صورة أرشيفية لعناصر من الشرطة النيجيرية
صورة أرشيفية لعناصر من الشرطة النيجيرية

ألقى هجوم منسوب لجماعة شيعية محظورة في نيجيريا، أدى إلى مقتل وإصابة عدد من عناصر الشرطة، الضوء على "الحركة الإسلامية"، التي تسعى إلى إقامة نمط حكم ديني مشابه للموجود في إيران، وفقا لخبراء ومحللين.

وقالت الشرطة النيجيرية، الأحد، إن هجومًا شنته "الحركة الإسلامية" بزعامة مؤسسها، إبراهيم زكزاكي، أسفر عن مقتل اثنين على الأقل من عناصرها، فيما عُثر على 3 آخرين فاقدين للوعي في العاصمة أبوجا.

وأكد يان صادر عن المتحدثة باسم الشرطة، جوزفين أديه، أن "هجومًا غير مبرر شنته الحركة الإسلامية المحظورة.. على بعض أفراد قوة شرطة نيجيريا".

وأضافت أديه أنه خلال الهجوم على نقطة تفتيش، تم إضرام "النيران في 3 مركبات دورية للشرطة". ونفذ المشتبه فيهم هجومهم باستخدام الآلات والسكاكين والأجهزة المتفجرة.

وبعد اعتقال العديد من الأشخاص، أدان مفوض شرطة أبوجا، بينيث سي إيغويه، "الهجوم غير المبرر"، وتعهد بتقديم الجناة إلى العدالة.

وكان الجيش النيجيري قد اتهم تلك الجماعة بالسعي لاغتيال رئيس أركان سابق للجيش، ورد على ذلك بقتل أكثر من 300 من أعضاء الجماعة عام 2015، حسب وكالة رويترز.

"علاقات وثيقة مع طهران"

ووفقا لتقرير نشرته "هيئة الإذاعة البريطانية" عام 2019، فإن تلك الحركة تأسست قبل حوالي 4 عقود، وتنادي بتأسيس "جمهورية إسلامية" في نيجيريا، وفقا للنموذج الإيراني.

وتزعم تلك الحركة أن لديها ملايين الأعضاء، في حين يعيش معظم المنتمين إلى الطائفة الشيعية في ولاية كادونا.

ولا تزال تلك الجماعة، حسب وكالة فرانس برس، تحافظ على علاقات وثيقة مع طهران، لافتة إلى أنها "كانت على خلاف دائم مع السلطات العلمانية" في نيجيريا، قبل حظرها عام 2019. 

وبقي المرشد الإيراني الراحل، روح الله الخميني، "مثلا أعلى للحركة"، حيث كان يقسم أفرادها على الولاء له أولا في اجتماعاتهم، ومن ثم لقائد الجماعة زكزاكي، الذي اعتقل في 2015.

وفي يوليو 2021، وبعد أكثر من 5 سنوات في السجن، أفرجت محكمة في كادونا، شمالي البلاد، عن زكزاكي وزوجته.

وللحركة فروع شديدة التنظيم، وكيانات إدارية في كل الولايات النيجيرية، البالغ عددها 36 ولاية. وتشكل هذه الفروع ما يشبه الهيكل الحكومي، وفقا لتقرير هيئة الإذاعة البريطانية، الذي نوه إلى أن عددا كبيرا من أعضاء الحركة "على درجة كبيرة من التعليم، ويشغلون وظائف مهمة في الجيش والشرطة والمخابرات".

وحسب  ما تذكر الحركة نفسها، فإن لديها "مؤسسة مسجلة لدى الحكومة تحمل اسم (فُدية)، والتي تدير أكثر من 360 مدرسة ابتدائية وثانوية".

وذكر تقرير نشرته إذاعة "مونتي كارلو"، أن زكزكي وأنصاره يرون أن "إقامة دولة إسلامية، هي الطريقة الوحيدة لتحقيق العدالة الاجتماعية للمسلمين"، ويطالبون بـ"حرية ممارسة دينهم وفق المذهب الشيعي في شمال نيجيريا، حيث تعيش الأغلبية التي تنتمي إلى الطائفة السنية".

وأضاف التقرير أن تلك الحركة "لا تعترف بدستور نيجيريا، الذي تعتبر أنه لا يحمي بشكل كاف الحقوق الأساسية، خصوصا حق التظاهر".

وكان الرئيس النيجيري السابق، محمدو بخاري، قد أعلن أن حظر الحركة جاء نتيجة "سيطرة المتشددين عليها، ممن لا يؤمنون بالتظاهر السلمي بل يميلون للعنف" لتحقيق أهدافهم، حسب البيان الذي صدر عن مكتب الرئاسة وقتها.

