سكان - ارتفاع - تعبيرية
شكلت الهجرة أكثر من 100٪ من النمو السكاني ببعض البلدان

أضحت حركة الهجرة العالمية عاملا إضافيا يحدد نمو أو انخفاض عدد السكان في البلدان، إضافة إلى معدلات الإنجاب والوفيات في هذا البلد أو ذاك، وفق إحصاء جديد.

وكشف الإحصاء الذي أعده مركز "بيو للأبحاث أن عدد سكان العالم تضخم بنحو 1.7 مليار شخص بين عامي 2000 و 2020، لكن هذا النمو كان متفاوتا في جميع أنحاء العالم، بسبب موجات الهجرة.

وأورد التقرير الذي نُشر الاثنين، على الموقع الرسمي للمركز،  أنه في 14 دولة ومنطقة، شكلت الهجرة أكثر من 100٪ من النمو السكاني خلال الفترة (2000 - 2020)، "وهذا يعني أن عدد السكان هناك كان سيتراجع لولا وصول مهاجرين جدد".

في المقابل، انخفض عدد السكان في 17 دولة أخرى  خلال نفس الفترة (2000 - 2020)، "لكن هذا التراجع كان يمكن أن يكون أكبر لولا وصول عدد من المهاجرين لتلك البلدان".

الإمارات والدول الأوروبية

أبرز البلدان التي شكلت فيها الهجرة النمو السكاني، تقع في أوروبا وبعض بلدان الجزر الصغيرة في جنوب المحيط الهادئ، لكن الإمارات العربية كانت من بين البلدان التي عرفت قفزة في عدد سكانها بسبب الهجرة.

ونما عدد سكان الإمارات بمقدار 6.1 مليون نسمة بين عامي 2000 و2020، بينما كان سينخفض ​​بمقدار 210.000 نسمة لولا المهاجرين الجدد.

وكان العديد من الوافدين الجدد إلى الإمارات العربية المتحدة من دول جنوب آسيا أو مصر.

وتنجب المرأة في الإمارات ما متوسطه 1.5 طفل، في حين يبلغ متوسط العمر في الدولة 32 عاما.

وفي أوروبا، زاد عدد سكان ألمانيا بنحو 1.7 مليون نسمة بين عامي 2000 و2020، بينما كان سيتقلص بأكثر من 5 ملايين نسمة لولا وصول مهاجرين جدد.

وخلال تلك السنوات (2000 - 2020)، وصل العديد من المهاجرين الجدد إلى ألمانيا من بولندا وسوريا وكازاخستان ورومانيا.

وتنجب النساء في ألمانيا 1.5 طفل في المتوسط، وهو معدل أقل كثيرا من معدل الخصوبة الذي يبلغ نحو 2.1 طفل لكل امرأة (وهو المعدل اللازم لكل جيل ليحل محل الجيل الذي يسبقه).

ونصف السكان في ألمانيا أكبر من 45 عاما.

في إيطاليا، نما عدد السكان بمقدار 2.7 مليون شخص بين عامي 2000 و2020. ولولا الهجرة من أماكن مثل رومانيا وأوكرانيا وألبانيا، لكان عدد سكان إيطاليا قد انخفض بمقدار 1.6 مليون شخص. ويبلغ معدل الخصوبة في إيطاليا 1.3 طفل فقط لكل امرأة، ويبلغ متوسط عمرها 46 عامًا.

وفي جمهورية التشيك، ارتفع إجمالي عدد السكان بنحو 300 ألف نسمة في غضون عشرين عاما، ولكن المهاجرين شكلوا مرة أخرى كل النمو. ولولا المهاجرون الجدد، وكثيرون منهم جاءوا من بلدان أوروبية أخرى، لكان عدد سكان التشيك قد تقلص بما يزيد على 20 ألف نسمة.

واعتبارا من عام 2020، كان لدى النساء في جمهورية التشيك ما معدله 1.7 طفل، في حين كان متوسط العمر في البلاد 42 عاما.

إلى ذلك، نما عدد سكان البرتغال بشكل متواضع بين عامي 2000 و2020، بأقل من 40 ألف شخص، لكنه كان ليتقلص بأكثر من 310 آلاف شخص لولا وصول المهاجرين الجدد. 

وولد العديد من المهاجرين إلى البرتغال، في أنغولا أو البرازيل أو فرنسا.

ويبلغ معدل الخصوبة في البرتغال 1.4 ويبلغ متوسط العمر 45 عامًا.

