الرئيس بايدن استقبل المفرج عنهم من سجون روسيا
الرئيس بايدن استقبل المفرج عنهم من سجون روسيا

حينما أصدرت محكمة روسية حكما في يوليو الماضي ضد الصحفي الأميركي، إيفان غيرشكوفيتش، بالسجن 16 عاما، وبعده حكما آخر ضد الصحفية الأميركية الأخرى، ألسو كورماشيفا، كانت إشارة على ما يبدو إلى أن صفقة تبادل السجناء التي تطبخ على نار هادئة اقتربت من نهايتها.

وكشفت وسائل إعلام أميركية تفاصيل أشهر من المفاوضات المعقدة والدبلوماسية المحفوفة بالمخاطر، التي قادت إلى ما وصفت بأنها أكبر عملية تبادل سجناء بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة، إذ كانت تلك الأحكام بالسجن إشارة معتادة من روسيا على أنه سيتم العفو عنهم، ليدخلوا في صفقة التبادل.

وشمل الاتفاق الذي أعلن عنه، الخميس، ما لا يقل عن 16 شخصا محتجزا في روسيا، مقابل 8 روس سجناء في الولايات المتحدة وألمانيا والنرويج وبولندا وسلوفينيا.

وتضم قائمة المفرج عنهم 3 أميركيين ورابع يحمل الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة، بينهم صحفيون.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن يوم 21 يوليو الماضي كان "غير عاديا" بالنسبة للرئيس الأميركي، جو بايدن، عندما تحدث في حوالي الساعة 12:09 ظهرا من منزله بولاية ديلاوير مع رئيس وزراء سلوفينيا، من أجل المضي قدما في "مقامرة دبلوماسية عالية المخاطر" لإبرام اتفاق صفقة تبادل سجناء معقدة ومتعددة الجنسيات.

وبعد 97 دقيقة فقط من تلك المكالمة، نشر رسالة عبر الإنترنت أعلن فيها تخليه عن مساعيه للترشح لمنصب الرئيس مجددا، ليتوج نهاية رئاسته بعد نصف قرن من الخدمة العامة بحل واحدة من أكبر الأزمات السياسية، وفق الصحيفة، التي أشارت إلى أن الصفقة تحقق "نصرا" للرئيس الديمقراطي.

قلق قرب النهاية

على مدار الأسبوعين الماضيين، كانت الإدارة الأميركية واثقة من تأمين الصفقة، وبحسب تقرير صحيفة "واشنطن بوست"، كان التفاؤل كبيرا بين المسؤولين الأميركيين مع صعود المواطنين المفرج عنهم على متن طائرة في موسكو قبل الهبوط في أنقرة.

وقالت الرئاسة التركية، الخميس، إن 26 شخصا كانوا محتجزين في سجون 7 دول مختلفة من بينها الولايات المتحدة وروسيا جرى مبادلتهم في عملية تبادل كبيرة تمت في أنقرة.

وأضافت في بيان أن هؤلاء السجناء جاءوا أيضا من سجون في ألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنرويج وروسيا البيضاء.

ولكن في ظل حالة الترقب، قال مسؤول أوروبي لأحد الصحفيين إن طائرة متجهة من موسكو إلى أنقرة عادت أدراجها، فكان القلق والمخاوف كبيرة من فشل الصفقة، لكن تبين خلال وقت لاحق أنه "إنذار كاذب".

ومع ذلك، ظل القلق مستمرا حتى حلقت الطائرة التي تحمل المحتجزين من موسكو نحو تركيا، وفق "واشنطن بوست".

وجرت المفاوضات من أجل إتمام الصفقة على مدار أكثر من عام شهد خلالها انهيارا كبيرا حينما توفيت الشخصية الأبرز ضمن التبادل، وهو المعارض الروسي البارز أليكسي نافالني.

سلوك بوتين المحيّر

وذكرت "واشنطن بوست" أيضا أن الشخصية المحورية في الصفقة لم تكن الصحفي الأميركي أو ناشط داعم للحرية والديمقراطية، بل قاتل روسي مدان وهو فاديم كراسيكوف.

