فلسطينيون نزحوا بسبب الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على قطاع غزة.
فلسطينيون نزحوا بسبب الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على قطاع غزة.

تسابق واشنطن الزمن للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وإبرام صفقة تضمن عودة المختطفين لدى حركة حماس، قبل أن تنفذ طهران تهديدها بتوجيه ضربة لإسرائيل، قد تعقد هذا الملف وربما تفشله.

وتعلق واشنطن الآمال على مفاوضات تستأنف الخميس، لكن المعطيات تشير إلى تغير في موقف إسرائيل، والذي يتجه إلى مرونة أقل بشأن التوصل لاتفاق حول الصفقة، إذ أضاف رئيس الحكومة، بنيامين نتانياهو، شروطا جديدة صعبت المهمة.

فما خيارات واشنطن لتحقيق الهدف؟

يقول المحلل السياسي الأميركي، إيريك هام، في حديث لموقع "الحرة" أن "المفاوضات محفوفة بالكثير من المخاطر، وأي شيء قد يفجرها". 

ويضيف أن "بايدن وضع الخيارات بالفعل على الطاولة، لذا فإن الخيار الوحيد الآن هو أن يتوصل المفاوضون بالفعل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ويأمل ألا تهاجم إيران إسرائيل بالفعل".

ويشير هام إلى أن "الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة كانت تضغط على إيران من خلال قنوات خلفية" لمنع وقوع هجوم على إسرائيل، وهو ما يرى خبراء أنه قد يعطل وقف إطلاق النار وإبرام صفقة يفرج بموجبها عن المختطفين في غزة.

الجيش الإسرائيلي يستعد لسيناريوهات مواجهة شاملة مع إيران وحزب الله

ويرى السياسي الأميركي، من أصل فلسطيني، خالد توراني،  أن "الولايات المتحدة ليس لديها أي شيء" يمكن أن تستخدمه للحيلولة دون قيام نتانياهو بعرقلة المفاوضات مرة أخرى، "وهذه مشكلة".

ويقول توراني لموقع "الحرة" إن بايدن قال سابقا، "إن اقتحام رفح خط أحمر، لكن نتانياهو نفذ ما يريد وصعد منذ ذلك الحين كثيرا، وحتى الآن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في رفح بالآلاف،... ولم يفعل الرئيس الأميركي شيئا في المقابل". 

ولأن واشنطن "لا تملك خيارات"، وفق توراني، فإنه يعتقد أن المفاوضات "لن تستمر".

ظهرت على السطح خلافات بين إدارة بايدن وحكومة نتانياهو بشان وقف إطلاق النار في غزة

ويضيف أنه "حتى إذا وصلت إلى نتيجة، فما الذي يضمن ألا يتراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، عما تم الاتفاق عليه، أو ينسحب أو يعرقلها من جديد كما حدث سابقا".

ويقول توراني  إن ما يدلل أن نتانياهو "لا يريد التوصل إلى صفقة، هو اغتيال الرجل الذي كان يفاوضه، إسماعيل هنية، في طهران خلال المراحل النهائية من المحادثات بشأن الاتفاق، بعد ساعات من اغتيال القائد العسكري لحزب الله في بيروت، فؤاد شكر، والآن يقدم شروطا جديدة بعد أنباء عن عودة حماس إلى طاولة المفاوضات"، مضيفا أن "كل المؤشرات لا تبشر بخير في الحقيقة".

إدارة بايدن تريد وقفا فوريا لإطلاق النار في غزة وعودة المختطفين

ووفق "وثائق غير منشورة" استعرضتها صحيفة نيويورك تايمز تفصل مواقف إسرائيل التفاوضية، نقلت إسرائيل قائمة من الشروط الجديدة في أواخر يوليو إلى الوسطاء الأميركيين والمصريين والقطريين "والتي أضافت شروطا أقل مرونة إلى مجموعة من المبادئ التي وضعتها في أواخر مايو"، بحسب الصحيفة.