وجاء قرار الحظر عام 2019، عقب أسابيع من الاحتجاجات التي نظمها أفراد الحركة للمطالبة بالإفراج عن زكزاكي، والمطالبة بـ"تحقيق العدالة" بحق مئات الأعضاء الذين قتلتهم قوات الأمن.

"تهريب الأسلحة"

من جانبه، رأى "معهد دراسة الحرب" في الولايات المتحدة، أن إيران وحزب الله اللبناني، المصنف منظمة إرهابية في أميركا، نشطين منذ عام 2010 على الأقل في نيجيريا.

وأشار تقرير المعهد إلى أن العديد من أفراد الجالية اللبنانية في نيجيريا "نجحوا، وعبر عقود من استخدام القوة الناعمة، في نشر ثقافة التشيع في البلاد، حيث استطاع حزب الله استغلال الكثير منهم في أنشطة غير مشروعة".

وألقى المسؤولون النيجيريون القبض على عناصر مشتبه بهم من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وعناصر حزب الله، وهم يهربون الأسلحة إلى نيجيريا في عامي 2010 و2013.

كما تسيطر إيران، حسب معهد دراسة الحرب، على محطتي راديو وتلفزيون ناطقتين بلغة الهاوسا، حيث جرى استخدامهما "لإدارة عمليات إعلامية تدعم مصالح طهران في نيجيريا".

وفي هذا الصدد، أوضح الباحث الخبير في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، لموقع "الحرة"، أن "الحركة الإسلامية في نيجيريا أصبحت تستقطب عددا كبيرا من الأنصار والمؤيدين، وعلى أثر ذلك استطاعت أن توسع من قاعدتها الجماهيرية في شمال البلاد بشكل ملحوظ".

وتابع: "نجم عن ذلك، بشكل أو بآخر، ظهور تهديدات حقيقية للحكومة وللنظام السياسي بشكل عام، باعتبار أن تلك الحركة التي جرى حظرها كانت تدعو بطريقة أو بأخرى إلى إقامة (ثورة إسلامية) على نفس المنحى الإيراني، مما يشكل تهديدا لكافة مؤسسات الدولة والأحزاب التي تؤمن بالتعددية".

وشدد على أن ما يزيد من خطورة الأمر، هو أن "الحركة الإسلامية تنشط في نفس المناطق التي تنشط فيها جماعة (بوكو حرام) المتطرفة، مما يزيد من التحديات الأمنية، لذلك فضلت الحكومة حظرها بشكل قاطع، رغم أن تلك الجماعة تنفي دعوتها إلى ممارسة العنف".

وشدد تورشين على أن الحكومة النيجيرية ترى في أن منح أي شرعية لتلك الحركة "سيسهم في تعقيد المشهد السياسي، وبالتالي دخول البلاد في حالة انفلات أمني، خاصة أن حالات احتكاك عنيف بين أنصار الحركة وقوى الأمن، حدثت في السابق".

"قرار موفق"

ولدى سؤاله عما إذا كانت طهران تسعى إلى زعزعة أمن دول أفريقية، من خلال دعم بعض الجماعات هناك، أجاب تورشين: "لا شك في أن إيران دولة إقليمية كبيرة، وتحاول (تصدير الثورة) إلى أقطار إسلامية أخرى".

وأردف: "إيران تسعى إلى نشر التشيع باعتباره عنصرا مهما جدا في السياسية الخارجية الإيرانية، حيث إنها تلجأ إلى دعم الحركات التي تتبنى فكرها، مما يفتح أمامها بابا واسعا لممارسة تأثير سياسي كبير في الدول المستهدفة".

وزاد: "باعتبار أننا نتحدث عن نيجيريا، فهي تعد أكبر الدول الأفريقية من حيث السكان، ومن أقوى الاقتصاديات في القارة السمراء باعتبارها أكبر دولة مصدرة للنفط في القارة، ناهيك عن أهميتها الاستراتيجية وتأثيرها المتبادل والمتداخل مع عدة دول، مثل الكاميرون ومالي والنيجر".

ووصل إلى أن "تزايد التأثير الإيراني في نيجيريا سيمنح لطهران آفاقا كبرى في أن تكون حاضرة ومؤثرة في العديد من البلدان الأفريقية".

