انتهت مسيرة الشيخة حسينة يوم الاثنين
انتهت مسيرة الشيخة حسينة يوم الاثنين

فرت رئيسة وزراء بنغلادش الشيخة حسينة، الاثنين، ليسدل الستار على حكمها الذي استمر 15 عاما ومسيرة سياسية حافلة بالأحداث.

وخرجت حسينة من المشهد السياسي فعليا، بعدما سعت منذ أوائل يوليو إلى إخماد تظاهرات واسعة منددة بحكومتها، شهدت مصرع نحو 300 شخص.

وشغلت السياسية البالغة من العمر 76 عاما منصب رئيسة الوزراء من يونيو 1996 إلى يوليو 2001 ومرة أخرى من يناير 2009 إلى أغسطس 2024، لتكون أطول رئيسة وزراء خدمة في تاريخ البلاد.

ولدت الشيخة حسينة، وهي الأكبر بين 5 أبناء، في 28 سبتمبر 1947، ووالدها هو الشيخ مجيب الرحمن الذي قاد بنغلادش إلى الاستقلال.

تخرجت حسينة من جامعة دكا عام 1973، وشاركت في الحركات الطلابية، وانتخبت نائبة لرئيس اتحاد الطلاب في كلية البنات المتوسطة الحكومية، وكانت عضوا في رابطة الطلاب بجامعة دكا، بحسب موقع جامعة كولومبيا الأميركية.

وفي عام 1971، احتجزت وآخرون من أفرد أسرتها لفترة وجيزة على خلفية انتفاضة حرب التحرير التي أدت إلى استقلال بنغلادش، وفق ما يشير إليه موقع هندوستان تايمز.

وكانت حسينة خارج البلاد عندما اغتال ضباط عسكريون منشقون والدها، رئيس الوزراء حينها، مع والدتها وأشقائها الثلاثة، في انقلاب عام 1975.

الشيخة حسينة واجهت احتجاجات

وقضت السنوات الست التالية في المنفى، قبل أن تعود إلى وطنها وتتولى قيادة حزب رابطة عوامي الذي كان يتزعمه والدها، الذي أصبح أكبر منظمة سياسية في بنغلادش.

وبعد عودتها إلى بنغلادش، في عام 1981، أصبحت زعيمة المعارضة، ونددت بعنف الحكم العسكري، وواجهت الإقامة الجبرية مرات عدة.

وتحالفت حسينة مع الحزب الوطني البنغلادشي، الذي تتزعمه خالدة ضياء، للإطاحة بالدكتاتور العسكري، حسين محمد إرشاد عام 1990، بعد أن أصدرت حسينة إنذارا نهائيا له، حظي بدعم شعبي واسع النطاق.

لكن سرعان ما اختلفتا، واتهمت حسينة ضياء، التي أصبحت رئيسة للوزراء، بالتزوير.

وفي أعقاب انتخابات يونيو 1996، أصبحت حسينة رئيسة للوزراء. وخلال فترة ولايتها الأولى، شهدت البلاد نموا اقتصاديا وانخفاضا في معدلات الفقر، لكن عدم الاستقرار السياسي استمر. 

وانتهت ولايتها في يوليو 2001 بعد هزيمة انتخابية أمام ضياء.

وتم سجنهما بتهم فساد عام 2007 بعد انقلاب نفذته حكومة مدعومة من الجيش، قبل إسقاط التهم عنهما، والسماح لهما بخوض الانتخابات في العام التالي، وفق فرانس برس.

حسينة واجهت تظاهرات حاشدة

وفازت حسينة بأغلبية ساحقة باقتراع في العام التالي، وباتت ممسكة بالسلطة منذ ذلك الوقت.

وأعيد انتخابها عام 2014 لولاية ثالثة في انتخابات قاطعها الحزب الوطني البنغلادشي، وانتقدها مراقبون دوليون باعتبارها مزورة، وهو ما حدث أيضا في انتخابات عام 2018، التي شهدت أعمال عنف واتهامات بالتزوير.

