رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني (على اليمين) خلال اجتماع الحملة الانتخابية للحزب اليميني المتطرف (إخوة إيطاليا) قبل الانتخابات الأوروبية، في أبريل، 28 فبراير 2024 في بيسكارا. وزعيمة التجمع الوطني اليميني المتطرف الفرنسي مارين لوبان في مسيرة حزب فوكس اليميني المتطرف الإسباني "أوروبا فيفا 24" في مدريد في 19 مايو 2024.
تعتقد روسيا أن تراجع حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وصعود حزب مارين لوبان سيغير مواقف باريس تجاه الحرب على أوكرانيا

لم تكشف نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، تصاعد حصة أحزاب اليمين المتطرف فحسب، بل أظهرت كذلك الاهتمام الذي تحظى به تلك الأحزاب من لدن روسيا.

والاثنين، أشار المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إلى أن موسكو تتابع "بانتباه" نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي التي حققت فيها الأحزاب المنتمية إلى اليمين المتطرف والمتشككة في الاتحاد الأوروبي مكاسب كبيرة. فلماذا الاهتمام الروسي؟

ردا على السؤال، قال المحلل الروسي، فيتشيسلاف موتازوف، إن صعود اليمين المتطرف في دول مثل فرنسا وإيطاليا وألمانيا والنمسا "هو نتيجة سياسة الولايات المتحدة تجاه ما يجري بين روسيا وأوكرانيا".

اليمين المتطرف أحرز مكاسب في انتخابات البرلمان الأوروبي ـ صورة تعبيرية.
تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.. الأسباب والتداعيات
شهدت انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة تحقيق الأحزاب المنتمية لليمين المتطرف مكاسب تاريخية في دول رئيسية بالقارة العجوز، مما أثار تساؤلات  بشأن أسباب صعودها وتداعيات ذلك على التوجهات السياسية للاتحاد الأوروبي.

"القرب الإيديولوجي"

في اتصال مع موقع "الحرة"، شدد موتازوف، على أن تقدم تلك الأحزاب "ليس صنيع موسكو بقدر ما هو نتيجة لسياسات الدولة الأقوى في العالم حيال الأزمة الجارية في أوكرانيا".

في المقابل، يرى المحلل الأميركي، كبير زملاء مركز التحليل السياسي في معهد هدسون، ريتشارد وايتز، أن روسيا مهتمة بما يجري في أوروبا وتتمنى فوز اليمين المتطرف "لاستمالة موقف الدول هناك لسرديتها بخصوص غزوها لأوكرانيا".

وفي حديث مع موقع "الحرة"، شدد وايتز على أن موسكو "لطالما دعمت الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا سواء بالتمويل المباشر أو بالدعاية".

وأوضح أن "القرب الإيديولوجي"، وفق وصفه، بين تلك الأحزاب وروسيا، جعل موسكو تؤيد صعودها في أغلب الدول الأوروبية.

وقال "تجتمع موسكو وتلك الأحزاب في نبذ الحريات، وقمع حقوق المثليين، والأقليات، لذلك، تسعى لدعمها في أوروبا".

وشهدت انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة تحقيق الأحزاب المنتمية لليمين المتطرف مكاسب تاريخية في دول رئيسية في القارة العجوز (مثل فرنسا، وإيطاليا)، ما أثار تساؤلات  بشأن تداعيات ذلك، على التوجهات السياسية للاتحاد الأوروبي.

ورغم أن التوقعات تشير إلى استمرار سيطرة أحزاب الوسط والأحزاب الليبرالية على غالبية المقاعد في المؤسسة التشريعية الأوروبية، يُنذر التقدم الذي حققته أحزاب اليمين، وفقا لمحللين، بـ"تحولات جوهرية " في مقاربة التكتل الأوروبي لعدد من الملفات داخليا وخارجيا.

