جانب من الأضرار التي لحقت ببعض البنايات في كورسك الروسية بعد غارات أوكرانية في 16 أغسطس 2024
جانب من الأضرار التي لحقت ببعض البنايات في كورسك الروسية بعد غارات أوكرانية في 16 أغسطس 2024

اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" في تحليل أن الاستجابة العسكرية "البطيئة" من جانب موسكو لاحتلال أوكرانيا المفاجئ أجزاء من منطقة كورسك الروسية، دليل على فشل الرئيس فلاديمير بوتين، الذي يبدو أنه يتجمد عند حدوث الأزمات، وفقا للصحيفة.

تشير الصحيفة إلى أن الاختراق الأوكراني الكبير يسلط على نقاط ضعف النظام الاستبدادي الذي تدار فيه الأمور من أعلى إلى أسفل "والذي يقوم حد كبير على الخوف والعقاب".

ويبدو أن معلومة الاختراق واحتلال أوكرانيا لـ28 قرية و1150 كيلومترا مربعا من الأراضي وصلت إلى بوتين متأخرة، إذ كذب رئيس هيئة الأركان العامة فاليري جيراسيموف عندما أعلن في البداية أنه تم التصدي للهجوم وإفشاله.

وتقول الصحيفة "غالبا ما يتظاهر كبار المسؤولين لإخفاء إخفاقاتهم بدلا من المخاطرة بإغضاب الرئيس".

والحقيقة أن الهجوم الأوكراني الذي بدأ في السادس من أغسطس الجاري لا يزال مستمرا.

الخجوم الأوكراني في منطقة كورسك الروسية

والأحد، أعلنت كييف أنها دمرت جسرا استراتيجيا ثانيا في منطقة كورسك الروسية حيث تشن قواتها منذ 12 يوما هجوما غير مسبوق، فيما يؤكد الجيش الروسي مواصلة تقدّمه في الشرق الأوكراني باتجاه مدينة بوكروفسك.

ويعتبر هذا التوغل الأوكراني في كورسك الروسية هو الضربة الرابعة الكبرى لبوتين منذ بدء غزوه لأوكرانيا في فبراير 2022.

فقد فشل بوتين في الإطاحة بالحكومة الأوكرانية في بداية الغزو كما كان يأمل، وقاد زعيم مرتزقة فاغنر يفجيني بريغوزين تمردا ضد القيادة العسكرية الروسية النظامية، وضرب المتطرفون قاعة حفلات موسيقية شهيرة في العاصمة موسكو.

وفي كل هذه المرات، كان بوتين ينتظر 24 ساعة على الأقل قبل أن يظهر علنا ويقدم أي تعليق.

وخلال اجتماع متلفز لمسؤولي الأمن الاثنين الماضي بعد ستة أيام من الهجوم الأوكراني، "بدا بوتن أكثر اضطرابا من المعتاد وهو يقرأ ملاحظات من دفتر ملاحظات سميك مكتوب بخط اليد باللون الأسود، كما قاطع بغضب حاكم كورسك بالإنابة أندريه سميرنوف عندما تجرأ على الكشف علنا عن حجم التوغل الأوكراني، وأن 28 قرية تم الاستيلاء عليها وما لا يقل عن ألفي روسي مفقود في الأراضي التي احتلتها أوكرانيا".

أمر بوتين حينها المسؤولين بطرد القوات الأوكرانية، ثم عاد إلى اجتماعاته المعدة مسبقا واستقبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الأيام التي تلت ذلك، دون الإشارة علنا إلى الأزمة.

في يوم الجمعة، عقد بوتين اجتماعا عاديا مع مجلس الأمن التابع له "للحديث عن حلول تقنية جديدة" للحرب في أوكرانيا، قبل أن يصل إلى العاصمة الأذربيجانية باكو الأحد في زيارة دولة، وكأن كل شيء على ما يرام في الوطن.

واعتبر الخبير الأمني الروسي في معهد الخدمات المتحدة الملكي في لندن مارك جاليوتي أن بوتين ظهر في شكله الكلاسيكي "مختبئا من الأزمة".

وقال جاليوتي: "بوتسن يتوقع من الآخرين القيام بكل العمل الشاق، وسيزعم أنه يستحق الفضل في أي شيء يسير على ما يرام، وعلى نحو مماثل، سيلوم الآخرين على أي شيء يسير على نحو سيئ".

وبعد نحو أسبوع من تكليف بوتين للجيش بطرد القوات الأوكرانية، أصبح من الواضح أن الهجوم الذي نظر إليه الكرملين في البداية على أنه بمثابة إزعاج أو استفزاز قصير الأجل، من المرجح أن القوات الروسية ستستغرق أسابيع وربما شهورا لمعالجته.

في الأيام الأخيرة، أعلن الجيش الأوكراني تعزيز مواقعه في المنطقة الروسية محققا تقدما تدريجيا "وفق ما خططنا له بالضبط"، بحسب تعبير الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي.

