غالبا ما كان العنف يمارس على أيدي عصابات منظمة وميليشيات إجرامية
غالبا ما كان العنف يمارس على أيدي عصابات منظمة وميليشيات إجرامية

خلص تقرير صادر عن الأمم المتحدة ومنظمة إنسانية إلى أنه على الرغم من أن الخطر الذي يتعرض له المهاجرون أثناء عبور البحر الأبيض المتوسط موثق وجلي جدا، لكن المرحلة المبكرة من رحلتهم، عبر الساحل والصحراء، تكون أكثر خطورة حيث يتعرضون للعنف والاغتصاب والاتجار بالجنس وحتى سرقة الأعضاء.

وجاء في التقرير الذي أصدرته وكالتان تابعتان للأمم المتحدة ومركز الهجرة المختلطة، وهو مجموعة بحثية غير حكومية مقرها الدنمارك أن وفيات المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط اجتذبت اهتماما عالميا على مدى العقد الماضي، لكن "عدد الذين يموتون في الصحراء قد يكون أعلى بمقدار الضعف على الأقل". 

واستنادا إلى مقابلات مع أكثر من 31 ألف مهاجر على طول طريق هجرتهم خلال الفترة بين عامي 2020 و 2023، يوثق التقرير الوحشية التي يعاني منها المهاجرون من مختلف البلدان أثناء محاولتهم عبور منطقة الساحل والصحراء، هربا من الحروب والتدهور البيئي والفقر في أوطانهم.

تشمل المخاطر على طول الطريق الاحتجاز التعسفي وغالبا لابتزاز الأموال من عائلاتهم، والاتجار بهم من أجل العمل أو الجنس أو النشاط الإجرامي، وكذلك تحدث مهاجرون عن عمليات تعذيب وحتى قطع أعضاء.

وبحسب التقرير، الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" فغالبا ما كان العنف يمارس على أيدي عصابات منظمة وميليشيات إجرامية، ولا سيما من المتاجرين بالبشر الذين يدفع لهم المال مقابل إيصال المهاجرين لأوروبا. 

ويضيف التقرير أن المهربين يكذبون بشكل روتيني على المهاجرين بشأن المخاطر التي سيواجهونها، ويطلبون منهم المزيد من المال عندما يصبحون بعيدين عن أوطانهم، ولا يقدمون سوى القليل من الطعام والماء وغيرها من المؤن على طول الطريق.

ينقل التقرير عن لاجئ إريتري يعيش الآن في السويد القول: "اعتقدت أن جميع الحوادث تحدث في البحر.. لكنها كانت هناك في الصحراء حيث يمكن رؤية جثث إريتريين وعظاما وجماجم موتى".

وتحدث آخرون عن تخلي المهاجرين والمهربين عن أولئك الذين انهاروا من العطش أو الإصابة على طول الطريق. 

يشير التقرير إلى أن حوالي ثلث البالغين الذين تمت مقابلتهم هم من النساء، اللواتي يواجهن مخاطر خاصة.

تعرض ما يقدر بنحو 90 بالمائة من النساء والفتيات اللاتي يسافرن على طول طريق البحر الأبيض المتوسط للاغتصاب، وفقا لدراسة أجرتها الأمم المتحدة عام 2020، وأُجبر بعضهن على العمل بالجنس لدفع تكاليف رحلتهن. 

وهناك تقارير تتحدث أيضا عن نساء أجبرن على الزواج من خاطفيهن وإنجاب أطفال، وأخرى عن نساء اضطررن إلى ممارسة الجنس مقابل السماح لهن بالمرور الآمن.

وحدد المهاجرون ليبيا والجزائر وإثيوبيا باعتبارها الدول الأكثر خطورة.

وفقًا لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وهي إحدى الجهات الراعية للتقرير الجديد، فقد مر أكثر من 72400 مهاجر عبر البحر الأبيض المتوسط في عام 2024 وحده، حيث يعتقد أن نحو 785 شخصا ماتوا أو فقدوا خلال الإبحار.

ولكن على الرغم من صعوبة تتبع المعابر البحرية، إلا أنه من الأصعب، كما قال مؤلفو التقرير، تقدير أعداد الأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى الشواطئ الشمالية لأفريقيا بعد عبور مساحات صحراوية نائية ذات كثافة سكانية منخفضة حيث يختفي الكثيرون على طول الطريق.

وقال التقرير، الذي رعته أيضا المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، إنه بين يناير 2020 ومايو 2024، من المعروف أن 1180 شخصا لقوا حتفهم أثناء عبور الصحراء، لكن من المرجح أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير.

بوركينا فاسو تواجه هجمات جهادية عنيفة
بوركينا فاسو تواجه هجمات عنيفة من متشددين

كشف تقييم أمني حكومي فرنسي، أن نحو 600 شخص قتلوا بالرصاص خلال ساعات قليلة، على يد مسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة الإرهابي، في هجوم على بلدة في بوركينا فاسو بأغسطس الماضي.

