محطة بوشهر للطاقة النووية في إيران
محطة بوشهر للطاقة النووية في إيران

فيما يترقب العالم الرد الإسرائيلي المحتمل على إيران، يبقى شكل الرد والمواقع التي قد تستهدفها إسرائيل مثار تساؤلات.

وأطلقت إيران الثلاثاء نحو 200 صاروخ باتجاه إسرائيل في ثاني هجوم من نوعه في غضون ستة أشهر في حلقة من حلقات التصعيد التي تشهدها المنطقة على هامش الحرب الإسرائيلية في غزة.

المنشآت النووية

يرى مساعد وزير الخارجية الأميركية الأسبق، مارك كيميت، أن هناك أربعة أنواع من الأهداف الإيرانية تركز عليها إسرائيل، وقال في مقابلة خاصة مع قناة "الحرة"، إن المنشآت النووية تمثل هدفا رئيسيا "رغم أنها حافلة بالمخاطر". وتابع أن استهدافها قد يسبب تداعيات خطيرة على مستوى الأمن الإقليمي والدولي. 

ثانيا: منشآت النفط

رغم أن استهداف منشآت النفط قد يبدو مغريا، فإن الولايات المتحدة لا تحبذ ذلك، بحسب تأكيد كيميت "لأن سيكون له تأثير كبير على أسعار النفط عالميا في الوقت الذي تركز فيه الأطراف في أميركا على الانتخابات، وأي زيادة في أسعار النفط ستضر بالتأكيد المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس".

والأحد، ذكر الموقع الإخباري لوزارة النفط الإيرانية على الإنترنت "شانا"، أن الوزير محسن باك نجاد وصل إلى جزيرة خرج، وسط مخاوف من استهداف إسرائيل للمرفأ النفطي هناك، وهو الأكبر في إيران.

وبعد الهجوم الإيراني نقل موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي، الأربعاء، عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن إسرائيل ستوجه "ردا كبيرا" قد يستهدف منشآت إنتاج النفط داخل إيران.

وذكر موقع "شانا" أن "باك نجاد وصل صباح اليوم لزيارة منشآت النفط ولقاء موظفي عمليات في جزيرة خرج"، مضيفا أن مرفأ النفط هناك تبلغ سعته التخزينية 23 مليون برميل من الخام.

ثالثا: الأهداف العسكرية

تشمل هذه الأهداف الدفاعات الجوية والقواعد العسكرية، بما في ذلك قواعد فيلق القدس الإيراني. وأوضح كيميت أن هذه الأهداف قد تكون ضمن خطة إسرائيلية لضرب القدرات العسكرية الإيرانية.

رابعا: الاغتيالات

اعتبر كيميت أن استراتيجية الاغتيالات التي تتبعها إسرائيل ضد القيادات العسكرية والسياسية تمثل جزءا من استراتيجيتها العامة، مثلما حدث في غزة ولبنان حيث قتل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وكثير من قيادات الجماعة المصنفة "إرهابية" في الولايات المتحدة.

وأشار إلى إمكانية وجود اسم خامنئي في هذه القائمة، لكنه حذر من التداعيات السياسية التي قد تترتب على ذلك.

وأوضح أن التحركات الإسرائيلية ضد قادة مثل يحي السنوار ونصرالله تشير إلى أن هناك اهتماما بملاحقة القيادات الإيرانية. وأكد على ضرورة التفكير في العواقب السياسية لمثل هذه الخطوات.

وفي مقابلة على شبكة "سي بي أس"، اعتبر قائد القيادة المركزية السابق فرانك ماكينزي، أن لدى إسرائيل مجموعة واسعة من الخيارات للرد على إيران.

وقال: "يمكنهم اختيار هدف تصعيدي للغاية، كالمرشد الأعلى نفسه، أو استهداف البرنامج النووي، أو البنية التحتية للنفط، أو حتى النظر في أهداف الاستخبارات العسكرية"، لكن استهداف المنشآت النووية يظل هدفا صعبًا للغاية، بحسب قوله.

وأطلقت إيران 200 صاروخا باتجاه إسرائيل، قائلة إنه ردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران في 31 يوليو في عملية نسبت لإسرائيل، والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله في غارة إسرائيلية في 27 سبتمبر قتل فيها أيضا مسؤول في الحرس الثوري الإيراني.

