كورماشيفا حكم عليها بالسجن ستة أعوام ونصف
كورماشيفا حكم عليها بالسجن ستة أعوام ونصف | Source: RFE

ساد تنديد واسع بالحكم على الصحفية الروسية الأميركية، ألسو كورماشيفا، وتتابعت مطالب بتحرك واشنطن لاعتبارها "محتجزة ظلما"، وهو ما يجعلها مؤهلة للحصول على مساعدة حكومية من أجل إطلاق سراحها.

وكانت محكمة روسية قضت بالسجن 6 أعوام ونصف على كورماشيفا، التي تعمل في إذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي، بعد إدانتها بـ"نشر معلومات كاذبة" عن الجيش الروسي، ليضاف الحكم إلى سلسلة أحكام روسية صدرت بحق مواطنين أميركيين، يعتبرها كثيرون ذات أغراض سياسية.

كورماشيفا كانت في زيارة سريعة لمسقط رأسها العام الماضي
من حضن عائلتها إلى زنزانة باردة.. ماذا حدث للصحفية الأميركية كورماشيفا في روسيا؟
بعد نحو 10 أشهر من السجن والضغط لانتزاع اعترفات، أصدرت محكمة روسية حكما بالسجن على صحفية روسية أميركية كانت في زيارة سريعة لمسقط رأسها، العام الماضي، ليضاف إلى سلسلة أحكام روسية صدت بحق مواطنين أميركيين يعتبرها البعض ذات أغراض سياسية.

وكانت كورماشيفا ضمن 4 صحفيين يعملون لدى إذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي، اعتقلوا، وصدرت بحقهم أحكام بالسجن، لأسباب تتعلق بعملهم الصحفي.

وصدر الحكم على المحررة البالغة 47 عاما في مدينة قازان، الجمعة، وهو نفس اليوم الذي دانت فيه محكمة في مدينة يكاترينبورغ الروسية مراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، بالتجسس، وحكمت عليه بالسجن لمدة 16 عاما في قضية وصفتها الولايات المتحدة بأنها ذات دوافع سياسية.

وفي أكتوبر الماضي، أعلنت "إذاعة أوروبا الحرة" أن كورماشيفا أوقفت في مدينة قازان، حيث وجهت إليها السلطات الروسية تهمة عدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية"، وصادرت جواز سفرها الأميركي.

وقالت ابنتها الكبرى، بيبي، في مقابلة مع موقع "صوت أميركا"، أجريت معها مطلع هذا الشهر، "معرفة أنها في مكان غير آمن وأنها في خطر وأنها ليست مرتاحة، هذا شيء يجعلني حزينة حقا".

وفي مقابلة سابقة مع موقع الحرة في أبريل الماضي، قال زوجها، بافيل بوتورين: "نحن الآن في وضع صعب للغاية، فأطفالي من دون والدتهم منذ عام تقريبا، منها أكثر من ستة أشهر وهي خلف القضبان بتهم يصعب عليّ وعلى أطفالي فهمها. بل حتى بالنسبة لمحققيها وقضاتها في قازان لأنهم لا يملكون خيارا آخر سوى تنفيذ أوامر موسكو".

وأوضح بوتورين في حديثه لموقع الحرة أنه "بغض النظر عن التهم الرسمية الموجهة إليها، فإننا نعلم أنها خلف القضبان فقط بسبب عملها في مؤسسه أوروبا الحرة وبسبب جنسيتها الأميركية".  

وتابع: "في الحقيقة، هذه الكلمات لا تصف تماما الألم اليومي الذي نعيشه أنا وبناتي. كل يوم نرى ذلك الكرسي الفارغ على مائدة العشاء. لا نسمع صوتها. نفتقدها كثيرا".

وأضاف: "أود أن أخبرها أيضا بأنني أريدها أن تعرف بأننا قمنا بحملة عالمية لإطلاق سراحها، وأننا سنراها عاجلاً أم آجلاً. ستعود إلى حضن عائلتها. وعلى عكس خاطفيها، سترفع رأسها عالياً، وستكون واثقة من براءتها ومن قناعاتها". 