ونبه تورشين إلى أن "الكثير من الدول الأفريقية تتنبى النظام العلماني، وليس لديها مشكلة في قبول الآخر"، مضيفا: "لكن وجود جماعات وحركات دينية ذات صبغة سياسية، يشكل تهديدا حقيقيا لمنظومتها السياسة ولكيانات تلك الدول بشكل عام".

من جانبه، اعتبر الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية والمتطرفة، ماهر فرغلي، في حديثه إلى موقع "الحرة"، أن "إيران اعتمدت بعد ثورة الخميني سياسة نشر المذهب في العديد من الدول، مثل شمال أفريقيا ونيجيريا، من أجل التمدد".

ولفت إلى أن "طهران نجحت في فتح العديد من المصالح والمراكز الثقافية والدينية وإقامة مشاريع استثمارية، خاصة في نيجيريا، حيث أصبح الشيعة يشكلون نحو 15 بالمئة من المسلمين، بعد أن كانوا أقلية صغيرة قبل بضعة عقود".

وأردف: "نيجيريا دولة كبرى وعدد سكانها أكثر من 180 مليون نسمة، وهي بالأساس تعاني من وطأة جماعات إرهابية محسوبة على تيارات سنية متطرفة، مثل بوكو حرام والقاعدة وداعش، وبالتالي فإن السماح لتلك الحركة بالعمل سيزيد من أعمال التطرف والعنف الطائفي".

واعتبر فرغلي أن "قرار الحكومة النيجيرية حظر تلك الحركة، موفق، للتصدي لمزيد من الجماعات الإرهابية، خاصة أن الحركات المؤيدة لإيران مستعدة في أي وقت لرفع السلاح، وهذا أمر نراه في العراق ولبنان ودول أخرى". 

يشار إلى أن موقع "الحرة" حاول التواصل مع محللين إيرانيين للتعليق على الموضوع، لكنهم اعتذروا عن إبداء الرأي.

لسنوات تراقب اليونيفيل وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل
لسنوات تراقب اليونيفيل وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل

 تحت وطأة التوتر المتصاعد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، تجد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) نفسها في مواجهة تحديات وأخطار غير مسبوقة وسط النزاع المتجدد بين إسرائيل وحزب الله.

وإثر جولة ميدانية خاصة مع الوحدة الإسبانية التابعة لليونيفيل، يكشف تقرير لـ"واشنطن بوست" عن تحول في مهمة هذه القوات من مراقبة هادئة لوقف إطلاق النار إلى دور أكثر خطورة كحاجز بين قوتين متحاربتين.

يقول المقدم الإسباني خوسيه إيريساري، واصفا الواقع الجديد الذي يواجهه أفراد اليونيفيل، "هناك لحظات يكون فيها الوضع هادئا. ثم فجأة: يومان من القتال المستمر"، بعد أن تحولت المنطقة الحدودية، منذ أكتوبر الماضي،  إلى ساحة قتال شبه يومية تهدد بتحويل الاشتباك المحدود إلى حرب شاملة.

"الدور غير المريح"

ولسنوات، راقبت  اليونيفيل وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل الذي استمر بشكل أو بآخر منذ عام 2006. لكن منذ بداية الحرب في غزة، أكتوبر الماضي، يعمل حفظة السلام على تخفيف حدة النزاع من خلال نقل الرسائل بين الجيش الإسرائيلي والجماعة اللبنانية المسلحة.

ومع فرار المدنيين بأعداد كبيرة على جانبي الحدود، تغير موقف اليونيفيل من مراقبة الانتهاكات على الحدود إلى دوريات على جبهة قتال، وهو دور غير مريح شبهه إيريساري بكونه حاجزا. قال: "نحن لا نتصرف ضد أي شخص. لكن لو لم تكن اليونيفيل هنا، أنا متأكد جدا أن الوضع سيتصاعد".

وتأسست قوات اليونيفيل عام 1978 لمراقبة انسحاب إسرائيل من لبنان. واليوم، في ظل النزاع الحالي، تسعى جاهدة لتخفيف حدة التوترات من خلال لعب دور الوسيط بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي.

وحتى أكتوبر الماضي، كانت هناك آلية وساطة أكثر رسمية تجمع مسؤولين عسكريين من الطرفين في غرفة واحدة تحت إشراف اليونيفيل، لكن هذه الآلية تم تعليقها منذ ذلك الحين. وعلى الرغم من أن حزب الله لم يكن طرفا مباشرا في هذه المحادثات، إلا أن مصالحه كانت تُمثَّل ضمنيا من خلال الجيش اللبناني، وفقا للصحيفة الأميركية.