وكان مسؤول عسكري إسرائيلي أعلن السبت أن بلاده تعد ردا على إيران التي حذّرها رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو من أنها ستدفع ثمنا باهظا لهجومها.

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن تأييده لحق إسرائيل في الرد، لكنه أشار إلى أن استهداف المنشآت النووية الإيرانية لن يكون في صالح إسرائيل.

هل تأخذ إسرائيل بالنصائح الأميركية؟

وبشأن ما إذا كانت إسرائيل ستأخذ نصائح الولايات المتحدة بعين الاعتبار، أعرب كيميت عن أمله في أن تستمع إسرائيل للنصائح الأميركية.

لكنه أشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في العام الأخير غالبا ما تجاهل هذه النصائح من بايدن بشأن القضايا العسكرية.

وقال: "لقد ركز نتانياهو على المهم بالنسبة إلى شعب إسرائيل والقضايا الداخلية ولم يقلق بشأن الدبلوماسية مع الولايات المتحدة".

القدرات العسكرية لإيران وحلفائها

لا يعتقد كيميت أن الإيرانيين أو حزب الله استخدموا كلية القدرات التي يمتلكونها للهجوم على إسرائيل.

ورغم أن كيميت يشير إلى أن قدرات حزب الله تضررت كثيرا من خلال القضاء على المستويات القيادية الثلاثة وأصبح من الصعب عليه أن يقوم بهجوم منسق أو بأعمال دفاع جنوب نهر الليطاني، فإنه يؤكد أنه هذا لا يعني أن وحدات الجماعة اللبنانية غير قادرة على إلحاق أضرار بالإسرائيليين.

إسرائيل تشن غارات جوية مدمرة على جنوب لبنان منذ 23 سبتمبر
في ظل الضربات المتواصلة ضد حزب الله.. هل تملك إسرائيل استراتيجية طويلة الأمد؟
مع استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي في لبنان، تساءل بعض الخبراء عما تخطط له الحكومة الإسرائيلية بعدما وجهت ضربات قوية لحزب الله، وتحدث البعض عن أنه ربما تمتلك بالفعل خطة لبدء الحرب وليس بالضروري أن يكون لديها أخرى لما بعد ذلك.

وقال: "الإسرائيليون لم يضعفوا كثيرا القدرات الصاروخية لحزب الله، ولو حزب الله استخدم عددا كبيرا من الصواريخ الموجودة في مستودعاته في الهجوم على إسرائيل، فإن هذا سيغرق الدفاعات الإسرائيلية ولن تستطيع إيقاف كل صاروخ يأتي إلى المناطق السكنية".

وشدد على أن حزب الله لا يزال يحتفظ بقدرات مهمة رغم الضغوط العسكرية، وأن التهديد الإيراني يظل قائما، محذرا إسرائيل بأنها يجب أن تبقى يقظة تجاه أي تحركات من قبل طهران وأذرعها في المنطقة.

ونقلت فرانس برس عن مصدر عسكري إيراني، الأحد، قوله إن طهران أعدّت خطّتها للرد في حال شنّت إسرائيل هجوما على أراضيها.

ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية عن المصدر العسكري أنّ خطّة الرد اللازم على أي عمل محتمل لإسرائيل "جاهزة تماما"، وإذا تحرّكت إسرائيل، فلن يكون هناك شكّ في تنفيذ الضربة المضادة الإيرانية.

وأضاف أنّ لإيران "بنك أهداف كثيرة داخل إسرائيل"، معتبرا أن ضربة الثلاثاء "أظهرت أنّه بإمكاننا تدمير أي نقطة نريدها وتسويتها بالأرض".

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، في الرياض،  13 مايو 2025. رويترز
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، في الرياض، 13 مايو 2025. رويترز

تجلت حالة العزلة التي يعيشها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوضوح الأسبوع الماضي مع نشر صورة للرئيس الأميركي دونالد ترامب وهو يصافح الرئيس السوري أحمد الشرع الذي وصفته إسرائيل بأنه "إرهابي من تنظيم القاعدة يرتدي بدلة".

وقال ترامب للصحفيين بعد محادثات مع الشرع، الأربعاء، في الرياض "إنه يملك الإمكانات. إنه زعيم حقيقي". وجاءت تلك التصريحات خلال اجتماع توسطت فيه السعودية، التي اتفقت مع ترامب خلال الزيارة على عدد من الصفقات في الأسلحة والأعمال والتكنولوجيا.