وأطلق كراسيكوف النار عام 2019 على مقاتل شيشاني سابق في العاصمة الألمانية برلين، بإيعاز من وكالة استخبارات روسية، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة عقب إدانته بالقتل باعتباره مارس "إرهاب دولة"، وفق الصحيفة.

وواصلت الصحيفة الأميركية رصد كواليس الصفقة مشيرة إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أشاد بكراسيكوف بعد جريمته وأصبح يركز بشكل كبير على القيام بكل الجهود من أجل إخراجه من سجنه بألمانيا.

وذكرت "واشنطن بوست" أن سلوك بوتين وإصراره على إطلاق سراح كراسيكوف "حيّر" المسؤولين الأميركيين، الذين قالوا إنهم غير متأكدين من سبب رغبة بوتين القوية في إخراجه من السجن.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن كراسيكوف قال لحارس سجنه ذات مرة: "روسيا الاتحادية لن تتركني أتعفن في السجن".

وسبق وطرحت روسيا اسمه في صفقة التبادل عام 2022 حينما كانت الولايات المتحدة تعمل على إطلاق سراح عنصر المارينز السابق، بول ويلان، ونجمة كرة السلة، بريتني غرينر. وحينها كان هذا الاقتراح غير ممكن بسبب احتجازه في ألمانيا، ولم يكن الأمر بيد واشنطن، وفق "واشنطن بوست".

كما نقلت الأخيرة عن مسؤول أميركي مطلع على المفاوضات، قوله: "كنا نعمل على إطلاق سراح ويلان، ولكن لم نتمكن من إقناع الروس فقد أرادوا إطلاق سراح كراسيكوف، والألمان لم يكونوا ليخرجوه فقط مقابل إطلاق سراح مواطنين أميركيين".

وكانت آخر عملية تبادل كبرى بين الولايات المتحدة وروسيا في عام 2010 تضمنت إطلاق سراح 14 شخصا.

فيما أجرت الدولتان في ديسمبر 2022، عملية تبادل رفيعة المستوى، حيث تم مبادلة غرينر، التي حُكم عليها بالسجن 9 سنوات بتهمة العثور على زيت القنب في أمتعتها، بتاجر الأسلحة فيكتور بوت، الذي كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 25 عاما.

مفاوضات مع الألمان

وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود قبل أن يبدأ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مناقشات جديدة حول ما يمكن أن يرغب الألمان في إطلاق سراحه من سجون روسيا، لدفع برلين على إخراج قاتل مدان من سجونها.

وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الاسم الذي توصلت إليه الخارجية الأميركية هو نافالني، خصم بوتين الأكثر شهرة على وجه الأرض ورمز المعارضة الروسية، الذي كان يقضي عقوبة السجن بتهم اعتبرت ذات دوافع سياسية.

لكن في مارس 2023، تعقدت الأمور حينما اعتقلت روسيا مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" غيرشكوفيتش، لتكون عملية المفاوضات حول صفقة تبادل سجناء أكثر إلحاحا.

وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن والدة غيرشكوفيتش، إيلا ميلمان، وصلت إلى اجتماع عاجل، الخميس، في البيت الأبيض مع الرئيس بايدن بعد 491 يوما من القبض على نجلها، وتم إبلاغها وزوجها ميخائيل وابنتها دانييل ألا تبلغ أحدا بالأمر.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الاجتماع الذي تلقت فيه نبأ الصفقة، سبقه أشهرا لم تكن تدرك فيها أن إطلاق سراح ابنها سيكون مرهونا بقاتل مدان وبمجموعة شخصيات عملت في الظل لدفع عملية التبادل، من بينهم دبلوماسيين ومقدمي برامج تلفزيونية ومليارديرات بوادي السيليكون، بجانب دور أيضا لوزيرة الخارجية والمرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون.

وذكرت الصحيفة أن كلينتون ساعدت في الضغط على الحكومة الألمانية للتعبير عن إمكانية التوصل إلى صفقة. وبعد فترة وجيزة من اعتقال غيرشكوفيتش، تحدث الرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، إريك شميت، إلى بايدن وأوضح له أن ألمانيا ستكون مستعدة لتبادل محتمل للسجناء مقابل نافالني.

