هجوم مكثف على غرب رفح والدبابات تداهم المنطقة
هجوم مكثف على غرب رفح والدبابات تداهم المنطقة

تعرض غرب مدينة رفح الخميس إلى نيران مكثفة من طائرات هليكوبتر وطائرات مسيرة وضربات مدفعية، فيما وصفه السكان بأنه أحد أسوأ عمليات القصف في المنطقة، في حين حذرت الأمم المتحدة من تهديد "الموت والجوع" أكثر من مليون شخص في القطاع.

ووفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان، توغلت الدبابات الإسرائيلية في الجزء الغربي من رفح، فيما تتسبب الهجمات في حركة نزوح للنازحين، إذ أجبر أكثر من مليون فلسطيني كان يحتمون في المدينة إلى الانتقال إلى مناطق أخرى، حيث لا غذاء أو ماء أو مأوى.

وتحذر الأمم المتحدة من أن أكثر من مليون شخص في غزة يواجهون "الموت والجوع" بحلول يوليو.

أطلق الجيش الإسرائيلي هجوما بريا على رفح في 7 مايو، ما أجبر مئات الآلاف على الفرار منها وفق الأمم المتحدة، ويتجمعون حاليا في منطقة المواصي الساحلية التي تصفها إسرائيل بأنها "منطقة إنسانية".

وذكر شهود عيان لفرانس برس أن الجيش الإسرائيلي قصف المواصي، وهو ما نفاه الأخير، الخميس.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيل هاغاري، في تغريدة عبر إكس: "خلافا للتقارير الواردة في الساعات القليلة الماضية، لم يكن هناك أي هجوم من قبل الجيش الإسرائيلي في المنطقة الإنسانية بالمواصي".

ودان المجلس النرويجي للاجئين، وهو منظمة غير حكومية، الخميس "استخدام المنطقة الإنسانية المعلن عنها من جانب واحد كساحة معركة الأسبوع الماضي".

وأعادت الصحيفة التذكير بتصريحات سابقة للرئيس الأميركي، جو بايدن، والتي كان هدد فيها إسرائيل بقطع واشنطن لإمدادات الأسلحة الأميركية إذا أجريت هجمات واسعة النطاق في رفح، وعدم وجود خطة لتقليل الإصابات بين المدنيين، فيما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، حينها أن إسرائيل عازمة على الهجوم.

فلسطينيون ينزحون من رفح

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، الخميس، إن الولايات المتحدة لم تشهد بعد قيام إسرائيل بشن عملية عسكرية كبيرة في مدينة رفح بقطاع غزة.

وأضاف في إفادة للصحفيين أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ليست "بحجم أو نطاق" العمليات التي نفذت في أماكن أخرى في غزة.

وتابع "هي عملية أكثر محدودية".

ويأتي القصف الإسرائيلي الأخير لرفح، بعد جولة في الشرق الأوسط لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الساعي إلى تأمين وقف لإطلاق النار.

وبعد أكثر من ثمانية أشهر على بدء الحرب، تسعى الولايات المتحدة جاهدة لتأمين اتفاق بناء على خطة أعلنها بايدن، أحالت الحركة الفلسطينية ردا أوليا بشأنها على دول الوساطة فيما لم تعلن إسرائيل موقفا رسميا منها.

من جهتها، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أن عناصرها يخوضون قتالا في الشوارع ضد الجنود الإسرائيليين في غرب رفح حيث أفاد شهود عيان بإطلاق مروحيات أباتشي النار.

وتحدث شهود عيان لوكالة فرانس برس عن "ليلة عنيفة للغاية" في رفح بسبب القصف والتوغلات التي نفذها جنود إسرائيليون.

تعتبر إسرائيل الهجوم على رفح ضروريا للقضاء على حماس، لكن القتال تجدد في الأسابيع الأخيرة في عدة مناطق أخرى، وخصوصا في وسط القطاع.