وبعد الإعلان عن الحكم، الاثنين، دعت السفارة الأميركية في موسكو إلى إطلاق سراحها، وقالت: "هذا يوم حزين للصحافة في روسيا. ندعو مرة أخرى السلطات الروسية إلى إطلاق سراح ألسو، وغيرها من الصحفيين، وسجناء الرأي المسجونين".

 


وبعد مطالبات بتصنيفها "معتقلة ظلما"، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، للصحفيين خلال المؤتمر الصحفي، الاثنين، إن الوزارة تدرس ما إذا كانت ستفعل ذلك، وتجنب الخوض في تفاصيل.

وقال ميلر: "إنها صحفية متفانية تستهدفها السلطات الروسية بسبب التزامها الصارم بقول الحقيقة.. الصحافة ليست جريمة، كما سمعتمونا نقول في عدد من المناسبات، وما زلنا نوضح أنه ينبغي إطلاق سراحها".

وفي يونيو الماضي، دعت 19 منظمة إعلامية وصحفية الحكومة الأميركية إلى بذل المزيد من الجهود للمساعدة في قضية كورماشيفا، بما في ذلك الإعلان عن احتجازها ظلما، وهو تصنيف من شأنه إلزام الحكومة الأميركية بالسعي لإطلاق سراحها.

وجاء في رسالة مفتوحة للمنظمات، ومن بينها نادي الصحافة الوطني الأميركي، أنها "تستوفي جميع المعايير. وكان ينبغي أن يحدث هذا على الفور. وكان ينبغي أن يحدث قبل أشهر".

وأضافت الرسالة: "الدافع الوحيد لروسيا لاحتجازها هو مقايضتها بأحد مواطنيها".

ويضمن مثل هذا التصنيف، وفق إذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي، إحالة القضية إلى مكتب المبعوث الخاص لشؤون الرهائن في وزارة الخارجية، مما يسمح للإدارة بتخصيص المزيد من الموارد لضمان إطلاق سراحها.

وكورماشيفا واحدة من 4 صحفيين من إذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي اعتقلتهم روسيا بسبب عملهم. والثلاثة الآخرون هم إيهار لوسيك، وأندريه كوزنيتشيك، وفلاديسلاف يسيبينكو.

وقد دعت جماعات حقوقية، و إذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي، مرارا إلى إطلاق سراحهم.

ولوسيك مدون ومساهم في خدمة بيلاروس التابعة للإذاعة، وقد أدين في ديسمبر 2021 بعدة تهم من بينها "تنظيم وإعداد أعمال تنتهك النظام العام "، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما.

المعتقلون الأربعة

وحُكم على كوزنيتشيك، المحرر في خدمة بيلاروس التابعة للإذاعة في يونيو 2022 بالسجن لمدة 6 سنوات بعد محاكمة لم تستمر أكثر من بضع ساعات. وأدين "بإنشاء منظمة متطرفة أو المشاركة فيها".

ويسيبينكو، وهو مواطن أوكراني روسي يعمل في منفذ Crimea.Realities الإخباري التابع للإذاعة ذاتها، حكم عليه في فبراير 2022 بالسجن لمدة 6 سنوات من قبل قاض روسي في شبه جزيرة القرم المحتلة بعد محاكمة مغلقة. وقد أدين بحيازة ونقل متفجرات، وهي تهمة ينفيها بشدة.

سوريون في تركيا يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد
سوريون في تركيا يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد

يرتب محمد العبد الله، وهو حقوقي سوري، إجراءات السفر إلى وطنه الذي غادره قبل 17 عاما باتجاه الولايات المتحدة الأميركية، وهو "فرح" بسقوط نظام كان السبب في دخوله السجن لسنوات بسبب نشاطه الحقوقي.