جولة ترامب السريعة التي استمرت أربعة أيام وشملت السعودية وقطر والإمارات الأسبوع الماضي لم تكن مجرد مشهد دبلوماسي مصحوب باستثمارات ضخمة.

وقالت ثلاثة مصادر إقليمية ومصدران غربيان إن الجولة الخليجية همشت إسرائيل وأبرزت ظهور نظام جديد للشرق الأوسط تقوده الدول السنية متجاوزا "محور المقاومة" المنهار التابع لإيران.

وفي ظل الغضب المتزايد في واشنطن إزاء عدم توصل إسرائيل لاتفاق بشأن وقف لإطلاق النار في غزة، ذكرت المصادر أن جولة ترامب تمثل رسالة تجاهل لنتنياهو، الحليف المقرب للولايات المتحدة والذي كان أول زعيم أجنبي يزور واشنطن بعد عودة ترامب إلى السلطة في يناير.

وأضافت المصادر أن الرسالة كانت واضحة: ففي رؤية ترامب للدبلوماسية في الشرق الأوسط، وهي رؤية أقل أيديولوجية وتعتمد أكثر على النتائج، لم يعد بإمكان نتنياهو الاعتماد على دعم أميركي غير مشروط لأجندته اليمينية.

وقال ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأدنى في إدارة جورج بوش الابن "تشعر هذه الإدارة بالإحباط الشديد من نتنياهو، وهذا الإحباط واضح... إنهم يتعاملون بشكل تجاري للغاية، ونتنياهو لا يقدم لهم أي شيء في الوقت الراهن".

وقالت المصادر إن الولايات المتحدة لن تدير ظهرها لإسرائيل، التي لا تزال حليفا قويا للولايات المتحدة وتحظى بدعم قوي من الإدارة الأميركية والحزبين الجمهوري والديمقراطي.

لكن المصادر أضافت أن إدارة ترامب أرادت إيصال رسالة إلى نتنياهو مفادها أن الولايات المتحدة لها مصالحها الخاصة في الشرق الأوسط ولا تريد منه أن يقف في طريقها.

وذكرت مصادر مطلعة أن صبر الولايات المتحدة بدأ ينفد ليس فقط بسبب رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي قبول وقف إطلاق النار في غزة، بل أيضا بسبب اعتراضه على المحادثات الأميركية مع إيران بشأن برنامجها النووي.

ولم يرد مكتب نتنياهو على طلبات للتعليق. ولم يُصدر المكتب أي تصريحات بشأن زيارة ترامب الخليجية.

وأكد متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أن ترامب لا يزال صديقا لإسرائيل.

وقال المتحدث باسم المجلس جيمس هيويت "نواصل العمل عن كثب مع حليفتنا إسرائيل لضمان إطلاق سراح باقي الرهائن في غزة وعدم حصول إيران على سلاح نووي أبدا وتعزيز الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط".

وذكرت المصادر المطلعة أنه على الرغم من تأكيد مسؤولين في إدارة ترامب علانية على متانة العلاقات الأميركية الإسرائيلية، فإنهم يعبرون في الجلسات المغلقة عن انزعاجهم من رفض نتنياهو مسايرة المواقف الأميركية بشأن غزة وإيران.

وقالت ستة مصادر إقليمية وغربية إن التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل أخذ في التزايد قبل جولة ترامب الخليجية.

وبدأ التوتر عندما سافر نتنياهو إلى واشنطن في زيارة ثانية في أبريل سعيا للحصول على دعم ترامب لشن ضربات عسكرية على المواقع النووية الإيرانية، لكنه فوجئ بتحول الرئيس نحو الخيار الدبلوماسي إذ علم قبل ساعات فقط من اللقاء أن المفاوضات على وشك أن تبدأ.

وفي الأسابيع التالية، أعلن ترامب وقف إطلاق النار مع الحوثيين في اليمن والتقارب مع القيادة الإسلامية الجديدة في سوريا كما تجاوز إسرائيل في زيارته الخليجية، وهو ما يظهر التوتر في العلاقات التقليدية بين الحليفتين، وفقا للمصادر.

وقال ديفيد ماكوفسكي، الباحث في معهد واشنطن ومدير مشروع عن العلاقات العربية الإسرائيلية، إن واشنطن وتل أبيب "لا تبدوان على توافق في القضايا الكبرى كما كانتا في المئة يوم الأولى" من رئاسة ترامب.

