غانا وتوغو وبنين وساحل العاج، دول في غرب أفريقيا، أصبحت وجهة لجماعات متطرفة تسعى لترسيخ وجودها فيها.
وبعد أن كانت هذه الجماعات تحصر وجودها في منطقة الساحل الأفريقي، أصبحت توسع نشاطاتها لتصل لغرب أفريقيا، على ما يؤكد الخبير في الجماعات المتطرفة المسلحة، أحمد سلطان، في حديثه لموقع "الحرة".
وأضاف أن هذه الجماعات توسع عملياتها في أفريقيا في مناطق جديدة ودول لم يكن فيها أي حضور لها، ولكنها نفذت فيها عمليات إرهابية.
وأوضح سلطان أن "دولة بنين من هذه الدول، والتي تعرضت لهجمات نفذها تنظيم داعش في فترات سابقة، كذلك الحال أيضا في دولة توغو، وهناك دول مستهدفة أيضا مثل ساحل العاج وغانا".
وأشار إلى أن "الرصد للهجمات التي تتعرض لها هذه الدول يكشف عن وجود وتوسع هذه الجماعات المتطرفة، والتي تنطلق أيضا من منطقة حوض تشاد والساحل الأفريقي".
الجماعات الجهادية التي تنتشر في هذه الدول
وحذر الخبير في الجماعات المسلحة من وجود "تنظيم وتنسيق واتصال بين هذه الجماعات في استراتيجيات العمل"، وتابع أن "تنظيم داعش في منطقة غرب أفريقيا، قام بدمج مكتب (الفرقان) وهو مكتب القيادة الإقليمية للتنظيم في غرب أفريقيا مع مكتب الساحل الأفريقي (الأنفال)، ليصبح أبو مصعب البرماوي 'أميرا' لمكتبي الفرقان والأنفال، ومن بعد ذلك بدأنا نشهد زيادة في الهجمات في دول تلك المنطقة".
وفي 27 يوليو الماضي، قامت مجموعة من المسلحين المجهولين الذين يشتبه بقوة في انتمائهم إلى جماعات جهادية، بقتل خمسة من حراس المتنزهات في شمال دولة بنين، وسبقه هجوم مماثل، في يونيو، أدى إلى مقتل سبعة أشخاص، فيما سجلت السلطات 171 هجوما في 2023 في الدولة الواقعة غرب أفريقيا ويبلغ عددها 14 مليون نسمة، حسب تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي.
ويبين تحليل المجلة أنه كثيرا ما ينظر العديد من المواطنين في هذه الدول إلى المجموعات المتطرفة على أنهم "أجانب على الرغم من حقيقة أنهم كانوا يعيشون في هذه البلدان منذ قرون".
وعلى سبيل المثال، يشير إلى أن بعض الأحياء غانا يسكنها أفراد من شمال البلاد يطلق عليهم "زونغو" والتي لها ترجمات مختلفة مثل "أحياء الغرباء" و"المستوطنات المؤقتة" مما يعني أنهم من السكان القادمين من أماكن أخرى على الرغم من استقرارهم في المنطقة منذ أجيال.
ويقدر الخبير سلطان، وجود "أكثر من 6 آلاف مقاتل لداعش في هذه المناطق في أفريقيا، ناهيك عن ضعف الجيوش في هذه الدول".
أما الجماعة الأخرى التي يرجح أنها تتوسع في نشاطاتها غير داعش، فهي "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التي تنشط في عملياتها في مالي، من دون استهداف العاصمة هناك، حيث تنقل عملياتها ما بين الجنوب والشمال"، أو من خلال عملياتها من "تابعتها جبهة تحرير ماسينا، التي تتمركز في بوركينا فاسو"، والتي لها حدود مباشرة مع "غانا وتوغو وبنين" بحسب سلطان.
ويضيف أنه تتواجد أيضا "جماعة أنصار الإسلام التي يقودها جعفر ديكو، التي تنشط في منطقة الساحل الأفريقي، وهي تتعامل مع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين".
ويؤكد أن هذه الجماعات غالبيتها إما مرتبطة بتنظيم القاعدة أو تنظيم داعش.
وفي الربع الأول من عام 2024، أعرب مسؤولون أمميون كبار في مجال مكافحة الإرهاب عن قلقهم إزاء التدهور الأمني في غرب أفريقيا بسبب ترسخ وجود تنظيم داعش وجماعات تابعة له.
ورغم التقدم المُحرز في مكافحة التهديد الذي يشكله داعش إلا أنه "لا يزال يمثل تهديدا جديا للسلم والأمن الدوليين"، ولا سيما في غرب أفريقيا والساحل، وهما المنطقتان "الأكثر تضررا من نشاطات داعش والجماعات التابعة له"، حسبما قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، لمجلس الأمن الدولي، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
وأشار إلى أن الوضع في هاتين المنطقتين تدهور خلال النصف الثاني من عام 2023 "وأصبح أكثر فأكثر تعقيدا، مع صراعات عرقية محلية وإقليمية".
أسباب توسع الجماعات
ويرى سلطان أن هذه الجماعات المتطرفة تسعى لتوسيع رقعة نفوذها لعدة أسباب، أبرزها من أجل "الحصول على الموارد المختلفة، والسيطرة على الطرق الحيوية لتحصيل ما تفرضه من رسوم مقابل المرور عبرها، أو حتى بتحصيل الزكاة وضريبة الحماية، على السكان أو أصحاب الأعمال في تلك المناطق، أو حتى الاستفادة من استخراج الموارد الطبيعية وبيعها للاستفادة من إيراداها لتمويل نشاطاتها".
وقال إن المنفعة التي تحققها هذه الجماعات لا تتوقف عند هذا الأمر، إذ يجري التنسيق أيضا مع الفاعلين في مجال الجريمة المنظمة، وتحصيل إيرادات منهم أيضا.
أما السبب الثاني، هو ضعف أجهزة الأمن والجيوش في تلك الدول، ناهيك عن انسحاب القوات الأجنبية من العديد من الأفريقية، والتي كانت تمارس دورا هاما في محاربة هذه الجماعات.
ويؤكد أن تواجد قوات فاغنر في بعض هذه الدول، لا يعني محاربتها للجماعات الإرهابية، فهي تعمل على حماية مصالح محددة، ولا علاقة لها بمحاربة الإرهاب.
والسبب الثالث، على حد تعبير سلطان، توفّر حاضنة بين المجتمعات لهذه المجموعات، خاصة بسبب سوء الأوضاع التي يعيشها الناس، أو بسبب الصراعات الإثنية التي لا نهاية لها.
وتوسُّع هذه الجماعات بهذه الطريقة يعني "أنها تكتسب القوة والتنظيم يوما بعد يوم، ولديها قدرات على بسط نفوذها في مناطق جديدة، ما يعني إما نقل عملياتها أو التوسع بها"، بحسب سلطان.
ويؤكد تحليل فورين بوليسي أنه على الرغم من التدخلات الكبيرة من قبل دول المنطقة فإن النهج الحالي "لمكافحة التطرف العنيف في غرب أفريقيا، لا يفي بالمتطلبات، وإذا استمر دون معالجة الأسباب الجذرية للتطرف.. سيستمر الوضع بالتدهور".
وحذر من الاستجابة الحكومية في دول المنطقة التي فشلت في محاربة التطرف وأدت إلى "صعود جماعات متطرفة في ساحل غرب أفريقيا" أحيانا.