قال تقرير لمجلة "ذا إيكونومست" إن الصراع على بحر الصين الجنوبي دخل مرحلة جديدة وفقا لمؤشرات على ظهور مقاومة لطموحات الصين من جانب بعض دول جنوب شرق آسيا.
لكن من غير الواضح، وفقا للمجلة، ما إذا كانت بكين وواشنطن قادرتين على احتواء هذه المنافسة التي تسبب التوتر والقلق في المنطقة، وتضع واشنطن في مأزق بشان دعم حلفائها أو حثهم على التراجع.
وأشارت المجلة إلى أنه في الحادي والثلاثين من أغسطس، صدم زورق صيني أكبر سفينة دورية تابعة لخفر السواحل الفلبيني، ما أدى إلى إحداث ثقب في جانبها. وكانت هذه أحدث محاولة من جانب الصين لإجبار السفينة تيريزا ماغبانوا على مغادرة جزر سابينا، حيث كانت متمركزة منذ أبريل.
ورغم عدم إصابة أحد بأذى، ترى المجلة أن الحادث يشكل جزءاً من نمط جديد ناشئ من التصعيد والمواجهة في بحر الصين الجنوبي، خاصة حول جزر سبراتلي.
ووفقاً لإحدى الروايات التي رصدتها المجلة، حذر وانغ يي، كبير الدبلوماسيين الصينيين جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، من أن الصين لن تقبل وجوداً فلبينياً في سابينا، وذلك خلال اجتماعهما بالقرب من بكين في السابع والعشرين والثامن والعشرين من أغسطس.
وذكرت المجلة أن عملية إعادة رسم خريطة بحر الصين الجنوبي الكبرى بدأت عندما تولى شي جين بينغ السلطة في عام 2012، حيث أنه في السنوات الثلاث التالية، بنت الصين سبع قواعد جديدة في جزر سبراتلي، ثلاث منها تضم مطارات كبيرة، على صخور وشعاب مرجانية تتنازع عليها الفلبين وفيتنام وماليزيا وتايوان.
ووفقا للمجلة، تستضيف هذه القواعد الآن وجوداً دائماً كبيراً للقوات الصينية والسفن والطائرات، فضلاً عن قدرات استخباراتية متقدمة. وفي السابق، كانت أكثر الإنشاءات تعقيداً التي تبنيها أي دولة تتألف من مطارات قصيرة على بعض الجزر أو مواقع على ركائز فوق الشعاب المرجانية.
وأشارت المجلة إلى أن الصين تشدد على مطالبتها الغامضة بذلك الجزء من بحر الصين الجنوبي (أي كل بحر الصين الجنوبي تقريباً) الذي يقع ضمن "خطها ذي التسع نقاط".
وأوضحت أنه في بعض الأحيان تتحرك الخطوط على الخرائط الرسمية، وفي أحيان أخرى تضاف شرطة عُشرية بجوار تايوان.
لكن المجلة ذكرت أنه رغم صخب المطالبات الصينية وغموض حدودها المفترضة، فقد نشأ وضع راهن غير مستقر لكنه هادئ وثابت على مدى نصف العقد الماضي أو نحو ذلك، يتمثل في تمركز سفينة أو أكثر من سفن خفر السواحل الصينية عند الصخور والشعاب المرجانية المتنازع عليها في جميع أنحاء البحر.
وحتى وقت قريب كان نطاق اختصاص هذه السفن محدودا عادة، ولم يتأثر الجزء الأكبر من نشاط الشحن التجاري في بحر الصين، بما في ذلك تدفقات الحاويات على بعض أكثر الممرات البحرية ازدحاما في العالم.
وكانت القوات العسكرية وأجهزة إنفاذ القانون في الصين منشغلة نظريا بهدف أصغر وهو منع استكشاف الطاقة وصيد الأسماك داخل المنطقة، وفقا للمجلة.
وهذا الهدف الأصغر، بحسب المجلة، كان تطبيقه فاترا حتى في ذلك الوقت، حيث لم يتم تطبيق الحظر الذي فرضته الصين على صيد الأسماك في بحر الصين الجنوبي كل صيف (رسميا للمساعدة في تجديد المخزونات) بشكل جدي.
وحافظت البحرية الأميركية على ممارسة الإبحار عبر الجزر في عمليات "حرية الملاحة"، متحدية بذلك مطالبات الصين بالمنطقة، بعد تجديد مثل هذه العمليات في عام 2015. ومع ذلك، فقد انخفض عدد مثل هذه الإبحارات وأصدرت الصين اعتراضات روتينية عليها في الغالب.
وفي الوقت نفسه، حثت الفلبين وفيتنام أحيانًا رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) على إصدار بيانات جديدة تعبر عن القلق، لكن دون تأثير يذكر، أي أنه بالنسبة لمركز المنافسة بين القوى العظمى، كان بحر الصين الجنوبي هادئًا بشكل مفاجئ في كثير من الأحيان.
لكن المجلة ترى أنه بالمقارنة مع ذلك، فإن التطورات خلال الفترة الحالية تهدد بالتحول إلى عاصفة قوية.
ووفقا للمجلة، بدأت الفلبين وفيتنام وماليزيا في صد الصين بقوة أكبر.
وأكثر المناطق توتراً، بحسب ما ذكرت المجلة، هي جزر سبراتلي، حيث قامت الصين ببناء قواعد كبيرة من عام 2013 إلى عام 2016 على أراضٍ استصلحتها هناك. ونتيجة لهذا، أصبحت الجزر الآن مصدرا للتهديد في المنطقة، خاصة أن الفلبين تحاول تصعيد ردها.
وفي أكبر رد فعل حتى الآن، وجه الرئيس الفلبيني، فرديناند ماركوس، مسؤوليه لتسليط الضوء على النشاط الصيني في جزر سبراتلي، بما في ذلك داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين التي تبلغ مساحتها 200 ميل بحري (370.4 كيلومترًا).
وكرد فعل قوي آخر من دولة مجاورة، كانت فيتنام تحفر وتستصلح الأراضي التي تحتلها منذ عام 2022، وبنت الآن حوالي نصف مساحة الأراضي التي استصلحتها الصين، ويبدو أنها تبني مطاراً كبيراً. وظلت الحكومة الصينية صامتة بشأن هذه المسألة، بحسب ما ذكرت المجلة.
وبالنسبة لماليزيا التي تعتمد على عائدات الطاقة، فذكرت المجلة أنها استأنفت استكشاف النفط والغاز قبالة سواحل بورنيو، بالقرب من جزر سبراتلي، في مواجهة الاعتراضات الصينية.
والأكثر هدوءًا من بين كل هذه الجزر، بحسب المجلة، هي جزر باراسيل التي احتلتها الصين بالكامل منذ استولت عليها من فيتنام في معركة عام 1974، وهي أكبر الجزر البالغ عددها 130 جزيرة، وتمتلك الصين فيها مطارًا استضاف طائرات مقاتلة.
وبشكل عام، تشير المجلة إلى أن الصين تراقب مثل الصقر ما سيحدث بعد ذلك، وهذا ينطبق أيضاً على حلفاء واشنطن الآخرين في آسيا وخارجها.