وبصرف النظر عن أوروبا، لعبت الهجرة أيضا دورا مهما في تجنب الخسائر السكانية في أماكن أخرى من العالم.

ونجت العديد من البلدان والأقاليم الأصغر من الانخفاض السكاني فقط من خلال وصول المهاجرين الجدد.

وكانت أروبا، وجزر كوك، وكوراكاو، ودومينيكا، وجزر فوكلاند، وليختنشتاين، وموناكو، وسانت مارتن، وتوكيلاو جميعها ضمن هذه الفئة.

كبح الانخفاض في عدد السكان

في مقابل مساهمتها في نمو سكان بعض البلدان، ساهمت الهجرة في تخفيف حدة "الخسائر" السكانية.

وفي 17 دولة ومنطقة أخرى، انخفض عدد السكان بين عامي 2000 و2020، لكنه كان سينخفض أكثر  لولا أعداد المهاجرين، وفق تقرير مركز "بيو" للأبحاث.

في اليابان مثلا، انخفضت معدلات الخصوبة إلى متوسط 1.3 طفل فقط لكل امرأة، بينما يموت في كل عام عدد أكبر من الذين يولدون.

وانخفض عدد سكان اليابان بأكثر من 1.1 مليون شخص بين عامي 2000 و 2020.

وكان من الممكن أن ينخفض عدد سكان اليابان بمقدار الضعف (2.2 مليون شخص) خلال هذه نفس الفترة لولا وصول المهاجرين الجدد. 

وخلال تلك  السنوات (2000 2020)، ارتفع في اليابان عدد السكان المولودين في الخارج من 1.7 مليون إلى 2.8 مليون.

وجاء العديد من المهاجرين إلى اليابان من الصين وكوريا الجنوبية وفيتنام والفلبين.

وتراجع عدد سكان رومانيا بنحو 2.5 مليون نسمة خلال نفس الفترة، لكنه كان سينخفض بأكثر من 3 ملايين لولا المهاجرين الجدد، وكثير منهم من مولدوفا. ويبلغ معدل الخصوبة في رومانيا 1.7 ويبلغ متوسط العمر 42 عامًا.

وانخفض عدد سكان اليونان بنحو 500 ألف نسمة، لكنه كان ليتراجع بنحو 700 ألف نسمة لولا زيادة عدد السكان المولودين في خارج البلاد. 

وعلى نحو مماثل، تراجع عدد سكان المجر بنحو 440 ألف نسمة ــ ولكنه كان لينخفض بنحو 730 ألف نسمة لولا المهاجرين الجدد. 

وكلا البلدين لديهما معدلات خصوبة منخفضة وعدد كبير من السكان أكبر سنا.

أسباب وعواقب الانخفاض السكاني

تنجب النساء في جميع أنحاء العالم عددا أقل من الأطفال.

وتقوم النساء على نحو متزايد بتأجيل الإنجاب أو التخلي عنه مع ارتفاع متوسط سنوات تعليمهن، وارتفاع معدلات المشاركة في القوى العاملة، وأصبح الوصول إلى وسائل تنظيم الأسرة الموثوقة أكثر سهولة.

وعلى الصعيد العالمي، انخفض معدل الخصوبة الإجمالي من 2.7 إلى 2.3 بين عامي 2000 و2020، وهو انخفاض كبير خلال عقدين فقط من الزمن. 

ويتطلب الأمر في المتوسط حوالي 2.1 طفل لكل امرأة في كل جيل ليحل محل الجيل الذي قبله. 

ومع تضاؤل معدلات المواليد، من الطبيعي أن يتقدم عمر السكان بالعالم وخلال تلك السنوات، ارتفع متوسط العمر في العالم من 25 إلى 30 عاما.

وفي حين أن الخصوبة آخذة في الانخفاض في جميع أنحاء العالم، فإن التأثير على التغير السكاني متفاوت. 

الملابس الصينية السريعة

توفر شركات الموضة الصينية منتجات شبيهة بأحدث منتجات دور الأزياء العالمية، بأسعار زهيدة مغرية. لكن السؤال: هل يمكن تحمل تكاليفها؟

يقول إينار تنجين، الخبير في الشأن الصيني، إن شركات الأزياء الصينية تلاحق آخر صيحات الموضة، وتقدم منتجا يشبه ما يراه الناس في عروض الأزياء في نيويورك أو ميلان، على سبيل المثال، وبسعر متاح على نطاق واسع، رغم أن المنتج ليس بنفس الجودة.

لكن الجودة، هنا، لا تتعلق بمتانة المنتج أو تميزه حِرفيا، فحسب.