وتواصلت المفاوضات حتى جاء النبأ الأصعب في فبراير الماضي، حينما توفي نافالني في سجنه، ليلقي بايدن خطابا ناريا من البيت الأبيض يدين فيه "وحشية بوتين".

ومع استيعاب الصدمة لفترة، عادت المفاوضات من جديد، وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، التقت برئيس الوزراء السلوفيني، روبرت غولوب، على هامش مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير، حيث تلقت ضمانات باستمرار التزام بلاده بدورها في الصفقة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الإدارة الأميركية أن هاريس التقت أيضا بالمستشار الألماني، أولاف شولتز، بمناقشة إطلاق سراح كراسيكوف.

بالعودة إلى المفاوضات مع الألمان، تواصل بايدن مع المستشار شولتز في نهاية مارس لإبلاغه بالخطوط العريضة للصفقة المقترحة، بعدما حصلت واشنطن على التزامات من الدول الأخرى المنخرطة وهي سلوفينيا والنرويج وبولندا التي ستفرج عن سجناء روس لديها.

مع بداية يونيو بدأت المفاوضات مع روسيا يحيط بها زخما كبيرا، وحصلت الولايات المتحدة على الضوء الأخضر من ألمانيا لإتمام الصفقة، وقدمتها بالفعل لروسيا في نهاية ذلك الشهر.

وافقت موسكو على الصفقة في مطلع يوليو الماضي لتبدأ مراحل التنسيق لإتمامها.

ولا يزال هناك أميركيون تحتجزهم روسيا بمن فيهم، مارك فوغل، الذي ألقي القبض عليه في مطار موسكو عام 2021، وأدين بتهريب مخدرات وحكم عليه بالسجن لمدة 14 عاما، وأكدت واشنطن أنها سوف تواصل جهودها لإطلاق سراحه.

عناصر جهاز الخدمة السرية فتحوا النار على مسلح بمحيط ملعب الغولف
عناصر جهاز الخدمة السرية فتحوا النار على مسلح بمحيط ملعب الغولف

اعتقل ريان ويسلي روث، البالغ من العمر 58 عاما ومالك شركة إنشاءات صغيرة، للاشتباه في تورطه في محاولة لاغتيال دونالد ترامب، الأحد، في فلوريدا، وفقا لما نقلته شبكة "سي ان ان"، ووسائل إعلام أميركية أخرى.

وكشفت تقارير إعلامية عن إيقاف روث بعدما "فتح عناصر جهاز الخدمة السرية النار على مسلح" يحمل بندقية من طراز إيه كيه-47 على تخوم ملعب الغولف الخاص بترامب في فلوريدا حيث كان الرئيس السابق يمارس رياضة الغولف، الأحد.

وفرّ المشتبه به بسيارة سوداء لكن السلطات تعقبتها بعدما نجح شاهد عيان في تحديدها.

وأوردت شبكتا "سي إن إن" و"سي بي اس" أن روث كان يعمل لحسابه الخاص في بناء مساكن ميسورة الكلفة في هاواي، ولديه سجل إجرامي طويل وهو ينشر بانتظام مقالات عن السياسة والأحداث الجارية.

انتقاد ترامب

وبحسب الشبكة، كان روث منتقدا دائما لترامب على وسائل التواصل الاجتماعي. وعقب محاولة اغتيال الرئيس السابق في يوليو، دعا الرئيس جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس إلى زيارة المصابين في التجمع. وكتب على إكس: "لن يفعل ترامب أي شيء أبدا".

وتم تسجيل روث كناخب "غير منتسب" في نورث كارولينا عام 2012. كما صوت في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية بالولاية في مارس من هذا العام، وفقا للسجلات العامة.

وقد تضمن حسابه الذي تم تعليقه الآن على "إكس"، عددا من المنشورات حول ترامب.

