وتسمح المادة 12 من الدستور الفرنسي للرؤساء بحل الجمعية الوطنية لحل الأزمات السياسية، مثل الخلافات الدائمة والتي لا يمكن التوفيق بينها بين البرلمان والسلطة التنفيذية، وفقا للوموند.

وتنظم الانتخابات التشريعية المبكرة، بنفس شكل نظيرتها العادية، في شكل اقتراع أغلبية على جولتين

ويجب إجراء الاقتراع بين 20 و40 يوما بعد إعلان حل الجمعية. ومن المتوقع إجراء الجولة الأولى، الأحد 30 يونيو، والثانية في 7 يوليو.

جلسة للبرلمان الأوروبي- صورة أرشيفية.
اليمين المتطرف يتجه لـ"اجتياح" برلمان أوروبا.. ما التداعيات على القارة؟
مع اقتراب موعد انتخابات البرلمان الأوروبي، يظهر أن الساحة السياسية الأوروبية على موعد مع "تحول جذري" قد يعيد رسم خارطة سياسات الاتحاد الأوروبي وتوازن القوى بداخل أروقته، في ظل تصاعد شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة في أغلب أنحاء القارة وتوقعات تحقيقها مكاسب تاريخية في الاستحقاقات المقبلة.

مقامرة أم مناورة محسوبة؟

وفي خطاب ألقاه مساء السبت، اعتبر الرئيس الفرنسي أن نتيجة الانتخابات الأوروبية "ليست جيدة للأحزاب التي تدافع عن أوروبا"، مشيرا إلى أن اليمين المتطرف حصد "ما يقرب من 40 في المئة من الأصوات" في فرنسا (بإضافة قائمة بارديلا إلى قائمة حزب "الاسترداد" بقيادة، إريك زمور). 

وتابع ماكرون أن "صعود القوميين والديماغوجيين يشكل خطرا على أمتنا وأيضا على أوروبا وعلى مكانة فرنسا في أوروبا وفي العالم"، مشيرا إلى أنه يثق في ناخبي فرنسا و"في قدرة الشعب الفرنسي على اتخاذ أفضل خيار لأنفسهم وللأجيال القادمة".

واعتبرت صحيفة الغارديان، أن الخطوة الأخيرة تبقى "مقامرة كبيرة"، قد تتسبّب في المزيد من الخسائر لحزب ماكرون، مما يعيق بشكل فعال ما تبقى من فترته الرئاسية ويمنح، اليمينية المتطرفة، مارين لوبان، المزيد من السلطة، بحسب الصحيفة البريطانية.

وذكرت أنه من غير المحتمل أن يسعى ماكرون لضمان الأغلبية البرلمانية في هذه الانتخابات المبكرة. فالجبهة الجمهورية، وهي تحالف الأحزاب التي اتحدت في الماضي لمنع صعود التجمع الوطني اليميني المتطرف، قد تضاءلت قوتها بشكل كبير وأصبحت شبه منعدمة. كما أن شعبية ماكرون شهدت تراجعا مستمرا في الآونة الأخيرة، بحسب الغارديان.

ومع ذلك، يتوقع معظم المحللين أنه في حين قد يخرج الحزب اليميني المتطرف بعدد أكبر من النواب، فمن غير المرجح أن يفوز بما يكفي من المقاعد ليمنحه الأغلبية أيضا، مما يعني أن البرلمان القادم قد يكون أكثر فوضوية وعدم فعالية من البرلمان الحالي.

من جهتها، وصفت "بوليتيكو" أيضا خطوة ماكرون بـ"المقامرة السياسية غير المعتادة"، وتشير إلى أنها قد تحمل أيضا بعض المخاطر لمارين لوبان، التي تضع نصب عينيها الفوز بالرئاسة في عام 2027.

وأوضحت الصحيفة أن الرئيس ماكرون يراهن على إضعاف زخم مارين لوبان وحزب التجمع الوطني. فعلى الرغم من الفوز الكبير للتجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية، إلا أن فرصهم في تحقيق نصر حاسم في الانتخابات التشريعية تبدو أقل. وبينما من المتوقع أن يكسب التجمع الوطني المزيد من المقاعد البرلمانية، لكن ربما ليس بالقدر الكافي الذي يمكنهم من تشكيل الحكومة.

ويرى مجتبى الرحمن، من شركة أوراسيا الاستشارية، أن هذه الخطوة "ستكبح جماح لوبان بشكل كبير، لأن الأرجح هو عدم فوزها بالأغلبية في الانتخابات التشريعية، فهي انتخابات مختلفة تتم على جولتين وتستقطب شريحة مغايرة من الناخبين".

وذكرت بوليتيكو، أن النظام الانتخابي في الانتخابات التشريعية الفرنسية يختلف عن نظيره في الانتخابات الأوروبية. فللفوز بمقعد نيابي، يجب الحصول على 50 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى، وإلا تتم المواجهة في جولة إعادة. وهذا يجعل فرص مرشحي اليمين المتطرف في الفوز بمقاعد برلمانية وطنية أصعب بكثير.