وخلال تعليقه في هذا الشأن، قال بيسكوف، إن الغالبية في البرلمان الأوروبي ستكون مؤيدة لأوروبا ومؤيدة لأوكرانيا "لكن يمكننا أن نرى ديناميكية الأحزاب اليمينية التي تزداد شعبية".

وتابع "يبدو أنه مع الوقت، ستقترب أحزاب اليمين كثيرا من الأحزاب المؤيدة لأوروبا" ومضى "نحن نتابع هذا المنحى بانتباه".

المحلل الروسي، موتازوف فند المخاوف من ميل البرلمان الأوروبي لطروحات روسيا قائلا "أذكرك بأن جورجا ميلوني، زعيمة حزب "إخوة إيطاليا" رئيسة الوزراء الإيطالية، ليست مؤيدة لموسكو على الإطلاق، وحتى مارين لوبان زعيمة اليمين الفرنسي".

ثم عاد بعد ذلك للقول "ربما لديهما مقاربة أقرب لموسكو منه للولايات المتحدة، لأن روسيا تحاول مواجهة النفوذ الأميركي في المنطقة".

ويبرر الكرملين دائما غزوه لأوكرانيا بأنه يواجه التمدد الغربي على حدوده ممثلا في حلف شمال الأطلسي وأميركا.

وقال الكرملين الاثنين، إنه سيتابع عن كثب أيضا الانتخابات البرلمانية الفرنسية المبكرة التي دعا إليها الرئيس، إيمانويل ماكرون، وأضاف أن ذلك يأتي نظرا لما وصفه بالموقف "العدائي الصريح" للقيادة الفرنسية تجاه روسيا.

وتواجه زعيمة التجمع الوطني الفرنسي انتقادات بسبب مواقفها التي توصف بأنها داعمة لروسيا، ويتشارك مغردون تصريحات سابقة لها تكذب الأنباء عن قرب غزو روسيا لأوكرانيا.

في التغريدة أدناه كتب هذا الناشط "آخر مرة قامت فيها مارين لوبان بتحليل جيوسياسي أوضحت أن غزو روسيا لأوكرانيا أمر مستحيل، وأن فلاديمير بوتين لم يكن لديه هذا المشروع، كان ذلك في يناير 2022".

مصالح

الأحد، أعلن الرئيس الفرنسي حلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة، وقال في كلمة متلفزة "سأوقع بعد قليل مرسوم إجراء الانتخابات التشريعية للدورة الأولى في 30 يونيو، والدورة الثانية في 7 يوليو".

في هذا الصدد، قال رئيس المعهد الفرنسي للتحليل الاستراتيجي، فرانسوا جيري، إن روسيا تطمح لفوز ساحق لحزب اليمين المتطرف الممثل في التجمع الوطني (الجبهة الوطنية سابقا) بقيادة مارين لوبان، في الانتخابات المبكرة لأنها تطمح في وضع عراقيل أمام أي تشريع يمكن أن يسعى لتمريره ماكرون "لا يخدم مصالحها".

وفي حديث مع موقع "الحرة"، شدد جيري على أن موسكو دعمت بالتمويل والدعاية حزب لوبان منذ عدة أعوام "حتى يصل إلى ما وصل إليه اليوم"، وفق تعبيره.

وأضاف "موسكو دعمت لوبان خلال كل الاستحقاقات الانتخابية، لا سيما تلك التي شاركت فيها ضد ماكرون".

وسبق للوبان أن ترشحت للانتخاابت الرئاسية ضد ماكرون في 2017 و2022، بعدما ترشحت لأول مرة في انتخابات 2012 التي فاز بها الرئيس السابق، فرانسوا هولاند.

ويتصدّر حزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني المتطرف نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية الفرنسية المبكرة مع 34 بالمئة، أي بزيادة قدرها 15 نقطة عن نتائجه قبل عامين، وفق استطلاع لمعهد "آريس إنتراكتيف-تولونا" لحساب وسائل الإعلام الفرنسية "شالنج" و"أم6" و"آر تي ال"، نشر، الاثنين، غداة إعلان حل الجمعية الوطنية.

