ساعدت تجارة الشعر البشري في دعم اقتصاد كوريا الشمالية المعزول، ما خفف من تأثير العقوبات الدولية "وزود بيونغ يانغ بإيرادات حيوية لمتابعة طموحاتها النووية" وفق تقرير لصحيفة "الغارديان".
ونقلت الصحيفة البريطانية، عن بيانات للجمارك الصينية ما مفاده أن صادرات كوريا الشمالية إلى الصين في العام الماضي، شملت 1,680 طنًا -أي ما يعادل حوالي 135 حافلة ذات طابقين- من الرموش الصناعية واللحى والباروكات بقيمة حوالي 167 مليون دولار، وفقًا.
وساعدت هذه المبيعات التي أثمرت ملايين الدولارات في تعزيز انتعاش الصادرات في الدولة المعزولة عالميا في عام 2023، حيث شكلت الباروكات وغيرها من منتجات الشعر ما يقرب من 60% من السلع المعلنة المرسلة إلى الصين، شريكها التجاري الأكبر.
وعادةً ما تُصنع هذه المنتجات من شعر مستورد من الصين ويتم تجميعها بتكلفة منخفضة في كوريا الشمالية، قبل إعادتها إلى الشركات الصينية التي تصدرها إلى جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك، فإن المتسوقين الذين يقتنون الباروكات وغيرها من الملحقات سيجدون ملصقات تخبرهم أن المنتجات صنعت في الصين وليس في كوريا الشمالية.
يذكر أن الصناعات الخفيفة مثل منتجات التجميل ليست خاضعة للعقوبات المفروضة على بيونغ يانغ؛ بل إنها واحدة من عدة طرق - قانونية وغير قانونية - استطاع من خلالها النظام التخفيف من تأثير التدابير العقابية الدولية.
وتتعرض كوريا الشمالية لعقوبات أممية بسبب برنامجها النووي العدائي.
ومر ما يقرب من عقدين منذ أن اختبرت كوريا الشمالية أول سلاح نووي لها وأعلنت عن وجود تهديد محتمل للأمن الإقليمي والعالمي.
وأثارت هذه الخطوة مجلس الأمن الدولي إلى التحرك، حيث أصدر أول جولات من العقوبات في عام 2006، مطالبًا كوريا الشمالية بإنهاء التجارب النووية وحظر تصدير الإمدادات العسكرية إلى البلاد.
لكن سنوات العقوبات لم تؤثر إلا قليلاً على سعي كوريا الشمالية للحصول على برنامج نووي فعال، وفق "الغارديان".
ولم يكتف زعيمها كيم جونغ أون، بمواصلة ما بدأه والده، كيم جونغ إيل، الذي توفي في عام 2011؛ بل سرّع من حصول نظامه على التكنولوجيا الباليستية عبر سلسلة من عمليات الإطلاق التجريبية التي أعطت كوريا الشمالية القدرة نظريًا على شن ضربة نووية على البر الرئيسي للولايات المتحدة.
ويقول إريك إيسلي، أستاذ في جامعة إيوا في سيول، إنه كان "غير معقول" توقع أن تنهي العقوبات وحدها طموحات كيم النووية.
وأضاف "العقوبات تجعل من الصعب على كوريا الشمالية الحصول على التكنولوجيا والمكونات والمال لبرامج أسلحتها، لكنها لم توقف كوريا الشمالية، لأن نظام كيم قد بنى حكم يمكنه البقاء، بل والازدهار، على معاناة شعبه"
وأشار الرجل إلى أن بيونغ يانغ بارعة في التهرب من العقوبات عبر التهريب والقرصنة الإلكترونية، خاصة منذ أن أصبحت دول مثل روسيا والصين متساهلة بشكل متزايد بشأن تنفيذ العقوبات.
على الرغم من أن العديد من خبراء الأسلحة يشكون في قدرة النظام على دمج رأس حربي مصغر بصاروخ باليستي عابر للقارات، إلا أن كيم لم يواجه سوى القليل من المعارضة في مهمته للحصول على القدرة على إلحاق الدمار النووي بالأهداف المعادية.
وفي عام 2017، هددت كوريا الشمالية بإطلاق صاروخ بعيد المدى نحو الأراضي الأميركية في المحيط الهادئ. وفي نفس العام، أطلقت صاروخين بعيدين المدى فوق هوكايدو، أكبر جزر اليابان الشمالية.
وفي عام 2023، بعد فترة توقف بسبب جائحة كوفيد-19، أطلقت كوريا الشمالية ما لا يقل عن 30 صاروخًا باليستيًا، بما في ذلك خمسة صواريخ باليستية عابرة للقارات.
ولم يتم تمويل هذا البرنامج الطموح للأسلحة بالكامل من مبيعات منتجات التجميل المكتوب عليها "صنع في الصين"، لكنها ساهمت دون شك في تمويل جزء منه.