سيعود العبد الله إلى وطن اشتاق له، بحقيبة سفر، وبذاكرة أثقلتها مشاهد التعذيب في سجون الأسد، والنضال ضده.

قال خلال مقابلة مع موقع "الحرة": "إخراج الأسد كان خطوة ضرورية، لكنه ليس النهاية".

ويتوقع أن تكون المرحلة الانتقالية "صعبة" وربما "لن تكون الأفضل". ثم قال: "لكننا على الأقل، في الطريق الصحيح".

كان في العشرين من عمره عندما قرر بدء نشاطه في الدفاع عن حقوق الإنسان عام 2005، ليكن ضمن صفوف المعارضين لنظام الأسد الذي وصل السلطة عام 2000 خلفا لوالده حافظ الأسد.

تحتم على العبد الله آنذاك، أن يسلط الضوء على المعتقلين السياسيين الذين يعانون خلف القضبان، وفقا لقوله.

قال أيضا: "كان دورنا تسليط الضوء على تلك المآسي. نوثق، نراقب، ونتحدث عن التعذيب الذي لم يكن خفيا، بل كان جزءا من سياسة ممنهجة".

لم يسر نشاط العبد الله النظام السوري، ففي ذات العام اعتقل بتهمة "نشر أنباء كاذبة" ثم حوكم عسكريا، وتم إيداعه سجن عدرا. 

صورة غير منشورة من قبل لمحمد العبدالله ووالده في المحكمة العسكرية بدمشق عام 2006

بعد شهر، خرج من السجن، وعاد إلى نشاطه الحقوقي، واعتقل مجددا في عام 2006، فحكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن لمدة 6 أشهر.

هذه المرة، أُودِع في سجن صيدنايا الشهير، الاسم الذي يحمل في داخله ذاكرة مرعبة لكل من وطأ أبوابه. هناك، رأى ما لا يُنسى، وسمع حكايات لم تبارحه يوما، وتعرض للتعذيب رغم صغر سنه. 

هناك، حدث شيء لم يكن يتوقعه: التقى بوالده المعتقل السياسي.

قال العبد الله: "لم يكن اللقاء كما قد يتخيله أحد. التقينا في قلب الجحيم".

احتجزا معا في صيدنايا لفترة ثم نقلا إلى سجن عدرا، حيث حوكما معا أمام المحكمة العسكرية بدمشق. "تلك اللحظات تجمع بين الألم والاعتزاز. رأيت والدي يثبت على موقفه رغم كل القسوة" قال العبد الله.

حين انتهت مدة عقوبته، قرر الهروب، وهو الخيار الوحيد الذي يبقيه على قياد الحياة، وفقا لقوله.

بلا أوراق رسمية، عبر الحدود إلى لبنان، لكنه كان يواجه خطر الاعتقال مرة أخرى مع مضايقات الأمن  العام اللبناني بسبب إقامته غير القانونية في البلاد.

ومن هناك، كان المنفى الأميركي وجهته الأخيرة، بعد أن حصل على لجوء سياسي بمساعدة الأمم المتحدة.

في واشنطن، لم يترك محمد قضيته، حيث أسس المركز السوري للمساءلة والعدالة، مركزا جهده على توثيق التعذيب والبحث عن مصير المعتقلين الذين تم تغييبهم لعقود.

قال: "رائحة الزنازين ووجوه السجناء ما زالت ترافقني، هي دافع لي للاستمرار في هذا العمل مهما كلفني".

يحتفل العبد الله اليوم بإزاحة الأسد عن الحكم، لكنه يعرف أن الفرح وحده لا يكفي.

وبرغم القلق الذي يحيط بمستقبل سوريا، يظل العبد "مفتائلا".

"المجرم غادر القصر، وسوريا بدأت تتنفس الحرية. الطريق طويل، لكن الشعب الذي تحمل كل هذا الألم، قادر على بناء وطن جديد" قال العبد الله قبل سفره إلى سوريا.

سجناء محررون يركضون في شوارع دمشق بتاريخ 8 ديسمبر 2024