الأونروا أمام "مأساة ثلاثية" بسبب التصعيد بين إسرائيل وحزب الله
فرانس برس
25 سبتمبر 2024
Share on Facebook
Share on Twitter
Share on WhatsApp
أعلن المفوّض العام للأونروا فيليب لازاريني الثلاثاء أنّ وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين باتت تواجه "مأساة ثلاثية" منذ بدأت إسرائيل تشن غارات مكثفة ضد حزب الله في لبنان لأنّ هذا التصعيد زاد من الأعباء الثقيلة الملقاة على عاتقها من جراء الحرب في غزة والأوضاع بالضفة الغربية المحتلة.
وقال لازاريني في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك "لدينا أصلا غزة، ولدينا أصلا الضفة الغربية، لذلك لدينا مسرحان للعمليات أصبحا خطوطا أمامية نشطة"، والآن "لدينا أيضا لبنان".
وتأسّست الأونروا في 1949 وهي وتقدّم للاجئين الفلسطينيين في كلّ من غزة والضفة الغربية المحتلة ولبنان وسوريا والأردن خدمات عديدة من بينها خصوصا التعليم والرعاية الصحية.
وأعرب لازاريني عن أسفه لأن وكالته التي تعاني أصلا من عجز مالي حادّ باتت بفعل التصعيد الراهن بين إسرائيل وحزب الله ترزح تحت ضغوط إضافية.
وأوضح أنّ الغارات الإسرائيلية الكثيفة التي يتعرّض لها لبنان منذ الاثنين جعلت من هذا البلد "منطقة عمليات نشطة" ثالثة تضاف إلى منطقتي غزة والضفة.
وقال "هذا يعني أنّ ثلاث مناطق عمليات ستصبح حالات طوارئ إنسانية"، واصفا الوضع بأنّه "مأساة ثلاثية".
وإزاء الغارات الإسرائيلية الكثيفة، أوقفت الأونروا بعض عملياتها في لبنان إذ حوّلت بعضا من مدارسها إلى ملاجئ لمئات اللبنانيين الذين نزحوا من جنوب البلاد حيث تتركز الضربات الجوية.
والثلاثاء، أعلن وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب أنّ عدد النازحين اللبنانيين بسبب التصعيد الراهن بين إسرائيل وحزب الله "يقترب من نصف مليون" نازح.
انتهى الصيف، وعاد التلاميذ إلى مدارسهم، إلا في غزة، وجزئيا في لبنان وإسرائيل.
في غزة، ومع دخول الحرب عامها الثاني، برزت مبادرات أهلية تطوعية لتعويض الأطفال عن خسارتهم خلال الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
عمدت فعاليات إلى نصب خيم دراسية تحاكي الصفوف المدرسية العادية، لكن بنوع مختلف من التحديات، إلا أنها تبقى فسحة الأمل الوحيدة للعديد من العائلات في القطاع.
أما في الشمال الإسرائيلي، فأصبحت الدراسة عن بُعد الخيار البديل لتفادي ضياع سنة دراسية كاملة بسبب ظروف الحرب.
وفي لبنان، تحولت مئات المدارس إلى مراكز إيواء لاستقبال العائلات النازحة من الجنوب مع إيقاف النشاط المدرسي إثر التطورات الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله.
تقول الأمم المتحدة إن العالم يشهد حاليا أعلى مستويات الصراع العنيف منذ 30 عاما على الأقل، وبفعل ذلك، يحرم نحو 702 مليون طفل حول العالم من حق التعليم، وأطفال الشرق الأوسط هم الأكثر تضررا، وفقا لبرنامج "اليوم" الذي تبثه قناة الحرة.
وخلال الفترة التي أعقبت هجوم مسلحي حركة حماس على إسرائيل، ورد الأخيرة بهجوم جوي وبري مستمر على غزة، حُرم الأطفال من حق التعليم، لولا بعض المبادرات التي حاولت إعادة الطلاب في القطاع إلى صفوف الدراسة داخل خيم تعطي الانطباع بأن المدرسة لا تزال قائمة بالنسبة لهؤلاء التلاميذ.
85 % من المرافق التعليمية في غزة خارج الخدمة
تقول المعلمة الفلسطينية من قطاع غزة، إسراء أبو مصطفى: "قمنا بهذه المبادرة لإكمال المسيرة التعليمية في خيم" وذلك لانعدام أماكن التدريس المعتادة "حيث تم قصف المدارس".
ووفقا لوزارة التعليم في قطاع غزة التي تديرها حماس، أصبح 85 في المئة من المرافق التعليمية في القطاع خارج الخدمة.
ويحذر العاملون في المجال الإنساني من أن الحرمان المطوّل من التعليم يهدد بإلحاق أضرار طويلة الأمد بأطفال غزة.
في هذا الصدد، أبدى أطفال في غزة تحدثوا لبرنامج "اليوم" رغبتهم في العودة إلى مقاعد الدراسة في مدارس بمواصفات طبيعية حتى يتمكنوا من التحصيل مثلهم مثل أطفال العالم.
قالت إحدى الفتيات في غزة وهي تتحدث داخل خيمة دراسية: "أتمنى أن تكون لدينا طاولات وكراسي وقرطاسية وحقائب" وتابعت: "بتمنى يصير الطلاب يروحو ويجو زي المدرسة بالضبط".