غزة تثبت الانقسام

خلال حملته الانتخابية، أوضح ترامب أنه يريد وقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن هناك قبل عودته إلى البيت الأبيض.

لكن بعد مرور أشهر على رئاسة ترامب، واصل نتنياهو تحدي دعوات وقف إطلاق النار، ووسع نطاق الهجوم، ولم يقدم أي خطة لإنهاء الحرب أو خطة لما بعد الحرب في الصراع المستمر منذ 19 شهرا. ويقول مسؤولو الصحة في غزة إن عدد القتلى في القطاع تجاوز 52900.

واندلعت الحرب، التي أثارت تنديدات دولية بشأن الأزمة الإنسانية في غزة، بسبب الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، وتقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز نحو 250 رهينة.

وتبدد أي أمل في استغلال ترامب زيارته للمنطقة لتعزيز صورته كصانع سلام والإعلان عن اتفاق لإنهاء الحرب.

وبدلا من ذلك، ضاعف نتنياهو، الذي تتهمه المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في غزة، هدفه المتمثل في سحق حماس. ويخضع نتنياهو للمحاكمة في إسرائيل بتهم الفساد التي ينفيها.

وخلال اختتام ترامب زيارته، شنت إسرائيل هجوما جديدا الجمعة على غزة. وأدت الغارات الإسرائيلية إلى مقتل مئات الفلسطينيين في الأيام القليلة الماضية.

أما الأولوية الأخرى لترامب، وهي توسيع اتفاقات إبراهيم التي تطبّع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والدول العربية لتشمل السعودية، فقد عرقلها أيضا تعنت نتنياهو.

وأوضحت الرياض أنها لن تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل أن تتوقف الحرب ويصبح هناك مسار لإقامة دولة فلسطينية، وهو ما يرفضه نتنياهو.

وقال شينكر "ليست لديه استراتيجية، ولا خطة لليوم التالي بشأن غزة". وأضاف "وهو يعترض الطريق".

أما علنا، فقد رفض ترامب نفسه أي حديث عن أي خلاف. وفي مقابلة مع شبكة فوكس نيوز بُثت بعد زيارة الخليج، نفى ترامب أن يكون محبطا من نتنياهو الذي قال عنه إنه يواجه "وضعا صعبا" بسبب الحرب في غزة.

لكن ترامب يمضي قدما من دون نتنياهو. وباهتمام بالمصالح الذاتية دون حرج، يقود الرئيس الأميركي عملية إعادة تنظيم للدبلوماسية الأميركية تجاه الدول السنية الثرية، التي ترتكز على الرياض الغنية بالنفط.

وقال مصدر إقليمي كبير إن زيارة ترامب توجت الدور المؤثر للسعودية بصفتها قائدا للعالم العربي السني. وعلى النقيض من ذلك، فقد أدت سنوات من التجاوزات الإيرانية، والضربات العسكرية الإسرائيلية القوية لحليفتيها حماس في غزة وجماعة حزب الله في لبنان، إلى تراجع دور طهران بصفتها قوة إقليمية شيعية.

وأضاف المصدر "كان لإيران الدور القيادي، والآن دخلت السعودية بأدوات أخرى: الاقتصاد والمال والاستثمار".

صعود السُنة

رغم أن نتنياهو هو من تصدر المعركة ضد إيران، يتشكل النظام الإقليمي الجديد في الرياض والدوحة وأبوظبي.

وتتطلع هذه الدول الخليجية إلى الحصول على أسلحة متطورة لحمايتها من هجمات إيران ووكلائها وكذلك إمكانية الوصول للرقائق الأميركية المتطورة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

ووجدوا شريكا راغبا يتمثل في رئيس أميركي يمكن أن تتداخل سياسته الخارجية أحيانا مع المصالح المالية لعائلته.

وفي قطر، المحطة الثانية من جولته، جرى تقديم طائرة فاخرة من طراز بوينغ 747 لترامب وجرى استقباله بحفاوة تليق بملك.

ووسط احتفال فخم ورقصات بالسيف واستعراض للفرسان ومأدبة ملكية، أعلن ترامب أن قطر، التي قدمت دعما ماليا كبيرا لحركة حماس، "تحاول المساعدة بكل تأكيد" في أزمة الرهائن الإسرائيليين.