وقال زيلنسكي مساء الأحد إن أوكرانيا تريد "إنشاء منطقة عازلة على أراضي المعتدي".

وفي منشور على منصة أكس الجمعة، قال ميخائيل خودوركوفسكي، وهو قطب أعمال روسي منفي وشخصية معارضة سجنها بوتين 10 سنوات، "لقد كشف هجوم كورسك في الأسبوعين الماضيين عن الطبيعة الحقيقية لنظام بوتين، نظام مبني على الأكاذيب واللامبالاة والحفاظ على الذات على حساب أرواح مواطنيه وسلامتهم".

من جهتها جدّدت موسكو الأحد التأكيد على "صد" هجمات أوكرانية بفضل تعزيزات أرسلت للمنطقة وتكبيد العدو خسائر فادحة.

وتشدّد السلطات الأوكرانية على أن الهدف من الهجوم ليس "احتلال" جزء من الأراضي الروسية، بل الضغط على الجيش الروسي ودفع موسكو للانخراط في مفاوضات "عادلة"، في وقت تحتل روسيا حوالي 20 بالمئة من أوكرانيا.

ودفعت المعارك عشرات آلاف الأشخاص إلى النزوح من مناطق على جانبي الحدود وأسفرت عن عشرة قتلى على الأقل، وفق السلطات الروسية.

وتتعرض أوكرانيا لضغوط متزايدة للتفاوض على صفقة قد تتنازل فيها عن الأرض مقابل السلام، بعد الهجوم المضاد الفاشل في الصيف الماضي، والشكوك حول تسليم الأسلحة الغربية في المستقبل، والمخاوف من أنه إذا أصبح دونالد ترامب رئيسا، فسوف يفرض اتفاق سلام لصالح روسيا.

كان رد بوتين على أزمة كورسك استبعاد أي تسوية جديدة، وظهر في الاجتماع الاثنين الماضي لرفض احتمال إجراء محادثات سلام مع أوكرانيا.

لكن يبدو أن الروس المؤيدين للحرب في أوكرانيا تنخفض أعدادهم بنسبة كبيرة في الفترة الأخيرة.

ويشير استطلاع رأي أجراه مركز ليفادا، وهي وكالة استطلاع رأي مستقلة، في يوليو إلى أنه حتى مع إعلان وسائل الإعلام الروسية عن المكاسب الروسية في شرق أوكرانيا في ذلك الوقت، فإن 58 في المئة من الروس يؤيدون إنهاء الحرب، مقارنة بـ34٪ فقط يريدون الاستمرار في القتال.

انخفض عدد المؤيدين لمواصلة القتال بنسبة تسع نقاط مئوية بين يونيو ويوليو، من 43 إلى 34 في المئة، بحسب المركز.

وفي أمر نادر، أبدى بعض المعلقين المؤيدين للكرملين في وسائل الإعلام الحكومية في الأيام الأخيرة استياءهم من الدعاية التي يبثها المسؤولون التي تزعم تفوق روسيا على أوكرانيا، في ضوء التوغل المروع في كورسك.

اسم العراق في القاعة الرئيسية لمجلس حقوق الإنسان - جنيف/سويسرا
اسم العراق في القاعة الرئيسية لمجلس حقوق الإنسان - جنيف/سويسرا

يهدد خلو مفوضية حقوق الإنسان في العراق من مجلس مفوضين تصنيفها الدولي لدى التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI)، الذي سيجتمع افي أكتوبر المقبل، وقد يذهب باتجاه إدراجها في التصنيف الثاني (B).

تتمتع المفوضية حالياً بتصنيف (A)، وهو أعلى تصنيف في المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، لكنها قد تتراجع في التصنيف لأسباب عدة، منها عدم وجود مجلس مفوضين، وخضوعها لإدارة مسؤول حكومي، وعدم تقديمها التقارير التعاهدية والتقارير الخاصة بالاستعراض الدوري الشامل، وأسباب أخرى تتعلق بتعرضها لتدخلات سياسية.

يرى أنس العزاوي، وهو عضو مجلس المفوضين المنتهية ولايته، وجود ضرورة تحتم على القوى السياسية التعجيل بالاتفاق على اختيار مرشحيها للمفوضية، وحسب نسب كل مكون، مع مراعاة التخصص والخبرة، على حد قوله.

ويضيف لموقع "الحرة": "منذ الثالث من أغسطس 2021 تعيش المؤسسة الوطنية في فراغ قانوني، عززه تخبط حكومي خلال حكومتي مصطفى الكاظمي ومحمد السوداني".

في عام 2021، أنهى مجلس النواب العراقي ولاية الدورة الثانية للمفوضية العليا لحقوق الإنسان بعد انتهاء مدتها، ومنذ ذلك الحين، توقفت نشاطاتها الأساسية لخلوها من مجلس مفوضين.