وقال الجيش الإسرائيلي، الخميس، إنه يواصل عملياته في وسط غزة، حيث انتشل الدفاع المدني ثلاث جثث في منزل تعرض لقصف إسرائيلي في مخيم النصيرات.

الأونروا تتهم إسرائيل بتعطيل المساعدات 

الأونروا تواجه صعوبات في استلام وتوصيل المساعدات

وذكرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة "أونروا" أن "السلطات الإسرائيلية تمنعها في كثير من الأحيان من توصيل المساعدات وتعرقل عملياتها في القطاع".

وقالت مديرة العلاقات الخارجية في الأونروا، تمارا الرفاعي: "إننا نتلقى عددا قليلا من الردود الإيجابية على طلباتنا لتوصيل المساعدات وتصاريح التنقل في غزة"، وفقا لتقرير نشرته الغارديان.

وأضافت أن "الوكالة تحافظ على اتصالاتها مع وحدة التنسيق الإسرائيلية 'كوجات'.. لكن هذه الاتصالات لا تؤدي دائما إلى نتائج إيجابية"، مشيرة إلى وجود "الكثير من العوائق" تحد من قدرتها على "توصيل المساعدات" أو حتى "استلام شاحنات المساعدات".

وحددت الرفاعي بزيادة بطء الاستجابة الإسرائيلية بعد هجوم شنه مستوطنون على مجمع الأونروا في القدس الشرقية، وزيادة القيود المفروضة على تأشيرات الدخول على الموظفين، بما فيهم المفوض العام، فيلب لازاريني.

من جانبها، تتهم إسرائيل موظفين في الأونروا بمشاركتهم في هجوم حماس في السابع من أكتوبر، والانتماء لمنظمات إرهابية. وفي أبريل الماضي، خلصت لجنة مراجعة مستقلة ترأستها وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة، كاثرين كولونا، إلى أن إسرائيل لم تقدم أدلة تدعم مزاعمها تجاه موظفي الأونروا. 

وقال متحدث باسم وحدة تنسيق "كوجات" الإسرائيلية "إنه يوجد اتصالات يومية مع الأونروا"، وكرر الاتهامات لعلاقة موظفين في الوكالة بحماس.

اندلعت الحرب، في 7 أكتوبر الماضي، بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية خلّف 1194 قتيلا، غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى معطيات إسرائيلية رسمية.

خلال هذا الهجوم احتجز 251 رهينة ما زال 116 منهم في غزة بينهم 41 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.

وردت إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 37202 شخصا في غزة، معظمهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.

وتسببت الحرب في كارثة إنسانية في قطاع غزة، حيث تبدي الأمم المتحدة قلقها من خطر المجاعة.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من ثمانية آلاف طفل دون سن الخامسة في غزة تلقوا علاجا من سوء التغذية الحاد، "من بينهم 1600 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد"، مشيرة إلى أن 28 من هؤلاء الأطفال فارقوا الحياة.

بايدن يضع اللوم على حماس 

خارطة الطريق لم تنجح في وقف الحرب حتى الآن

وأعلن الرئيس الأميركي، الخميس، أن حركة حماس لا تزال "حتى الآن العائق الأكبر" أمام تنفيذ خطة وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في غزة.

وصرح بايدن للصحفيين في قمة مجموعة السبع "قدمت اقتراحا وافق عليه مجلس الأمن ومجموعة السبع والإسرائيليون، والعائق الأكبر حتى الآن هو حماس التي ترفض التوقيع رغم أنهم اقترحوا شيئا مماثلا"، وفق ما نقلته رويترز.

كما نوه الرئيس الأميركي إلى أنه لم يفقد الأمل في التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة لكنه دعا حركة حماس الفلسطينية إلى تكثيف الجهود من أجل ذلك.

وعندما سئل بايدن عما إذا كان واثقا من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس في إسرائيل قريبا، أجاب قائلا "لا"، مضيفا "لم أفقد الأمل، لكن الأمر سيكون صعبا"، وفق ما نقلته رويترز.