توقيف مساعد لنائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصالح الصين- صورة تعبيرية.
اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.. هل يُعيد تشكيل المشهد السياسي للقارة؟
يختتم الناخبون في 21 دولة بالاتحاد الأوروبي، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، انتخابات البرلمان الأوروبي التي استمرت أربعة أيام، الأحد، في ظل توقعات بتحقيق الأحزاب اليمينية مكاسب غير مسبوقة قد تمنحها نفوذا أكبر في رسم السياسات وصناعة القرار داخل الاتحاد الأوروبي.

وتذهب صحيفة الغارديان نحو قراءة أخرى لخطوة ماكرون، ومفادها أن الرئيس الفرنسي ربما يأمل في تحقيق نوع من "التعايش" المحايد بين الرئاسة والبرلمان. بمعنى أنه إذا حقق التجمع الوطني نتائج قوية في الانتخابات وتمكن من الحصول على حصة كبيرة من المقاعد البرلمانية، فقد يضطر لتعيين رئيس الوزراء من صفوف هذا الحزب، ربما جوردان بارديلا نفسه. 

وبهذه الطريقة، سيتحمل اليمين المتطرف مسؤولية المشاركة في الحكم لمدة عامين ونصف العام تقريبا حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. وخلال هذه الفترة، قد يفقد التجمع الوطني بعضا من شعبيته بسبب صعوبات وتحديات الحكم، مما قد يقلل من حظوظه في الفوز بالرئاسة لاحقا.

كيف تفاعل حزب "التجمع الوطني" مع قرار الرئيس؟

ولأسابيع، ظل التجمع الوطني يصرخ بأنه "مستعد للحكم" ويريد حل الجمعية الوطنية إذا خسرت قائمة الرئيس الانتخابات، حتى أن المرشح الرئيسي للتجمع الوطني، جوردان بارديلا، عرض أن يكون رئيسا لوزراء ماكرون إذا فازوا بأغلبية في البرلمان.

وكان بارديلا أول من حث ماكرون على الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، قائلا للمؤيدين بعد الإعلان عن التوقعات أن الناخبين الفرنسيين "عبروا عن رغبة في التغيير". 

وقالت لوبان، الشخصية البارزة في الحزب ومرشحة الرئاسة، إنه لا يمكنها "إلا الترحيب بهذا القرار، الذي يتماشى مع منطق مؤسسات الجمهورية الخامسة".

وأضافت حسبما نقله موقع "لاديبيش"، أن الحزب "مستعد لتولي السلطة إذا وثق الشعب الفرنسي بنا في هذه الانتخابات التشريعية المقبلة".

وأضافت "نحن مستعدون لإعادة وقوف البلاد على أقدامها، نحن مستعدون للدفاع عن مصالح الشعب الفرنسي".

ردود الفعل الأوسع

وتباين تفاعل عدد من رؤساء وقياديي الأحزاب الفرنسية الأخرى مع خطوة ماكرون بعد هزيمته الثقيلة، بين من رحب بالخطوة، ومن رأى فيها نهاية لـ"الماكرونية"، حسبما نقلته صحيفة "لاتريبين".

قال رئيس حزب الجمهوريين، إن حل البرلمان هو الحل الوحيد بعد نتائج الانتخابات الأوروبية، مشيرا إلى أن حزبه سيخوض الانتخابات التشريعية المبكرة بمفرده، دون أي شكل من أشكال التحالف أو التعاون مع السلطة الحالية.

بدوره، أشاد رئيس حزب الحركة الديمقراطية، فرانسوا بايرو، بالمخاطرة والقرار الشجاع لإيمانويل ماكرون بحل الجمعية الوطنية لإخراج البلاد من حالة الركود.

من جانبه، أعلن زعيم حزب فرنسا الأبية، جان لوك ميلانشون، أنه "لا يخشى الشعب ويعتبر الانتخابات فرصة لإعادة تأكيد مبادئهم".

واعتبرت القيادية الشابة بالحزب، مانون أوبري، "أن النتيجة الضعيفة للأغلبية هي هزيمة ساحقة للماكرونية وتدعو إلى تغيير المسار السياسي".

واعتبر، أوليفييه فور، الأمين الأول للحزب الاشتراكي، أن إيمانويل ماكرون "غير مؤهل"، داعيا "اليسار للعمل من أجل تجمع مفيد".

كما تحدثت ماري توسان، عن حزب الخضر، قائلة إن مناقشات ستجري بين أحزاب اليسار، وإنها تؤمن بقدرة تحالف اليسار على خوض معركة الانتخابات التشريعية.

سوابق حل البرلمان وعواقب مؤسسية

واستعرضت جريدة "لوموند" السوابق التاريخية لحالات حل الجمعية الوطنية في فرنسا، والتي حدثت خمس مرات:

أولها، في عام 1962 من قبل الرئيس، شارل ديغول، وأدت إلى فوز الديغوليين بأغلبية مطلقة. ثم في عام 1968 أيضا من قبل ديغول، بعد أحداث مايو 1968، وأدت إلى فوز الأغلبية الرئاسية بنسبة 46 في المئة.