وتشير الصحيفة إلى أن "المناورات التي قامت بها حكومة نتانياهو خلف الكواليس كانت واسعة النطاق، تشير إلى أن الاتفاق قد يكون بعيد المنال في جولة المفاوضات المقرر أن تبدأ، الخميس".

ويطرح نتانياهو إنشاء جهاز أمني في قطاع غزة، يهدف إلى منع تحرك المسلحين من الجزء الجنوبي من قطاع غزة إلى الجزء الشمالي منه، ويحافظ على الوجود الإسرائيلي على طول ممر فيلادلفيا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.

تشير تقارير غلى خلافات إسرائيلية تشي بتعقيد إمكانية التوصل لوقف إطلاق النار في غزة

"مفاوضات هشة"

ويقول هام لموقع "الحرة" إن  هناك "مؤشرات وتقارير تفيد بأن حماس مستعدة لقبول البدء في المباحثات بناء على المبادرة التي عرضتها إدارة بايدن، لكنني أعتقد أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا شيئا يريده نتانياهو على وجه التحديد وشخصيا".

ويضيف قوله: "أعتقد أن هذه المفاوضات هشة للغاية وأعتقد أن أي شيء يمكن أن يعرقل هذه المفاوضات، ولا زلت لا أعرف ما إذا كان لديك وسيطان صادقان يلتقيان بحماس وإسرائيل ويريدان بالفعل هما أيضا حدوث ذلك"، بحسب هام.

ويعتقد توراني، من جهته، أنه من خلال تصريحات سابقة للرئيس الأميركي جو بايدن وبلينكن هناك "مؤشرات واضحة على أن نتانياهو هو من يعرقل التوصل إلى اتفاق، بل إن حلفاء نتانياهو نفسه في الحكومة يتهمونه بأنه هو من يعرقل التوصل إلى اتفاق".

يعتبر هام أنه من من أجل التوصل إلى اتفاق ووقف إطلاق نار فعلي، هناك "حاجة إلى طرفين يريدان بالفعل حدوث وقف إطلاق النار وهما هنا إسرائيل وحماس".

تفرض إيران غموضا على سيناريوهات الضربة التي تهدد بتنفيذها على إسرائيل

لكنه يشير إلى أن "إيران هي العامل الرئيسي في كل هذا، الآن"، موضحا أن "رد فعلهم على مقتل هنية سيؤثر بالتأكيد على المفاوضات الجارية".

ويعتقد توراني أن "أي ضربة من إيران ستنسف أي فرصة للتوصل إلى صفقة والمنطقة ستشتعل حقيقة وهذا ما يريده نتانياهو".

ويعتقد الأستاذ الجامعي الأميركي، شبلي تلحمي، أن " نتانياهو يريد جر الولايات المتحدة إلى حرب مع حزب الله وإيران".

"الردع والدبلوماسية"

وفي مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، يعتقد ديفيد إغناتيوس، الكاتب المتخصص في السياسة الخارجية، أن "بايدن يسعى جاهدا لنزع فتيل القنبلة الموقوتة بين إيران وإسرائيل".

وتأتي المفاوضات المرتقبة في وقت تستعد فيه إسرائيل للهجوم المحتمل من إيران وجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من طهران بعد تصعيد كبير بسبب هجوم صاروخي تسبب في مقتل 12 شابا في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل في 27 يوليو.

وفي أعقاب ذلك الهجوم، قتلت إسرائيل هنية وشكر وهو ما دفع إيران وحزب الله إلى التوعد بالرد وتنفيذ هجوم على إسرائيل.

ويضيف إغناتيوس أن الرئيس الأميركي "قرر اعتماد استراتيجية قائمة على مزيج من الردع والدبلوماسية، كأفضل طريقة لمنع وقوع الكارثة في الشرق الأوسط".