ومنذ نحو ثلاث سنوات، لم ينجح مجلس النواب العراقي في تشكيل مجلس مفوضين جديد، رغم الترشيحات التي قدمت. 

شكلت المفوضية عام 2012 وفقا لقانون (53 لسنة 2008 المعدل)، بعد حل وزارة حقوق الإنسان بشكل رسمي خلال الحكومة الثانية لنوري المالكي (2006-2014).

جاء تشكيل المفوضية وفقا للمادة (102) من الدستور العراقي النافذ لسنة 2005، والتي تنص على تشكيل هيئة وطنية مستقلة تعنى بحقوق الإنسان تحت اسم (المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق).

وتوافق تشكيل المفوضية أيضا مع مبادئ باريس لحقوق الإنسان، وهي مجموعة معايير دولية تنظم وتوجه أعمال المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. صيغت هذه المبادئ في حلقة عمل دولية بشأن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، عُقدت في باريس سنة 1991، ثم اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1993.

وعن أسباب تأخر اختيار مجلس مفوضين، يقول عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، سجاد سالم لموقع "الحرة": "لا يوجد توافق سياسي على المرشحين. هناك من يريد معاقبة المفوضية نتيجة لموقفها في احتجاجات تشرين 2019".

رصدت المفوضية الانتهاكات التي ارتكبت ضد المشاركين في احتجاجات تشرين، وأصدرت تقارير وبيانات عن أعداد الضحايا، وقدمت شهادات بشأن العنف الحكومي الذي أسفر عن سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى خلال الاحتجاجات التي اجتاحت بغداد ومدن عديدة أخرى في جنوب العراق.

في 13 سبتمبر 2023 كلف مجلس الوزراء وزير العدل العراقي، خالد شواني، بإدارة المفوضية، رغم أن المادة الثانية من قانون المفوضية تُلزم بارتباطها بمجلس النواب وليس الحكومة.

يقول الناشط في مجال حقوق الإنسان ميثم أحمد، أحد المرشحين لعضوية مجلس المفوضين، إن "تكليف الحكومة لوزير العدل فيه مخالفة صريحة، لأن الوزارة فيها انتهاكات عديدة، ومن الواجب أن تراقبها المفوضية".

ويضيف: "المفوضية حالياً تُدار بشكل روتيني، لا دور لها في التحقيقات ولا الرصد، ولا تُقدم التقارير، لأنها بلا مجلس مفوضين".

في عام 2019 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارا بالرقم (43/ اتحادية) أكدت فيه على استقلالية المفوضية ماليا وإداريا، وتخضع لرقابة مجلس النواب.

للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق حضور إقليمي ودولي كبير. فمنذ عام 2019 لديها كامل العضوية في الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وعددها (18) مؤسسة وطنية، ومنذ عام 2020 تمتلك عضوية كاملة في التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية وعددها (117) مؤسسة.

يتيح التصنيف الدولي (A) للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، التمتع بمركز مراقب كامل في مجلس حقوق الإنسان في جنيف أسوة بالدول المراقبة والمشاركة في دورات مجلس حقوق الإنسان الدولي كافة، وتقديم بيانات مكتوبة إلى مجلس حقوق الإنسان، وكذلك حضور المشاورات والتفاوض على مشاريع القرارات وعرض تقارير الإجراءات الخاصة في جلسات لجان حقوق الإنسان الدولية وتنظيم الأحداث داخل مبنى الأمم المتحدة في جنيف وشغل المواقع القيادية في المجلس وغير ذلك من الامتيازات الأخرى. 

يحذر عضو مجلس المفوضين المنتهية ولايته، فاضل الغراوي، من خطر تراجع تصنيف العراق في مستوى المؤسسات الوطنية، ويقول لموقع "الحرة": "تعاقب على إدارة المفوضية خلال العامين الماضيين خمسة رؤساء بالوكالة".

ويضيف: "في البداية أدارها مديرون عامون في مجلس النواب بالتوالي، ومن ثم رئيسا ديوان الرقابة المالية بالتوالي أيضا، والآن وزير العدل".

لعدم وجود مجلس مفوضين، فإن الآلية الرقابية المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان غير موجودة، ولا أحد يراقب مؤسسات الدولة ومدى التزامها بحقوق الإنسان، يقول الغراوي.

فعلياً، يقتصر عمل المفوضية حالياً على نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، ويخلو من المهام الرئيسية التي شكلت بموجبها، وهي المراقبة وتقديم التقارير واستقبال الشكاوى، فهذه مهام ربطها القانون بمجلس المفوضين حصراً.

وفي ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمبر 2023) دعا رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، مجلس النواب إلى إكمال اختيار أعضاء المفوضية العليا لحقوق الإنسان.

وصف السوداني المفوضية بـ"السند الدستوري والقانوني لمسيرة ترسيخ المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان".