قيمة مرموقة لجوائز نوبل
قيمة مرموقة لجوائز نوبل

فازت الناشطة السياسية والمعتقلة في سجون النظام الإيراني، نرجس محمدي، العام الماضي بجائزة نوبل للسلام.

ووقت إعلان الجائزة، شبهت رئيسة لجنة جائزة نوبل بيريت ريس أندرسن، نضال نرجسي بنضال الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا في بلاده من أجل إنهاء الفصل العنصري.

وأضافت أنّ "النساء في إيران يناضلن ضدّ التمييز منذ أكثر من 30 عاما. ويحلمن بمستقبل أكثر إشراقاً سيتحقق في نهاية المطاف".

وكانت محمدي الخامسة بعد فوز أربعة آخرين بالجائزة أثناء وجودهم في السجون، قد يُضاف إليهم معتقل سادس هذا العام في حال فوزه.

فمن هم مرشحّو نوبل للسلام في نسختها لعام 2024؟

بحسب الموقع الإلكتروني لجائزة نوبل، لا يمكن الكشف عن أسماء المرشحين أو أي معلومات تتعلق بالترشيحات إلا بعد مرور 50 عاماً على ذلك.

وأفاد أن عدد المرشحين لجائزة نوبل للسلام الذين تم تسجيلهم لدى معهد نوبل، بلغ  286 مرشحاً منهم 197 فرداً و89 منظمة.

وهذا العدد أقل مما كان عليه العام الماضي 2023، حيث قبل المعهد 351 ترشيحاً موزعاً بين 259 فردا و92 منظمة.

وأعلنت مجلة "تايم" الأميركية، الأربعاء، أسماء أبرز المرشحين لجائزة نوبل للسلام، التي سيتم الإعلان عنها الجمعة، بناء على قائمة أنشأها مدير معهد أبحاث السلام في أوسلو، هنريك أوردال، نشرها موقع المراهنة البريطاني "نايسرأوودس". 

الناشطة البيئية غريتا ثونبرغ

من أبرز المرشحين الذين نُشرت أسماؤهم في قائمة أوردال، الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ (21 عاماً) المرشحة سنوياً للجائزة منذ عام 2019.

ولثونبرغ دور مؤثر في الحراك البيئي الدولي، ولفتت أنظار العالم حين نظمت  "الإضراب المدرسي من أجل المناخ" خارج البرلمان السويدي عام 2018.

 ولا تزال الناشطة الشابة منخرطة في الحركة، حتى أنه تم القبض عليها في بروكسل بسبب احتجاجها على دعم الوقود الأحفوري قبل أيام.

وفي 2019، اعتبرتها مجلة "تايم" شخصية العام، وهي أصغر من حصل على هاذ اللقب على الإطلاق، حيث كان عُمرها 16 عاماً آنذاك.

 

رئيس أوكرانيا

يعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أحد أكبر المتنافسين على جائزة نوبل للسلام، بحسب "نايسرأوودس".

في الوقت نفسه، قالت "تايم" إن من غير المرجح فوزه باعتبار أنه لا يزال في خضم الحرب المستمرة منذ فبراير 2022 بين بلاده وروسيا.

كذلك زيلينسكي، اختارته المجلة لشخصية العام بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

تم اختيار زيلينسكي كشخصية العام في مجلة TIME لعام 2022.

سفياتلانا تسيخانوسكايا

يعوّل موقع المراهنة البريطاني أيضاً على فوز زعيمة المعارضة البيلاروسية المنفية سفياتلانا تسيخانوسكايا (42 عاماً) بجائزة نوبل للسلام.

ورغم منفاها، ما زالت نشطة في تحدي النظام البيلاروسي وتتواصل مع قادة دوليين. وكان أحدث اجتماع لها مع وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي لمناقشة إطلاق سراح السجناء السياسيين، وقضايا الهجرة البيلاروسية، وسد ثغرات العقوبات.