وينقل إغناتيوس عن مسؤول أميركي رفيع قوله بأنه تم إيصال رسالة واضحة لإيران عبر السفارة السويسرية في طهران، بأن "الولايات المتحدة لا تتزعزع في دفاعها عن مصالحنا وشركائنا وشعبنا. وقد نقلنا كمية كبيرة من الأصول العسكرية إلى المنطقة للتأكيد على هذا المبدأ. وأن خطر حدوث تصعيد كبير مرتفع للغاية، وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة على استقرار الحكومة الجديدة للرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان".

يشدد بايدن على أهمية وقف إطلاق النار وإعادة الاستقرار للشرق الأوسط

ويضيف إغناتيوس أن دبلوماسية بايدن مع نتانياهو معقدة بنفس القدر، إذ أجرى الاثنان محادثة هاتفية حادة اشتكى فيها بايدن من أن نتانياهو يعيق الجهود الأميركية لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن في غزة.

ويعتقد توراني أنه "إذا توصلت إسرائيل وحماس إلى اتفاق نهائي لإنهاء الحرب بشكل دائم، فإن هذا قد يلغي الرد الإيراني ويجعل احتماليته ضئيلة للغاية".

وقال 3 من كبار المسؤولين الإيرانيين إن السبيل الوحيد الذي يمكن أن يرجئ رد إيران المباشر على إسرائيل بسبب اغتيال هنية على أراضيها هو التوصل في المحادثات المأمولة هذا الأسبوع إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتتوعد إيران بأن يكون ردها قاسيا، فيما نشرت البحرية الأميركية سفنا حربية وغواصة في الشرق الأوسط دعما للدفاعات الإسرائيلية.

ويرى توراني أن "عدم التوصل إلى اتفاق سيؤدي إلى تصعيد وتسريع الرد الإيراني ويبدو أن هذا ما يريده نتانياهو الذي يتحرق شوقا لأن يكون هناك رد إيراني".

لقطة لسجن صيدنايا
لقطة لسجن صيدنايا

وثق تسجيل مصور نشره ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحرير فصائل المعارضة لنساء وطفل من داخل زنازين سجن صيدنايا سيء الصيت، الذي كان يستخدمه نظام الأسد لتعذيب واحتجاز وقتل مناهضيه.

وجاء نشر هذا التسجيل ضمن سلسلة فيديوهات انتشرت بكثرة، خلال الساعات الماضية، بعد سقوط نظام الأسد وسيطرة فصائل المعارضة على سجن صيدنايا وجميع المواقع العسكرية المحيطة بالعاصمة السورية.

وأظهر التسجيل إقدام مسلحين من فصائل المعارضة على فتح عدة زنازين بداخلها نساء، وطلبوا منهن الإسراع والخروج.

وعندما كانت تخرج إحدى النساء المعتقلات خرج أمامها طفل صغير.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، صباح الأحد، إن "أبواب صيدنايا فتحت.. أمام آلاف المعتقلين الذين اعتقلتهم الأجهزة الأمنية طوال حقبة حكم النظام، حيث خرج المعتقلون منه بعد معاناتهم الشديدة من شتى أشكال التعذيب الوحشي".

وتأسس السجن في ثمانينيات القرن الماضي، وأطلقت عليه "منظمة العفو الدولية" قبل سنوات وصف "المسلخ البشري"، والسجن الذي "تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء".

ويعتبر "صيدنايا" واحدا من "أكثر الأماكن سرية في العالم"، ولطالما بث اسمه "الرعب في قلوب السوريين". وهؤلاء ارتبط ذكر هذا المكان عندهم بفقدان الأحبة وغيابهم، بينما حفر في ذاكرة المجتمع الكثير من الأسى، وفق "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا".

وخلص تحقيق عملت عليه الرابطة لعام كامل ونشرته في أكتوبر 2022، إلى إثبات دور مشفى تشرين العسكري والقضاء، بأن الأول يظهر كمكان للتصفية بشهادة الوفاة، والثاني كـ"جهة إصدار حكم الإعدام".