وضرب تصريح ترامب على وتر حساس في القدس، حيث ينظر المسؤولون إلى الدوحة كتهديد استراتيجي يمول أحد ألد أعدائهم.

وقال يوئيل جوزانسكي وهو زميل بارز في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب إن العديد من الإسرائيليين "لا يفهمون مدى مركزية قطر بالنسبة للولايات المتحدة"، مشيرا إلى أنها تضم أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط.

وأضاف جوزانكسي أنه في الوقت الذي تجعل علاقة قطر مع حماس من الدولة الخليجية تهديدا لإسرائيل، فإن ثروتها الهائلة من الغاز الطبيعي ونفوذها المالي ونفوذها الدبلوماسي حولها إلى حليف لا غنى عنه لواشنطن.

وقدر البيت الأبيض أن الجولة إجمالا ضمنت أكثر من تريليوني دولار من الالتزامات الاستثمارية في الاقتصاد الأميركي، منها طلبيات كبيرة لطائرات بوينغ وصفقات لشراء معدات دفاعية أميركية واتفاقيات لشراء خدمات تكنولوجية. بينما وجد إحصاء أجرته رويترز للصفقات المعلنة أن القيمة الإجمالية تصل لما يقارب 700 مليار دولار.

وفي السعودية، وافق ترامب على صفقة أسلحة قياسية بقيمة 142 مليار دولار مع الرياض، مما أجج المخاوف الإسرائيلية من فقدان التفوق الجوي في المنطقة إذا حصلت الرياض على طائرة لوكهيد من طراز إف-35.

وفي الوقت نفسه، وفي إعادة تقويم للعلاقات الأميركية السعودية، عرض ترامب على الرياض مهلة لإقامة علاقات مع إسرائيل، قائلا لحكام السعودية إن بإمكانهم القيام بذلك في الوقت الذي يناسبهم.

والآن، يتفاوض ترامب على استثمار نووي مدني تقوده الولايات المتحدة للسعودية، وهي صفقة أخرى تثير قلق إسرائيل.

ودفعت الدول التي تتبع المذهب السني أجندتها الدبلوماسية الخاصة. وجاء إعلان ترامب المفاجئ خلال جولته عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، في تحول آخر كبير في السياسة الأميركية، بناء على طلب من السعودية ورغم اعتراضات إسرائيل.

وحتى ديسمبر، عندما أطاح أحمد الشرع بالرئيس السوري بشار الأسد، رصدت واشنطن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يقبض عليه.

ورحبت دول الخليج بالهدنة التي أعلنها ترامب مع الحوثيين في اليمن، وهم جزء من "محور المقاومة" الذي تقوده إيران في المنطقة، والتي وضعت حدا لعملية عسكرية أميركية مكلفة في البحر الأحمر. وجاء هذا الإعلان، الذي أعقب إجراء المحادثات النووية مع إيران، بعد يومين فقط من سقوط صاروخ حوثي على مطار بن غوريون الإسرائيلي.

وقال جوزانسكي وهو منسق سابق لشؤون إيران والخليج في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي "يزيد موقف إسرائيل أكثر فأكثر كمخربة تقف في طريق ليس فقط الولايات المتحدة بل المجتمع الدولي، إذ تحاول تشكيل المنطقة بشكل مختلف بعد سقوط الأسد وحزب الله وربما إنهاء حرب غزة".

وفي حين التزمت حكومة نتنياهو اليمينية الصمت إزاء زيارة ترامب، عبرت وسائل إعلام إسرائيلية عن قلقها من أن مكانة البلاد مع أهم حلفائها آخذة في التراجع.

وانتقد سياسيون معارضون رئيس الوزراء لسماحه بتهميش إسرائيل بينما يعاد تشكيل تحالفات قديمة.

ووجه رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، الذي يستعد للعودة إلى الحياة السياسية، اتهاما لاذعا لحكومة نتنياهو، مجسدا بذلك الشعور بالقلق الذي يسيطر على كثيرين في المؤسسات السياسية والأمنية الإسرائيلية.

وقال رئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق على أكس "الشرق الأوسط يشهد تغييرات في بنائه أمام أعيننا وأعداؤنا يزدادون قوة، ونتنياهو... وجماعته مشلولون، سلبيون وكأنهم غير موجودين".