 وتواجه تسيخانوسكايا التي أعلنت فوزها في الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في 2020 في بيلاروسيا، مجموعة من التهم بما في ذلك الخيانة العظمى و"التآمر للاستيلاء على السلطة" وإنشاء وقيادة منظمة متطرفة. 

إلهام توهتي

يصادف هذا العام الذكرى السنوية العاشرة لاعتقال الناشط في مجال حقوق الإنسان إلهام توهتي في الصين بسبب دفاعه عن أقلية الأويغور المسلمة.

في سبتمبر الماضي، دعت منظمة العفو الدولية في بيان، المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فعلية وضاغطة لضمان الإفراج عن الأكاديمي الأويغوري، المعتقل بتهمة تبني "نزعة انفصالية" لا أساس لها.

وصدر حكم بالسجن مدى الحياة على توهتي في 23 سبتمبر 2014، عقب محاكمة جائرة، بحسب "العفو"، حيث استهدفته الحكومة الصينية بسبب مطالبته السلمية بإقامة حوار بنّاء وتفاهم مشترك بين قوميتي الأويغور والهان، وتشكل الأخيرة الأغلبية العظمى في الصين. 

مكتب منظمة الأمن والتعاون في أوروبا للمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان (OSCE)

بحسب الموقع الإلكتروني للمنظمة التي تضم 57 دولة، فإن لديها "نهجاً شاملاً للأمن يتعلق بجوانب سياسية عسكرية، واقتصادية وبيئية وإنسانية".

وتقوم بعلاج مسائل هامة تتعلق بالأمن في الدول الأعضاء، مثل "مراقبة الأسلحة، وتدابير بناء الثقة والأمن، وحقوق الإنسان، والأقليات القومية، وإرساء الديمقراطية، وإستراتيجيات الشرطة، ومكافحة الإرهاب، والأنشطة الاقتصادية والبيئية".

وقال مدير معهد أبحاث السلام في أوسلو، هنريك أوردال، في بيان نقلته "تايم": "بما أن الانتخابات هي حجر الزاوية في الديمقراطية، فإن مراقبي الانتخابات يلعبون دوراً محورياً في تشكيل التصورات حول شرعية العمليات الانتخابية. ومنح جائزة نوبل للسلام لمراقبي الانتخابات يبعث برسالة قوية حول أهمية الانتخابات الحرة والنزيهة، ودورها في السلام والاستقرار".

غرف الاستجابة للطوارئ في السودان

لعبت غرف الطوارئ في السودان دورا هاما في التخفيف من حدة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، التي اندلعت بعد اشتعال الحرب بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).

وتمثل شبكة واسعة من المتطوعين المحليين الذين سعوا إلى استمرار الخدمات الأساسية في البلاد، مثل المياه والكهرباء، وعملوا على توزيع المواد الغذائية والإمدادات الطبية. وتدير المجموعة الكثير من المطابخ الخيرية.

 

محكمة العدل الدولية

هي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، وتتولى  الفصل طبقا لأحكام القانون الدولي في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، وتقديم آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي قد تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة.

قالت "تايم" إن الترشيح جاء بناء على دورها في صراعات وحروب لا تزال قائمة حول العالم، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، ونظيرتها بين إسرائيل وفصائل مسلحة في قطاع غزة.

ففي يناير الماضي، أمرت المحكمة إسرائيل "باتخاذ جميع التدابير التي في وسعها" لوقف الأعمال العسكرية في غزة التي أدت لمقتل نحو 42 ألف شخصاً غالبيتهم من المدنيين. 

الأونروا وفيليب لازاريني

تقدم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا)، التي يرأسها المفوض العام فيليب لازاريني، المساعدة والحماية وكسب التأييد للاجئي فلسطين في الأردن ولبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم، وفق ما ذكرت في موقعها الإلكتروني.

ويتم تمويلها بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

وتشمل خدماتها التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيمات والدعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة بما في ذلك في أوقات النزاع المسلح.

وتأسست الأونروا بموجب القرار رقم 302 (رابعا) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين، وتعمل منذ مايو 1950 حتى الآن.

وخلال الحرب المستمرة منذ عام في قطاع غزة، واجهت الأونروا العديد من الصعوبات أبرزها الاتهامات الإسرائيلية بتواطؤ موظفين فيها بهجوم 7 أكتوبر، ثم إعلان عدد من الدول التوقف عن تمويلها، عدا عن فقدانها العديد من كوادرها في القطاع جرّاء القصف الإسرائيلي، وتعرض مدارسها التي تأوي آلاف الفلسطينيين للتدمير، وتعثّر إيصالها المساعدات للنازحين.

 

اليونسكو ومجلس أوروبا

تعمل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) على تعزيز السلام والأمن من خلال تعزيز الحوار والتعاون الدوليين بين الدول الأعضاء في مجالات مثل التعليم والعلوم والثقافة. 

وذكرت مجلة "تايم" الأميركية، أن مجلس أوروبا تأسس على اعتبار أن فهم الماضي أساسي لبناء مستقبل مشترك.

وقال أوردال، الذي أنشأ قائمة المرشحين لجائزة نوبل للسلام، ونشرها موقع المراهنة البريطاني "نايسرأوودس"، إن اليونسكو تؤكد أهمية فهم التاريخ في سياق عالمي، فضلاً عن تطوير وجهات نظر إقليمية متكاملة". 

لذلك فإن فهم وتعليم التاريخ من شأنه أن يعزز السلام خصوصاً أن ألفريد نوبل نوبل دعا إلى الإخاء بين الأمم، وفق أوردال.

الأيغور في الصين

لا تعمل مضخة وقود في شينجيانغ، ما لم يقف الأويغوري، أمام كاميرات التعرف على الوجه في المحطة.

وإذا أراد الدخول إلى سوق، فليس أمامه إلا النفاذ عبر أجهزة الكشف عن المعادن، وأدوات التحقق من الهويات، وكاميرات التعرف على الوجه، كذلك، قبل أن يؤذن له بالدخل للتبضع.

"أن تكون إويغوريا يعني أن تعيش في كابوس دائم،" يقول مايكل سوبوليك، الباحث المتخصص في الشأن الصيني، لموقع "الحرة".

في شينجيانغ، موطن أقلية الأويغور المسلمة غربي الصين، تنتشر كاميرات المراقبة في كل مكان، بينما تتربص نقاط التفتيش الأمنية بالمارة عند كل منعطف: أين هاتفك الشخصي؟

وتقول منظمات حقوقية دولية إن بكين رسخت، على مدى عقد من الزمن أحد أكثر أنظمة المراقبة الرقمية شمولية في العالم، وحولت 13 مليون أويغوري إلى مختبر حي لإدوات المراقبة المعززة بالذكاء الاصطناعي. 

والأخطر أن نموذج القمع الرقمي الصيني هذا، يمكن أن يُحتذى في أي مكان في العالم، بل أن دعوى قضائية، تجري فصولها في باريس حاليا، تشير إلى تطبيقات للنظام في دول عدة.

محكمة في باريس

في قاعة محكمة في باريس، يغلي على نار هادئة، منذ أسابيع، صراع قانوني قد يكون غير مسبوق، لمحاسبة شركات تكنولوجيا صينية على جرائم ضد الإنسانية.

يقود القضية، باسم "المؤتمر العالمي للإيغور"،  المحامي الفرنسي، الشهير في مجال حقوق الإنسان، ويليام بوردون. والمتهمون فيها فروع فرنسية لثلاث من عمالقة التكنولوجيا الصينية: هواوي، وهايكفيجن، وداهوا.

 التهمة: التواطؤ في إبادة جماعية.

تؤكد الدعوى على أن الشركات العملاقة تلك ساعدت في بناء دولة رقابة شاملة في إقليم شينجيانغ، حيث أن أنظمة التعرف على الوجوه وتقنيات الذكاء الاصطناعي لا تراقب فقط، إنها مدربة لاستهداف الأويغور على أساس عرقي.

ووفقا لـ"المؤتمر العالمي للإيغور"، لم تكن هذه الأنظمة مجرد أدوات مراقبة، بل وسائل للاعتقال والتعذيب والسيطرة، تغذي واحدة من أوسع شبكات القمع الرقمي في العالم.

ولا تقتصر الدعوى على استخدام القمع الرقمي داخل حدود الصين، بل تتضمن الإشارة إلى استخدام هذه الأنظمة في مناطق صراع أخرى مثل أوكرانيا، وفي مشاريع مراقبة في الإكوادور وصربيا.

ويقول ريتشارد ويتز، مدير مركز التحليل السياسي-العسكري في معهد هدسون، في حديث مع موقع "الحرة" إن أنظمة المراقبة هذه أصبحت متاحة على نطاق واسع لحكومات أجنبية ترغب في تقليد النموذج الصيني.

"يبدو أن هناك عددا من الدول في إفريقيا وآسيا، وربما بعض الدول الأوروبية، لكنها تتركز بشكل أساسي في إفريقيا وآسيا، وربما أميركا اللاتينية أيضا، تشتري هذه الأنظمة من الصين".

"لكن المشكلة،" يتابع ويتز، "أن الصينيين، على ما يبدو، يقومون بجمع هذه البيانات لأنفسهم أيضا".

خوارزمية الشرطة التنبؤية

منذ نحو عشرة أعوام يتعرض الشعب الأويغوري لرقابة مشددة، مصحوبة باعتقالات جماعية تعسفية، ومعسكرات تلقين أيدولوجي قسرية، وقيود على التنقل والعمل والطقوس الدينية.

فبعد إعلان بكين "حرب الشعب على الإرهاب" في 2014، وسعت السلطات الصينية بشكل كبير نطاق استخدام الشرطة للتكنولوجية المتقدمة في مناطق الأويغور.

وفي عهد سكرتير الحزب الشيوعي في تشينجيانغ، تشن كوانغو الذي يوصف بـ"المتشدد"، شهدت مناطق الأويغور فورة في إنشاء مراكز الشرطة، وبات لا يفصل بين مركز وآخر أكثر من 500 متر.

ارتفع الإنفاق الأمني، وزادت عمليات التوظيف في مجال الأمن العام بشكل هائل. ووجدت تقارير أن شينجيانغ توظف 40 ضعفا من رجال الشرطة لكل فرد مقارنة بمقاطعة غوانغدونغ الجنوبية المكتظة بالسكان.

في الوقت ذاته، أطلقت بكين منصات شرطة تعمل بالخوارزميات التنبؤية. ويقوم تطبيق يُسمى "منصة العمليات المشتركة المتكاملة (IJOP)" بتجميع البيانات الشخصية من مصادر متعددة: كاميرات المراقبة، وأجهزة تتبع شبكات الواي فاي والهواتف الشخصية، والسجلات المصرفية، وحتى سجلات الصحة والسفر، لتحديد الأشخاص الذين تعتبرهم السلطات تهديدا محتملا.

ووفقا لهيومن رايتس ووتش، أوعز برنامج "الشرطة التنبؤية" هذا باعتقالات عشوائية للأويغور من دون أن يكون هناك أي مؤشر على وجود تصرف مخالف للقانون.

من شأن الحجاب وحده أن يُفعّل الخوارزمية لتصنيف شخص ما كـ"خطر أمني". وغالبا ما تعتقل السلطات الأشخاص الذين الذين يستهدفهم نظام البيانات هذا، وترسلهم إلى معسكرات التلقين من دون تهمة أو محاكمة.

"إذا كنت مواطنا صينيا وتعيش في الصين، فإن حياتك تُدار من خلال تطبيقات تسيطر عليها في النهاية الحكومة الصينية، وتحديدا الحزب الشيوعي الصيني،" يقول سوبوليك، وهو زميل أقدم في معهد هدسون.

"خذ مثلا تطبيق "وي تشات" (WeChat) الذي يُسمى بـ"تطبيق كل شيء"، سواء كان لطلب الطعام، أو لمراسلة العائلة، أو لاستخدام محرك بحث، أو للنشر على شبكات التواصل الاجتماعي. إنه تطبيق يتغلغل في كل شيء".

وهو أيضا تطبيق يستخدمه الحزب الشيوعي الصيني لتتبع ومراقبة اتصالات المواطنين، يضيف.

ويقول سكان أويغور إن السلطات الصينية تعاملهم دائما بريبة. "إذا بدا عليك أنك من أقلية عرقية، فسيخضونك للتفتيش. أشعر  بالإهانة"، تنقل هيومان رايتس ووتش حديث أحد مستخدمي الإنترنت الأويغور عن عمليات التفتيش الأمنية التي لا تنتهي.

ويعتقد ويتز أن حقوق الأويغور "تُنتهك بطرق عديدة" ونظام المراقبة باستخدام الذكاء الاصطناعي "واحدة منها".

شينجيانغ - رمضان الماضي 

بينما ينشغل العالم عن إقليم شينجيانغ بقضايا دولية أخرى، تواصل الصين حملتها لدمج الأويغور قسريا. 

في شهر رمضان، أجبرت السلطات الصينية الأويغور على تصوير أنفسهم وهم يتناولون الغداء وإرسال اللقطات إلى كوادر الحزب الحاكم، في مسعى لمنع ما تصفه السلطات بـ"التطرف الديني". 

و أُجبر كثيرون على العمل خلال ساعات النهار، واحتُجز الذين رفضوا العمل من 7 إلى 10 أيام، أو أرسلوا إلى "المعسكرات"، بحسب ما أفاد به شرطي محلي راديو "آسيا الحرة"، مارس الماضي.

أزمة أخلاقية

لا تزال قضية العمل القسري في السجون بمثابة أزمة أخلاقية كبيرة على المستوى الدولي، في حين تواصل واشنطن مساعيها للتخفيف من معاناة الأويغور بقوانين وإجراءات تستهدف شركات صينية متورطة في جرائم ضد الإنسانية.

ويصف ريتشارد ويتز، مدير مركز التحليل السياسي-العسكري في معهد هدسون، الجهود الأميركية ودول أخرى، في هذا الشأن، بأنها "أكثر نجاحا" مقارنة بالدور الأوروبي في مواجهة الانتهاكات الصينية لحقوق الإويغور. 

ويشير ويتز إلى إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب وإدارة جو بايدن قبله شجعتا الحكومات الأوروبية وغيرها على عدم شراء التكنولوجيا الصينية، خاصة تلك التي يمكن أن تُستخدم لجمع بيانات عن الشركات المحلية أو السكان".

وفي أوائل مايو الحالي، أقر مجلس النواب الأميركي قانون "لا دولارات للعمل القسري للأويغور". 

يحظر القانون على وزارة الخارجية ووكالة التنمية الدولية الأميركية (USAID) تمويل أي برامج تشمل بضائع مُنتجة في إقليم شينجيانغ الصيني أو من طرف كيانات مرتبطة بالعمل القسري المفروض على الأويغور. 

ويُلزم المشروع الجهات المتعاقدة بتقديم ضمانات خطية بعدم استخدام مثل تلك المنتجات. ويفرض أيضا تقديم تقارير سنوية حول الانتهاكات والتحديات في تنفيذ القانون. ويسمح باستثناءات مشروطة بإشعار الكونغرس بشكل مسبق.

ويعزز القانون الجهود الأميركية في التصدي لقمع الصين للإيغور عبر الضغط الاقتصادي والدبلوماسي.

وفي يناير الماضي، وسعت وزارة الأمن الداخلي الأميركية بشكل كبير "قائمة الكيانات" المشمولة بقانون منع العمل القسري للإيغور. واستهدفت الوزارة شركات صينية متورطة في العمل القسري في شينجيانغ.

