بوتين يزور المعهد المشترك للأبحاث النووية في موسكو في 13 يونيو 2024
بوتين خلال زيارة سابقة إلى المعهد المشترك للأبحاث النووية في موسكو

"يجب اعتبارها إشارة واضحة".. بهذه الكلمات أجاب متحدث باسم الكرملين عن سؤال بشأن ما إذا كانت "التغييرات" التي طرأت على "العقيدة النووية" للبلاد، والتي أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تشكل "تحذيرا للغرب"، لتزداد بذلك التساؤلات بشأن ما قد يحمله هذا للسلام العالمي.

وأعلن الكرملين، الخميس، أن "التغييرات" التي أدخلها بوتين على عقيدة الأسلحة النووية لبلاده، يجب اعتبارها "إشارة" لحلفاء أوكرانيا، إلى أنه ستكون هناك عواقب إذا شاركت في هجمات على روسيا.

وقال بوتين، الأربعاء، إن روسيا يمكن أن تستخدم أسلحة نووية "إذا تعرضت لضربات بصواريخ تقليدية"، وإن موسكو ستعتبر أي هجوم عليها "بدعم من قوة نووية، هجوما مشتركا"، حسب وكالة رويترز.

وأوضح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أنه تمت صياغة تعديلات على وثيقة تسمى "أسس سياسة الدولة في مجال الردع النووي"، وهي التسمية الروسية الرسمية للعقيدة النووية.

وقال عندما سأله صحفيون عما إذا كانت التغييرات تمثل تحذيرا للغرب، إنه "يجب اعتبارها إشارة واضحة"، مضيفا: "هذه إشارة تحذر هذه الدول (الغربية) من العواقب المترتبة على مشاركتها في هجوم على دولتنا بأية وسيلة، وليس بالضرورة نووية".

وتابع أن العالم شهد "مواجهة غير مسبوقة" ناجمة عن "التدخل المباشر لدول غربية من بينها قوى نووية" في حرب أوكرانيا.

وأشار إلى أن القرار بشأن نشر الوثائق النووية أم لا سيُتخذ في وقت لاحق.

وكانت وكالة "تاس" الروسية للأنباء، قد نقلت، أوئل سبتمبر الجاري، عن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، القول إن موسكو "ستدخل تعديلات على عقيدتها النووية ردا على تصرفات الغرب" بشأن الصراع في أوكرانيا.

وتمتلك روسيا أكبر مخزون من الأسلحة النووية في العالم، بنحو 6000 رأس حربي.

وتنص العقيدة النووية الروسية الحالية، على استخدام أسلحة نووية "في حالة وقوع هجوم نووي من قبل عدو أو هجوم بأسلحة تقليدية يهدد وجود الدولة"، وفقا لمرسوم أصدره بوتين عام 2020.

ووفقا لخبراء تحدثوا إلى صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، فإن التغييرات التي جرى الإعلان عنها، الأربعاء، قد تمثل "خفضًا كبيرًا للعتبة النووية المعلنة لروسيا، وتوضح المزيد من المعايير لدى موسكو لتفويض الضربات النووية المحتملة".

وفي هذا الصدد، أوضح مدير مركز كارنيغي روسيا أوراسيا في برلين، ألكسندر جابوييف: "هذه إشارات في الوقت الحالي، لكنها عدوانية للغاية والأكثر تحديدًا حتى الآن".

واعتبر جابوبيف في حديثه إلى الصحيفة البريطانية، أنه إذا نشرت روسيا عقيدة محدثة بالتغييرات التي اقترحها بوتين، فإنها "ستظل غامضة عمدًا بشأن عتبة الكرملين للانتقام".

ولفت إلى أن القضايا الرئيسية الناجمة عن حرب أوكرانيا ستبقى مفتوحة للتفسير أيضًا، مثل ما إذا كانت روسيا ستعتبر الهجمات على المقاطعات الأوكرانية الخمس التي تحتلها جزئيًا، اعتداءات على برها الرئيسي.

وأضاف جابوييف: "سيتعين علينا أن نرى إلى أي مدى هم على استعداد للذهاب في التعديلات (على العقيدة النووية)".

