عناصر من تنظيم القاعدة بأفغانستان في عام 2011- صورة أرشيفية.
عناصر من تنظيم القاعدة بأفغانستان في عام 2011- صورة أرشيفية.

برعاية حركة طالبان يواصل تنظيم القاعدة "التوسع" داخل أفغانستان، ما دفع مختصين تحدث معهم موقع "الحرة" لدق ناقوس الخطر بشأن عودة التنظيم المصنف على قوائم الإرهاب في الولايات المتحدة ودول أخرى للواجهة مرة أخرى، كما تحدثوا عن إمكانية "وقوع هجمات إرهابية" في عدة دول على مستوى العالم.

وفي عام 2024، أنشأ تنظيم القاعدة 9 معسكرات تدريب جديدة في أفغانستان، وفقا لما نقلته مجلة "فورين بولسي"، عن المتحدث باسم جبهة المقاومة الأفغانية، علي ميسم نزاري، الذي يزور واشنطن هذا الأسبوع.

وقال نزاري الذي يمثل جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية المتمركزة في وادي بنجشير بشمال كابل، إن "القاعدة" أنشأت مراكز تجنيد وتدريب وقامت ببناء قواعد ومستودعات ذخيرة في قلب وادي بنجشير، بسماح من حركة طالبان.

علاقة "وطيدة" بين طالبان والقاعدة

في 15 أغسطس 2021، سيطر مقاتلو طالبان على العاصمة الأفغانية كابل بعد انهيار الحكومة المدعومة من واشنطن وفرار قادتها إلى المنفى، وذلك بعد خوض الحركة تمردا مسلحا استمر 20 عاما.

ويشير الباحث في شؤون الحركات المتطرفة، منير أديب، إلى أن حركة طالبان لم تتخلى عن "تنظيم القاعدة" يوما واحدا وكانت ومازالت "داعم أساسي" للتنظيم منذ أكثر من 20 عاما.

ومنذ عودتها للسلطة مرة أخرى، "تسهل طالبان توسع تنظيم القاعدة بالأراضي الأفغانية، وتوفر "غطاء" للتنظيم، وتدافع عنه داخل أفغانستان، وبذلك استطاعت القاعدة تدشين معسكرات جديدة داخل البلاد، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويتحدث عن "علاقة حميمية" بين طالبان والقاعدة، و"تنامي" لوجود التنظيم على الأراضي الأفغانية، في ظل "حالة من التسامح وتسهيل تحرك عناصر وقادة التنظيم".

وتعتقد "الأمم المتحدة" أن تنظيم القاعدة لديه معسكرات تدريب في 10 مقاطعات على الأقل من مقاطعات أفغانستان البالغ عددها 34 مقاطعة، رغم نفي طالبان العلني وجود التنظيم في البلاد.

ما علاقة "إيران وحرب غزة"؟

اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى، إثر هجوم الحركة "غير المسبوق" على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف على قطاع غزة أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 40 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

ويرصد الباحث في شؤون الإرهاب بمنتدى الشرق الأوسط في لندن، أحمد عطا، "توسع" تنظيم القاعدة في أفغانستان بعد الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.

ووجهت قيادات القاعدة دعوة لعناصر التنظيم في ارتكازات جغرافية مختلفة من أجل "الانتقال إلى أفغانستان"، وكانت عملية الانتقال بدعم من إيران بهدف صناعة "قوة عسكرية راديكالية" على الأراضي الأفغانية، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويؤكد عطا أنه رغم "اختلاف الأيدولوجية بين إيران الشيعية وتنظيم القاعدة السني لكن هناك وطيدة بينهما".

ويكشف عن انتقال أكثر من 2500 عنصر من تنظيم القاعدة إلى أفغانستان "على 3 مراحل"، بتنسيق "سري" من الحرس الثوري الإيراني.

وتم نقل عناصر من القاعدة من سوريا والعراق ومن دول أفريقية ومن شرق آسيا إلى أفغانستان، وفق الباحث في شؤون الإرهاب بمنتدى الشرق الأوسط في لندن.

ويرى عطا أن الهدف من دعم طهران لعناصر القاعدة هو "صناعة جيش موازي"، على الأراضي الأفغانية بالقرب من الحدود الإيرانية في حالة تعرض إيران لهجمات عسكرية من إسرائيل أو من الغرب.

