بلينكن خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره البريطاني ديفيد لامي في لندن
بلينكن خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره البريطاني ديفيد لامي في لندن

أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، أن إيران زودت روسيا بصواريخ بالستية، وأن موسكو تستعد لاستخدامها في أوكرانيا خلال أسابيع، مشيرا الى أن واشنطن ستفرض عقوبات على طهران لتجاهلها التحذيرات الغربية بهذا الشأن.

وقال بلينكن خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره البريطاني، ديفيد لامي، في لندن "روسيا تلقت شحنات من هذه الصواريخ البالستية وستستخدمها على الأرجح في غضون أسابيع في أوكرانيا ضد الأوكرانيين".

وأضاف أن روسيا تنقل لإيران تقنيات تريدها بما في ذلك تقنيات نووية.

وأكد لامي أن البلدين متفقان على ضرورة التصدي لنفوذ إيران في الشرق الأوسط وأوكرانيا.

وقال لامي "(نحن) متفقان تماما على ضرورة التصدي لنشاط إيران الشرير في المنطقة وخارجها".

وأضاف "نرى نمطا مزعجا من الدعم الإيراني المتزايد... للكرملين، وبحثنا اليوم التزامنا المشترك بمحاسبة طهران على تقويضها للاستقرار العالمي".

وذكر لامي أنه وبلينكن سيتوجهان إلى كييف هذا الأسبوع في أول زيارة مشتركة من هذا النوع منذ ما يزيد على 10 سنوات.

وفي شأن آخر، أشار بلينكن إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية بحاجة إلى إدخال بعض التغييرات الجوهرية على طريقة عملها بالضفة الغربية، بعد مقتل ناشطة أميركية برصاص إسرائيلي قبل أيام.

وعلق وزير الخارجية الأميركي على هذه الحادثة قائلا "إنه أمر غير مقبول".

وتابع "تحقيقات الجيش الإسرائيلي تشير على ما يبدو إلى أن مقتل أميركية خلال احتجاج بالضفة الغربية كان "غير مبرر ولم يسبقه استفزاز".

ولفت إلى أنه "لا ينبغي أن يتعرض أحد لإطلاق النار والقتل لمجرد المشاركة في احتجاج".

وقال الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إن مقتل امرأة تحمل الجنسيتين الأميركية والتركية على أيدي قوات إسرائيلية خلال احتجاج في الضفة الغربية الأسبوع الماضي لم يكن متعمدا، وذلك عقب إجراء تحقيق في الواقعة.

وذكر الجيش أن إسرائيل أرسلت طلبا لإجراء تشريح لجثة، عائشة نور إزجي إيجي.

ويجري بلينكن، الثلاثاء، محادثات في لندن مع لامي، ورئيس الوزراء، كير ستارمر، بهدف إظهار العزم على مساعدة أوكرانيا وتقليص التباينات بين الجانبين حول غزة، وفقا لفرانس برس.

وتأتي زيارة بلينكن قبل أيام من زيارة من المقرر أن يجريها كير ستارمر، الجمعة المقبل، للبيت الأبيض.

وستكون هذه ثاني زيارة لستارمر إلى واشنطن منذ توليه السلطة، إثر الفوز الذي حققه حزب العمال بزعامته في انتخابات يوليو الماضي، والذي أنهى 14 عاما من حكم المحافظين.

ويبحث بلينكن، الثلاثاء، مع ستارمر ولامي سبل تعزيز الدعم لأوكرانيا التي تواصل هجومها داخل مناطق روسية فيما يستمر توغل القوات الروسية في شرق أوكرانيا.

وأعلن ستارمر مرارا أنه سيحافظ على سياسة سلفه المحافظ لجهة دعم أوكرانيا بحزم في مواجهة روسيا، علما أن لندن هي من أبرز داعمي كييف.

العراق وسوريا

لا تزال العلاقة الرسمية بين العراق وسوريا موضع حذر منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي. ويبدو الملف السوري محاطا بالإرباك، خصوصا على الجانب العراقي، ويدل على هذا الإرباك التعاطي الإعلامي مع أي تواصل رسمي بين البلدين، وكأن الطرفين في علاقة "محرّمة"، يحاول الإعلام الرسمي العراقي دائما مداراتها وإخفائها عن العيون ووسائل الإعلام.

حدث ذلك حينما زار حميد الشطري، رئيس جهاز الاستخبارات العراقية، سوريا في نهاية العام الماضي والتقى الشرع، ولم يُعلن عن الخبر في وسائل الإعلام العراقية الرسمية، ولم يكشف عن اللقاء إلا بعد ان تناولته وسائل الإعلام السورية. 

ومثل هذا الأمر حدث قبل أيام في لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني برعاية قطرية في الدوحة، واُخفي الخبر عن الإعلام ليومين قبل ان تظهر صور الرجلين في حضور أمير قطر.