يرى جيري أن هذه النتائج "تثلج صدر الروس" الذين يعتقدون أنها ستؤثر في سياسات باريس تجاه ما يجري في أوكرانيا.

وقال إن علاقات بوتين والحزب اليميني الفرنسي، تدعمت منذ بدء حرب موسكو على أوكرانيا، بينما تراجعت علاقاته مع نظيره الفرنسي، ماكرون. 

وتابع "تعتقد روسيا أن تراجع ماكرون وتقوية لوبان أو اليمين ستغير مواقف باريس عموما في الحرب على أوكرانيا لصالحها، لكن ذلك غير وارد".

وبعدما اعتُبر لوقت طويل مؤيدا لروسيا، أخذ التجمع الوطني بقيادة لوبان، مسافة عن موسكو منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير 2022 لكنه ينتقد في المقابل حجم الدعم الذي يطالب ماكرون بتقديمه لكييف.

وقال بيسكوف، متحدثا عن الانتخابات البرلمانية الفرنسية المبكرة، إنه لا يود "التدخل في الشؤون الداخلية" لهذا البلد، لكنه أشار إلى أن موسكو تتابع الوضع عن كثب، لا سيما وأن ماكرون بات من أشد منتقدي الكرملين بسبب اجتياح أوكرانيا.

وقال "سنتابع كل ذلك بانتباه، خصوصا أننا نواجه موقفا غير ودي إطلاقا لا بل معاديا من القادة الفرنسيين تجاه بلادنا".

تعليقا على ذلك، قال ريتشارد وايتز إن نية موسكو هي تقسيم أوروبا وإبعادها قدر المستطاع عن أوكرانيا، والولايات المتحدة الأميركية.

ومعروف أن باريس من أشد الدول الأوروبية دفاعا عن أوكرانيا التي تتعرض للغزو الروسي.

وقال قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي الأسبوع الماضي إن مدرّبين عسكريين فرنسيين سيصلون قريبا إلى البلاد، لكن وزارة الدفاع في كييف نفت لاحقا الإعلان.

وأفاد وزير الدفاع الأوكراني الاثنين بأنه ما زال يجري محادثات مع باريس وحلفاء آخرين بشأن مسألة المدرّبين.

ورفض ماكرون استبعاد نشر قوات في أوكرانيا، رغم تردد دول أخرى في حلف شمال الأطلسي حيال ذلك والتحذيرات الغاضبة الصادرة عن موسكو.

وحذّرت روسيا من خطوة من هذا النوع وتعهّدت في وقت سابق تدمير أي معدات عسكرية غربية تُرسل إلى البلاد.

وأفاد بيسكوف الصحفيين قبل أيام بأن "أي مدرّبين منخرطين في تدريب النظام الأوكراني لن يتمتعوا بأي حصانة، لا يهم إن كانوا فرنسيين أم لا".

أطفال يكتبون في دفاتر ملاحظات على أنقاض المباني المدمرة بالقرب من خيمة تستخدم كمركز تعليمي مؤقت لطلاب التعليم الابتدائي في جباليا في شمال قطاع غزة في 8 سبتمبر 2024.
أطفال يكتبون في دفاتر ملاحظات على أنقاض المباني المدمرة بالقرب من خيمة تستخدم كمركز تعليمي مؤقت لطلاب التعليم الابتدائي في جباليا في شمال قطاع غزة في 8 سبتمبر 2024.

قال مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني إن ضربة جوية إسرائيلية على منزل في جباليا، الأحد أودت بحياة محمد مرسي نائب مدير الدفاع المدني في شمال قطاع غزة وأربعة من أفراد عائلته.

وقال الدفاع المدني في بيان إن مقتل مرسي يرفع عدد أفراد الجهاز الذين قتلوا في الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر إلى 83.

ولم يصدر أي تعليق بعد من إسرائيل بشأن مقتل مرسي.