وأضاف للصحفيين "حماس... عليها أن تتحرك".

ويتوسط مفاوضون من الولايات المتحدة ومصر وقطر منذ أشهر من أجل التوصل لوقف إطلاق النار في الصراع المستمر منذ أكتوبر.

تحركات أميركية للضغط على إسرائيل

شهدت الحرب مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وأشاعت الدمار في قطاع غزة

أكد بلينكن الأربعاء في الدوحة أن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع دول الوساطة الأخرى من أجل وقف إطلاق النار.

وأضاف "كلما طال أمد ذلك، زاد عدد الأشخاص الذين سيعانون، وقد حان الوقت لوقف المساومات".

وأعلنت حماس، الثلاثاء، أنها سلمت قطر ومصر ردها على خطة المراحل الثلاث التي أعلنها جو بايدن، في 31 مايو.

وتنص الخطة في مرحلتها الأولى على وقف لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع يرافقه انسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في غزة، وإطلاق سراح رهائن محتجزين في غزة، والإفراج عن معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

لم يتم الكشف عن مضمون رد حماس، لكن بلينكن قال إن "بعض التغييرات" التي تطالب بها الحركة "ممكنة والبعض الآخر غير ممكن"، مضيفا "أعتقد أن هذه الفجوة يمكن سدّها".

كذلك أكد وزير الخارجية أن الولايات المتحدة ستقدم "في الأسابيع المقبلة عناصر أساسية" لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، خصوصا ما يتعلق "بكيفية إدارة الحكم والأمن وإعادة الإعمار".

ولم يدل رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتانياهو، بتصريحات رسمية بشأن الخطة التي أعلنها بايدن، واكتفى بالتأكيد على مواصلة الحرب حتى هزيمة حماس التي تتولى السلطة في غزة منذ عام 2007 وتصنفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "منظمة إرهابية".

وتطالب حماس من جانبها بوقف نهائي لإطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.

وقالت حماس، الأربعاء، إنه "بينما يواصل بلينكن الحديث عن موافقة إسرائيل على المقترح الأخير، فإننا لم نسمع أي مسؤول إسرائيلي يتحدث بهذه الموافقة"، داعية "بلينكن، وإدارة الرئيس بايدن، إلى توجيه الضغط إلى حكومة الاحتلال".

بحسب مصدر مطلع على المحادثات تحدث لوكالة فرانس برس، فإن رد الحركة الفلسطينية يتضمن "تعديلات" على الخطة الأولية، "وأبرزها جدول زمني لوقف دائم لإطلاق النار والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة".

وحث منتدى عائلات الرهائن والمفقودين الحكومة الإسرائيلية على التحرك بسرعة لأن "أي تأخير قد يعرض الرهائن للخطر الشديد".

تصاعد التوتر في شمال إسرائيل 

شهدت المناطق الحدودية تبادلا للهجمات بين إسرائيل وحزب الله

ويتصاعد التوتر أكثر على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، حيث أعلن حزب الله، حليف حماس، الخميس، أنه شن هجمات "بالصواريخ والمسيرات" ضد تسعة مواقع للجيش الإسرائيلي، بينها قاعدة قال إنها تضم مقرا استخباراتيا "مسؤولا عن الاغتيالات".

وتوعدت إسرائيل بالرد "بقوة" على كافة "الاعتداءات" التي يقوم بها حزب الله.

وبعد عدة هجمات صاروخية، الأربعاء، على شمال إسرائيل، أكد الحزب أن الهجمات الجديدة تهدف إلى الانتقام لمقتل القيادي طالب عبدالله في غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان الثلاثاء.

البابا فرنسيس

في صباح مشمس من مارس 2021، وقف طفل ملوحا بعلم عراقي صغير، على حافة الرصيف في مدينة النجف، يتأمل موكبا رسميا لم يَعْهد له مثيلا من قبل. 