ومن بينها، منشور يعود ليونيو 2020، وكتب فيه "ترامب بينما كنت خياري في عام 2016، كنت أنا والعالم نأمل أن يكون الرئيس ترامب مختلفًا وأفضل من المرشح، لكننا جميعا شعرنا بخيبة أمل كبيرة ويبدو أنك تزداد سوءًا وتتدهور.. سأكون سعيدًا عندما ترحل".

"لا مكان للعنف السياسي في أميركا".. ردود فعل واسعة بعد محاولة اغتيال ترامب الجديدة
توالت ردود الفعل بشأن إطلاق نار قرب المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة، الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الأحد، بعدما رجح مكتب التحقيقات الفدرالي إنها محاولة اغتيال ثانية على ما يبدو لترامب أثناء وجوده في ملعب الغولف الخاص به في ويست بالم بيتش في ولاية فلوريدا.

مشاكل مع القانون

وتشير السجلات إلى أن مشاكل روث مع القانون تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، وتتضمن اتهامات أقل خطورة، وهي كتابة شيكات بدون رصيد. كما أُمر بدفع عشرات آلاف الدولارات للمدعين في دعاوى مدنية، واتهمته السلطات الولائية والفيدرالية بعدم دفع ضرائبه في الوقت المحدد.

ولكن في عام 2002، اتُهم بحيازة سلاح دمار شامل، وهي جناية، وفقا لما أوردته "سي بي اس"، عن سجلات إدارة الإصلاحات في ولاية نورث كارولينا.

وفي حادث آخر، اتُهم بارتكاب جنح، بما في ذلك جريمة دهس وهروب، ومقاومة الاعتقال، وانتهاك قانون الأسلحة، وفقا للسجلات ذاتها.

داعم لأوكرانيا

وبشأن مواقفه من السياسة الخارجية، أعرب روث بوضوح عن دعمه لأوكرانيا بعد الغزو الروسي.

وقال روث في منشور على إكس في مارس 2022، وفق صحيفة نيويورك تايمز التي أجرت معه مقابلة سابقة "أنا مستعد للسفر إلى كراكوف والذهاب إلى حدود أوكرانيا للتطوع والقتال والموت..".

كما أجرت وكالة فرانس برس مقابلة مع روث في كييف، أواخر أبريل 2022، فيما كان يشارك في تظاهرة لدعم الأوكرانيين المحاصرين في مدينة ماريوبول.

وقال لوكالة فرانس برس وقتها "بوتين إرهابي ويجب وضع حد له، لذلك نريد من الجميع في كل أنحاء العالم أن يتوقفوا عما يفعلونه وأن يأتوا إلى هنا الآن".

وذكرت سي ان ان، أن روث حاول في سلسلة من منشورات فيسبوك، العام الماضي، تجنيد مجندين أفغان للقتال في الحرب، مقدماً نفسه كوسيط غير رسمي للحكومة الأوكرانية.

وقال روث لنيويورك تايمز، إنه يبحث عن مجندين لأوكرانيا من بين الجنود الأفغان الذين فروا من طالبان. وقال إنه يخطط لنقلهم، في بعض الحالات بشكل غير قانوني، من باكستان وإيران إلى أوكرانيا. وقال إن العشرات أعربوا عن اهتمامهم.

وسبق أن نشر روث في مؤلفا بشكل ذاتي، تناول فيه الأوضاع السياسية في أفغانستان وتايوان وكوريا الشمالية. كما فصّل دعمه لأوكرانيا، وقال إنه حاول التجنيد في الحرب لكن تم رفضه على الحدود البولندية الأوكرانية.

وعلى صفحته على لينكد إن، ذكر روث على صفحته أنه أسس شركة في عام 2018، مختصة في بناء وحدات تخزين ومنازل صغيرة.

وفي تصريحات صحفية، قال ابنه أوران روث، إنه يأمل أن يكون كل شيء "قد تم تضخيمه"، مضيفا أنه ليس من طبيعة والده "أن يفعل أي شيء مجنونا، ناهيك عن العنف".

ووصف والده بأنه "أب محب وحنون، ورجل صادق ومجتهد في عمله".