فيما يبدو أنه "تحدٍ" لسلطة حركة طالبان، تواصل محطة تلفزيونية أفغانية بارزة، السماح للنساء بالظهور على شاشتها وتقديم نشرات وبرامج إخبارية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "التايمز" البريطانية.
وكان زعيم طالبان، هبة الله أخوندزاده، قد أمر المسؤولين الأفغان بتنفيذ قانون جديد يحد من حقوق المرأة ويكرس رؤية صارمة للمجتمع الإسلامي، حسبما ذكرت وكالة فرانس برس.
ويفرض القانون المكون من 35 بندا، الذي أعلن عنه الشهر الماضي، محظورات قد يؤدي تطبيقها إلى "تعزيز السيطرة المشددة بالفعل" على السكان.
ويُلزم هذا القانون النساء بتغطية أجسادهن بالكامل، كما يحظر عليهن الحديث بصوت عالٍ، ويفرض مجموعة من القواعد على لباس الرجال، وأداء الصلاة، ويمنع الاحتفاظ بصور للكائنات الحية، ويحظر المثلية الجنسية، ومسابقات القتال بين الحيوانات، وبث الموسيقى في الأماكن العامة، والأعياد غير الإسلامية.
ووصفت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان، روزا أوتونباييفا، القانون بأنه "رؤية محزنة لمستقبل أفغانستان".
ومنذ عودتها إلى السلطة في أغسطس 2021، تطبّق الحركة تفسيرها المتشدد للشريعة، وخصوصا القيود على النساء، بينما تندّد الأمم المتحدة بسياسات "تكرّس التمييز والفصل القائم على النوع الاجتماعي".
وأغلقت سلطات طالبان أبواب المدارس الثانوية ثم الجامعات أمام النساء، وكذلك المتنزّهات وصالات الرياضة والحمامات.
وعن استمرار النساء بالعمل في قناة "طلوع نيوز"، أوضح سعد محسني، الرئيس التنفيذي لمجموعة موبي، أكبر شركة إعلامية في أفغانستان، أنه مع انتقال البلاد بشكل متزايد إلى "العصور المظلمة للنساء"، فإن قناته "تمكنت من توفير شعاع غير متوقع من الضوء".
وأضاف الرجل البالغ من العمر 58 عاما: "أعتقد أننا كطائر كناري في منجم فحم. فطالما أن النساء يظهرن على شاشة التلفزيون، فنحن نعلم أنه لم يتم إسكاتهن بالكامل".
وتابع: "ندرك أننا بحاجة إلى المثابرة، لكنني أعاني من ليالٍ عديدة بلا نوم".
ومن المدهش، كما يقول محسني، أن قناة "طلوع نيوز" أصبح لديها فريق نسائي أكبر في نشرات الأخبار، بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم، إذ أضحى عددهن 20 امرأة بعد كن 8 فقط.
وكانت القناة قد اضطرت إلى إيقاف بث جميع البرامج الموسيقية والمسلسلات التلفزيونية، فضلاً عن برنامج "النجم الأفغاني"، وهو برنامج تلفزيون واقعي كان يحظى بشعبية كبيرة ويعتبر النسخة المحلية من البرنامج العالمي "بوب آيدول".
كما أمر مسؤولو طالبان - الذين يشير إليهم محسني بـ"المهرجين"- الموظفين بإزالة جميع المحتويات الأجنبية.
وعندما جرى سؤالهم عن كيفية سد فراغ بث القناة التي تعمل على مدار الساعة، اقترحوا عليه بدلاً من ذلك أن يذيع تلاوات من القرآن الكريم أو يذهب إلى القرى ويصور المناظر الطبيعية فقط.
"أصعب يوم"
وكانت القناة التي تأسست عام 2002، قد حققت نجاحا كبيرا في المجتمع الأفغاني، رغم ندرة الكهرباء في البلاد، حيث تعرفوا عبرها على الكثير من الأحداث الرياضية والفنية والثقافية في العالم.
ومع ذلك، لم تكن تحظى بشعبية لدى المسؤولين دائمًا، خاصة عندما بدأت في فضح الفساد. وأوضح محسني بعض تفاصيل "المواجهات" حتى مع الحكومات التي كانت مدعومة من الغرب في عهد الرئيسين حامد كرزاي وأشرف عبد الغني.
وقال إن "أصعب يوم بالنسبة له كان في العشرين من يناير 2016، عندما استهدف انتحاريون من طالبان مقر المحطة"، مضيفا: "لقد كان لقاء الأسر التي فقدت أحباءها ومواساة موظفينا ومدى الصدمة التي تعرضوا لها، أمرًا مؤلمًا".
ثم جاء الخامس عشر من أغسطس 2021، عندما سقطت كابل في أيدي طالبان، وكان محسني خارج البلاد، لكن كان على مسؤوليه التنفيذيين اتخاذ القرار بشأن البقاء على الهواء أو التوقف عن البث.
واستطرد: "كان الأمر صعبًا.. فقدنا الكثير من موظفينا وكان الناس يغادرون كل يوم وكل ساعة". وقد فر حوالي 150 شخصًا.
ونوه محسني بأن قناته ليس لديها مذيعات فقط، بل إنها عرضت مؤخراً سلسلة عن رائدات أعمال، "وهي واحدة من أكثر برامجنا مشاهدة هذا العام، حيث بلغ عدد مشاهديها أكثر من 20 مليون شخص".
وتابعت إحدى الحلقات قصة 4 شابات أفغانيات لم يستطعن الالتحاق بالجامعة بعد الحظر الذي فرضته طالبان، حيث لجأن إلى إنشاء مشروع تجاري صغير يعتشن منه.
وأشار محسني إلى أنه بدأ في تنفيذ برامج تعليمية موسعة لجميع الفتيات الممنوعات من الذهاب إلى المدارس، مبديا حرصه على عدم كشف الكثير من التفاصيل بهذا الشأن.