"تهديدات جوفاء"

من جانبه، اعتبر الباحث والخبير في الشؤون الأوكرانية، محمد فرج الله، في حديث إلى موقع "الحرة"، أن تصريحات بوتين "هي للاستهلاك المحلي، والدليل أنه سبق وأن أطلق العديد من التهديدات بشأن عدم اختراق خطوط حمراء كان وضعها الكرملين بوجه القوات الأوكرانية".

وتابع: "لكن تلك الخطوط الحمراء جرى ضربها عرض الحائط مرات عديدة، مثل استهداف العمق الروسي في مناسبات كثيرة، والتوغل بإقليم كورسك والسيطرة على مساحات شاسعة فيه، دون أن يقدم بوتين على استخدام السلاح النووي التكتيكي".

ونوه فرج الله بأن "اتفاقية بودابست لعام 1994، التي تخلت بموجبها كييف عن أكثر من ألفي رأس نووي، تنص على أن تقدم الولايات المتحدة وبريطانيا باعتبارها دولا ضامنة (مظلة نووية) لأوكرانيا، في حال تعرضت لهجوم نووي".

وشدد على عامل ثالث يتمثل في أن ما يعرف بـ"نادي الدول النووية"، بما في ذلك البلدان المحايدة في الصراع الأوكراني- الروسي، "ترفض بشكل حازم استخدام أي أسلحة نووية، باعتبار أن ذلك سيغير مجرى الصراعات والحروب بطريقة خطيرة للغاية على المستوى العالمي".

كما أشار إلى نقطة رابعة تتمثل في أن "العديد من القادة الكبار في الجيش الروسي، ورغم تأييدهم لغزو أوكرانيا، فإنهم مع ذلك يرفضون بشكل قاطع استخدام أي أسلحة نووية في الحرب، بسبب التبعات الهائلة والخطيرة على بلادهم من جراء مثل هذا القرار".

ولفت فرج الله أيضا إلى صعوبة استخدام تلك الأسلحة، موضحا أن "صاروخ (الشيطان -2) الذي من المفترض أن يصل مداه إلى أكثر من 11 ألف كم، فشل في 4 تجارب إطلاق حتى الآن".

وكان خبراء غربيون قد قالوا إن بوسع ذلك الصاروخ "حمل 10 رؤوس نووية، وتدمير دول بأكملها مثل بريطانيا وفرنسا"، وفق صحيفة "تلغراف" البريطانية.

من جانبه، قال الخبير الاستراتيجي الروسي، أندريه مورتازين، في حديث سابق لموقع "الحرة"، إن موسكو ستعدل "عقيدتها النووية" ليكون هناك "رد نووي وجوبي" على دول الغرب والولايات المتحدة في حال "تهديد سلامة الأراضي الروسية".

و"في حال تهديد كيان الدولة الروسية، فإن الرد الوجوبي سيكون على الولايات المتحدة مباشرة، لأنه لا يمكن استخدام السلاح النووي ضد روسيا إلا بموافقة أميركية"، وفق الخبير الاستراتيجي الروسي.

وأشار إلى أن العقيدة النووية الروسية "تنص على استخدام السلاح النووي في حالتين، الأولى هي تعرض روسيا لهجوم نووي، مما يستدعي الرد الجوابي، والحالة الثانية تعرض كيان الدولة الروسية لخطر وجودي"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

نظام مصاص الدماء الأميركي يمكن نقله على منصات منقولة
أوكرانيا والأسلحة بعيدة المدى.. "خطة النصر" كما يراها زيلنسكي
من المتوقع أن يشهد الأسبوع المقبل، تسليط الضوء بشأن إمكانية السماح لأوكرانيا باستخدام الصواريخ طويلة المدى التي تزودها بها الدول الغربية لتضرب العديد من الأهداف والمواقع العسكرية واللوجسيتية في العمق الروسي، وفقا لما ذكر العديد من الخبراء.

ولا يوجد "تفسير محدد" لمعنى تعرض الدولة لـ"خطر وجودي"، ولا يتم تحديد ماهية تلك التهديدات الوجودية، حسبما يضيف الخبير الاستراتيجي الروسي.

أما الخبير العسكري والاستراتيجي السوري، أحمد رحال، فقد اعتبر أن هناك "4 أسباب" قد تدفع روسيا لاستخدام السلاح النووي، وفق العقيدة الروسية.