وبين عامي 2024 و2025، قامت شركات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا بإدراج شركات صينية عديدة على القوائم السوداء، في قطاعات تشمل الزراعة، وألواح الطاقة الشمسية، والمنسوجات.

إضافة إلى ذلك، "ركزت واشنطن أحيانا على تطوير تكنولوجيا مضادة تتيح للإيغور وغيرهم التحايل على أنظمة المراقبة،" وفقا لويتز.

ويلفت سوبوليك إلى أن إنشاء دولة المراقبة داخل الصين يعود إلى ثمانينيات أو تسعينيات القرن الماضي، و"بمساعدة دول غربية".

لكنهم تمكنوا من تطوير هذه "التكنولوجيا الديستوبية (المرعبة) ، واستخدامها على شعبهم وعلى الأويغور بشكل خاص، يضيف.

براءات الاختراع

وراء الكواليس، تتعاون بكين مع شركات خاصة لتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي لتحديد هوية الأشخاص استنادا إلى العرق. وتقول رويترز إن براءات الاختراع والوثائق التي كُشف عنها خلال السنوات الماضية، تُظهر أن شركات التكنولوجيا الصينية ابتكرت خوارزميات لتحديد وجوه الأويغور بين الحشود.

وتنقل الوكالة عن أحد الباحثين تحذيره من هناك خروقات جسيمة ترتكب ضد حقوق الإنسان. "تتيح هذه التقنيات للشرطة الاطلاع على قاعدة بيانات ضخمة من الوجوه، وتحديد الوجوه التي صنّفها الذكاء الاصطناعي على أنها أويغورية،" يقول.

أنشأت بكين قاعدة بيانات ضخمة من البيانات البيومترية الخاصة بسكان شينجيانغ. وتحت ستار الفحوصات الطبية المجانية، أُجبر السكان، وفقا لصحيفة الغارديان البريطانية، وخاصة الأقليات المسلمة، على تزويد الشرطة بعينات من الحمض النووي، ومسح قزحية العين، وبصمات الأصابع، وتسجيلات صوتية.

بهذا الكم الهائل من المعلومات البيومترية الشخصية، إلى جانب شبكات كاميرات الذكاء الاصطناعي وتطبيقات مراقبة الهواتف الذكية، أنشأت الصين نظام مراقبة، أورويلي الطابع. بل أن جورج أورويل نفسه ليصاب بالرعب إزاء دستوبيا حقيقية يعيش في أتونها بشر حقيقيون، وليس مجرد شخصيات خيالية.

يوصف نظام المراقبة في شينغيانع عموما بأنه "دولة بوليسية رقمية"، ويعد بمثابة برنامج تجريبي، تختبره بكين على الأويغور قبل توسيع نطاقه في أماكن أخرى حول العالم.

مثل شخصيات أورويل في روايته "1984"، يعيش حوالي 13 مليون  أويغوري وغيرهم من المسلمين الأتراك في شينجيانغ، حالة خوف مستمرة تحت شبكة أمنية عالية التقنية. 

يعلم الناس أن كل حركة تقريبا تخضع للمراقبة. ذهابك إلى المسجد، الأشخاص الذي تتواصل معهم، ما تقرأه، وحتى طريقة لباسك، يتم باستمرار تقييمها بواسطة الخوارزميات. 

يتجنب كثيرون في تشينجيانغ تبادل العبارات الدينية  أو ذات الصبغة الثقافية الخاصة. فتواصلك مع الأقارب في الخارج، أو امتلاكك سجادة صلاة، أو مشاركتك آية قرآنية على وسائل التواصل الاجتماعي، قد تنتهي بك إلى السجن. 

يقول أويغور أنهم "يخافون من الصلاة أو حتى ارتداء الملابس التقليدية" في منازلهم، لأنهم يعلمون أن عيون الدولة وآذانها في كل مكان، والعواقب وخيمة.

منذ عام 2017، نفذت السلطات الصينية حملات اعتقال جماعي في شينجيانغ. واحتجزت  أكثر من مليون من الأويغور والأقليات المسلمة الأخرى في شبكة من معسكرات الاعتقال والسجون، وفقا لتقديرات نقلتها الأمم المتحدة، وفقا لرويترز. 