"خاصة في الجنوب".. مساعدات أممية لتلبية "الاحتياجات العاجلة" بلبنان
أعلن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في لبنان، عمران ريزا، الجمعة، عن تخصيص حزمة مساعدات طارئة بقيمة 24 مليون دولار من الصندوق الإنساني للبنان لدعم الفئات الأكثر ضعفا، وتلبية الاحتياجات العاجلة للمتضررين من القصف الإسرائيلي المستمر في الجنوب.

ومع تصاعد التوترات، يقرّ مسؤولو اليونيفيل بقدراتهم المحدودة في حال اندلاع حرب شاملة، إذ يقتصر دورهم على محاولات منع التصعيد، دون امتلاك القدرة الفعلية على وقف الحرب إذا اندلعت بشكل كامل.

في هذا الجانب، يؤكد، ثاناسيس كامبانيس، مدير مركز "القرن الدولي"، أن قوات اليونيفيل صُممت في الأساس لتكون "نموذجا لإدارة النزاع وتجنب التصعيدات غير المقصودة"، وليس لحل الصراعات الجذرية أو مواجهة التصعيدات المتعمدة الناتجة عن انعدام الثقة وسوء التقدير.

ووصلت مخاوف اتساع نطاق النزاع إلى ذروتها هذا الصيف، إثر اغيتال إسرائيل في أواخر يوليو الماضي، لقيادي بارز في حزب الله في ضواحي بيروت. وبعد أقل من شهر، تحديدا في 25 أغسطس الماضي، شهدت المنطقة أعنف تبادل للنيران بين الطرفين.

وفي خضم هذا التصعيد، وجدت قوات اليونيفيل نفسها في قلب الأزمة. يروي النقيب ألفونسو ألبار، عضو الوحدة الإسبانية، كيف تم رفع مستوى التأهب إلى أعلى درجاته (المستوى 3)، مما استدعى لجوء القوات إلى الملاجئ تحت الأرض.

يقول ألبار: "قضينا خمس ساعات في الملجأ، نسمع باستمرار أصوات نظام القبة الحديدية الإسرائيلي المضاد للصواريخ".

ترقب وخوف من "حرب أوسع".. "شعور بالعجز" يطغى على اللبنانيين
لا تزال المخاوف بشأن اندلاع حرب شاملة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي تسيطر على الكثير من اللبنانيين مع تواصل التصعيد المستمر بين الطرفين منذ الثامن من أكتوبر الماضي، وفقا لتقرير خاص نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

"انتهاكات هائلة"

ومنذ انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000، شهدت المنطقة الحدودية تحولا في طبيعة الانتهاكات. قبل أكتوبر 2023، كانت هذه الأحداث تقتصر غالبا على حوادث بسيطة، كعبور المزارعين بحيواناتهم للحدود، إضافة إلى بعض الاشتباكات المتفرقة بين حزب الله وإسرائيل.

أما اليوم، فقد تصاعد الوضع بشكل خطير، حيث يشهد الخط الأزرق تبادلا يوميا لعشرات القذائف بين الطرفين.

وتصف كانديس أرديل، المتحدثة باسم اليونيفيل، الوضع الراهن قائلة إن "كمية الانتهاكات هائلة"، غير أنها تضيف أنه بالرغم من القصف، لا يزال حفظة السلام "ينسقون بين الجيشين الإسرائيلي واللبناني لتسهيل المهام اليومية في المنطقة الحدودية، مثل مكافحة الحرائق أو إصلاح المرافق، لحماية العمال الذين يقومون بعملهم فقط".

وتقع قاعدة  الوحدة الإسبانية التابعة لليونيفيل على بعد مئات الأمتار فقط من الخط الأزرق، في نقطة التقاء حدود سوريا وإسرائيل ولبنان. وتضم  109 فردا، من بينهم 36 جنديا من السلفادور.

ومن أبراج المراقبة في موقعها الاستراتيجي، تشهد قوات اليونيفيل المشهد المتوتر بأكمله: الملاجئ العسكرية الإسرائيلية، مواقع إطلاق النار التابعة لحزب الله، ومرتفعات الجولان.

وعلى الرغم من التصعيد الحاد، ظلت قاعدة اليونيفيل بمنأى عن الاستهداف المباشر خلال النزاع الحالي.

ومع ذلك، لم تخلُ المهمة من الخسائر البشرية، فقد قُتل متعاقد مع اليونيفيل هذا الشهر إثر ضربة استهدفت سيارته، كما أصيب حلاق يعمل مع الوحدة الإسبانية بنيران قناص إسرائيلي أثناء توجهه لعمله، وفقا للصحيفة.