جويل الحج موسى أعدت تحقيقا لبرنامج "الحرة تتحرى" فتح ملف الأزياء الصينية ووجد حقائق صادمة.   

السموم

تعتمد كبريات علامات الأزياء الصينية، بشكل كبير، على الألياف الصناعية ـ البوليستر والنايلون والاكليريك ـ وموادة مستخلصة من البتروكيمياويات.

تشكل المواد الداخلة في صناعة تلك الأقمشة ـ وفق دراسة لمؤسسة "Plastic Soup" ـ خطرا كبيرة على صحة المستهلك.

ما يقرب من 70 في المئة من ملابس علامات الأزياء التجارية الصينية، ومعظم المفروشات والستائر والسجاد مصنوعة البوليستر والنايلون والأكريليك، وبمجرد استنشاقها، وفق الدراسة، يمكن للألياف الاصطناعية أن تخترق أنسجة الرئة وتسبب التهابا مزمنا. 

وتربط تقارير علمية بين المواد الصناعية المستخدمة في صنع الأقمشة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والربو والسكري. 

ويمكن لجزيئات تلك المواد أن تصل، إذ نستنشقها، إلى الكبد والقلب والكلى والمخ، وحتى إلى الأجنة في الأرحام.

في خريف 2021، كشفت تحقيقات صحفية، في كندا، وجود مواد ضارة في الملابس التي يقتنيها الكنديون عبر مواقع التسوق الصينية. 

في سترة أطفال تم شراؤها من موقع Shein الصيني، اثبتت الاختبارات وجود ما يقارب 20 ضعفا من كمية الرصاص المسموح بها قانونية لأسباب صحية. 

وبحسب موقع وزارة الصحة الكندية، يتسبب الرصاص بأضرار في الدماغ والقلب والكلى والجهاز التناسلي. 

الرضّع والأطفال والحوامل هم الحلقة الأضعف والأكثر عرضة للخطر. 

رغم أن الرصاص عنصر طبيعي يمكن  العثور عليه في البيئة المحيطة، تتجاوز نسبته في الملابس الصينية، وفق نتائج الدراسة، مستويات التلوث البيئي، أو الكميات الصغيرة التي تتعرض لها الملابس عن غير قصد أثناء عمليات التصنيع. 

إثر التحقيقات الكندية، أعلنت شركة Shein سحب قطع ملابس، وأكد المتحدث باسم الشركة "الامتثال لمعايير السلامة"، الا أن الاتهامات تصاعدت لتطال كبريات منصات التسوق الصينية، مثل TEMU وAli Express. 

وأكدت نتائج فحوص مختبرية، أجريت في كوريا الجنوبية وفرنسا، ارتفاع نسب المواد السامة في منتجات الموضة السريعة الصينية. 

يقول نيكولاس لوريس، الخبير في شؤون الطاقة والسياسات البيئية إن مواد سامة تُستخدم في جميع أنواع الصناعات تقريبا، لكن ضمن معايير محددة تحمي العمال والمستهلكين، وتحافظ على البيئة. 

"مشكلة النموذج الصيني هي أنهم يتجاهلون كل هذه المعايير، وهنا يكمن الخطر الحقيقي". 

إغراء الأسعار

التقارير عهن سموم المواد البيتروكيمياوية لم تحُل دون تهافت الزبائن ـ حول العالم ـ على الصناعات الصينية. 

الأسعار مغرية.

لهذا، تسبق الصين دول العالم في إنتاج الأنسجة وتصديرها.

في عام 2022، شكلت صادرات الصين من المنسوجات 43 في المئة من الصادرات العالمية. وفي عام 2023، أنتجت الصين 19.36 مليار قطعة ملابس. وبلغ حجم صادرات الصين عام 2024 أكثر من 301 مليار دولار.

وساهمت شركات الموضة السريعة الصينية على نحو كبير في تحقيق هذا التفوق. وبحسب أرقام منظمة التجارة العالمية، تشحن شركتا TEMU وShein مجتمعتين، حوالي 9000 طن من البضائع إلى دول حول العالم يوميا، أي ما يساوي حمولة 88 طائرة بوينغ عملاقة. 

تقول هدى حلبي، وهي حرفية متخصصة في الخياطة، إن البضاعة الصينية اليوم تغزو العالم، لكن غالبيتها غير صالحة للخياطة. "لا تملك الناس المال لشراء النوعية الجيدة للأقمشة ولذلك تشتري الأرخص وسرعان ما يقومون برميه".