أُرسل كثيرون إلى المعسكرات ليس لارتكابهم أي جريمة، بل لأن أنظمة الرقابة الآلية وضعتهم على قائمة "غير موالين محتملين" بسبب بصمتهم الرقمية.

داخل معسكرات التلقين، التي تسميها بكين "مراكز التدريب المهني،" نقل معتقلون سابقون عن تعرضهم للتعذيب والتلقين السياسي والإجبار على التخلي عن دينهم. 

تمزقت أوصال عائلات: يختفي البالغون في معسكرات سرية بينما يُوضع الأطفال في مؤسسات حكومية، في سعي السلطات لمحو هوية الأويغور. حتى غير المعتقلين يعيشون تحت نوع من الإقامة الجبرية المؤقتة. 

يسرد تقرير للغاردينان قصة رجل أويغوري عاد إلى شينجيانغ من الدراسة في الخارج، فوصف على الفور بأنه "خطر" لمغادرته البلاد؛ اعتقلته الشرطة في المطار، وأجبرته على الخضوع لـ"فحص صحي" بيومتري، واقتادته إلى مركز احتجاز.

أُلقي القبض على آخرين لمجرد أن أحد أقاربهم في الخارج، أو لأن هواتفهم تحمل محتوى إسلاميا.

تقول منظمات حقوقية دولية إن المراقبة الشاملة تُغذي منظومة انتهاكات أوسع نطاقا. في تقرير صدر في أغسطس 2022، خلصت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى أن ممارسات الصين الرقابية في شينجيانغ "قد تُشكل جرائم دولية، لا سيما جرائم ضد الإنسانية".

وقد وثّقت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية أدلة على الاعتقال الجماعي والتعذيب والاضطهاد الثقافي والعمل القسري في المنطقة، والتي تُسهّلها البنية التحتية المتطورة للمراقبة، مما يجعل من شبه المستحيل على الأويغور التهرب من سيطرة الدولة.

باختصار، أصبحت شينجيانغ سجنًا مفتوحًا حيث تُحاصر مجموعة عرقية بأكملها بالوسائل الرقمية. الخسائر البشرية فادحة: تدمير الخصوصية، وتجريم المعتقد والثقافة، وتعطيل أو تدمير حياة ملايين الأشخاص. 

"لقد بنت الصين في شينجيانغ ديستوبيا مدفوعة بالمراقبة، وهي نموذج للقمع يجب على العالم مواجهته على وجه السرعة"، قالت صوفي ريتشاردسون من هيومن رايتس ووتش: (هيومن رايتس ووتش، ٢٠٢٣). 

شركات القمع التكنولوجي

تؤكد تقارير أن اعتماد بكين على نخبة من الشركات الصينية العملاقة في مجال تكنولوجيا الأمن في توفير الأجهزة والبرمجيات التي تشغل دولة شينجيانغ البوليسية.

هيكفيجن وداهوا وهواوي وهي من أكبر شركات صناعة كاميرات المراقبة في العالم.

فازت هيكفيجن وداهوا بعقود ضخمة لتزويد شينجيانغ بكاميرات مراقبة وأنظمة تعرف على الوجه. 

وتُظهر أبحاث استندت إلى وثائق شرطة مسربة أن كاميرات هيكفيجن جزء أسياسي في برامج الشرطة في شينجيانغ لتتبع الأويغور واستهدافهم.

إذا كنت أويغوريا

إذا كنت أويغوريا تعيش في الصين، فمن المستحيل أن تعيش حياتك دون أن تكون خاضعا للرقابة المستمرة من الحزب الشيوعي الصيني، يقول سوبوليك.

"وما هو أكثر مأساوية،" يضيف، "أنه حتى لو كنت أويغوريا تعيش خارج الصين – في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو أي دولة غربية أخرى – فإن قمع الحزب لا يزال يلاحقك".