وأكد تقرير لمنظمة التعليم العالمية أن أكثر من 90 في المئة من المدارس في غزة تضررت بفعل الحرب. وحرمت الحرب نحو 625 ألف طفل في سن الدراسة في غزة من عام دراسي كامل، حسب تقرير لمنظمة "يونيسيف"، والتي كشفت أيضا، في سبتمبر الماضي، أن نحو 45 ألف طالب في الصف الأول غير قادرين على بدء العام الدراسي الجديد في قطاع غزة.
أكثر من 16 ألف طالب إسرائيلي تأثروا بسبب الصراع
وقالت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية إن أكثر من 10 آلاف طالب قُتلوا خلال العام الماضي نتيجة الهجمات الإسرائيلية، كما ذهب أكثر من 400 معلم ومعلمة ضحية للحرب.
وقالت وزارة التعليم الإسرائيلية إن "استمرار إطلاق النار من جانب حزب الله وعلى مدى عدة كيلومترات داخل الأراضي الإسرائيلية" أدى إلى إصدار أمر الإخلاء اللاحق لهذه المناطق، ما أثر على أكثر من 16 ألف طالب إسرائيلي، بينما توجهت أغلبية المدارس للتدريس عن بُعد "حتى إشعار آخر".
في هذا الصدد، قال وزير التعليم الإسرائيلي، يوآف كيش: "إذا كانت هناك حرب واسعة النطاق في الشمال مع حزب الله فسوف يتعين علينا تغيير نظام التعليم"، ثم تابع: "إذا طالت الحرب، سيبقى خيار الدراسة عن بُعد فعالاً".
في غضون ذلك، يحاول الطلبة الإسرائيليون النازحون داخلياً التكيف مع هذا الوضع الاستثنائي قدر المستطاع.
تقول إحدى الطالبات: "هذه ليست مدرستي، هذا ليس بيتي، الأمر مخيف حقاً.. أنا حزينة جداً لكنني أحاول أن أبقى إيجابية كل يوم".
ربع مليون.. هو عدد الطلبة النازحين في لبنان
مع التطورات السياسية في لبنان، تعثّر انطلاق العام الدراسي بفعل موجات النزوح الكبيرة التي شهدتها البلدات الجنوبية، ما أدى إلى قرار إقفال المدارس الرسمية. يُذكر أن عدد الطلبة في لبنان يبلغ نحو مليون، بينما يصل عدد الطلبة النازحين إلى نحو ربع مليون.
في حين تستقبل 253 مدرسة في مختلف المناطق اللبنانية آلاف النازحين داخلياً، بحسب تصريحات رسمية.
الخبيرة في التعليم والمناهج، نادين جودي، قالت في حديث لبرنامج "اليوم" إن قطاع التعليم مثل أي قطاع حيوي يتأثر بالحروب والأزمات.
وقالت: "بدأنا بتعليق الدروس ثم انتقلنا إلى توقيف الدروس، والآن نتحدث عن تمديد توقيف الدروس"، في إشارة إلى الوضع المتأزم لقطاع التعليم في زمن الحرب.
الخبيرة ذاتها لفتت إلى قلة الاهتمام بالتعليم خلال الأزمات والحروب، وقالت: "لعله آخر شيء يُلتفتُ إليه خلال الحروب والأزمات، حيث ينصب أغلب الاهتمام على الحاجيات الأساسية مثل الأمن والمأكل والمشرب"، بينما يعد التعليم أحد القطاعات التي تُدمر في الحرب، وبالأخص البنية التحتية للتعليم.
وبالحديث عن البدائل، ركزت المتحدثة على ما يمكن للتكنولوجيا أن تتيحه، لكنها هنا أيضا لفتت إلى مجموع المشاكل التي تواجه لبنان في هذا الخصوص.
وقالت: "نحن نضع المواد التعليمية على منصات في الإنترنت ونسعى لتوفيرها لمن هو قادر على توفير الكهرباء والإنترنت".
المتحدثة أشارت إلى غياب الحلول لهذه الوضعية رغم أن وزير التربية والتعليم العالي اجتمع بالهيئة العليا لإدارة التعليم وممثلين عن منظمة "اليونسكو" و"اليونيسيف"، وخرجوا بخطة استجابة أصروا خلالها على وجوب التفكير في وضع خطة شاملة، وهو ما اعتبرته غير قابل للتحقيق، وقالت: "لا زلنا في مرحلة الحديث فقط، لا أحد طبق أي شيء فعلي على أرض الواقع".
جودي عادت لتشير إلى بعض المبادرات التي قامت بها مدارس خاصة، حيث وضعت الدروس على مجموعات محادثة في تطبيق "واتساب" وفق قولها "حتى تشجع الأطفال على البقاء مشغولين بالدروس بدلا من سماع الأخبار".
إلى ذلك شددت على أن فتح المدارس لن يكون متاحا الآن لأن أغلبها أصبحت ملاجئ للنازحين.
وقالت: "في عدد من البلدان العربية، تحولت أماكن التعليم إلى ملاجئ للنازحين"، ثم كشفت أن بعض المعلمين والمعلمات لم يتسلموا رواتبهم، وهو ما قد يصعب أيضا من العملية التعليمية، "ليس هناك لا تحفيز اجتماعي، ولا أمل، ولا سلام، ولا تحفيز مالي" يساعد على تجاوز هذا الوضع، "رغم أن هناك مبادرة لدفع بعض الدفعات من الرواتب لأساتذة الجامعة اللبنانية"، مشيرة إلى أن لبنان لم يستعد لمثل حالات الطوارئ التي يعيشها الآن.