وفازت بولاية رابعة في انتخابات في يناير الماضي، دون منافسة حقيقية بعدما قاطعت المعارضة الاقتراع الذي قالت إنه لم يكن حرا ولا نزيها.

وتقول فرانس برس إن سنواتها الـ15 في السلطة شهدت ازدهارا اقتصاديا، وأشرفت على نمو اقتصادي متسارع في بلد وصفه وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، ذات يوم بأنه "ميؤوس منه".

ويشيد مؤيدو الشيخة حسينة بقيادتها بنغلادش خلال نهضة اقتصادية ملحوظة تعود إلى حد كبير لقطاع الصناعة وغالبية قواه العاملة من النساء، ويتركز نشاطه في مجال النسيج وتصدير الملابس.

وبعدما كانت بنغلادش إحدى أفقر دول العالم، حين نالت استقلالها عن باكستان، عام 1971، باتت تحقق نموا بمعدل يزيد على 6 في المئة سنويا، منذ عام 2009.

وانخفضت معدلات الفقر وحصل أكثر من 95 في المئة من السكان، البالغ عددهم 170 مليون نسمة على خدمة الكهرباء، وتجاوز معدل دخل الفرد المستوى المسجل في الهند عام 2021.

ونالت حسينة إشادة دولية إثر الحملة التي أطلقتها على المتشددين الإسلاميين، في الدولة ذات الأغلبية المسلمة، بعد أن اقتحم 5 متشددين مقهى في دكا يرتاده رعايا غربيون وقتلوا 22 شخصا عام 2016.

وفي عام 2017، حظيت بالثناء على توفير الملاذ والمساعدة لنحو مليون لاجئ من الروهينغا الفارين من العنف في ميانمار (بورما).

إلا أنه خلال فترة حكمها شهدت البلاد انتهاكات لحقوق الإنسان أثارت الاستياء داخليا وخارجيا، حيث اتهمت بالإشراف على اعتقالات واسعة لخصومها السياسيين وانتهاكات قوات الأمن لحقوق المواطنين.

واتهمت منظمات حقوق الإنسان حكومتها بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لترسيخ إمساكها بالسلطة والقضاء على المعارضة، بما في ذلك عبر القتل خارج نطاق القضاء.

وتم إعدام 5 من كبار القادة الإسلاميين وشخصية معارضة بارزة، خلال العقد الماضي، بعد إدانتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، خلال حرب الاستقلال الدامية عام 1971.

 وأثارت المحاكمات احتجاجات حاشدة وصدامات عنيفة. ووصف معارضوها المحاكمات بأنها صورية وذات دوافع سياسية لإسكات الخصوم.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات، عام 2021، على فرع النخبة من قوات الأمن البنغلادشية وسبعة من كبار ضباطها بتهمة ارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.

وجاءت التظاهرات الأخيرة إثر إعادة العمل بنظام حصص، خصص أكثر من نصف الوظائف الحكومة لفئات معينة من المواطنين.

وبدأت الاحتجاجات، في يوليو، بمسيرات يقودها طلاب جامعيون، لكنها تحولت إلى اضطرابات دموية مع مطالبة المعارضة بتنحي رئيسة الوزراء.

وفي مواجهة الاحتجاجات المتصاعدة، أصرت الشيخة حسينة على أن همها الوحيد خدمة مصلحة بلدها. 

وفي جولة في دكا، الشهر الماضي، قالت للصحفيين: "على مدى 15 عاما بنيت هذا البلد ... فيمَ قصرت في خدمة الناس؟".

والاثنين، أعلن قائد الجيش، وقر الزمان، أنه يتم إجراء محادثات لتشكيل حكومة مؤقتة، بعد استقالة وهروب رئيسة الوزراء إلى خارج البلاد.

وفرت حسينة على متن مروحية، حسبما قال مصدر مقرب منها لوكالة فرانس برس، بعد وقت قصير من اقتحام متظاهرين مقرها في دكا.