وسط الجموع، لمح الطفل الثوب الأبيض للزائر الغريب وهو يخطو على مهل داخل أزقة المدينة المقدسة لدى المسلمين الشيعة.  لم يكن ذلك الطفل يعلم على الغالب أنه كان شاهدا على واحدة من الزيارات البابوية التي ستسجل في كتب التاريخ باعتبارها لحظة نادرة ومفصلية في علاقة الأديان في الشرق الأوسط. 

في تلك الزيارة التي وقّتها البابا مع بدء تعافي الكوكب من فايروس كورونا، وبدء تعافي العراق من "داعش"، زار البابا الراحل المناطق التي دمرها داعش في أور والموصل، وحمل معه للعراق عموماً وللمسيحيين خصوصاً رسالة أمل رمزية لكنها شديدة العمق: "السلام ممكن، حتى من قلب الألم". 

خلال لقائه بالمرجع الشيعي الأعلى، علي السيستاني، في المدينة الشيعية المقدسة، بحث رأس الكنيسة الكاثوليكية مع رأس الحوزة "التحديات الكبيرة التي تواجهها الإنسانية"، وقد شكل ذلك اللقاء "فرصة للبابا ليشكر آية الله السيستاني لأنه رفع صوته ضد العنف والصعوبات الكبيرة التي شهدتها السنوات الأخيرة، دفاعاً عن الضعفاء والمضطهدين، بحسب بيان وزعه المكتب الصحفي للكرسي الرسولي بعد اللقاء.

منذ حمله لقب "صاحب القداسة" في العام ٢٠١٣، أولى البابا فرنسيس أهمية كبيرة للبقعة الجغرافية التي تتنازعها الحروب والنيران على طول خريطة الشرق الأوسط. والتفت البابا بعين دامعة، الى البشر الذين يُدفعون بسبب الحروب والمآسي إلى البحار هرباً من الموت على اليابسة. 

خرج صوت البابا من أروقة الفاتيكان، بخشوع وألم، ليعبر بنبرة أب قلق على أبنائه وبناته في تلك البقعة من العالم، من تمييز بينهم على أساس أديانهم أو طوائفهم. 

رفع البابا صوته وصلواته لضحايا الهجرة، ووقف على شاطئ المتوسط منادياً العالم: "أولئك الذين غرقوا في البحر لا يبحثون عن الرفاه، بل عن الحياة". وفي لقائه بلاجئين سوريين خلال زيارته إلى اليونان، طلب "ألا يتعامل العالم مع المهاجرين كأرقام، بل كوجوه وأرواح". 

لا يمكن الفصل بين رؤية البابا فرنسيس لقضايا الشرق الأوسط وبين خلفيته الآتية من أميركا اللاتينية، كما يشرح الباحث في العلاقات الإسلامية المسيحية روجيه أصفر لموقع "الحرة". 

يقول أصفر إن "المنطقة التي أتى منها البابا وشهدت صعود لاهوت التحرير وتعيش فيها الفئات المسحوقة والديكتاتوريات، لابد أن تخلق لديه حساسية تجاه قضايا شعوب الشرق الأوسط التي تعاني من نموذج مشابه من الديكتاتوريات". 

وايضاً يجب الأخذ بعين الاعتبار، بحسب أصفر، المعرفة العميقة لدى البابا بالإسلام، "ومع كل الاستقطاب الديني الذي نشهده في العالم، وصعود الإسلاموفوبيا، تمكن البابا من نسج علاقات جيدة بالعالم العربي والمرجعيات الدينية فيه وخصوصاً مع الأزهر وتوقيعه وثيقة الأخوة الإنسانية التي تعتبر متقدمة جداً في مجال الحوار بين الأديان".

جال البابا في زيارات مختلفة توزعت على دول عربية، وحط في العام ٢٠١٧ في مصر، بعد تفجيرات استهدفت الكنائس القبطية، والتقى حينها بشيخ الأزهر، أحمد الطيب، وشارك في مؤتمر للسلام. هناك قال إن "الإيمان الحقيقي هو ذلك الذي يدفعنا إلى محبة الآخرين، لا إلى كراهيتهم". 