تحذير من "عمليات إرهابية مرتقبة"

دعا زعيم تنظيم القاعدة، سيف العدل، صراحة المقاتلين الأجانب إلى الهجرة إلى أفغانستان والاستعداد لمهاجمة الغرب، وفق ما نشره موقع "longwarjournal".

وسيف العدل، ضابط سابق في القوات الخاصة المصرية وشخصية بارزة في الحرس القديم للقاعدة، وكان يقيم في إيران منذ 2002 أو 2003، حسبما أشار تقرير للأمم المتحدة، وأكدته "الخارجية الأميركية".

وفي عام 2023، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن "تقييمنا يتوافق مع تقييم الأمم المتحدة، أن الزعيم الفعلي الجديد للقاعدة، سيف العدل، موجود في إيران".

ووقتها نفت طهران على لسان وزير خارجيتها الراحل، حسين أمير عبد اللهيان، وجود "أي ارتباط مع تنظيم القاعدة أو وجود سيف العدل على أراضيها".

وقال في منشور عبر حسابه بمنصة أكس: "أنصح مسؤولي البيت الأبيض بوقف لعبة رهاب إيران الفاشلة.. نشر أخبار عن زعيم القاعدة وربطه بإيران أمر مضحك".

وساعد سيف العدل في بناء القدرة العملانية للتنظيم ودرب بعض الخاطفين الذين شاركوا في هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، وفق المنظمة الأميركية "مشروع مكافحة التطرف".

ويتوقع عطا أن يكون هناك "تدوير لعمليات إرهابية تستهدف مصالح الغرب وإسرائيل في منطقة الخليج، بالإضافة لاستهداف السفن في الممرات المائية الحيوية بعدما تم تدريب عناصر القاعدة لأول مرة في أفغانستان على زراعة ألغام بحرية".

وقد يشهد الشتاء المقبل أعنف موجة من العمليات الإرهابية التي سيقوم بها تنظيم القاعدة في عدة دول، وفق توقعات الباحث في شؤون الإرهاب بمنتدى الشرق الأوسط في لندن.

وفي سياق متصل، يؤكد أديب أن أفغانستان عادت لما كانت عليه قبل عام 1997، وستكون أراضيها منطلقا لتنفيذ عمليات إرهابية لـ"تنظيم القاعدة" في جميع دول العالم وليس في آسيا فقط.

وتنظيم القاعدة سيعود لتصدر المشهد من جديد وقد ينفذ عمليات إرهابية جديدة، في ظل "توسعه" بالفترة الأخيرة، وفق توقعات الباحث في شؤون الحركات المتطرفة.

العراق وسوريا

لا تزال العلاقة الرسمية بين العراق وسوريا موضع حذر منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي. ويبدو الملف السوري محاطا بالإرباك، خصوصا على الجانب العراقي، ويدل على هذا الإرباك التعاطي الإعلامي مع أي تواصل رسمي بين البلدين، وكأن الطرفين في علاقة "محرّمة"، يحاول الإعلام الرسمي العراقي دائما مداراتها وإخفائها عن العيون ووسائل الإعلام.

حدث ذلك حينما زار حميد الشطري، رئيس جهاز الاستخبارات العراقية، سوريا في نهاية العام الماضي والتقى الشرع، ولم يُعلن عن الخبر في وسائل الإعلام العراقية الرسمية، ولم يكشف عن اللقاء إلا بعد ان تناولته وسائل الإعلام السورية. 

ومثل هذا الأمر حدث قبل أيام في لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني برعاية قطرية في الدوحة، واُخفي الخبر عن الإعلام ليومين قبل ان تظهر صور الرجلين في حضور أمير قطر.

ردّة الفعل في الشارع العراقي على اللقاء تفسّر إخفاء الخبر قبل الإفصاح عنه. فقد انقسم العراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي حول المسألة، وهاجم كثيرون السوداني على قبوله الجلوس مع من يعتبرونه "متورطاً في الدم العراقي"، و"مطلوبا للقضاء العراقي".

الباحث القانوني العراقي علي التميمي يشرح الإطار القانوني الدولي المتعلق برؤساء الجمهوريات، في حال صحّت الأخبار عن أحكام قضائية ضد الشرع في العراق.