ولوح محتجون مبتهجون بالأعلام ورقص البعض منهم على ظهر دبابة في الشارع، قبل أن يقتحم المئات بوابات المقر الرسمي لرئيسة الحكومة.

وحطم آخرون تمثالا لوالدها الشيخ مجيب الرحمن زعيم الاستقلال.

فرنسا صادرت بعض ممتلكات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة
ماذا يعني إصدارة مذكرة التوقيف بحق رياض سلامة؟

أصدر قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت، بلال حلاوي، الاثنين، مذكرة توقيف وجاهية بحق حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة، وذلك بعد مثوله أمامه صباحاً لاستجوابه في إطار اتهامات وجهتها النيابة العامة المالية له، تتمحور حول ارتكابه جرائم "سرقة أموال عامة، والإثراء غير المشروع، وتبييض الأموال، والتهرب الضريبي."

وأوقف سلامة، الثلاثاء الماضي، بقرار من النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، بعد استجواب استمر لثلاث ساعات، حيث يشتبه القضاء في تورطه في الاستيلاء على 41 مليون دولار من أموال البنك المركزي، عبر إنشاء شركات وهمية.

ووصل سلامة اليوم إلى قصر العدل في بيروت، كما حضر وكلاء الدفاع عنه، بالإضافة إلى القاضية هيلانة إسكندر، رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل (التي تملك صلاحية الدفاع عن حقوق الدولة اللبنانية)، بعد أن اتخذت صفة الادعاء ضد حاكم مصرف لبنان السابق وكل من يظهره التحقيق.

بيد أن حلاوي رفض حضور إسكندر جلسة التحقيق، بحجة وجود خطأ في الشكل بشأن انضمامها للدعوى كونها لا تحوز على ترخيص بالادّعاء من الوزير المختص (وزير المالية)، رغم أنها عادت ورفعت كتاباً إلى حلاوي وفق الأصول القانونية لحضور الجلسة.

وعلى صعيد آخر، شهد محيط قصر العدل في بيروت إجراءات أمنية مشددة من قبل الجيش والقوى الأمنية، في الوقت الذي نظم فيه عدد من المودعين وقفة أمام المبنى، مطالبين بإنصافهم واسترجاع ودائعهم الموجودة في المصارف.

بلبلة قانونية

أثار منع حلاوي رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل من حضور جلسة استجواب سلامة، بلبلة قانونية، وبحسب ما يؤكد رئيس جمعية "الشعب يريد اصلاح النظام"، المحامي حسن بزي أنه "لا حاجة لهيئة القضايا في وزارة العدل للحصول على إذن أو ترخيص بالادعاء من أي مرجع، إذ تمثل هذه الهيئة الدولة قضائياً بناءً على القانون دون الحاجة لإذن من أحد، فواجبها الحفاظ على مصالح الدولة أمام القضاء".

ويوضح بزي في حديث لموقع "الحرة" أن "المادة 16 من قانون تنظيم وزارة العدل تنص على أن رئيس هيئة القضايا يتولى تمثيل الدولة في لبنان والخارج أمام جميع المحاكم العدلية أو الإدارية أو التحكيمية على اختلاف أنواعها ودرجاتها وسائر الهيئات ذات الصفة القضائية، إما شخصياً أو بواسطة أحد معاونيه من قضاة الهيئة أو محامي الدولة".

ويضيف أن "المادة 18 تحدد مهام هيئة القضايا، بما في ذلك إقامة الدعاوى باسم الدولة والدفاع عنها في الداخل والخارج، إعداد الاستحضارات واللوائح والمذكرات وتوقيعها، تبلغ الاستحضارات والمذكرات والأحكام والقرارات العائدة لدعاوى الدولة، المثول أمام جميع المحاكم العدلية والادارية، والقيام بجميع الأعمال اللازمة التي يتطلبها الدفاع عن مصالح الدولة امام المحاكم سواء كانت مدعية او مدعى عليها".

