تصاعد الهجمات على مواقع إلكترونية بالمغرب والجزائر في سياق التوتر الدبلوماسي بين البلدين/ صورة
المتهمان هما شقيقان واستهدفا شركات أميركية كبيرة ومستشفى ونظام دفاع إسرائيلي. أرشيفية-تعبيرية

ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن الولايات المتحدة اتهمت سودانيين اثنين بإدارة عصابة قوية لشن هجمات إلكترونية مقابل المال.

وأوضحت الصحيفة أن المتهمين هما شقيقين واستهدفا شركات أميركية كبيرة ومستشفى ونظام دفاع إسرائيلي في عمليات مدفوعة الأجر، وموجهة في الغالب بأيديولوجية.

ووفقا للصحيفة، وجه المدعون الفيدراليون اتهامات لشقيقين سودانيين، الأربعاء، بإدارة واحدة من أكثر عصابات الهجمات الإلكترونية تأثيرا على الإطلاق وذلك مقابل أجر، وهي مجموعة صغيرة ألقوا عليها اللوم في 35 ألف هجوم في عام واحد.

وأوضحت الصحيفة أن هيئة محلفين كبرى وجهت اتهامًا إلى أحمد صلاح يوسف عمر وعلاء صلاح يوسف عمر بالتآمر وإتلاف أجهزة الكمبيوتر، بما في ذلك في مستشفى واحد على الأقل في الولايات المتحدة. ويمكن أن تؤدي الإدانات إلى أحكام محتملة بالسجن مدى الحياة.

ويُزعم أن الشقيقين قاما بتشغيل مجموعة Anonymous Sudan، وهي مجموعة هائلة تضم 80 ألف مشترك على "تيليغرام" والتي تمكنت من تعطيل الصفحات الرئيسية غير المتصلة بالإنترنت مثل "مايكروسوفت، وأوبن إيه أي، وباي بال" منذ يناير 2023. وتقول لائحة الاتهام إنهم فعلوا كل ذلك مع ثلاثة شركاء فقط من السودان لم يصدر بحقهم أي اتهامات سابقة.

وقال مارتن استرادا، المدعي العام الأميركي لمنطقة لوس أنجيليس، إن المجموعة فرضت 600 دولار أو أقل مقابل هجمات السيبرانية وقطع الخدمات، وكانت غالبية أفعالهم مدفوعة بأيديولوجية قومية سودانية.

وقال استرادا لصحيفة "واشنطن بوست": "الأمر غير المعتاد هو غلبة الدافع الأيديولوجي، الذي يصاحبه أجر مادي، وبشكل عام، كانوا غزيري الإنتاج ومتوسعين في الأهداف التي هاجموها".

وأضاف استرادا أن "الأخوين اعتقلا في الخارج في مارس وهما قيد الاحتجاز منذ ذلك الحين. ورفض تسمية الدولة التي تحتجزهما ورفض التعليق على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستسعى لتسليمهما. وقد تم الاستيلاء على البرامج وأجهزة الكمبيوتر التي استخدموها، ولم تحدث أي هجمات أخرى من تلك الشبكة".

وأشار بيان المدعي العام الأميركي لمنطقة لوس أنجيليس إلى أن الهيئة وجهت إلى أحمد صلاح يوسف عمر (22 عامًا) تهمة التآمر لإتلاف أجهزة كمبيوتر محمية، كما وجهت إلى علاء صلاح يوسف عمر (27 عامًا) ثلاث تهم تتعلق بإتلاف أجهزة كمبيوتر محمية.

ووصف المدعي العام "أنونيموس" بأنها مجموعة إجرامية إلكترونية مسؤولة عن عشرات الآلاف من هجمات الحرمان من الخدمة الموزعة “DDoS” ضد البنية التحتية الحيوية والشبكات المؤسسية والوكالات الحكومية في الولايات المتحدة وحول العالم.

وأوضح البيان أن المجموعة عطلت مواقع حكومية في الولايات المتحدة والإمارات وتشاد والبحرين، كما زُعم أنها عطلت نظام الإنذار الأحمر الإسرائيلي لتحذير السكان من إطلاق الصواريخ في 7 أكتوبر 2023.

وأشارت مجلة "فورين آفيرز" إلى أنه قبل أقل من 50 يوما على موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، توجد مؤشرات مقلقة بشأن حجم المخاطر التي تحيط بالعملية الانتخابية، وأبرزت بشكل جلي مدى عزم خصوم واشنطن على التدخل في مسار الاقتراع أو محاولة تقويضه.

وبحسب المجلة، فقد ظهرت تفاصيل جديدة عن هجمات إلكترونية وجهود للتدخل في الانتخابات، تقف وراءها الصين وروسيا وإيران، مما دفع المسؤولين الأميركيين وكبار التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا، إلى التحذير من نية هذه الدول في "إثارة الفوضى" خلال الأسابيع التي تسبق الخامس من نوفمبر.