وفي 1981 من قبل، فرانسوا ميتران، لضمان أغلبية برلمانية تساند الرئيس الاشتراكي، وأدت إلى فوز الأغلبية الرئاسية بنسبة 54.37 في المئة. وبعدها بسبع سنوات من قبل الرئيس ذاته، وأدت إلى فوز الأغلبية الرئاسية بأغلبية نسبية ضئيلة.

وفي عام 1997 من قبل، جاك شيراك، لتعزيز أغلبيته البرلمانية، لكنها أدت إلى فوز تحالف اليسار ودخول فرنسا في "حالة تعايش" جديدة.

ويقصد بحالة التعايش (Cohabitation) في النظام السياسي الفرنسي الوضع الذي يكون فيه رئيس الجمهورية، حيث يكون الانتماء السياسي مختلف عن الأغلبية البرلمانية في الجمعية الوطنية. وفي مثل هذه الحالة، يضطر الرئيس إلى تعيين رئيس وزراء من الحزب أو الائتلاف الذي يحظى بالأغلبية في البرلمان.

وأشارت لوموند إلى أن قرار ماكرون حل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات مبكرة قد تكون له عواقب مؤسساتية أهمها، أنه سيؤدي إلى إلغاء التزامن بين الانتخابات التشريعية والرئاسية الذي كان معمولا به منذ 2002، وهو ما كان قد أدى إلى تعزيز الطابع الرئاسي للنظام وتقليص احتمالات حدوث حالات التعايش.

وبالتالي، فإن إجراء انتخابات تشريعية في 2024 قد يعيد فتح الباب أمام حدوث حالات تعايش جديدة، إلا إذا قرر الفائز في انتخابات 2027 الرئاسية حل الجمعية الوطنية مرة أخرى لإعادة التزامن بين الانتخابات التشريعية والرئاسية.

أبيي أحمد يتحدث خلال احتفال بيوم السيادة في العاصمة الإثيوبية
أبيي أحمد يتحدث خلال احتفال بيوم السيادة في العاصمة الإثيوبية | Source: Facebook/PMAbiyAhmedAli/

حذّر رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، الأحد، من أن بلاده سوف "تذلّ" أي دولة تهدد سيادتها، مع تصاعد التوترات في منطقة القرن الأفريقي المضطربة.

وتخوض ثاني أكبر دولة في أفريقيا لناحية عدد السكان نزاعا مع الصومال المجاور بشأن اتفاق بحري وقعته أديس أبابا مع منطقة أرض الصومال الانفصالية. وتشهد العلاقات مع مصر توترا بسبب سد ضخم أنشأته إثيوبيا على النيل الأزرق.

وقال أبيي في احتفال بيوم السيادة في العاصمة "لن نسمح بأي مساس بنا، وسنذلّ كل من يجرؤ على تهديدنا من أجل ردعه".

وأضاف "لن نتفاوض مع أحد بشأن سيادة إثيوبيا وكرامتها"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية.

اتهمت إثيوبيا الشهر الماضي جهات لم تسمها بالسعي إلى "زعزعة استقرار المنطقة" بعد أن أرسلت مصر معدات عسكرية إلى الصومال عقب توقيع اتفاق تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو.

وعرضت مصر نشر قوات في الصومال في إطار بعثة جديدة بقيادة الاتحاد الأفريقي من المقرر أن تحل محل قوة حفظ السلام الحالية المعروفة باسم "أتميص" العام المقبل.

تعد إثيوبيا حاليا مساهما رئيسيا في "أتميص" التي تساعد القوات الصومالية في القتال ضد جماعة الشباب الجهادية.

لكن مقديشو غاضبة بشأن الاتفاق المبرم في يناير بين إثيوبيا وأرض الصومال والذي يمنح أديس أبابا منفذا بحريا لطالما سعت لتأمينه، قائلة إنه يمثل اعتداء على سيادتها ووحدة أراضيها.

وبموجب الاتفاق، وافقت أرض الصومال على تأجير 20 كيلومترا من سواحلها لمدة 50 عاما لإثيوبيا التي تريد إنشاء قاعدة بحرية وميناء تجاري على الساحل.

في المقابل، قالت أرض الصومال إن إثيوبيا ستعترف بها رسميا، رغم أن أديس أبابا لم تؤكد ذلك مطلقا.

وتتوسط تركيا في محادثات غير مباشرة بين إثيوبيا والصومال لمحاولة حل النزاع، لكن لم يتحقق حتى الآن أي تقدم كبير.

أعلنت أرض الصومال، وهي مستعمرة بريطانية سابقة يبلغ عدد سكانها 4,5 ملايين نسمة، استقلالها عام 1993 لكن مقديشو رفضت هذه الخطوة التي لم يعترف بها أيضا المجتمع الدولي.

والقاهرة وأديس أبابا على خلاف منذ سنوات، وتبادلتا الاتهامات بشأن مشروع سد النهضة الضخم في إثيوبيا، والذي ترى فيه مصر تهديدا لأمنها المائي.