ولا يحق لأي محكمة أو قاض، كما يشدد بزي "تعليق تنفيذ نص المادتين 16 و18 من قانون تنظيم وزارة العدل على أي ترخيص إداري".

إضافة إلى ذلك، يشير بزي إلى أن المادة 70 من قانون أصول المحاكمات الجزائية "تعطي للنيابة العامة والمدعى عليه الحق بتقديم دفع بعدم صفة الجهة المدعية، حيث يبت قاضي التحقيق بهذا الدفع بمعنى أن ليس له صلاحية اتخاذ هذه الخطوة من تلقاء نفسه دون تقديم دفع شكلي من النيابة العامة أو من المدعى عليه".

كلام بزي يؤكده النائب جورج عدوان في تغريدة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، الذي يشير أيضاً إلى أنه "لا يمكن السماح بمنع تنفيذ القانون أو تأخير تنفيذه أو تعليق تنفيذه على إرادة أي موظف ولو كان برتبة وزير".

 سابقة قضائية

شارك النائب التغييري إلياس جرادي في الوقفة التي نفّذها مودعون أمام قصر العدل في بيروت بالتزامن مع جلسة استجواب سلامة، وقد اعتبر أن أموال المودعين "قضية حقوقية مقدسة وأن الدفاع عنها هي خط الدفاع الأول عن مستقبل لبنان"، مؤكداً أن رهان اللبنانيين هو "على القضاء الشريف الذي لا يمتثل للضغوطات التي تمارسها المنظومة الحاكمة"، كما ذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام".

وبشّر جرادة من يعنيهم الأمر بأن قضية التحقيق مع سلامة "أول العنقود وأن المسبحة ستكرّ من ضمنها الدعوة التي تم رفعها من قبل نواب التغيير الذين سيمنعون أي تغاض عنها" وقال "لا أحد فوق رأسه خيمة والجميع سيتم اقتيادهم إلى السجون".

وفي السياق، توجه عدد من المعتصمين الى القاضي حلاوي، مؤكدين أن "عيون ومجهر الشعب اللبناني شاخصة نحوك وأن المودعين الذين باتوا اليوم غير قادرين على الاستشفاء أو الحصول على أدويتهم يطلبون منك ان تضرب بمطرقتك وأن تحكم لصالح هذا الشعب".

ويمثّل إصدار مذكرة توقيف وجاهية بحق سلامة، "سابقة قضائية في لبنان"، وفق ما يصف رئيس جمعية المودعين، حسن مغنية، مشيراً إلى أن "اللبنانيين لم يعتادوا على توقيف شخصية بهذا الحجم"، لكنه يؤكد في ذات الوقت على أن الأسئلة المحورية التي تطرح الآن هي: إلى متى سيستمر هذا التوقيف، وما هي نهايته، وهل سيؤدي إلى سقوط شخصيات كبيرة أخرى؟

ويدعو مغنية القضاء اللبناني خلال حديث لموقع "الحرة" إلى "التعامل بحزم ودون شعبوية مع هذه القضية"، مشدداً على ضرورة توسيع دائرة التحقيقات وعدم حصرها في قضية شركة "أوبتيموم"، إذ يطالب بأن تشمل ما وصفه بـ"سرقة العصر" المالية في لبنان، التي تتسبب الآن بفجوة مالية بقيمة 74 مليار دولار، "وذلك للوصول إلى الحقيقة بشأن مصير أموال المودعين التي تورطت في سرقتها أطراف عدة، من بينهم مصرف لبنان، والمصارف، ورؤساء، وأحزاب، وكبار السياسيين".

علامات استفهام

ويلتزم العمل المصرفي في لبنان، كما يقول الخبير الاستراتيجي في مجال المخاطر المصرفية والخبير الاقتصادي والنقدي، الدكتور محمد فحيلي، "بأحكام التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان والقوانين ذات الصلة، وفي عدد من هذه التعاميم لاسيما التعميم الأساسي الذي يحمل الرقم 154، توجه المصرف المركزي إلى كبار المساهمين في المصارف، وأولئك المرتبطين بكبار السياسيين والعملاء أيضاً".