وذكر سكان أن قوات إسرائيلية فجرت أيضا عدة منازل في حي الزيتون في مدينة غزة على بعد خمسة كيلومترات من جباليا. وقالت فرق طبية إنها لم تتمكن من الاستجابة لنداءات استغاثة من بعض السكان الذين قالوا إنهم محاصرون داخل منازلهم وبعضهم مصاب.

وقال أحد سكان مدينة غزة، يعيش على بعد نحو كيلومتر واحد من حي الزيتون، "طول الوقت بنسمع انفجارات مستمرة في حي الزيتون، احنا بنعرف انهم (الجيش الإسرائيلي) بيدمروا البيوت هناك، احنا ما بننام من صوت الانفجارات، صوت الدبابات العالي والزنانات (الطائرات المسيرة) اللي ما بتتوقف عن التحليق".

وأضاف لرويترز عبر تطبيق تراسل رافضا نشر اسمه "الاحتلال بينفذ إبادة لحي الزيتون، واحنا خايفين على حياة الناس اللي محاصرة هناك".

وفي وقت لاحق من مساء اليوم الأحد، قالت وزارة الصحة في غزة إن غارات شنها الجيش الإسرائيلي تسببت في مقتل 15 شخصا على الأقل في أنحاء القطاع.

وأشار سكان في وسط قطاع غزة وجنوبه إلى انقطاع خدمات الإنترنت والاتصالات.

وقالت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) في رسالة "نأسف للإعلان عن توقف خدمات الإنترنت المنزلي في مناطق وسط وجنوب قطاع غزة، بسبب العدوان المستمر".

وأضافت "طواقمنا تعمل جاهدة على إعادة الخدمات بأسرع وقت ممكن".

وتواصل إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) تبادل الاتهامات بخصوص إفشال جهود الوساطة التي تضطلع بها قطر ومصر والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

وتستعد الولايات المتحدة لتقديم اقتراح جديد، لكن احتمالات إحراز تقدم كبير تبدو ضئيلة في ظل وجود نقاط خلاف كبيرة بين الجانبين.

وفي الوقت نفسه مددت الأمم المتحدة اليوم الأحد حملة تطعيم الأطفال في جنوب غزة لمدة يوم واحد بالتعاون مع سلطات الصحة المحلية قبل أن تنتقل غدا الاثنين إلى شمال القطاع.

وتهدف الحملة إلى تطعيم 640 ألف طفل في غزة بعد ظهور أول حالة شلل أطفال منذ نحو 25 عاما. وسمحت فترات توقف محدودة في القتال للحملة بالاستمرار.

وقال مسؤولون في الأمم المتحدة إن الحملة تحرز تقدما، إذ وصلت إلى أكثر من نصف الأطفال المحتاجين للتطعيم في المرحلتين الأولى والثانية في جنوب ووسط قطاع غزة. وستكون هناك حاجة إلى جولة ثانية من التطعيم بعد أربعة أسابيع من الجولة الأولى.

واندلعت أحدث جولة من القتال في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود في السابع من أكتوبر عندما شنت حركة حماس هجوما على إسرائيل التي تقول إنه تسبب في مقتل 1200 شخص واحتجاز نحو 250 رهينة.

وردت إسرائيل منذ ذلك الحين بحملة عسكرية على غزة قالت وزارة الصحة في القطاع إنها أودت بحياة أكثر من 40900 فلسطيني ونزوح جميع سكان غزة تقريبا البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، كما أوجدت أزمة جوع وأثارت اتهامات بالإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية، والتي تنفي إسرائيل ارتكابها.

وتعلن وزارة الصحة الفلسطينية عن أعداد القتلى دون التمييز بين المسلحين والمدنيين، لكن مسؤولي الصحة يقولون إن معظم القتلى مدنيون.

وتقول إسرائيل إن الحرب تسببت في مقتل 340 من جنودها في غزة، وإن ثلث القتلى الفلسطينيين على الأقل من المقاتلين.