بعدها بسنتين، زار الإمارات في زيارة تاريخية لأول بابا يزور شبه الجزيرة العربية، ووقع مع شيخ الأزهر وثيقة "الأخوّة الإنسانية" التاريخية، داعياً من قلب الخليج إلى "نبذ الحرب، والعنصرية، والتمييز الديني". كما ترأس قداساً حضره أكثر من 100 ألف شخص في استاد زايد، ليقول للعالم: "الإيمان يوحّد ولا يُفرّق".

ما فعله البابا هو "كسر الحواجز وتأسيس منطلقات نظرية لاهوتية وشرعية وفقهية مع الجانب المسلم والتعاون لتأسيس للعيش معاً بشكل أفضل"، يقول أصفر. ويتابع: "البابا انطلق في ذلك من سلطته المتأتية من صلاحية قوية جداً على رأس هرم الكنيسة الكاثوليكية التي تضم أكبر جماعة مسيحية في العالم". 

حينما وقع انفجار هائل في مرفأ بيروت في أغسطس من العام ٢٠٢٠، عبّر البابا فرنسيس عن تضامنه العميق مع الشعب اللبناني، ووصف لبنان بأنه "رسالة" في التعايش، داعيًا العالم لعدم التخلي عنه: "لبنان لا يمكن أن يُترك وحيدًا... هو كنزٌ يجب الحفاظ عليه". 

خصص صلوات كاملة لأجل "نهضة لبنان من الرماد"، وكان يخطط لزيارة بيروت قبل أن تؤجل الزيارة بسبب وضعه الصحي. وأبدى اهتماماً كبيراً بأزمة السودان، وتدهورها في السنوات الأخيرة إلى انتهاكات شنيعة لحقوق الإنسان، فرفع الصلوات لسلام السودانيين ودعا إلى حماية المدنيين مما سماه "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

كما عبّر البابا فرنسيس مراراً عن قلقه العميق من تدهور الأوضاع بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الشرق الأوسط وانسحاب الصراع إلى دول أخرى مثل لبنان. 

خلال زيارته لبيت لحم عام 2014، آتياً من الأردن، تحدث عن السلام وأهميته وعن حق الفلسطينيين كما الإسرائيليين بالأمان. 

وبعد الهجوم الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، أدان البابا فرنسيس بوضوح قتل المدنيين واختطاف الأبرياء، مع دعوة لوقف العنف من الجانبين: "أتابع بألم ما يحدث في إسرائيل وفلسطين... أدعو إلى الوقف الفوري للعنف الذي يحصد أرواحًا بريئة. الإرهاب والعنف لا يحققان السلام أبدًا".

ودعا إلى إطلاق سراح الرهائن وفتح ممرات إنسانية لغزة، مؤكدًا أن "كل إنسان له الحق في العيش بكرامة، سواء كان فلسطينياً أو إسرائيلياً".

في العام ٢٠٢٢ شارك في "ملتقى البحرين للحوار"، في زيارة ثانية الى الخليج، كشفت عن اهتمامه بتلك البقعة من العالم، حيث دعا إلى احترام الحريات الدينية، والحوار بين المذاهب والأديان، مؤكدًا أن "الاختلاف لا يجب أن يتحول إلى صراع".

لم يكن البابا الراحل فرنسيس يوماً زائراً غريباً عن المنطقة، وعن الشرق الأوسط، بل كان يحمل في قلبه الحب لجميع شعوب العالم، ويحمل بلسانه لغة الحوار والعدالة التي يفهمها الجميع بمعزل عن اختلاف لغاتهم. 

كان يعرف كيف يقارب الصراعات الحساسة بحسّ إنساني عال وبشجاعة ملحوظة، فيقف إلى جانب المدنيين دائما في الصراعات العسكرية، ويدعو المتحاربين إلى انهاء حروبهم وتجنيب المدنيين قسوة الحروب ومآسي القتل والدمار والتهجير.