وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني في وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية (FCDO) في لندن في 10 سبتمبر 2024.
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني في وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية (FCDO) في لندن في 10 سبتمبر 2024.

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء إن على الجيش الإسرائيلي القيام بـ"تغيير أساسي" في كيفية تنفيذ عملياته، وذلك تعليقا على مقتل ناشطة أميركية-تركية بالرصاص خلال احتجاج ضد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة الأسبوع الماضي.

من جهته، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ مقتل الناشطة كان "حادثا عرضيا على ما يبدو".

وقال بايدن "على ما يبدو كان حادثا عرضيا، لقد ارتدّت (الرصاصة) عن الأرض وأصيبت (الناشطة) عرضا".

وأكد بلينكن أن بلاده ستثير قضية الناشطة على أعلى المستويات مع حليفتها التقليدية إسرائيل، بعدما اقتصر ردّ فعلها خلال الأيام الماضية على دعوة إسرائيل للتحقيق.

وأتت تصريحات الوزير الأميركي بعيد إعلان الجيش الإسرائيلي أنه من "المرجح جدا" أن تكون نيرانه هي التي قتلت الناشطة عائشة نور أزغي إيغي "بشكل غير مباشر وغير مقصود" خلال الاحتجاج.

وقال بلينكن في لندن إن التحقيق وروايات شهود العيان تؤشر بوضوح إلى أن "مقتل الناشطة كان غير مبرر".

وشدد على أن "أحدا لا يجب أن يتعرض لإطلاق النار ويُقتل لمشاركته في احتجاج. ما من أحد يجب أن تتعرض حياته للخطر لمجرد تعبيره عن رأيه بحرية".

وأضاف "في رأينا أن قوات الأمن الاسرائيلية تحتاج إلى القيام ببعض التغييرات الأساسية في كيفية تنفيذ عملياتها في الضفة الغربية، بما يشمل تغييرات لقواعد الاشتباك لديها".

وتابع "لدينا مواطنة أميركية ثانية قتلت بيد قوات الأمن الإسرائيلية. الأمر غير مقبول، ويجب أن يتغيّر".

وجدّد بلينكن مخاوف واشنطن من غياب العواقب للمستوطنين الإسرائيليين الذين يشنون هجمات تطال الفلسطينيين في الضفة الغربية تصاعدت وتيرتها منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة قبل 11 شهرا.

أصيبت عائشة نور إزغي إيغي (26 عاما) "برصاصة في الرأس" خلال مشاركتها في تظاهرة في بيتا قرب نابلس بشمال الضفة الجمعة. 

واتهمت عائلتها الجيش الإسرائيلي بقتلها "بطريقة غير قانونية وعنيفة"، وطالبت بإجراء "تحقيق مستقل".

كانت إيغي منتسبة إلى حركة التضامن الدولية المؤيدة للفلسطينيين التي قالت إنها كانت في بيتا الجمعة في إطار تظاهرة أسبوعية ضد الاستيطان.

"غير مباشر وغير مقصود"

وقال الجيش الإسرائيلي الثلاثاء إنه "المرجح جدا" أن تكون نيرانه قتلتها "بشكل غير مباشر وغير مقصود".

وأكد أن التحقيق خلص الى أن نيرانه "لم تكن موجهة إليها بل كانت موجهة إلى المحرض الرئيسي للشغب" خلال تظاهرة قرب نابلس، بحسب بيان الجيش.

وقال إن إطلاق النار استهدف "أحد المحرضين الرئيسيين على أعمال العنف الذي رشق القوات بالحجارة وشكل تهديدا لها"، وإن الناشطة قتلت "خلال أعمال عنف قام خلالها عشرات الفلسطينيين المشتبه بهم بإحراق الإطارات ورشق قوات الأمن بالحجارة".

لكن عائلة الناشطة رفضت رواية الجيش للأحداث، ووصفت التحقيق الأولي بأنه "غير كاف على الإطلاق". 

وقالت في بيان "كانت إيغي تحتمي في بستان زيتون عندما أصيبت في رأسها برصاصة أطلقها جندي إسرائيلي، ولا يمكن تفسير هذا على أنه أي شيء آخر غير هجوم متعمد ومستهدف ودقيق من قبل الجيش ضد مدني أعزل".

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال الإثنين إن بلاده ستبذل كل ما في وسعها "لكي لا يمر مقتل عائشة نور إزغي من دون عقاب".

وقالت حركة التضامن الدولية التي كانت الناشطة تنتمي إليها السبت إن المزاعم بأن النشطاء رشقوا الجيش الإسرائيلي بالحجارة "كاذبة".

تحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ العام 1967 وكثّفت قواتها العمليات في المنطقة منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر.

وقتلت القوات الإسرائيلية ومستوطنون إسرائيليون  662 فلسطينيا على الأقل في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وقُتل 23 إسرائيليا على الأقل، بينهم عناصر أمن، في هجمات نفّذها فلسطينيون في المنطقة خلال الفترة ذاتها، بحسب مسؤولين إسرائيليين.

وأكد بلينكن الثلاثاء مواصلة الجهود للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، مقرا بوجود تباينات "بالغة الصعوبة" بين طرفي الحرب.

ورأى أن من مصلحة الجميع إبرام اتفاق يتيح "تبريد الأجواء" في غزة، مضيفا "من الواضح أنه في صالح إسرائيل".

واشنطن أكبر المانحين للمدنيين الفلسطينيين في غزة . أرشيفية
واشنطن أكبر المانحين للمدنيين الفلسطينيين في غزة . أرشيفية

"سنة الحزن"، هكذا وصفت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو إس إيد"، سامنثا باور، ذكرى السابع من أكتوبر، التي تسببت بحرب غزة وأسفرت عن مقتل مئات الإسرائيليين وآلاف الفلسطينيين.

وقالت في بيان إن "التكلفة البشرية للحرب، التي بدأت بسبب هجمات السابع من أكتوبر، منذ سنة لا يمكن تصورها"، إذ تم "قتل رجال ونساء وأطفال أبرياء في جميع أنحاء المنطقة".

وأضافت "نرثي كل أولئك الذين فقدوا أرواحهم في إسرائيل والضفة الغربية ولبنان وكذلك عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين الذي قتلوا في غزة، بما في ذلك أكثر من 11 ألف طفل".

المساعدات الأميركية في "سنة الحزن"

عراقيل كثيرة أمام شاحنات المساعدات المتجهة إلى غزة . أرشيفية

في تصريح لموقع "الحرة" كشف المتحدث باسم "يو إس إيد" أن الولايات المتحدة أرسلت مساعدات إنسانية لغزة بأكثر من مليار دولار، بما في ذلك مساعدات بـ 656 مليون دولار أرسلت عن طريق الوكالة.

وقالت باور إن "الولايات المتحدة كانت وما زالت أكبر مانح للمساعدات إلى الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر 2023".

وأعربت الوكالة عن "قلق عميق" تجاه الاحتياجات الإنسانية الهائلة، والأوضاع التي يمر بها المدنيون في غزة.

عربي| English منذ السابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر، قدمت الحكومة الأمريكية أكثر من 1 مليار دولار لتمويل المساعدات...

Posted by USAID West Bank/Gaza on Wednesday, October 2, 2024

وأكدت أن الـ "يو إس إيد" وشركاءها يواصلون العمل لتوفير الغذاء والمساعدات الإنسانية الحيوية للسكان في غزة، مشيرة إلى أنه تم توزيع أكثر 6.7 مليون وجبة طعام في غزة خلال أغسطس الماضي.

وفي مارس الماضي، كانت باور أعلنت تقديم الولايات المتحدة 53 مليون دولار إضافية على شكل مساعدات إنسانية ذات حاجة ماسة إليها لسكان غزة والضفة الغربية المتأثرين من الصراع المستمر.

ويعاني الكثير من الناس في غزة من الجوع والمرض والبرد، وقد نزحوا من منازلهم ويقتربون من فصل الشتاء دون مأوى يذكر، بحسب باور.

خطر المجاعة قائم

نصف مليون شخص مهدد بالمجاعة في شمال قطاع غزة

وأشار المتحدث باسم الوكالة إلى تقرير التصنيف المرحلة المتكامل للأمن الغذائي، والذي صدر أواخر يونيو والذي يكشف عن "خطر كبير من حدوث مجاعة في قطاع غزة بأكمله، إذا ما استمر الصراع أو ظلت العقبات أمام وصول المساعدات الإنسانية.

عربي | English بدعم من #الوكالة_الأمريكية_للتنمية_الدولية والجهات المانحة الأخرى، قامت اليونيسف في النصف الأول من عام...

Posted by USAID West Bank/Gaza on Tuesday, August 27, 2024

وأوضح أنه "بصرف النظر عن إعلان المجاعة أو تصنيفها، هناك معاناة إنسانية هائلة، تؤدي إلى الجوع والوفيات المرتبطة بالجوع"، ناهيك عن تزايد "خطر الأوبئة، ما يجعل السكان أكثر عرضة للمجاعة".