وبخلاف قضية الانتخابات، سلطت شبكة "سي أن بي سي" الضوء، في يونيو الماضي، على المخاطر المحيطة بمياه الشرب في الولايات المتحدة، حيث تواجه هجمات إلكترونية مرتبطة بالصين وروسيا وإيران.

وذكرت الشبكة أن الهجمات الإلكترونية على شبكات المياه في البلاد يمكن أن تؤدي إلى الإضرار بالبنية التحتية، وتعطيل توافر المياه أو تدفقها، وتغيير المستويات الكيميائية، وتلويث إمدادات مياه الشرب العامة.

ووفقا للشبكة، شملت سلسلة الهجمات الأخيرة على مرافق المياه أنظمة في كانساس وتكساس وبنسلفانيا. وأصبح الاستيلاء على البنية التحتية الوطنية الحيوية أولوية قصوى لمجرمي الإنترنت المرتبطين بجهات خارجية وعلى رأسها الصين وروسيا وإيران.

ونقلت الشبكة عن متحدث باسم وكالة حماية البيئة، قوله "جميع أنظمة مياه الشرب ومياه الصرف الصحي معرضة للخطر في المناطق الحضرية والريفية".

فائزة راهم عقيلة المعتقل السياسي عضام الشابي بتونس
فايزة راهم زوجة السياسي التونسي المعتقل عصام الشابي

ككل عائلات السجناء في تونس، دأبت فايزة راهم، زوجة الأمين العام للحزب الجمهوري المعارض، عصام الشابي، كل يوم إثنين وخميس على إعداد الطعام بنفسها وحمله إلى زوجها الموقوف في سجن المرناقية منذ نحو 21 شهرا في قضية ما يعرف محليا بـ "التآمر على أمن الدولة".

الشابي واحد من بين عدد من المعارضين السياسيين من مختلف الأحزاب الذين تم اعتقالهم خلال الأشهر الأولى من سنة 2023 ويواجهون قضايا مختلفة أبرزها "التآمر على أمن الدولة".

تقول فايزة لـ"الحرة" محاولة إخفاء حزنها الذي سرعان ما تكشفه دموعها من حين إلى آخر "أقسى ما يمكن أن تمر به الأسرة من ألم الفقد والبعاد هو غياب الأب عن العائلة في المناسبات الدينية من أعياد وخلال شهر رمضان، حيث يظل مكانه على مائدة الطعام شاغرا، فلا أحد يجلس مكانه، ذلك ما تعيشه أسرة عصام الشابي.

السياسي التونسي المعتقل عصام الشابي

وتتابع الحديث بتأثر شديد "لم أكن يوما أتوقع أنه عقب مناخ الحريات الذي أتاحته الثورة التونسية منذ 2011، سأستفيق على واقع اعتقال عصام الشابي والزج به في السجن، وهو الذي دأب على ممارسة نشاطه السياسي في إطار ما يسمح به دستور البلاد. كان الأمر مؤلما جدا لي ولأبنائي وأحفادي الذين تغلبهم دموع الشوق إليه كلما ذكرت سيرته".

قضية التآمر

وقضية "التآمر على أمن الدولة" في تونس هي ملف قضائي شمل العديد من الشخصيات السياسية والإعلامية، خاصة من المعارضة، وبدأت التحقيقات بشأنها في فبراير 2023. 

تشمل القضية تهمًا موجهة إلى عدد من الشخصيات السياسية في حركة النهضة وغيرها من الأطراف المعارضة، بزعم "التآمر على أمن الدولة الداخلي وتهديد استقرار النظام السياسي". وقد تم توقيف العديد من السياسين والنشطاء فيها، ومن بينهم شخصيات بارزة مثل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي أُلقي القبض عليه في 17 أبريل 2023، وتم سجنه بتهمة التحريض على الفوضى.

تونس "تفتح تحقيقات جديدة" ضد شخصيات بارزة بشبهة التآمر على أمن الدولة
قالت محامية لرويترز، الأربعاء، إن قاضيا تونسيا فتح تحقيقات جديدة تشمل شخصيات سياسية بارزة بينها رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد والمديرة السابقة لمكتب الرئيس قيس سعيد وراشد الغنوشي زعيم حزب النهضة المعارض بشبهة التآمر على أمن الدولة.

ومنذ بداية التحقيقات، تم توجيه اتهامات لأكثر من 120 شخصًا، مع إصدار قرارات بالمنع من السفر ضد حوالي 40 آخرين من المتهمين.

ومن بين المعتقلين، عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري، وهو أحد أبرز الشخصيات المعارضة في البلاد. وقد تم توقيفه في فبراير 2023.

الطعام وسيلة اتصال 

لم تكن فايزة تعرف قائمة الأكلات المسموح بإدخالها إلى السجن وتلك الممنوعة، فلا توجد قائمة معلنة بما يمكن إدخاله للسجن أو تجنبه، ولكن بتتالي الزيارات إلى زوجها باتت تحرص على إعداد الوجبات التي تتماشى ونظام السجون في تونس. وفي هذا الصدد تقول "حمل الطعام إلى السجين بات وسيلة للشعور بالتواصل معه والقرب منه".