هذا التقييم يجعل الهجوم واحدا من بين الهجمات الأكثر دموية خلال العقود الأخيرة في أفريقيا، وفق شبكة "سي إن إن" الأميركية.

وذكرت "سي إن إن"، أن هذا التقييم يضاعف تقريبًا عدد القتلى المذكور في تقارير سابقة.

وكانت مجموعة "العدالة الجماعية من أجل بارسالوغو"، المؤلفة من أقارب لضحايا المجزرة اتهمت الجيش في بوركينا فاسو، بأنه أجبر السكان على الخروج من البلدة لحفر خندق، مما عرضهم للهجوم التي تبنّته جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة، وفق فرانس برس.

وأظهرت عدة مقاطع للهجوم الذي جرى في 24 أغسطس الماضي، ونشرتها حسابات مؤيدة للجماعة المتشددة التي تتخذ من مالي مقرا لها وتنشط في بوركينا فاسو، إطلاق المسلحين النار بشكل منهجي أثناء اجتياحهم لضواحي بارسالوغو على دراجات نارية.

وكان العديد من القتلى من النساء والأطفال، وتخللت اللقطات أصوات إطلاق نار وصراخ الضحايا، فيما حاول بعضهم على ما يبدو التظاهر بالموت.

وإذا تأكدت تقديرات الحكومة الفرنسية، فإن عدد القتلى المروع سيمثل واقعة "وحشية غير عادية" في منطقة الساحل.

وقد أدت سلسلة من الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، إلى رحيل القوات الفرنسية والأميركية.

وبدلاً من ذلك، ترك المرتزقة الروس الذين استدعتهم المجالس العسكرية لتعزيز قبضتها، فراغًا ازدهر فيه المتشددون، وفقًا للتقييم الذي قدمه مسؤول أمني فرنسي لشبكة "سي إن إن".

وقدرت الأمم المتحدة في البداية عدد القتلى بنحو 200 شخص على الأقل، وقالت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" إنها قتلت ما يقرب من 300 شخص، لكنها زعمت أنها "استهدفت أعضاء الميليشيات التابعة للجيش، وليس المدنيين"، وفقًا لترجمة أجرتها مجموعة "سايت إنتليجنس" ونقلتها رويترز.

شهادات من ناجين

قال أحد الناجين لشبكة "سي إن إن"، طالبا عدم الكشف عن هويته حفاظا على سلامته رغم فراره من البلدة، إنه كان من بين "عشرات الرجال الذين أمرهم الجيش بحفر الخنادق خلال يوم الهجوم".

وكان الرجل على بعد حوالي 4 كيلومترات من البلدة في الساعة 11 صباحا حينما بدأ إطلاق النار.

وتابع: "بدأت الزحف نحو الخندق أملا في الهروب، لكن يبدو أن المهاجمين كانوا يبحثون في الخنادق، فبدأت الزحف للخارج وصادفت أول ضحية ملطخة بالدماء".

القاعدة تعلن مسؤوليتها عن هجوم أوقع عشرات القتلى في بوركينا فاسو
ذكر موقع "سايت إنتليغنس غروب"، الأحد، أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة أعلنت مسؤوليتها عن هجوم تسبب في مقتل أكثر من 100 جندي من بوركينا فاسو بمنطقة مانسيلا قرب الحدود مع النيجر، الثلاثاء الماضي.

وأضاف: "كانت الدماء والصراخ في كل مكان.. رقدت على بطني تحت شجرة مختبئا حتى وقت لاحق من بعد الظهر".

كما أشار الرجل إلى أنه "لم يتبق سوى عدد قليل من الرجال في البلدة"، قائلا: "الأمر الأكثر فظاعة في حياتي كان رؤية الجثث تصل على عربات من موقع المذبحة. لم يكن لدى النساء ولا الأطفال دموع ليذرفوها".

واستطرد: "لم يعد الناجون طبيعيين، فالمشكلة تتجاوزنا جميعا. بدأت المذبحة أمامي، والطلقات الأولى أمامي مباشرة. كنت أحد الأشخاص الذين دفنوا الجثث. يزورني أصدقائي الراحلون في أحلامي".

فيما ذكرت ناجية أخرى لـ"سي إن إن"، أن اثنين من أسرتها قتلا في الهجوم، مضيفة: "قُتل الناس على مدار اليوم، وجمعنا الجثث التي كانت منتشرة في كل مكان على مدار 3 أيام".

وقال التقرير الفرنسي، إن بناء هذه الخنادق كان "جزءا من خطة وضعها وزير الخدمة المدنية، حيث يتعين على كل منطقة تنظيم نفسها ووضع خطة خاصة بها، للرد على أي هجوم".

ومنذ عام تقريبا، لم تعد السلطات المنبثقة من الانقلاب العسكري تعلن عن الخسائر البشرية، سواء العسكرية أم المدنية، لـ"العنف الجهادي"، وفق فرانس برس.