وفي هذه التعاميم، وفق ما يشرح فحيلي لموقع "الحرة"، "حذّر المصرف المركزي من إحالة المتخلفين عن الالتزام بها إلى هيئة التحقيق الخاصة (SIC)، التي أنشئت بموجب القانون 318 لعام 2001، وهذه دلالة على أن من صلاحيات هيئة التحقيق الخاصة التحقيق بالعمليات المصرفية المشبوهة وتقديم تقرير لحاكم مصرف لبنان والهيئة المصرفية العليا لاتخاذ الإجراءات الضرورية. في صلب عمل الهيئة (SIC) التحقيق في الحركات المصرفية المشبوهة، سواء كانت هذه العمليات داخلية بين مصرف لبنان والمصارف التجارية أو بين المصارف التجارية ونظيراتها المراسلة".

ويوضح فحيلي أن "هيئة التحقيق الخاصة ملزمة قانوناً بالتحقيق في أي عملية نقدية أو مصرفية مشبوهة"، لكنه يطرح تساؤلات حول مدى جدية تعامل مصرف لبنان والقضاء اللبناني مع الأزمة المصرفية الراهنة، التي تسببت في إفقار العديد من المواطنين وأدت إلى خسائر فادحة موصلة الاقتصاد اللبناني إلى حالة الانهيار الحالية".

ويشدد على أنه "كان من المفترض أن تبدأ مساءلة سلامة، من خلال هيئة التحقيق الخاصة، وتجاوز هذه الهيئة في هذه القضية يثير العديد من علامات الاستفهام".

حجم وطبيعة الأزمة المصرفية التي أصابت لبنان تتطلب من القضاء المختص، كما يقول فحيلي "التعامل بشفافية تامة"، معتبراً أن السرية المفترضة في التحقيقات "لا معنى لها عندما يكون المتهم هو من يقف خلف أزمة مسّت آلاف المواطنين اللبنانيين".

ويؤكد على حق المواطن اللبناني في معرفة الأسباب التي دفعت القاضي حجار إلى توقيف سلامة، وما الذي دفع القاضي حلاوي إلى إصدار مذكرة توقيف وجاهية ضده، معتبراً أن "عدم التعامل الجدي من قبل القضاة مع هذه القضية يثير تساؤلات كبيرة بشأن مصداقية الإجراءات القضائية المتخذة".

يذكر أن سلامة، البالغ من العمر 73 عاماً، تولى حاكمية مصرف لبنان عام 1993، وشغل المنصب حتى يوليو 2023. وبعد الانهيار المالي والاقتصادي في لبنان، "أطلقت سويسرا عام 2020 تحقيقاً في أنشطة سلامة، تلاها في عام 2021 لبنان وفرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ.

كما حققت السلطات في موناكو وليختنشتاين وبلجيكا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة في تلك الأنشطة"، وفق تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في أغسطس 2023 بعنوان "الساحر: رياض سلامة ونهب لبنان".

وتشتبه هذه الدول بضلوع سلامة في "جرائم اختلاس أموال عامة وتبييض أموال وفساد، بالإضافة إلى تحميله جزءاً كبيراً من المسؤولية عن الأزمة المالية التي أصابت البلاد".

رسالة دولية؟

ملف لبنان مطروح حالياً على طاولة مجموعة العمل المالي، كما يشير فحيلي "، التي تقوم بتقييمه على ثلاثة محاور رئيسية: السلطة السياسية (التشريعية والتنفيذية)، مصرف لبنان، والمصارف التجارية اللبنانية"، إذ يرتكز التقييم على مدى الامتثال لإجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب".

التقرير المبدئي والتقييم الصادر عن مجموعة العمل المالي أظهر، وفق ما يقوله فحيلي "رضى عن إجراءات المصارف التجارية، ولكنه أبدى عدم رضى تجاه متابعة السلطة السياسية لتنفيذ القوانين، بالإضافة إلى وجود ضعف في الرقابة من قبل مصرف لبنان".