وفرة نفايات

ما يظنه المستهلك توفيرا، يدفعه أضعافا، تقول حلبي، في سباق محموم للحاق بصيحات الموضة السريعة. وتضيف دارين شاهين، إعلامية، خبيرة موضة لبنانية، أن الدخول في لعبة الترند والموضة يجعلنا ندفع بضع دولارات على بعض الألبسة لنقوم بالنهاية برميها إلى النفايات. 

وتتابع حلبي أن "الأزياء التي تعتمد على الكلاسيكية، الأزياء البطيئة، هي قطع ممكن شراؤها من ماركات عالمية، وهي غالبا تكون أسعارها مكلفة أكثر، ولكن بطبيعة الحال تكون أنواع القماش من مواد صديقة للبيئة، مثل القطن العضوي، ويكون عمر هذه القطعة أطول، ويمكن أن نرتديها أكثر من ثلاثين مرة من دون رميها".

"إنتاج ضخم + ملابس قصيرة العمر = ملايين الأطنان من نفايات الملابس سنويا على مستوى العالم؛" معادلة بسيطة، وفق ما يؤكده لـ"الحرة" سامي ديماسي، مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا.

 يتم التخلص من 92 مليون طن من نفايات المنسوجات سنويا، يقول ديماسي، "أي ما يعادل شاحنة قمامة مليئة بالملابس كل ثانية".

ويشير تقرير لموقع Firstpost الإخباري أن الصين هي المصنِّع والمستهلك الأكبر للملابس في العالم، وهي أيضا المساهم الأعلى في نفايات المنسوجات. ينتهي المطاف سنويا بحوالي 26 مليون طن من الملابس في مكبات النفايات ـ معظمها منسوج من مواد صناعية غير قابلة لإعادة التدوير.

عدم قابلية الألياف الصناعية على التحلل عضويا، وصعوبة إعادة تدويرها، جعلا من المكبات والمحارق، المستقر النهائي لنفايات الملابس.

تؤكد تقارير دولية أن كميات قليلة من هذه النفايات تم التخلص منها بطرق آمنة. ويقول ديماسي لـ"الحرة" إن 8 في المئة فقط من ألياف المنسوجات في عام 2023 صُنعت من مواد أعيد تدويرها، وأقل من واحد بالمئة من إجمالي سوق الألياف مصدره منسوجات أعيد تدويرها، "وهذا يبيّن أن هناك كثيرا من المنسوجات التي لا يعاد تدويرها، ترمى في النفايات، أو تحرق أو ترمى في المياه".

ألوان الأنهار

إلقاء نفايات الملابس في المسطحات المائية ليس سوى مصدر من مصادر  التلوث في الصين. فمصانع الأزياء تتخلص من ملايين الأطنان من المياه الملوثة في المجاري المائية. 

ومن المفارقات الشائعة ـ المقلقة ـ في الصين، أنه يمكن التنبؤ بألوان موضة الموسم من خلال متابعة مياه الأنهار. ويؤكد تقرير لمجلة "فوردهام" للقانون الدولي أن (70%) من البحيرات والأنهار (و90%) من المياه الجوفية في الصين ملوثة، ما يهدد الحياة البرية وإمكانية وصول المواطنين إلى مياه نظيفة. 

وتقدّر مجموعة البنك الدولي أن ما بين (17% و 20%) من التلوث الصناعي للمياه في الصين ناتج عن عمليات صباغة ومعالجة المنسوجات. 

علاوة على ذلك، تحتوي المياه في الصين على 72 مادة كيميائية سامة مصدرها صباغة المنسوجات؛ 30 مادة منها لا يمكن إزالتها من المياه.

ألوان الهواء

يقول مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا، سامي ديماسي، لـ"الحرة" إن سلسلة قيمة المنسوجات، كل عام، تشير إلى أنها مسؤولة عن نحو 8 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري. 

لا تقتصر المسألة على الأضرار البيئة اليوم، يقول ديماسي؛ الأضرار ستمتد لعقود قادمة. "والأجيال الشابة التي ترى في الموضة السريعة فرصة لشراء منتجات رخيصة جدا، يفرحون بها أمام أصدقائهم، لا يدركون التكلفة الاقتصادية والبيئية لتلك الصناعة". 

رغم كل هذه الآثار البيئية، تبقى العروض المغرية والأسعار التي تصعب مقاومتها، أحد الأسباب وراء لجوء المستهلكين إلى مواقع التسوق الصينية.

فهم يستطيعون تحمل تكاليفها، لكن ـ مرة أخرى ـ يبقى السؤال قائما: هل يستطيعون بالفعل؟