وتتعلق تلك الحالات بـ"تهديد كيان الدولة، حتى لو باستخدام أسلحة تقليدية، وإذا تم توجيه ضربات باستخدام صواريخ باليستية، أو التعرض لضربات نووية مباشرة، أو التعرض لمخاطر السلاح الكيماوي والبيولوجي"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

 نحو 400 ألف شخص نزحوا خلال الأسبوعين الأخيرين حتى 2 أكتوبر
نحو 400 ألف شخص نزحوا خلال الأسبوعين الأخيرين حتى 2 أكتوبر

أفاد رئيس مكتب المنظمة الدولية للهجرة في لبنان، ماثيو لوتشيانو، الجمعة، بتصاعد حدة الصراع الإقليمي، مشيرا إلى عبور نحو 235 ألف شخص الحدود اللبنانية إلى سوريا برا خلال الفترة من 21 سبتمبر إلى 3 أكتوبر.

وذكر لوتشيانو في تصريح من بيروت أن هذا النزوح الجماعي شمل حوالي 82 ألف لبناني و152 ألف سوري، ما يعكس خطورة التوترات الإقليمية المتفاقمة وعدم الاستقرار المتزايد في المنطقة.

وأضاف لوتشيانو نقلا عن السلطات اللبنانية، أن حوالي 50 ألف شخص، معظمهم من اللبنانيين، و10 آلاف سوري غادروا عبر مطار بيروت خلال نفس الفترة، فيما فرّ حوالي ألف شخص عبر البحر.

ويُقدّر أن نحو مليون شخص قد نزحوا داخل لبنان منذ أكتوبر الماضي، وسط تصاعد وتيرة تبادل إطلاق النار على جانبي "الخط الأزرق" الذي تراقبه الأمم المتحدة ويفصل بين لبنان وإسرائيل، وذلك في أعقاب اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر، العام الماضي.

وتشير بيانات المنظمة الدولية للهجرة إلى أن نحو 400 ألف شخص نزحوا خلال الأسبوعين الأخيرين حتى 2 أكتوبر، وسط تواصل الغارات الإسرائيلية المستمرة في لبنان، بما في ذلك توغلات برية في جنوب البلاد.

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، قضى العاملون الإنسانيون في الأمم المتحدة وشركاؤهم شهورا في تعزيز قدرة لبنان الصحية استعدادا لتدفق كبير من المصابين.

قال لوتشيانو، في الصدد "هذا يحدث بالفعل" في المرافق الطبية اللبنانية، وذلك بعد هبوط أول طائرة شحن إنسانية في بيروت محملة بإمدادات طبية تكفي لعلاج عشرات الآلاف من الجرحى.

وأضاف: "لنكن واضحين، إذا استمر الوضع في التفاقم، سنواجه جميعا تحديات كبيرة في كيفية الاستجابة".

من جهته، رحب رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، بوصول الرحلة الإنسانية إلى بيروت، مشيرا إلى أن رحلات إضافية ستتم جدولتها قريبا، تحمل المزيد من إمدادات علاج الصدمات، بالإضافة إلى مستلزمات الصحة النفسية والكوليرا.

إلى ذلك، أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن الأشخاص الذين يعبرون إلى سوريا يواجهون احتمال العودة إلى منازل متضررة مع وصول محدود إلى الخدمات الأساسية.

وقالت رولا أمين المتحدثة باسم المفوضية: "ما نشهده اليوم هو أن المخاطر التي يواجهها هؤلاء اللاجئون في لبنان بسبب القصف، مثل نقص المأوى المناسب ونقص الوصول إلى الخدمات، تجعلهم يتخذون قرارا صعبا جدا، حيث يتعين عليهم الاختيار بين البقاء في لبنان مع هذه المخاطر المتزايدة، أو اتخاذ القرار بالعودة عبر الحدود إلى سوريا مع الأخذ في الاعتبار جميع المخاطر الأخرى".

وأكدت: "مع استمرار تدهور الوضع الإنساني، تعمل المفوضية على تعزيز إمداداتها من العناصر الإغاثية الضرورية لتلبية الاحتياجات المتزايدة والاستعداد لأي تصعيدات جديدة محتملة أو نزوح".