ويرى التميمي أن رؤساء الدول يتمتعون بـ"حصانة مطلقة تجاه القوانين الجنائية للدول الأخرى". ويشرح لموقع "الحرة" أن هذه الحصانة "ليست شخصية للرؤساء، بل هي امتياز للدول التي يمثلونها"، وهي تمنع إلقاء القبض عليهم عند دخولهم أراضي الدول الأخرى". 

ويشير التميمي إلى أن هناك استثناء واحداً لهذه القواعد، يكون في حال "كان الرئيس مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية وكانت الدولة المضيفة موقعة على اتفاقية روما ١٩٩٨ الخاصة بهذه المحكمة"، هنا، يتابع التميمي، تكون الدولة "ملزمة بتسليم هذا الرئيس الى المحكمة وفقاً لنظام روما الأساسي".

لكن هل حقا أحمد الشرع مطلوب للقضاء العراقي؟

ويشير الباحث العراقي عقيل عباس إلى "عدم وجود أي ملف قضائي ضد الشرع في المحاكم العراقية". 

ويستغرب كيف أن العراق الرسمي "لم يصدر بعد أي بيان رسمي يشرح ملابسات قضية الشرع وما يحكى عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، والجهات الرسمية لديها السجلات والحقائق، لكنها تركت الأمر للفصائل المسلحة وجمهورها وللتهويل والتجييش وصناعة بعبع (وحش مخيف) طائفي جديد، وكأن العراق لم يعان ما عاناه من الطائفية والتحريض الطائفي".

وكانت انتشرت وثيقة على وسائل التواصل الاجتماعي، تداولها عراقيون، عبارة عن مذكرة قبض بحق أحمد الشرع. وقد سارع مجلس القضاء الأعلى في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية في 26 من فبراير الماضي، إلى نفي صحة الوثيقة ووصفها بأنها "مزورة وغير صحيحة".

عباس مقتنع أن الغضب الشعبي من لقاء السوداني والشرع "وراءه أسباب سياسية مبرمجة، وليس تلقائياً، وجرى تحشيد الجمهور الشيعي لأسباب كثيرة، تصب كلها في مصالح إيران، غير السعيدة بسقوط بشار الأسد وحلول الشرع مكانه".

وبحسب عباس، منذ سقوط الأسد، "بدأت حملة في العراق لصناعة "بعبع" من الجولاني (أحمد الشرع)". يشرح: "يريد هؤلاء أن يقولوا ان تنظيم القاعدة يحكم سوريا، وهذا غير صحيح".

ويقول عباس لموقع "الحرة"، إن لدى الناس اسباباً موضوعية كثيرة للقلق من الشرع، خصوصاً خلفيته الجهادية المتطرفة ووضعه على لوائح الإرهاب، والشرع يقول إنه تجاوز هذا الأمر، "لكننا نحتاج ان ننتظر ونرى"، بحسب تعبيره.

ما قام به السوداني "خطوة ذكية وحكيمة سياسياً وتشير إلى اختلاف جدي بينه وبين بقية الفرقاء الشيعة في الإطار التنسيقي"، يقول عباس.

ويضيف: "هناك اعتبارات براغماتية واقعية تحكم سلوك السوداني، فهو كرئيس وزراء عليه أن يتعاطى مع سوريا كجار لا يجب استعداءه".

ويضيء الباحث القانوني علي التميمي على صلاحيات رئيس الحكومة في الدستور العراقي، فهو "ممثل الشعب داخلياً وخارجياً في السياسة العامة وإدارة شؤون البلاد بالطول والعرض"، وفق تعبيره، ورئيس الوزراء في العراق هو "بمثابة رئيس الجمهورية في الدول التي تأخذ بالنظام الرئاسي".

أما من الجانب السياسي، فإن السوداني، برأي عباس، "يخشى -وعن حق- ان تختطف حكومته المقبلة أو رئاسته للوزراء باسم حرب وهمية تديرها إيران والفصائل المسلحة وتشنّ في داخل سوريا تحت عنوان التحرير الذي نادى به المرشد الإيراني علي خامنئي قائلا إن شباب سوريا سيحررون بلدهم". وهذا يعني، بحسب عباس، ابتعاد السوداني عن التأثير الإيراني، و"أنا أتصور أن إيران غير سعيدة بهذا"، كما يقول.