وتضيف أنه على امتداد سنة وتسعة أشهر، وفي كل زيارة تقوم بها، لا تتمكن من لقاء زوجها عصام الشابي بشكل مباشر لأنه مصنف كـ"إرهابي خطير" والتواصل معه لا يكون إلا من خلف حاجز زجاجي وباستعمال الهاتف، إضافة إلى أن هذه الزيارة تدوم دقائق معدودات.

تنقل فايزة الطعام لزوجها بشكل دائم في فرصة تتيح لها زيارته

"أول سؤال أبادر به زوجي هو هل أعجبك الطعام؟، ذلك أن الأكلات أعدها بكل حب وودّ لشخص يتعرض للظلم والتنكيل لأنه يتم منع إدخال أكلات عديدة من بينها الفاصوليا والجلبانة والتمور بمختلف أنواعها، والعنب والحلويات والفواكه الجافة والأجبان إلى السجين، وكأنه يعاقب مرتين، مرة بسلبه الحرية، والثانية بحرمانه من بعض الأكلات دون إبراز الأسباب التي تقف وراء هذا المنع"، تردف فايزة.

وأشارت إلى أن "أكثر الأشياء إيلاما لها" هو محاولة إدخال حذاء وأدوية وكتب لزوجها، إذ  تقول إن ذلك "يستغرق أشهرا لتصله"

معنويات وضعف 

وفي أبريل الماضي، أعلن الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام داخل سجن المرناقية بتونس، احتجاجا على استمرار سجنه بعد نهاية فترة الإيقاف التحفظي.

وفي هذا الصدد، تؤكد زوجته فايزة راهم أن وضعيته الصحية تدهورت بسبب الإضراب، إذ نحف جسمه وفقد ما يقارب 30 كيلوغراما من وزنه. "خشينا أن يفقد حياته بسبب هذه الإضرابات"، تستطرد قائلة.

وتتابع بالقول إن "وضعيته الصحية اليوم جيدة ومعنوياته مرتفعة عكس بعض رفاقه الذين يعانون وضعا صحيا صعبا"، من بينهم الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي المعارض غازي الشواشي، والناشط السياسي خيام التركي، والقيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي.

تضامن حقوقي 

وفي ما يتعلق بتضامن المنظمات والهيئات الحقوقية مع المعتقلين السياسيين، تقول زوجة عصام الشابي إنها تواصلت مع عدد من المنظمات الحقوقية، من بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، واللتان أعربتا عن مساندتهما للمعتقلين من خلال إصدار بيانات تضامن.

وسبق لرابطة عائلات المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي في تونس أن أطلقت مطلع سبتمبر الماضي حملة وطنية للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وللتعبير عن رفضهم لما يعتبرونه "احتجازهم تعسفيا".

كما نظمت هذه العائلات في مناسبات عدة وقفات احتجاجية تضامنية لتسليط الضوء على المعتقلين في السجون التونسية. وفي هذا الخصوص تؤكد فايزة راهم أنها وجهت عديد الرسائل إلى الرئيس التونسي قيس سعيد وذلك عبر وسائل الإعلام تدعوه فيها إلى الاطلاع على ملف "التآمر على أمن الدولة" باعتباره رجل قانون وانصاف "المظلومين".

وتختم المتحدثة ذاتها بالقول "ما يحدث للمعتقلين السياسيين هو عبث ورسالتي إلى السلطات التونسية هي مطالبتهم بإعادة فتح هذا الملف لأنه خاو وفارغ".

موقف الرئيس

وفي المقابل، يتشبث الرئيس التونسي قيس سعيد بمحاكمة وإدانة المتهمين في قضية "التآمر على أمن الدولة"، منتقدا ما اعتبرها "إطالة أمد الإجراءات القضائية" في بلاده، كما طالب بسرعة محاكمة المتهمين في الملف.

منظمات غير حكومية محلية ودولية  تندّد بتراجع الحريات في تونس
منذ حل البرلمان.. اعتقالات قيس سعيد للمعارضين تتزايد
تعيش تونس على وقع أزمة سياسية منذ أن قرر الرئيس التونسي، قيس سعيّد، احتكار السلطات، في عام 2021، وشملت قراراته حل البرلمان وشن حملة اعتقالات، وصفتها منظمات حقوق الإنسان الدولية بـ "العنيفة"، آخرها طالت المعارضة التونسية البارزة، عبير موسي.

وقال، في أبريل الماضي، خلال إشرافه على اجتماع لمجلس الأمن القومي "بالنسبة لمَن تآمروا على أمن الدولة، وما زال عدد منهم يتآمرون على أمن الدولة، آن الأوان لتتم محاكمتهم محاكة عادلة".

ويؤكد الرئيس سعيد أن "منظومة القضاء مستقلة ولا يتدخل في عملها"، بينما تتهمه المعارضة بـ"استخدام القضاء" لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو 2021، من بينها حل مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.