ودعت الوكالة إلى "اتخاذ إجراءات فورية لتوفير إيصال المساعدات الغذائية والمياه والخدمات الصحية بشكل منتظم"، وتوفير المساعدة للبنية التحتية بتوفير "المياه والصرف الصحي" لتخفيف المعاناة.

اندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر إثر شن حماس هجوما غير مسبوق داخل إسرائيل أسفر عن مقتل 1206 أشخاص، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة لوكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. وتنفذ إسرائيل منذ ذلك الحين حملة قصف عنيفة وعمليات برية بهدف القضاء على حماس التي تتولى السلطة في القطاع الفلسطيني منذ 2007.

وتسبب الرد الاسرائيلي في مقتل 41965 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب بيانات وزارة الصحة التابعة لحماس، وتدمير أو تضرر ثلثي مباني غزة، وفقا للأمم المتحدة، ونزوح غالبية سكانه البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة.

تحديات أمام إيصال المساعدات

الشاحنات تدخل غزة بعد تفتيش إسرائيلي

وحددت الوكالة مجموعة من التحديات التي تواجههم في إيصال المساعدات، والتي في مقدمتها الدمار الذي لحق بالبنية التحتية في قطاع غزة ما تسبب بسوء حالة الطرق، وتعرض بعض القوافل إلى النهب من قبل جهات مسلحة.

وأشارت إلى تأثير كبير للعمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي على إيصال المساعدات، ناهيك عن عمليات الإغلاق والتأخير عند المعابر الحدودية ونقاط التفتيش، وإعاقة توصيل المساعدات الحيوية للفلسطينيين المدنيين في غزة.

وتدعو باور، مديرة الوكالة، ومسؤولون في الإدارة الأميركية الحكومة الإسرائيلية إلى "تبسيط عمليات عبور قوافل المساعدات عبر الحدود ونقاط التفتيش".

وأوضحت الوكالة الأميركية أنها "ركزت بشكل حثيث على إيصال المساعدات بكل الطرق المتاحة، عن طريق المعابر البرية التي تعتبر الطريقة الأكثر فعالية، وأيضا عن طريق الجو والبحر".

وتصر إسرائيل على أنها تسمح بدخول ما يكفي من الغذاء لإطعام جميع سكان غزة.

عربي | English بدعم من #الوكالة_الأمريكية_للتنمية_الدولية، حصلت حوالي 1,000 أسرة في شمال #غزة على أغطية ومفروشات وشوادر...

Posted by USAID West Bank/Gaza on Thursday, August 22, 2024

وتحدثت الوكالة عن أهمية إيجاد "بيئة عمل داخل غزة تسمح بوصول المساعدات بشكل آمن وفعال" للمدنيين في القطاع، داعية الحكومة الإسرائيلية لفتح "المجال أمام إيصال المساعدات، واتباع كل ما هو متاح لتقليل أخطار الإصابات بين المدنيين وعمال الإغاثة".

وقالت باور إن الموظفين "في جميع أقسام الوكالة الأميركية تأثروا بشدة بالمذبحة والصدمة التي وقعت في السابع من أكتوبر والسنة الماضية من الحرب والأزمة الإنسانية، بما في ذلك الوفيات المروعة والإصابات الخطيرة للعائلة والأصدقاء في إسرائيل وغزة ولبنان".

وأضافت أن موظفين ومتطوعين في غزة تابعين لشركاء "يو إس إيد" من بين أولئك الذين أصيبوا وقتلوا خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية.

وحذرت منظمات غير حكومية دولية، الثلاثاء، من أن العاملين الإنسانيين في قطاع غزة يسعون إلى البقاء على قيد الحياة فحسب في ظل اضطرارهم للتعامل باستمرار مع الحرمان والتكيف مع انعدام الأمن.

وسجل العاملون في المجال الإنساني بشكل عام خسائر كبيرة في الأرواح، فمنذ بداية الحرب، وخلال سنة، قتل من بينهم أكثر من 280، معظمهم من موظفي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بحسب المنظمة الدولية.

ومنذ مطلع 2024، قتل 227 عاملا في المجال الإنساني في العالم، بينهم 139 في الأراضي الفلسطينية بحسب "قاعدة بيانات أمن عاملي الإغاثة" التي يستند إليها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وشددت باور على الدور الأميركي ومساعيه من أجل "التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار من شأنه أن يعيد الرهائن إلى وطنهم وينهي الحرب في غزة".