ويلفت إلى أن "هناك احتمالاً كبيراً بأن يكون إصدار مذكرة التوقيف الوجاهية بحق سلامة، محاولة لإرسال رسالة إلى مجموعة العمل المالي تهدف إلى تلميع صورة لبنان أمامها، من خلال إظهار أن القضاء اللبناني يتحرك بشكل فعال وأن القوانين موجودة ويتم تطبيقها، خاصة القانون رقم 44 لعام 2015، وستتم محاسبة مرتكبي الجرائم المالية بغض النظر عن مناصبهم".

يذكر أن سلامة يواجه مذكرة اعتقال في فرنسا في إطار تحقيق بشأن اختلاس أموال عامة، بالإضافة إلى نشرة حمراء من الإنتربول للقبض عليه.

كما سبق أن أصدرت السلطات الألمانية مذكرة اعتقال بحق سلامة بتهم الفساد، لكن تم إلغاؤها لأسباب فنية وفقاً لما صرّح به مكتب المدعي العام في ميونيخ لـ"رويترز" في يونيو الماضي، إلا أن التحقيقات مستمرة وتبقى أصوله المالية مجمدة.

وفي أغسطس 2023، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية بياناً اتهمت فيه سلامة باستغلال منصبه لتحقيق مكاسب شخصية ضخمة على حساب الشعب اللبناني، وأدرجته على قائمة العقوبات، متهمة إياه بالتورط في ممارسات فاسدة وغير قانونية ساهمت في تدهور سيادة القانون في لبنان.

مسرحية قضائية؟

وتعليقاً على إصدار مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان السابق، أصدر "تحالف متحدون" بياناً أشار فيه إلى أن القاضي حلاوي رفض استقبال محامي المودعين المدّعين في قضية "أوبتيموم" ورفض ضم ادعاء النيابة العامة ضد سلامة إلى شكواهم وفق الأصول عبر رفض البت بطلب الضم.

وأوضح التحالف أن هذا الرفض "جعل المحاكمة تقتصر على طرف واحد فقط، بحضور وكيل سلامة المحامي مارك حبقة، وعناصر من شعبة المعلومات والدرك، دون أي تمثيل للطرف الآخر الأكثر تضرراً".

وأشار التحالف إلى تصريح المودع المدّعي في القضية، الطبيب باسكال الراسي، الذي شارك في الوقفة أمام قصر العدل في بيروت، حيث قال "سقط القضاء اللبناني مرة أخرى بحجب حقي التقاضي والدفاع عن المودعين أصحاب الحق ولم نرَ أمامنا إلا استمرار لـ "المسرحية" نفسها. نموت كل يوم وما يهمّنا هو استعادة أموالنا وليس الانتقام من سلامة ككبش محرقة".

وعقب توقيف سلامة، الثلاثاء الماضي، انقسم اللبنانيون بين من يرون في هذه الخطوة "بداية جادة لمعالجة قضايا الفساد والشبهات المالية المرتبطة به"، ومن يعتبرون أن الأمر "لا يتعدى كونه مسرحية قضائية ستنتهي بتبرئته".

ولطالما دافع سلامة عن فترة ولايته، وأثناء مقابلة تلفزيونية محلية أجريت معه في يوليو 2023، زعم أنه كان "كبش فداء" للأزمة المالية في البلاد، مشيراً إلى أن المسؤولية عن إنفاق الأموال العامة "تقع على عاتق الحكومة وليس البنك المركزي"، كما أكد نيته "طي صفحة من حياته"، وأن "المنظومة غسلت يديها" منه منذ زمن.

وحدد حلاوي جلسة ثانية لاستكمال التحقيق مع سلامة الخميس المقبل، وفي هذا السياق، يشدد رئيس جمعية المودعين على ضرورة محاسبة جميع المتورطين، محذراً من محاولة تحويل سلامة إلى "كبش فداء"، مؤكداً أن "المسؤولية يجب أن تطال الجميع".