ردّة الفعل في الشارع العراقي على اللقاء تفسّر إخفاء الخبر قبل الإفصاح عنه. فقد انقسم العراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي حول المسألة، وهاجم كثيرون السوداني على قبوله الجلوس مع من يعتبرونه "متورطاً في الدم العراقي"، و"مطلوبا للقضاء العراقي".

الباحث القانوني العراقي علي التميمي يشرح الإطار القانوني الدولي المتعلق برؤساء الجمهوريات، في حال صحّت الأخبار عن أحكام قضائية ضد الشرع في العراق.

ويرى التميمي أن رؤساء الدول يتمتعون بـ"حصانة مطلقة تجاه القوانين الجنائية للدول الأخرى". ويشرح لموقع "الحرة" أن هذه الحصانة "ليست شخصية للرؤساء، بل هي امتياز للدول التي يمثلونها"، وهي تمنع إلقاء القبض عليهم عند دخولهم أراضي الدول الأخرى". 

ويشير التميمي إلى أن هناك استثناء واحداً لهذه القواعد، يكون في حال "كان الرئيس مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية وكانت الدولة المضيفة موقعة على اتفاقية روما ١٩٩٨ الخاصة بهذه المحكمة"، هنا، يتابع التميمي، تكون الدولة "ملزمة بتسليم هذا الرئيس الى المحكمة وفقاً لنظام روما الأساسي".

لكن هل حقا أحمد الشرع مطلوب للقضاء العراقي؟

ويشير الباحث العراقي عقيل عباس إلى "عدم وجود أي ملف قضائي ضد الشرع في المحاكم العراقية". 

ويستغرب كيف أن العراق الرسمي "لم يصدر بعد أي بيان رسمي يشرح ملابسات قضية الشرع وما يحكى عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، والجهات الرسمية لديها السجلات والحقائق، لكنها تركت الأمر للفصائل المسلحة وجمهورها وللتهويل والتجييش وصناعة بعبع (وحش مخيف) طائفي جديد، وكأن العراق لم يعان ما عاناه من الطائفية والتحريض الطائفي".

وكانت انتشرت وثيقة على وسائل التواصل الاجتماعي، تداولها عراقيون، عبارة عن مذكرة قبض بحق أحمد الشرع. وقد سارع مجلس القضاء الأعلى في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية في 26 من فبراير الماضي، إلى نفي صحة الوثيقة ووصفها بأنها "مزورة وغير صحيحة".

عباس مقتنع أن الغضب الشعبي من لقاء السوداني والشرع "وراءه أسباب سياسية مبرمجة، وليس تلقائياً، وجرى تحشيد الجمهور الشيعي لأسباب كثيرة، تصب كلها في مصالح إيران، غير السعيدة بسقوط بشار الأسد وحلول الشرع مكانه".

وبحسب عباس، منذ سقوط الأسد، "بدأت حملة في العراق لصناعة "بعبع" من الجولاني (أحمد الشرع)". يشرح: "يريد هؤلاء أن يقولوا ان تنظيم القاعدة يحكم سوريا، وهذا غير صحيح".

ويقول عباس لموقع "الحرة"، إن لدى الناس اسباباً موضوعية كثيرة للقلق من الشرع، خصوصاً خلفيته الجهادية المتطرفة ووضعه على لوائح الإرهاب، والشرع يقول إنه تجاوز هذا الأمر، "لكننا نحتاج ان ننتظر ونرى"، بحسب تعبيره.

ما قام به السوداني "خطوة ذكية وحكيمة سياسياً وتشير إلى اختلاف جدي بينه وبين بقية الفرقاء الشيعة في الإطار التنسيقي"، يقول عباس.

ويضيف: "هناك اعتبارات براغماتية واقعية تحكم سلوك السوداني، فهو كرئيس وزراء عليه أن يتعاطى مع سوريا كجار لا يجب استعداءه".

ويضيء الباحث القانوني علي التميمي على صلاحيات رئيس الحكومة في الدستور العراقي، فهو "ممثل الشعب داخلياً وخارجياً في السياسة العامة وإدارة شؤون البلاد بالطول والعرض"، وفق تعبيره، ورئيس الوزراء في العراق هو "بمثابة رئيس الجمهورية في الدول التي تأخذ بالنظام الرئاسي".

أما من الجانب السياسي، فإن السوداني، برأي عباس، "يخشى -وعن حق- ان تختطف حكومته المقبلة أو رئاسته للوزراء باسم حرب وهمية تديرها إيران والفصائل المسلحة وتشنّ في داخل سوريا تحت عنوان التحرير الذي نادى به المرشد الإيراني علي خامنئي قائلا إن شباب سوريا سيحررون بلدهم". وهذا يعني، بحسب عباس، ابتعاد السوداني عن التأثير الإيراني، و"أنا أتصور أن إيران غير سعيدة بهذا"، كما يقول.